المنفرد سيحل محل العناوين التوضيحية في الفلم الصامت معطياً الصورة غلبة لا يقاطعها شيء. هذا التفضيل للحوار المنفرد كان يعكس تحيز السـوفـيـات للفلم الوثائقي .
حتى المخرجين الأكثر تحيزاً للمسرح كانوا يقفون ضد الاستخدامات الواقعية الصرفة للصوت. وقد توصل المخرج الفرنسي رينيه كلير إلى نفس نتائج السوفيات. يجب استخدام الصوت باختيار وليس دون تمحيص. كان يعتقد بأن الأذن تختار مثل العين ويمكن للصوت أن يمنتج كالصورة منذ عام ۱۹۲۹ امتدح كلير فلما موسيقياً من هوليود عنوانه (لحن برودواي) وذلك لتجاربه ذات القدرة الخيالية في الصوت لاحظ بأن الفلم يجعلنا (نسمع) صفقة الباب ولذلك فقد اختار المخرج بحكمة ألا يرينا الحدث أيضاً. في هذا وغيره من الأمثلة كان يمكن استخدام الصوت بدل اللقطة . الحوارية لم يكن من داع لأن تكون متزامنة بتمامها إذ إن الصوت يمكن أن يكون وسيلة للاستمرارية ما أن تتضح العلاقة بين الصورة والصوت. ذلك ما كان يزعمه كلير خلال المشهد لم يكن هنالك من حاجة للعودة إلى لقطات إعادة التثبيت حيث أن استمرارية المجرى الصوتي توفر استمرارية دائمة لكل المرئيات .
صنع كلير عدداً (۱۹۳۱) من الأفلام الموسيقية تصور نظرياته. في فلمه (المليون) مثلاً حلت الموسيقى والأغنية غالباً محل الحوار. وقد وضعت بعض المشاهد بصورة ساخرة مع صور غير متزامنة. لقد تم تصوير العديد من المشاهد بدون صوت ثم أضيف إليها الصوت تمت بيلجتها) بعد إتمام مونتاجها. هذه الأفلام الساحرة كان لها كل الحرية الصورية تقريباً التي كانت في عهد ما قبل الصوت، وخالية من التقيد الحرفي الذي أتلف أغلب الأفلام الناطقة. في الواقع أصبح النموذج الذي أنشأه كلير رغم أنه سابق لزمانه هو المدخل الرئيسي فيما بعد في إنتاج الأفلام الناطقة . قام عدد من المخرجين الأمريكيين أيضاً بالتجارب الصوتية في السنين
الأولى من استخدامه أضاف المخرج لويس مايلستون المؤثرات الصوتية لانفجار قنابل ومدافع تنطلق بدون مرئيات مطابقة وذلك في فلمه كل شيء هادىء على الجبهة الغربية. استخدم أرنست لوبتش الصوت مثل كلير بدون تزامن مع الصورة من أجل إنتاج عدد من المتجاورات الذكية والسوداوية غالباً. في فلمه الموسيقي مونت كارلو مثلاً نرى البطلة في غرفة نومها بينما تدعك ظهرها مصففة شعرها المغرمة. بينما تستمر في آهاتها في استرخاء لذيذ يقطع لوبتش إلى لقطة لخادمتها وهي تستمع في الخارج عند باب غرفة النوم يعكس وجهها مزيجاً من الرهبة والدهشة الشبقة جراء الأصوات التي تستمر على المجرى الصوتي. باختصار ما أن حلت بداية الثلاثينات حتى أصبحت إضافة الصوت بعد تصوير الصورة أمر أيحرر آلة التصوير من طغيان عملية التزامن الشديدة .
إلا أن الصوت أنهى عمل الكثير من الفنانين وخاصة الممثلين. يعتقد أغلب المؤرخين بأن كبار الممثلين الكوميديين من أمثال بستر كيتون وهارولد لويدو هاري لانكدون قد فقدوا عملهم عند دخول الصوت. استطاع شابلن وحده من بين كبار الكوميديين الأمريكيين أن يتجاوز هذا التبدل (٥- ٤). حارب شابلن في فلمه الأزمنة الحديثة (أنتج عام ١٩٣٦) حرباً شجاعة ولكنها النهاية غير ذات جدوى ضد اللغة وكان هذا آخر فلم تظهر فيه شخصية الشريد رغم أن فلم (الأزمنة) الحديثة يحتوي على مؤثرات صوتية وكتاب موسيقي ألفه شابلن نفسه إلا أن الحوار المنطوق الوحيد في الفلم يلقيه الأخ الكبير الغريب من على شاشة تلفزيون كان شابلن يعتقد مثله مثل العديد من فناني السينما الصامتة بأن التمثيل الصامت هو جوهر السينما وفي هذا الفلم ينتقد عدم أهمية اللغة المنطوقة بصلف مثعال.
يفترض أن يقوم شابلن بغناء أغنية لإنقاذ موقف في ناد ليلي حقير لكنه لا يستطيع أن يتذكر أبيات الأغنية. وفي حالة يأس يرتجل بعض الكلمات «الأجنبية» الغامضة في حين يقوم بتمثيل صامت يوحي بمغزى الأغنية بواسطة وجهه وجسمه. يصل معنى اللحن بانتصار عن طريق ما نرى وليس ما نسمع .
لكن في عام ١٩٣٦ أصبح تجنب شابلن للحوار المنطوق يعتبر في العالم كله تقريباً معركة دونكيشوتية في حرب خاسرة. لقد اعترف الجميع منذ أمد طويل بمزايا الصوت باستثناء أشد الرجعيين استماتة الواقعية المتزايدة التي جاء بها الصوت أجبرت الأساليب التمثيلية وحتمت عليها أن تصبح أكثر طبيعية إذ إنه لم يعد الممثلون بحاجة إلى أن يعوضوا صورياً غياب الحوار .
أدرك نجوم السينما مثلما فعل ممثلو المسرح أن أدق التغييرات في المعنى يمكن أن يوصلها الصوت .
في الأيام الصامتة كان على المخرجين أن يستخدموا العناوين المكتوبة للتعبير عن المعلومات اللاصورية مثل الحوار والتعليق. لقد كانت هذه المقاطعات في بعض الأفلام تكاد تحطم الإيقاع الرقيق للمرثيات فلم دراير (القديسة جون) مثلاً محشور بسلسلة مزعجة من العناوين التوضيحية التي توصل الحوار. تجنب مخرجون آخرون العناوين المكتوبة عن طريق البناء الدرامي الصوري قدر الإمكان أدت هذه الممارسات إلى العديد من القوالب الصورية في بداية الفلم مثلاً قد يتم تعيين الشرير بتصويره وهو يركل كلباً، يمكن تمييز البطلة من خلال الإنارة الروحية» التي تشكل هالة حول رأسها، وهكذا.
حتى في المشاهد غير الحوارية يلغي الصوت الحاجة إلى ما سماه كلير «التضخم الصوري». في حالة غياب الصوت كل المعاني الضرورية تقريباً يجب إدخالها في الصور. في الواقع إن هذه المعضلة تقريباً أساس إحدى النظريات الإنطباعية في الفن. تقول هذه النظرية بأن الأشكال الفنية تترعرع بسبب قصورها في تسجيل الحقيقة الحرفية. زعم رودولف آرنهایم مثلاً بأن فن الفلم ممكن بالضبط لأنه لا يشبه الحقيقة. يجب على الفنان السينمائي بدون الصوت أن يوصل كل المعنى بالصور بالضبط كما يجب على رجال الأدب أن يوصلوا إحساسهم بالواقع عن طريق الكلمات والمؤلفين الموسيقيين عن طريق الأصوات وهكذا غير أن مزج الأصوات والصور لن يكون بالضرورة أكثر شبهاً بالحقيقة كما أثبت المخرجون السينمائيون فيما بعد. الصوت للمخرجين بتوسيع مدى إمكانياتهم ومكنهم من إيصال المعاني بواسطة مجموعة جديدة من المتجاروات ليست كلها شبيهة بما نجده في الواقع سمح أبداً .
كان عام ١٩٤١ من بعض الوجوه معبراً في تاريخ الفلم الناطق إذ إنه العام الذي ظهر فيه فلم أورسون ويلز المواطن) (كين) (٥٥).
حتى المخرجين الأكثر تحيزاً للمسرح كانوا يقفون ضد الاستخدامات الواقعية الصرفة للصوت. وقد توصل المخرج الفرنسي رينيه كلير إلى نفس نتائج السوفيات. يجب استخدام الصوت باختيار وليس دون تمحيص. كان يعتقد بأن الأذن تختار مثل العين ويمكن للصوت أن يمنتج كالصورة منذ عام ۱۹۲۹ امتدح كلير فلما موسيقياً من هوليود عنوانه (لحن برودواي) وذلك لتجاربه ذات القدرة الخيالية في الصوت لاحظ بأن الفلم يجعلنا (نسمع) صفقة الباب ولذلك فقد اختار المخرج بحكمة ألا يرينا الحدث أيضاً. في هذا وغيره من الأمثلة كان يمكن استخدام الصوت بدل اللقطة . الحوارية لم يكن من داع لأن تكون متزامنة بتمامها إذ إن الصوت يمكن أن يكون وسيلة للاستمرارية ما أن تتضح العلاقة بين الصورة والصوت. ذلك ما كان يزعمه كلير خلال المشهد لم يكن هنالك من حاجة للعودة إلى لقطات إعادة التثبيت حيث أن استمرارية المجرى الصوتي توفر استمرارية دائمة لكل المرئيات .
صنع كلير عدداً (۱۹۳۱) من الأفلام الموسيقية تصور نظرياته. في فلمه (المليون) مثلاً حلت الموسيقى والأغنية غالباً محل الحوار. وقد وضعت بعض المشاهد بصورة ساخرة مع صور غير متزامنة. لقد تم تصوير العديد من المشاهد بدون صوت ثم أضيف إليها الصوت تمت بيلجتها) بعد إتمام مونتاجها. هذه الأفلام الساحرة كان لها كل الحرية الصورية تقريباً التي كانت في عهد ما قبل الصوت، وخالية من التقيد الحرفي الذي أتلف أغلب الأفلام الناطقة. في الواقع أصبح النموذج الذي أنشأه كلير رغم أنه سابق لزمانه هو المدخل الرئيسي فيما بعد في إنتاج الأفلام الناطقة . قام عدد من المخرجين الأمريكيين أيضاً بالتجارب الصوتية في السنين
الأولى من استخدامه أضاف المخرج لويس مايلستون المؤثرات الصوتية لانفجار قنابل ومدافع تنطلق بدون مرئيات مطابقة وذلك في فلمه كل شيء هادىء على الجبهة الغربية. استخدم أرنست لوبتش الصوت مثل كلير بدون تزامن مع الصورة من أجل إنتاج عدد من المتجاورات الذكية والسوداوية غالباً. في فلمه الموسيقي مونت كارلو مثلاً نرى البطلة في غرفة نومها بينما تدعك ظهرها مصففة شعرها المغرمة. بينما تستمر في آهاتها في استرخاء لذيذ يقطع لوبتش إلى لقطة لخادمتها وهي تستمع في الخارج عند باب غرفة النوم يعكس وجهها مزيجاً من الرهبة والدهشة الشبقة جراء الأصوات التي تستمر على المجرى الصوتي. باختصار ما أن حلت بداية الثلاثينات حتى أصبحت إضافة الصوت بعد تصوير الصورة أمر أيحرر آلة التصوير من طغيان عملية التزامن الشديدة .
إلا أن الصوت أنهى عمل الكثير من الفنانين وخاصة الممثلين. يعتقد أغلب المؤرخين بأن كبار الممثلين الكوميديين من أمثال بستر كيتون وهارولد لويدو هاري لانكدون قد فقدوا عملهم عند دخول الصوت. استطاع شابلن وحده من بين كبار الكوميديين الأمريكيين أن يتجاوز هذا التبدل (٥- ٤). حارب شابلن في فلمه الأزمنة الحديثة (أنتج عام ١٩٣٦) حرباً شجاعة ولكنها النهاية غير ذات جدوى ضد اللغة وكان هذا آخر فلم تظهر فيه شخصية الشريد رغم أن فلم (الأزمنة) الحديثة يحتوي على مؤثرات صوتية وكتاب موسيقي ألفه شابلن نفسه إلا أن الحوار المنطوق الوحيد في الفلم يلقيه الأخ الكبير الغريب من على شاشة تلفزيون كان شابلن يعتقد مثله مثل العديد من فناني السينما الصامتة بأن التمثيل الصامت هو جوهر السينما وفي هذا الفلم ينتقد عدم أهمية اللغة المنطوقة بصلف مثعال.
يفترض أن يقوم شابلن بغناء أغنية لإنقاذ موقف في ناد ليلي حقير لكنه لا يستطيع أن يتذكر أبيات الأغنية. وفي حالة يأس يرتجل بعض الكلمات «الأجنبية» الغامضة في حين يقوم بتمثيل صامت يوحي بمغزى الأغنية بواسطة وجهه وجسمه. يصل معنى اللحن بانتصار عن طريق ما نرى وليس ما نسمع .
لكن في عام ١٩٣٦ أصبح تجنب شابلن للحوار المنطوق يعتبر في العالم كله تقريباً معركة دونكيشوتية في حرب خاسرة. لقد اعترف الجميع منذ أمد طويل بمزايا الصوت باستثناء أشد الرجعيين استماتة الواقعية المتزايدة التي جاء بها الصوت أجبرت الأساليب التمثيلية وحتمت عليها أن تصبح أكثر طبيعية إذ إنه لم يعد الممثلون بحاجة إلى أن يعوضوا صورياً غياب الحوار .
أدرك نجوم السينما مثلما فعل ممثلو المسرح أن أدق التغييرات في المعنى يمكن أن يوصلها الصوت .
في الأيام الصامتة كان على المخرجين أن يستخدموا العناوين المكتوبة للتعبير عن المعلومات اللاصورية مثل الحوار والتعليق. لقد كانت هذه المقاطعات في بعض الأفلام تكاد تحطم الإيقاع الرقيق للمرثيات فلم دراير (القديسة جون) مثلاً محشور بسلسلة مزعجة من العناوين التوضيحية التي توصل الحوار. تجنب مخرجون آخرون العناوين المكتوبة عن طريق البناء الدرامي الصوري قدر الإمكان أدت هذه الممارسات إلى العديد من القوالب الصورية في بداية الفلم مثلاً قد يتم تعيين الشرير بتصويره وهو يركل كلباً، يمكن تمييز البطلة من خلال الإنارة الروحية» التي تشكل هالة حول رأسها، وهكذا.
حتى في المشاهد غير الحوارية يلغي الصوت الحاجة إلى ما سماه كلير «التضخم الصوري». في حالة غياب الصوت كل المعاني الضرورية تقريباً يجب إدخالها في الصور. في الواقع إن هذه المعضلة تقريباً أساس إحدى النظريات الإنطباعية في الفن. تقول هذه النظرية بأن الأشكال الفنية تترعرع بسبب قصورها في تسجيل الحقيقة الحرفية. زعم رودولف آرنهایم مثلاً بأن فن الفلم ممكن بالضبط لأنه لا يشبه الحقيقة. يجب على الفنان السينمائي بدون الصوت أن يوصل كل المعنى بالصور بالضبط كما يجب على رجال الأدب أن يوصلوا إحساسهم بالواقع عن طريق الكلمات والمؤلفين الموسيقيين عن طريق الأصوات وهكذا غير أن مزج الأصوات والصور لن يكون بالضرورة أكثر شبهاً بالحقيقة كما أثبت المخرجون السينمائيون فيما بعد. الصوت للمخرجين بتوسيع مدى إمكانياتهم ومكنهم من إيصال المعاني بواسطة مجموعة جديدة من المتجاروات ليست كلها شبيهة بما نجده في الواقع سمح أبداً .
كان عام ١٩٤١ من بعض الوجوه معبراً في تاريخ الفلم الناطق إذ إنه العام الذي ظهر فيه فلم أورسون ويلز المواطن) (كين) (٥٥).
تعليق