عيلام Elam

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عيلام Elam

    عيلام

    Elam - Elam

    عيلام
    تمتد المنطقة الجغرافية لبلاد عيلام القديمة إلى الشرق من جنوب بلاد الرافدين، وكانت على اتصال بها منذ العصور المبكرة، حيث كانت حدودها خاضعة للتغير المستمر حسب تغير موازين القوى السياسية القديمة في المنطقة. ويمكن القول إن التخوم الشمالية لبلاد عيلام امتدت في أوج توسعها من كرمنشاه الحالية في الشمال ـ الغربي إلى طريق خراسان الكبير القادم من بغداد في الشمال. وتمثل سلسلة جبال زاغروس الحدود الشمالية ـ الشرقية لبلاد عيلام، ويحدّها جنوباً الساحل الشرقي للخليج العربي، ويحدها شرقاً مرتفعات بختياري. وكانت حدودها الغربية أكثر عرضة للتغيير، وكان الثقل السياسي للدولة في العراق القديم عاملاً رئيساً في تحديد امتداد الرقعة الجغرافية لبلاد عيلام. وتمثل سهول بلاد عيلام امتداداً طبيعياً للسهل الرسوبي لبلاد الرافدين، وقد تحكم هذا الموقع الجغرافي بالمسار التاريخي للمنطقتين في مختلف العصور. وحسب المصطلحات الحديثة فإن بلاد عيلام تطابق تقريباً إقليم عربستان (خوزستان) الحالي في جنوب غربي إيران.
    تشتمل منطقة عيلام على قسمين رئيسين؛ أولهما السهل الرسوبي، ويعرف تاريخياً باسم «سهل سوسيانا» أو «سهل شوشيانا» نسبة إلى العاصمة العيلامية القديمة سوسه[ر] التي تقع فيه. وثانيهما المرتفعات الجبلية الممتدة إلى الشرق من السهل الرسوبي، وتقع فيها العاصمتان القديمتان الأخريان لعيلام، وهما إنشان ( قرب مدينة شيراز الحالية) وشيماشكي (قرب مدينة خرم آباد الحالية). وتبلغ مساحة منطقة عيلام نحو42000كم2، ويتميز السهل الرئيسي فيها بأرضه الغرينية الرسوبية، ويتدرج ارتفاع هذا السهل من مستوى سطح البحر عند شواطئ الخليج العربي إلى ارتفاع 170م عند بداية هضبة لورستان في الجهة الشمالية، وفي أراضي عيلام خمسة أنهار تنبع من جبال زاغروس، تجري في سهل سوسيانا. أما موسم الأمطار فيستمر مدة ثلاثة أشهر في السنة، ويشهد معدل سقوط يراوح مابين 400 و800 ملم.
    يكتنف الغموض أصل العيلاميين، ومن الصعوبة إيجاد صلة لهم بالأقوام الإيرانية التي قدمت إلى المنطقة في مطلع الألف الأولى قبل الميلاد، ومنهم الميديون والفرس، ذلك أنهم قد سبقوا تلك الأقوام بما يقرب الألفي عام. ومما يمكن قوله، في ضوء الدليل الكتابي الذي تقدمه النصوص المسمارية القديمة، إن العيلاميين كانوا يؤلفون الغالبية الواضحة من سكان الإقليم منذ نحو2600 قبل الميلاد على أقل تقدير. وهناك باحثون يذهبون إلى وجود صلة للعيلاميين بالأقوام الجبلية القديمة في المناطق الممتدة إلى الشمال ـ الشرقي من بلاد عيلام، ومن تلك الأقوام اللولوبيون والكوثيون والكاشيون. ويستند هؤلاء الباحثون في بناء رأيهم هذا على الصلة مابين اللغة العيلامية، ولغات تلك الأقوام.
    يعود أصل اسم عيلام إلى اللغة الأكدية إذ أطلق الأكديون اسم «إيلامة» (Elamtu) على هذه البلاد، ومن المرجح أن هذا الاسم مشتق من الجذر الأكدي «الُ» (elu) بمعنى علا أو صعد، وبهذا يكون معنى الاسم «الأرض العالية». وتتفق هذه الدلالة مع دلالة الاسم السومري لبلاد عيلام وهو «نِم » (NIM) الذي يعني، باللغة السومرية «المرتفع». أما التسمية التي أطلقها العيلاميون أنفسهم على بلادهم، وجاءت في النصوص المسمارية العيلامية القديمة بصيغة «خابرتي» المتألفة من المقاطع (ha - pir - ti) وتلفظ أيضاً «خاروتي» أو «خافرتي»، وهنالك باحثون يميلون إلى قراءتها «خاتمتي» أو «خالتمتي». ويُعتقد ان هذه التسمية تعني باللغة العيلامية «أرض الإله». وقد أطلقت النصوص الفارسية المتأخرة على بلاد عيلام اسم « أوفايا» (Uvaja) أو «هوفايا» (Huvaja)، وهو الاسم الذي اشتق منه اسم «خوز» ثم «خوزستان» وكذلك «حويزه»، وهي الصيغ المتداولة في المصادر العربية لهذا الإقليم، وتتطابق دلالتها مع اسم «عربستان» الحالي.

    لقى من عيلام كشفت في مدينة سوسة في إيران تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد (متحف إيران)
    وإذا كانت عيلام من الناحية الجغرافية تشمل ما يعرف حالياً بعربستان ولورستان وجبال بشتي ـ كوه والبختيارية؛ فإنها من الناحية التاريخية قامت على اتحادٍ شملَ مراكز عدة أبرزها العواصم القديمة الثلاث: سوسه، إنشان، وشيماشكي. ويُعرف موقع العاصمة الأولى اليوم باسم الشوش، ويعود تاريخ تأسيسها إلى الألف الخامسة قبل الميلاد، وقد كانت العاصمة الرئيسة في العصر العيلامي الوسيط (1500ـ 1100ق.م)، لكن أهميتها تضاءلت بعد ذلك العصر. واستعادت بعض أهميتها في العصر الأخميني (في منتصف الألف الأولى قبل الميلاد) حينما أصبحت إحدى ثلاث عواصم رئيسة مع برسيبوليس وإكبتانا (همدان حالياً). وعلى الرغم من أعمال التنقيب التي قامت بها البعثة الفرنسية في موقع سوسة منذ عام 1897م؛ لم يزل كثير من بقايا هذه المدينة غير مكتشف. وقد أطلق العيلاميون اسم إنزان على العاصمة الثانية إنشان، ويعرف موقعها اليوم باسم تل مليان الذي قامت بالتنقيب فيه بعثة من جامعة بنسلفانيا، وذلك في عقدي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، ودلت تلك التنقيبات على أن تاريخ هذه المدينة يعود إلى الألف الثالثة قبل الميلاد، ويعد موقعها من أكبر المواقع الآثرية في حوض نهر كور، ولم يزل موقع العاصمة الثالثة، شيماشكي، غير معروف حتى الوقت الحاضر، ولكن معظم الباحثين يميلون إلى الاعتقاد أن موقع شيماشكي ينبغي أن يكون ضمن المنطقة الممتدة مابين موقع إنشان وبحر قزوين، وربما كان في المنطقة المحيطة بمدينة خرم آباد الحالية، ومن بين المدن العيلامية المهمة الأخرى «أوان»، التي ورد ذكرها مراراً في النصوص المسمارية، واقترن ذكرها بسلالة ملكية حاكمة مابين الأعوام 2500 و1500 قبل الميلاد. ومن المرجح أن لا يبعد موقع «أوان» كثيراً عن موقع سوسة باتجاه الشمال، وربما كان قريباً من مدينة ديزفول الحالية. وفضلاً عن هذه المراكز الرئيسة؛ حفظت النصوص المسمارية أسماء العشرات من المدن والقرى في بلاد عيلام، ولكن لم تحصل تحريات وتنقيبات آثرية كافية لتحديد مواقعها على الأرض.
    لقد كشفت التنقيبات الأثرية عن وجود فخار حلف (من الألف الخامسة قبل الميلاد) في منطقة عيلام، وكذلك فخار العبيد الذي اكتشف في الطبقات السفلية من موقع مدينة سوسه، وقد عرفت عيلام صناعة الأختام الأسطوانية منذ الألف الثالثة قبل الميلاد، واستمرت في العصور اللاحقة. ولعل أقدم المنحوتات البارزة في عيلام تعود إلى الألف الرابعة قبل الميلاد، وهي منحوتة كورنجان على واجهة جبل، إلى الجنوب من موقع مدينة إنشان، وتطور فيها فن النحت المجسم ونحت المسلات التي أظهرت تأثراً بحضارة بلاد الرافدين القديمة. وفي مجال العمارة انتقلت إلى بلاد عيلام عمارة الزقورة[ر]، وهي المعابد العالية المدرجة، وقد اشْتُهِرَتْ في بلاد عيلام زقورتان أحداهما في مدينة سوسة، والثانية زقورة جوخه زنبيل، وهو موقع مدينة دور ـ أُونتاش،التي شيدها الملك العيلامي أُونتاش ـ نابريشا (1275ـ 1240ق.م). وفي مجال الكتابة شهدت بلاد عيلام ابتكار كتابة صورية معاصرة تقريباً للكتابات الأولى من دوري الوركاء وجمدة نصر (في حدود 3300 ـ 2900ق.م) في بلاد الرافدين القديمة، وقد أطلق عليها الكتابة «شبه العيلامية» Proto - Elamite. تلا ذلك ظهور «الخط العيلامي القديم» في عهد الملك العيلامي بوزر ـ أنشوشناك المعاصر للدولة الأكدية في بلاد الرافدين القديمة. ولكن اللغتين السومرية والأكدية انتشرتا في بلاد عيلام، وفي عهد الملك العيلامي خمبان ـ نومينا الأول (نحو 2175 ق. م) ظهر الخط العيلامي الوسيط
    نصار سليمان السعدون
يعمل...
X