المونتاج السوفياتي :
في آي بودوفكين و اس. ام. آیزنشتاین
كان كريفيث فناناً عملياً يهتم بإيصال الأفكار والعواطف بأكثر السبل الممكنة تأثيراً خلال السنين التي تلت روائعه الملحمية قام صانعو الأفلام الروس بتوسيع مبادىء كريفيث في الترابط وأوجدوا الفرضيات النظرية للتقطيع وفقاً للموضوع أو المونتاج كما سموه من الكلمة الفرنسية «مونتير» أي التجميع). قام في آي بودوفكين بكتابة أول أطروحاته النظرية المهمة حول ما سماه «المونتاج البنّاء». أغلب ملاحظاته هي شروح لممارسات كريفيث إلا أنه أختلف مع الأمريكي الذي) كال له المديح) حول عدة نقاط مهمة زعم بودوفكين بأن استخدام كريفيث للقطة الكبيرة كان محدوداً جداً وقد استخدمها فقط لتوضيح اللقطة البعيدة التي كانت تحمل أكثر المعنى. اللقطة الكبيرة كانت بالنتيجة مجرد مقاطعة لا تقدم معنى خاصاً بها. أصر بودوفكين على أن كل لقطة جديدة يجب أن تقدم نقطة جديدة. وبوضع اللقطات إلى جوار بعضها بالتسلسل يظهر لنا معنى جديد. المعاني إذاً في التجاور وليس في اللقطات وحدها (٤ - ١٢).
ولتوضيح نقطته يقتبس بودوفكين من تجارب رفيقه ليف كوليشوف الذي كان أيضاً واحداً من صانعي الأفلام الأوائل في الإتحاد السوفياتي. تعتبر تجارب كوليشوف الآن كلاسيكية أكثرها وقعاً وأكثرها شهرة تتألف من المتجاورات. صور أولاً لقطة كبيرة لممثل على وجهه تعبير محايد ثم وضع إلى جوارها لقطة كبيرة لإناء من الحساء. ثم أعاد لقطة الممثل الكبيرة وربطها بلقطة تابوت يحتوي على رفات امرأة أخيراً استخدم نفس التعبير المحايد للمثل وربطه بلقطة لطفلة صغيرة تلعب عندما تم عرض هذه التركيبات أمام الجمهور عجب الجمهور من التعبير الخارق للمثل في تصوير الجوع والأسى العميق والسعادة على التوالي بهذا تحققت ملاحظة بودفكين. في كل من الحالات الثلاث كان المعبر عن المعنى هو تجاور لقطتين وليست اللقطة الواحدة بمفردها ساعدت تجارب كوليشوف أيضاً في توضيح السبب الذي لا يقضي بالضرورة أن يكون الممثل السينمائي ممثلاً ماهراً. إذ يمكن استخدامه إلى حد بعيد مثل بقية الموجودات وإلى جوارها العاطفة الدرامية هي في تجاور اللقطات وليس في أداء الممثل المشاهد بمعنى آخر «يخلق» المعاني العاطفية ما أن يتم وضع الأشياء إلى جوار بعضها من قبل المخرج والمونتير وتقدم له .
المقطع المتسلسل بالنسبة لبودفكين لا يتم تصويره فقط وإنما يتم بناؤه» بكل مثابرة وجهد كان بودفكين يبني مشهده من لقطات عديدة منفصلة باستخدام كمية من اللقطات الكبيرة أكبر بكثير مما كان يستخدمه كريفيث ويجعلها متجاورة من أجل تأثير متجانس واحد جو المشهد وبيئته كانا المصدر الرئيسي للصور رغم أن اللقطات البعيدة نادرة بدلاً من ذلك كانت هنالك سلسلة متواصلة من اللقطات الكبيرة غالباً ما تصور الأشياء تقدم للجمهور الارتباطات الضرورية من أجل ربط أجزاء المعنى الإجمالي. هذه التجاورات يمكن أن توحي بالحالات العاطفية والسايكولوجية وحتى بالأفكار التجريدية. يبدو أن القوة المؤثرة في أفلام بودوفكين وخاصة رائعته (الأم) تبرر نظريته كمدخل أساسي لفن الفلم رغم أن من المحتمل أن أياً الروسية من عام ۱۹۲۰ لا تبرر تأكيد بودوفكين الدوغماطيقي نوعاً ما والذي اقتبسناه في بداية الفصل.
هوجم بودوفكين والمنظرون السوفييت عموماً لأسباب عدة. بعض النقاد يشعر بأن الاستخدام الواسع للقطة الكبيرة لا يبطىء مسيرة الفلم حسب أفلام) بودفكين تسير ببطء فظيع رغم القطع الكثير) بل هو يبعد عن المشهد الإحساس بالواقعية إذ إن التواصل في الزمان والمكان الحقيقيين يكاد يعاد بناؤهما كلياً.
غير أن بودوفكين كان سيجيب على هذا بأن الواقعية المجسدة في لقطة بعيدة هي أيضاً قريبة من الواقع في الواقع كان نقد بودوفكين الرئيسي لكريفيث موجه إلى التقيد العبدوي» بالزمان والمكان. الفنان السينمائي وفقاً لبودفكين يجب أن يحصل على الجوهر وليس مجرد سطح الحقيقة ويمكنه أن يفعل ذلك بإيصال المعنى بقوة تعبير عن طريق مجاورة لقطات كبيرة للأشياء والنسيج والرموز .. إلخ . وكل ما هو في الحياة الحقيقية خليط متشابك .
يشعر بعض النقاد بأن بودفوكين ورفاقه يقودون المشاهد أكثر من اللازم وأنهم يقومون باختيارات المشاهد أكثر من اللازم لا يستطيع الجمهور سوى أن يجلس بلا جهد ويتقبل الوصل الحتمي للأفكار المترابطة المقدمة إليه على الشاشة. المسألة هنا تشتمل على اعتبارات سياسية إذ إن السوفييت يميلون إلى وصل الفلم بالدعاية والدعاية مهما بلغت من الفن فهي لا تشتمل على التقييم الموزون الحر. منظرو الجبهة المضادة للمونتاج من الجهة الثانية يشعرون بأن الجمهور يجب ألا يكون خاملاً وإنما يجب أن يختار بفاعلية ويقيم الكثير من التفاصيل ذات الارتباط من جانبه فقط .
يعتبر سرکیه آیزنشتاين على المستوى العالمي تقريباً واحداً من المثقفين الشامخين في السينما العالمية فهو منظر سينمائي عظيم إضافة إلى كونه مخرجاً عظيما، وكان أستاذاً في المعهد العالي للسينما في موسكو لعدة سنوات. كان آیزنشتاين موسوعياً وكان هدفه المعلن في الحياة ليس فقط صناعة الأفلام بل أغوار كل أنواع الخلق الفني. في كتاباته التعليمية والنظرية عن الفلم كان يلمح باستمرار إلى الفنون الأخرى خاصة) الرسم والأدب والدراما وإلى العلوم والتاريخ والفلسفة مساهماته في فن المونتاج السينمائي - الذي أشتهر به أكثر ـ لا يمكن فهمها تماماً إلا ضمن هذا الإطار الفلسفي والثقافي.
كان آيزنشتاین مثل كثير من المنظرين مهتما بالكشف عن مبادىء عامة محددة يمكن أن تطبق على أشكال مختلفة فيما يبدو من النشاطات الخلاقة كان يعتقد بأن هذه المبادىء الفنية تتصل عضوياً بالطبيعة الأساسية لجميع .
في آي بودوفكين و اس. ام. آیزنشتاین
كان كريفيث فناناً عملياً يهتم بإيصال الأفكار والعواطف بأكثر السبل الممكنة تأثيراً خلال السنين التي تلت روائعه الملحمية قام صانعو الأفلام الروس بتوسيع مبادىء كريفيث في الترابط وأوجدوا الفرضيات النظرية للتقطيع وفقاً للموضوع أو المونتاج كما سموه من الكلمة الفرنسية «مونتير» أي التجميع). قام في آي بودوفكين بكتابة أول أطروحاته النظرية المهمة حول ما سماه «المونتاج البنّاء». أغلب ملاحظاته هي شروح لممارسات كريفيث إلا أنه أختلف مع الأمريكي الذي) كال له المديح) حول عدة نقاط مهمة زعم بودوفكين بأن استخدام كريفيث للقطة الكبيرة كان محدوداً جداً وقد استخدمها فقط لتوضيح اللقطة البعيدة التي كانت تحمل أكثر المعنى. اللقطة الكبيرة كانت بالنتيجة مجرد مقاطعة لا تقدم معنى خاصاً بها. أصر بودوفكين على أن كل لقطة جديدة يجب أن تقدم نقطة جديدة. وبوضع اللقطات إلى جوار بعضها بالتسلسل يظهر لنا معنى جديد. المعاني إذاً في التجاور وليس في اللقطات وحدها (٤ - ١٢).
ولتوضيح نقطته يقتبس بودوفكين من تجارب رفيقه ليف كوليشوف الذي كان أيضاً واحداً من صانعي الأفلام الأوائل في الإتحاد السوفياتي. تعتبر تجارب كوليشوف الآن كلاسيكية أكثرها وقعاً وأكثرها شهرة تتألف من المتجاورات. صور أولاً لقطة كبيرة لممثل على وجهه تعبير محايد ثم وضع إلى جوارها لقطة كبيرة لإناء من الحساء. ثم أعاد لقطة الممثل الكبيرة وربطها بلقطة تابوت يحتوي على رفات امرأة أخيراً استخدم نفس التعبير المحايد للمثل وربطه بلقطة لطفلة صغيرة تلعب عندما تم عرض هذه التركيبات أمام الجمهور عجب الجمهور من التعبير الخارق للمثل في تصوير الجوع والأسى العميق والسعادة على التوالي بهذا تحققت ملاحظة بودفكين. في كل من الحالات الثلاث كان المعبر عن المعنى هو تجاور لقطتين وليست اللقطة الواحدة بمفردها ساعدت تجارب كوليشوف أيضاً في توضيح السبب الذي لا يقضي بالضرورة أن يكون الممثل السينمائي ممثلاً ماهراً. إذ يمكن استخدامه إلى حد بعيد مثل بقية الموجودات وإلى جوارها العاطفة الدرامية هي في تجاور اللقطات وليس في أداء الممثل المشاهد بمعنى آخر «يخلق» المعاني العاطفية ما أن يتم وضع الأشياء إلى جوار بعضها من قبل المخرج والمونتير وتقدم له .
المقطع المتسلسل بالنسبة لبودفكين لا يتم تصويره فقط وإنما يتم بناؤه» بكل مثابرة وجهد كان بودفكين يبني مشهده من لقطات عديدة منفصلة باستخدام كمية من اللقطات الكبيرة أكبر بكثير مما كان يستخدمه كريفيث ويجعلها متجاورة من أجل تأثير متجانس واحد جو المشهد وبيئته كانا المصدر الرئيسي للصور رغم أن اللقطات البعيدة نادرة بدلاً من ذلك كانت هنالك سلسلة متواصلة من اللقطات الكبيرة غالباً ما تصور الأشياء تقدم للجمهور الارتباطات الضرورية من أجل ربط أجزاء المعنى الإجمالي. هذه التجاورات يمكن أن توحي بالحالات العاطفية والسايكولوجية وحتى بالأفكار التجريدية. يبدو أن القوة المؤثرة في أفلام بودوفكين وخاصة رائعته (الأم) تبرر نظريته كمدخل أساسي لفن الفلم رغم أن من المحتمل أن أياً الروسية من عام ۱۹۲۰ لا تبرر تأكيد بودوفكين الدوغماطيقي نوعاً ما والذي اقتبسناه في بداية الفصل.
هوجم بودوفكين والمنظرون السوفييت عموماً لأسباب عدة. بعض النقاد يشعر بأن الاستخدام الواسع للقطة الكبيرة لا يبطىء مسيرة الفلم حسب أفلام) بودفكين تسير ببطء فظيع رغم القطع الكثير) بل هو يبعد عن المشهد الإحساس بالواقعية إذ إن التواصل في الزمان والمكان الحقيقيين يكاد يعاد بناؤهما كلياً.
غير أن بودوفكين كان سيجيب على هذا بأن الواقعية المجسدة في لقطة بعيدة هي أيضاً قريبة من الواقع في الواقع كان نقد بودوفكين الرئيسي لكريفيث موجه إلى التقيد العبدوي» بالزمان والمكان. الفنان السينمائي وفقاً لبودفكين يجب أن يحصل على الجوهر وليس مجرد سطح الحقيقة ويمكنه أن يفعل ذلك بإيصال المعنى بقوة تعبير عن طريق مجاورة لقطات كبيرة للأشياء والنسيج والرموز .. إلخ . وكل ما هو في الحياة الحقيقية خليط متشابك .
يشعر بعض النقاد بأن بودفوكين ورفاقه يقودون المشاهد أكثر من اللازم وأنهم يقومون باختيارات المشاهد أكثر من اللازم لا يستطيع الجمهور سوى أن يجلس بلا جهد ويتقبل الوصل الحتمي للأفكار المترابطة المقدمة إليه على الشاشة. المسألة هنا تشتمل على اعتبارات سياسية إذ إن السوفييت يميلون إلى وصل الفلم بالدعاية والدعاية مهما بلغت من الفن فهي لا تشتمل على التقييم الموزون الحر. منظرو الجبهة المضادة للمونتاج من الجهة الثانية يشعرون بأن الجمهور يجب ألا يكون خاملاً وإنما يجب أن يختار بفاعلية ويقيم الكثير من التفاصيل ذات الارتباط من جانبه فقط .
يعتبر سرکیه آیزنشتاين على المستوى العالمي تقريباً واحداً من المثقفين الشامخين في السينما العالمية فهو منظر سينمائي عظيم إضافة إلى كونه مخرجاً عظيما، وكان أستاذاً في المعهد العالي للسينما في موسكو لعدة سنوات. كان آیزنشتاين موسوعياً وكان هدفه المعلن في الحياة ليس فقط صناعة الأفلام بل أغوار كل أنواع الخلق الفني. في كتاباته التعليمية والنظرية عن الفلم كان يلمح باستمرار إلى الفنون الأخرى خاصة) الرسم والأدب والدراما وإلى العلوم والتاريخ والفلسفة مساهماته في فن المونتاج السينمائي - الذي أشتهر به أكثر ـ لا يمكن فهمها تماماً إلا ضمن هذا الإطار الفلسفي والثقافي.
كان آيزنشتاین مثل كثير من المنظرين مهتما بالكشف عن مبادىء عامة محددة يمكن أن تطبق على أشكال مختلفة فيما يبدو من النشاطات الخلاقة كان يعتقد بأن هذه المبادىء الفنية تتصل عضوياً بالطبيعة الأساسية لجميع .
تعليق