الكفالة المصرفية: الكفالة، كما عرفها القانون المدني، هي عقد بمقتضاه يكفل شخص تنفيذ التزام بأن يتعهد للدائن بأن يفي بهذا الالتزام، إذا لم يف به المدين نفسه. ومتى أوفى الكفيل الدين جاز له الرجوع على المدين المكفول بما وفّاه عنه.
إن عمل الكفالات ليس محصوراً بالمصارف، فيمكن أن يتم بين الأطراف خارج نطاقها. إلا أن اللجوء إلى المصارف يعطي مزيداً من الثقة والجدّ وأخذ هذا الأسلوب ينتشر ويشمل الكثير من العمليات فأصبح إصدار الكفالات وإعطاء الضمان من العمليات المصرفية المهمة. ويجدر التفريق هنا بين كتاب الكفالة وخطاب الضمان (بحسب التسمية المصرية) في أن الأخير هو بمنزلة شيك يحق للمستفيد أن يطالب بدفعه من دون مناقشة ومن دون بيان الموجبات أو تجريد المدين. في حين تعطي الكفالة الكفيل حق مناقشة المطالبة والاعتراض على الوفاء.
إن نصوص الكفالات المصرفية تختلف من بلد إلى آخر ومن عملية إلى أخرى، ولذلك وضعت غرفة التجارة الدولية كتيباً ناظماً للتعامل بها رقمه 325 لعام 1978. وفي كل الأحوال يجب أن تتضمن الكفالة بعض المعلومات الأساسية مثل: اسم الكفيل والمكفول والمستفيد، والمبلغ، ومدة السريان أو النفاذ، والغرض من إصدارها، والمرجع المختص للنظر في الخلافات التي تنشأ بصددها، واختيار الموطن... وغير ذلك من البيانات. والكفالة على أنواع، منها ما يلي:
الكفالة العادية والكفالة التضامنية: ففي الأولى لا يجوز للدائن الرجوع على الكفيل إلا بعد أن يطالب المدين المكفول ويجرده من أمواله، أما في الثانية فللدائن أن يختار في المطالبة أياً من المدين أو الكفيل من دون أن يحق للأخير طلب تجريد المدين أولاً.
الكفالة الداخلية والكفالة الخارجية: فالكفالة الداخلية هي التي تصدر لمصلحة جهات محلية بناء على طلب زبون مقيم، وهي أسهل أنواع الكفالات وأبسطها. أما الكفالة الخارجية فهي التي تصدر بناء على طلب متعامل في الخارج بوساطة مصرف مراسل لمصلحة جهة محلية. ويصدر المصرف المحلي الكفالة على مسؤولية المراسل الأجنبي وبضمانته، أو أنه يعزز كفالة صادرة ومرسلة من الخارج. ومن أهم أغراض هذه الكفالة ضمان صفقات تجارية دولية واعتمادات مستندية وتعهدات ومناقصات بشأن توريد مواد أو تأدية خدمات أو إقامة منشآت فمعظم التشريعات تنص على وجوب التقدم بكفالة مصرفية أو تأمين نقدي أو شيكات مصدقة لكل من يرغب الاشتراك في المناقصات.
كفالات المناقصات: يختلف وصف الكفالة مع المرحلة التي تمر بها المناقصة فهناك:
ـ الكفالة المؤقتة: وتصدر هذه الكفالة للدخول في المناقصات، وهي تنتهي باستحقاقها أو عند إحالة المناقصة أيهما أسبق. ويمكن تمديد مفعولها عند المقتضى بناء على طلب وموافقة الأطراف صاحبة العلاقة. ويلتزم المصرف بوفاء قيمتها عند تخلف مقدمها، إذا رست عليه المناقصة، عن توقيع العقد وتقديم كفالة حسن التنفيذ. وتؤلف قيمة هذه الكفالة 5% من قيمة التعهد أو المناقصة.
ـ كفالة حسن التنفيذ: وتكون بنسبة 10% من قيمة التعهد، وتصدر بمقابل حوالة حق ونزول عن استحقاقات المتعهد للمصرف، أو بمقابل كفالة خارجية مقابلة.
ـ كفالة السلف: تقدم بمقابل منح المتعهد سلفة على العقد من قبل الجهة صاحبة المشروع.
ـ كفالة التوقيفات: يحق للجهة صاحبة المشروع حبس نسبة مئوية من استحقاقات المتعهد. وله أن يتقدم بكفالة بمقابل صرف هذه التوقيفات له.
كفالات أخرى: وتجدر الإشارة أخيراً إلى أن المصارف تصدر إضافة إلى الكفالات السابقة صيغاً أخرى من الكفالات منها: كفالات السفر والهجرة، والجندية، والإيفادات، وشركات الطيران والتأمين، والمالية، والقضائية وغيرها. وللمصرف أن يأخذ الضمانات المناسبة بمقابل مخاطرته كالمؤونة النقدية التي تصل نسبتها إلى 100% في بعض الحالات، إضافة إلى حق المصرف بتقاضي النفقات والرسوم والعمولات النظامية.
إيجار الصناديق الحديدية: تضع المصارف تحت تصرف زُبنها صناديق حديدية بمقابل أجر معين للانتفاع بها في وضع الأوراق والأسناد والمعادن والنقود في أمان. وللصناديق حجوم مختلفة توضع في قاعة أو قبو مزوّد بأجهزة رقابة وإنذار وأمان منعاً للسطو والسرقة. ويكون لكل صندوق مفتاحان يسلم الزبون أحدهما ويحتفظ المصرف بالآخر بين يديه ويجب استعمال المفتاحين معاً. وتتم مراقبة الدخول والخروج بدقة إلى مكان وجود الصناديق، وغالباً ما يقوم المصرف أو الزبون بالتأمين على هذه الصناديق ليضمن تبعة تحمل الأخطار التي تتعرض لها.
الفوائد والعمولات
المصارف مؤسسات يغلب عليها الطابع التجاري، تتداول الأموال، وتتقبلها من زبُنِها عن طريق التسليف والإقراض للمتعاملين بمقابل أن تتقاضى فوائد وعمولات أو تستثمرها مباشرة في عمليات عقارية، أو زراعية، أو صناعية، أو تجارية، أو في مضاربات على الأسهم أو المعادن أو النقود. ومع ذلك هناك مصارف تحرم الفوائد لأسباب تتعلق بالشرع، فلا تعطي ولا تأخذ فوائد بل إنها تتقاضى عمولات نسبية أو تشرك صاحب المال المودع في الأرباح التي تجنيها من المشروعات التي تمولها أو تستثمرها مباشرة وذلك بنسبة الأموال الموظفة باسمه في هذه المشروعات، وتنعكس ريوع هذه المشروعات زيادة أو نقصاناً على المودع صاحب المال.
وتختلف معدلات الفوائد الدائنة والمدينة من بلد إلى آخر، ومن عملية إلى أخرى بحسب سلامتها وريعيتها. وتتحدد هذه المعدلات غالباً من قبل السلطات النقدية بحسب السياسة المالية والاقتصادية، لما لها من انعكاسات على الكتلة النقدية والتداول والتغطية والتضخم وغيرها. وغالباً ما يتم الاتفاق على المعدلات المذكورة بين المصارف في البلد الواحد، أو بين المصارف المركزية في بلدان مختلفة أو مجموعات اقتصادية معينة.
تحتسب الفوائد دورياً وتضاف إلى رأس المال وفق أسس متعارف عليها، قوامها: المبالغ، ومعدل الفائدة، والمدة وغير ذلك.
أما العمولات، التي قد تجتمع مع الفوائد في بعض العمليات، فتحدد على مستوى المصرف الواحد. وقد تنسق في البلد الواحد أو بين عدة بلدان بحسب نوع العملية وخطورتها. والعمولات على أنواع، إذ تتعدد باختلاف العمليات التي تترتب عليها. فهناك عمولات على: التحصيل والتحويل والكفالات والاكتتاب والأسهم والقطع والمعادن وغير ذلك.
ومن مقومات تحديدها: المبالغ والإخبار وأهمية الخدمة المقدمة والمدة وتكاليف الإنجاز وغيرها.
نجيب حداد