اندریه بازان
والإختيارات (البدائل) الواقعية :
على العكس من كريفيث وبودوفكين وآیزنشتاين لم يكن بازان مخرجاً سينمائياً بل كان ناقداً ومنظراً حسب كان محرراً لعدة سنوات في الصحيفة القوية التأثير الأوراق السينمائية حيث شرع في وضع جماليات الفلم التي كانت متعارضة بشكل مباشر مع افتراضات وممارسات انطباعيين مثل بودوفكين وآيزنشتاين. أضف إلى ذلك أن بازان على خلاف المنظرين السوفييت لم يكن ملوثاً بالدوغماطيقية رغم أنه أكد على الطبيعة الواقعية للسينما إلا إنه كان دائما كريماً في مديحه للأفلام التي كانت تستغل فن المونتاج بصورة مؤثرة، وخاصة أعمال كريفيث وهتشكوك وبريسون. إلا أن بازان استمر من خلال كتاباته في القول بأن المونتاج كان مجرد أحد تقنيات كثيرة يستطيع المخرج استخدامها في صنع الأفلام. كما أنه كان يعتقد أن المونتاج في حالات كثيرة يمكن أن يحطم فعلا التأثير الذي يقدمه المشهد (٤ - ١٥).
إن جماليات بازان الواقعية تستند إلى اعتقاده بأن التصوير الفوتوغرافي والسينما بخلاف الفنون الأخرى تقدم صوراً للواقع بصورة آلية الأدنى للتدخل البشري. هذه الموضوعية التكنولوجية تجعل السينما أكثر تصديقاً ومباشرة، وتربطها مباشرة بالعالم الفيزيائي الذي يمكن مشاهدة الروائي والرسام يجب أن يمثلا الواقع بإعادة تقديمه من خلال وسط آخر ـ في هذه الحال من خلال اللغة أو الأصباغ الملونة الصورة التي يقدمها صانع الفلم من الناحية الثانية هي في جوهرها تسجيل موضوعي فعلا . كان بازان يشعر بأن ليس هنالك فن آخر يستطيع أن يكون حرفياً وشاملاً في تقديم العالم الفيزيائي كالسينما لا يستطيع أي فن آخر أن يكون من الواقعية في أشد معاني الكلمة بساطة مثلما تستطيعه السينما.
إلا أن جماليات بازان فيها تحيز أخلاقي وتكنولوجي فلقد تأثر جداً بالحركة الفلسفية التي دعيت (الشخصانية) التي كانت تؤكد الطبيعة الفردية والجماعية للحقيقة. مثلما كان أكثر الشخصانيين يتفق بأن هنالك العديد من الحقائق وليس فقط الحقيقة كان بازان يشعر بأن في السينما آلاف الطرق لتصوير الحقيقي. إن جوهر الحقيقة في اعتقاد بازان يكمن في ضبابيته إذ يمكن تفسيره بطرق مختلفة وكلها واردة تعتمد على أحاسيس ومحدودية المتلقي. ولتجسيد الغنى في هذه الضبابية يجب على صانع الفلم أن يكون متواضعاً وغير ذاتي وصبوراً في المراقبة وراغباً في السير وراء الحقيقة حيثما تقوده إن الفنانين السينمائيين الذين أعجب بهم بازان مثل روبرت فلاهرتي وجان رنوار وروبرتور وسليني مثلاً بالضبط الذين تعكس أفلامهم الإحساس بالرهبة والعجب أمام الغموض الضبابي للحقيقة .
رغم أن بازان أعرب عن إعجابه ببعض الأفلام الانطباعية إلا أنه كان يعتقد بأن التشويهات الواجبة من أجل استخدام التقنيات الانطباعية وخاصة المونتاج - هذه التشويهات كانت غالباً ما تخالف التركيبات في الواقع. مثل هذه التشويهات كانت تفرش مخططاً مبسطاً مقلها فوق التنوع اللانهائي للعالم الحقيقي. يميل الانطباعيون إلى المبالغة في التمركز الذاتي والمناولة كما كان يشعر بازان فهم أكثر اهتماماً بفرض نظرتهم الضيقة والكيفية للواقع منهم بالسماح لهذا الواقع بالبقاء في كامل تركيبته الباهرة (٤ - ١٦) ولكونه مؤرخاً سينمائياً كبيراً كان بازان من بين الأوائل الذين أشاروا إلى مخرجين مثل شابلن وفون ستروهايم وميرناو ووصفهم بأنهم «احترموا» ضبابية الواقع ولذا جعلوا المونتاج في حده الأدنى.
كان بازان على خلاف بعض أتباعه لا يبشر بنظرية ساذجة عن الواقعية في الفلم كان تماماً على سبيل المثال بأن السينما مثلها مثل كل الفنون، تشتمل على قدر محدد من القدرة على الاختيار والتنظيم والتفسير للواقع، باختصار على قدر محدد من التشويه. كان يميز أيضاً أن قيم صانع الفلم سوف تؤثر حتما في الأسلوب الذي يدرك به الواقع. هذه التشويهات ليست حتمية فقط ولكنها في أكثر الحالات مرغوبة إذ كان بازان يعتقد بأن أحسن تلك التي تكون فيها «رؤية» الفنان الشخصية في توازن رقيق مع الطبيعة الموضوعية للوسط السينمائي ومادته بعض جوانب الحقيقة يجب أن يضحى بها من أجل التماسك الفني إلا أن بازان كان يعتقد بأن التجريد والصفة يجب أن يبقيا في حديهما الأدنيين من أجل السماح للمواد كي تتكلم عن نفسها الواقعية البازانية ليست مجرد موضوعية إخبارية حتى وإن وجد مثل هذا الشيء. كان يعتقد بأن الواقع يجب أن يعمق بعض الشيء في السينما وأن على المخرج أن يكشف عن الدلالات الشعرية للناس العاديين والأحداث والأماكن العادية طالما تقوم السينما بجعل المألوف العادي شاعرياً فأنها ليست تسجيلا موضوعياً تاماً للعالم الفيزيائي وليست إعادة خلق رمزي وتجريدي لهذا العالم. باختصار تشغل السينما موقعاً وسطاً متفرداً بين الامتدادات الفوضوية للواقع الخام والعوالم المتخيلة والتي تكون مصطنعة بالضرورة للفنون التقليدية .
والإختيارات (البدائل) الواقعية :
على العكس من كريفيث وبودوفكين وآیزنشتاين لم يكن بازان مخرجاً سينمائياً بل كان ناقداً ومنظراً حسب كان محرراً لعدة سنوات في الصحيفة القوية التأثير الأوراق السينمائية حيث شرع في وضع جماليات الفلم التي كانت متعارضة بشكل مباشر مع افتراضات وممارسات انطباعيين مثل بودوفكين وآيزنشتاين. أضف إلى ذلك أن بازان على خلاف المنظرين السوفييت لم يكن ملوثاً بالدوغماطيقية رغم أنه أكد على الطبيعة الواقعية للسينما إلا إنه كان دائما كريماً في مديحه للأفلام التي كانت تستغل فن المونتاج بصورة مؤثرة، وخاصة أعمال كريفيث وهتشكوك وبريسون. إلا أن بازان استمر من خلال كتاباته في القول بأن المونتاج كان مجرد أحد تقنيات كثيرة يستطيع المخرج استخدامها في صنع الأفلام. كما أنه كان يعتقد أن المونتاج في حالات كثيرة يمكن أن يحطم فعلا التأثير الذي يقدمه المشهد (٤ - ١٥).
إن جماليات بازان الواقعية تستند إلى اعتقاده بأن التصوير الفوتوغرافي والسينما بخلاف الفنون الأخرى تقدم صوراً للواقع بصورة آلية الأدنى للتدخل البشري. هذه الموضوعية التكنولوجية تجعل السينما أكثر تصديقاً ومباشرة، وتربطها مباشرة بالعالم الفيزيائي الذي يمكن مشاهدة الروائي والرسام يجب أن يمثلا الواقع بإعادة تقديمه من خلال وسط آخر ـ في هذه الحال من خلال اللغة أو الأصباغ الملونة الصورة التي يقدمها صانع الفلم من الناحية الثانية هي في جوهرها تسجيل موضوعي فعلا . كان بازان يشعر بأن ليس هنالك فن آخر يستطيع أن يكون حرفياً وشاملاً في تقديم العالم الفيزيائي كالسينما لا يستطيع أي فن آخر أن يكون من الواقعية في أشد معاني الكلمة بساطة مثلما تستطيعه السينما.
إلا أن جماليات بازان فيها تحيز أخلاقي وتكنولوجي فلقد تأثر جداً بالحركة الفلسفية التي دعيت (الشخصانية) التي كانت تؤكد الطبيعة الفردية والجماعية للحقيقة. مثلما كان أكثر الشخصانيين يتفق بأن هنالك العديد من الحقائق وليس فقط الحقيقة كان بازان يشعر بأن في السينما آلاف الطرق لتصوير الحقيقي. إن جوهر الحقيقة في اعتقاد بازان يكمن في ضبابيته إذ يمكن تفسيره بطرق مختلفة وكلها واردة تعتمد على أحاسيس ومحدودية المتلقي. ولتجسيد الغنى في هذه الضبابية يجب على صانع الفلم أن يكون متواضعاً وغير ذاتي وصبوراً في المراقبة وراغباً في السير وراء الحقيقة حيثما تقوده إن الفنانين السينمائيين الذين أعجب بهم بازان مثل روبرت فلاهرتي وجان رنوار وروبرتور وسليني مثلاً بالضبط الذين تعكس أفلامهم الإحساس بالرهبة والعجب أمام الغموض الضبابي للحقيقة .
رغم أن بازان أعرب عن إعجابه ببعض الأفلام الانطباعية إلا أنه كان يعتقد بأن التشويهات الواجبة من أجل استخدام التقنيات الانطباعية وخاصة المونتاج - هذه التشويهات كانت غالباً ما تخالف التركيبات في الواقع. مثل هذه التشويهات كانت تفرش مخططاً مبسطاً مقلها فوق التنوع اللانهائي للعالم الحقيقي. يميل الانطباعيون إلى المبالغة في التمركز الذاتي والمناولة كما كان يشعر بازان فهم أكثر اهتماماً بفرض نظرتهم الضيقة والكيفية للواقع منهم بالسماح لهذا الواقع بالبقاء في كامل تركيبته الباهرة (٤ - ١٦) ولكونه مؤرخاً سينمائياً كبيراً كان بازان من بين الأوائل الذين أشاروا إلى مخرجين مثل شابلن وفون ستروهايم وميرناو ووصفهم بأنهم «احترموا» ضبابية الواقع ولذا جعلوا المونتاج في حده الأدنى.
كان بازان على خلاف بعض أتباعه لا يبشر بنظرية ساذجة عن الواقعية في الفلم كان تماماً على سبيل المثال بأن السينما مثلها مثل كل الفنون، تشتمل على قدر محدد من القدرة على الاختيار والتنظيم والتفسير للواقع، باختصار على قدر محدد من التشويه. كان يميز أيضاً أن قيم صانع الفلم سوف تؤثر حتما في الأسلوب الذي يدرك به الواقع. هذه التشويهات ليست حتمية فقط ولكنها في أكثر الحالات مرغوبة إذ كان بازان يعتقد بأن أحسن تلك التي تكون فيها «رؤية» الفنان الشخصية في توازن رقيق مع الطبيعة الموضوعية للوسط السينمائي ومادته بعض جوانب الحقيقة يجب أن يضحى بها من أجل التماسك الفني إلا أن بازان كان يعتقد بأن التجريد والصفة يجب أن يبقيا في حديهما الأدنيين من أجل السماح للمواد كي تتكلم عن نفسها الواقعية البازانية ليست مجرد موضوعية إخبارية حتى وإن وجد مثل هذا الشيء. كان يعتقد بأن الواقع يجب أن يعمق بعض الشيء في السينما وأن على المخرج أن يكشف عن الدلالات الشعرية للناس العاديين والأحداث والأماكن العادية طالما تقوم السينما بجعل المألوف العادي شاعرياً فأنها ليست تسجيلا موضوعياً تاماً للعالم الفيزيائي وليست إعادة خلق رمزي وتجريدي لهذا العالم. باختصار تشغل السينما موقعاً وسطاً متفرداً بين الامتدادات الفوضوية للواقع الخام والعوالم المتخيلة والتي تكون مصطنعة بالضرورة للفنون التقليدية .
تعليق