علم نفس (نظير)
Parapsychology - Parapsychologie
علم النفس (نظير ـ)
نظير علم النفس parapsychology أسلوب خاص في دراسة الحياة النفسية يتناول الحوادث التي تتجاوز ما هو سويّ paranormal مثل الإدراك فوق الحسي perception extra- sensorielle الذي يشمل: التخاطر[ر] télépathie، والفِراسةClairvoyance والأفكار المستقبلية extra - sensorperception.
ويختلف علم النفس الوضعي عن نظير علم النفس بفروق كثيرة أهمها في الموضوع والمنهج والهدف.
ـ من حيث الموضوع:
يتناول علم النفس الوضعي الظواهر النفسية التي تُبحث بالحواس والتجارب الحسية والشعورية، أما نظير علم النفس فيتناول ما يتجاوز الإحساس والنفس، كمحبة الله والناس.
ـ من حيث المنهج:
إن منهج علم النفس الوضعي تجريبي حسي استقرائي يعتمد الملاحظة الباطنية (الاستبطان)introspection والملاحظة الخارجية observationextérieure والتجارب والروائز. أما منهج نظير علم النفس فيعتمد المشاهدات والتجارب الغريبة التي تتجاوز المألوف.
ـ من حيث الهدف:
يهدف علم النفس الوضعي إلى اكتشاف القوانين النفسية، أما نظير علم النفس فيهدف إلى الاطلاع على الآفاق الروحية، والطاقة الروحية هي القدرة على فعل ما هو طيّب وخيّر وعلى توخي الرحمة والرقة، وتختلف عن الطاقة المادية في أنها لا مكان لها ولا شكل ولا تقاس مثلها، وقد أستُغلت قوة الطاقة الروحية في الشعوذة والدَّجل. بيد أن الإسلام عالجها بموضوعية وعقلانية، فالطاقة الروحية فيه لاتعني امتلاك قدرات سحرية، ويخاطب القرآن الكريم الرسولr فيقول لـه: )قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَاشَاءَ اللّهُ( (الأعراف 188). وعليه فإن:
ـ الطاقة الروحية لاتعني معرفة الغيب )وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ((الأعراف 188).
ـ الطاقة الروحية لاتعني التأثير في الناس كيفما اتفق وأياً كانوا )إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ( (الأعراف 188).
ـ الطاقة الروحية لاتقوم على السلوك التخميني )وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً((الإسراء 36).
والطاقة الروحية هي من عند الله تعالى، كما الروح من أمر الله، وعلى ذلك فطبيعة هذه الروح مغلقة عن البشر، ولكن بوسعهم أن يبصروا مفعولها ونتائجها، وتتوجه الطاقة الروحية صوب الفرد فتملأ حياته، وصوب الجماعة فتحييها وتغنيها.
نتائج الطاقة الروحية في الفرد: إن نتائج الطاقة الروحية في الفرد مهمة، وأهمها محبة الله والناس، وجاء في «إحياء علوم الدين» للفيلسوف الغزالي: «محبة الله هي الغاية القصوى، والذروة العليا من الدرجات، فما بعد إدراك المحبة مقام إلا وهو ثمرة من ثمارها، وتابع من توابعها، كالشوق والأنس والرضا وأخواتها، ولا قبل المحبة مقام إلا وهو مقدمة من مقدماتها، كالتوبة والصبر والزهد وغيرها».
وهكذا فمن نتائج الطاقة الروحية في الفرد محبة الناس؛ والمحبة عموماً ضوء يشع في أرجاء النفس بالعطف والرحمة فيعذُب كلام المرء وترقُّ حركاته، ويغدو أكثر عمقاً وثراءً بالمودة واللطف.
ومن نتائج الطاقة الروحية في الجماعة التفتيش عن المعرفة، واستبيان الحق في المنطق والولع بالمعرفة، كما تتجلى في الفعاليات غير المحددة الهادفة إلى إثراء المجتمع ومعالجة نقائصه ومشكلاته.
وأهم تجلياتها الاجتماعية رعاية الطفولة وإنماء الصحة العامة والبذل للبؤساء والأيتام والعناية بالمعوقين وإغناء حقوق الإنسان والتنمية وتمكين المرأة من أداء مهمتها في الحياة، وفي العناية بالقيم المثلى ونشر الفضائل من حق وخير وجمال.
وقد تجلت الطاقة الروحية أعظم تجلياتها في الاستجابة للديانات السماوية، التي أتى بها الأنبياء الذين عرفوا بالصدق وخدمة الحق والارتقاء بالإنسان؛ فكانوا رسل المحبة والرحمة والهداية.
وترتبط الفِراسة[ر] والإلهام بنظير علم النفس. ويُعبَّر عن الفراسة بالبصيرة والفطنة. أما الإلهام فهو ما يُلقى في رَوْعِ الإنسان (عقله وقلبه معاً) من حلٍّ مفاجئ لأمور تشغل البال وتستعصي على الفكر، ويسعى المرء إلى معرفتها وإدراكها. إنه قدرة واستعداد لاكتشاف الأمور والاستبصار في عوالمها، بعيداً عن السحر والشعوذة ومعرفة الغيب، وهناك أمثلة لمشكلات واقعية تم حلها بالإلهام:
ـ يُروى أن نيوتن كان تحت شجرة تفاح، فحرَّكتها الرياح فسقطت منها تفاحة، نظر إليها العالم وهي تسقط، فخطر له خاطر الجاذبية، ولم يكتف بذلك الخاطر، بل راح يكتشف قانون الجاذبية وبعض الحقائق المهمة المتعلقة به.
ـ يروي ابن سينا عن نفسه أنه كان إذا استغلقت عليه مسألة وصعب عليه حلها؛ تناول شيئاً مما يُنوِّم، وفي النوم كانت تتجلى لـه الحقائق التي أرهقته في اليقظة، وحالما يستفيق كان يسجل كل الكشوفات التي راودته في الرؤيا بالمنام.
ـ يُقال إن العالم الرياضي الشهير بوانكاره كان يواجه بعض الصعوبات، فيتعمد تركها ونسيانها، فتظهر حلولها واضحة جلية على غير ميعاد على الرغم من تركه الانشغال بها، ويقول إن هذا كان قد تكرر معه مرات عدة في حياته.
ـ رُوِيَ أن المؤلف الموسيقي «فاغنر» سمع يوماً في منامه النغم الأساسي الذي أرهقه التفتيش عنه والذي يتردد في مقطوعته الموسيقية Das Rheingold.
والشيء المشترك في هذه الأمثلة أن الخواطر المكتشفة تحضر إلى النفس حضوراً لاشعورياً ملهماً، وهذا الإلهام يقول عنه الغزالي إنَّه «كالضوء من سراج الغيب يقع على قلبٍ صاف لطيف فارغ».
ومهما يكن فلا يمكن القول إن الكشف هو إلهام. والأقرب إلى الصحة أن يقال ليس الإلهام ذاته أمراً خارجياً يتلقاه الباحث من غير ثمن، بل إن الإلهام يصدر عن الشخص المبدع وعن تجاربه السابقة، والملهمون الذين يحدثون عن إلهاماتهم ينسون عادةً أن يذكروا محاولاتهم العديدة المخفقة قبل الإلهام.
يحدِّث نيوتن عن محاولاته اكتشاف الجاذبية فيقول: «إنني اكتشفت هذا القانون من كثرة إدامة التفكير فيه، وقد اعتدت أن أنظر وأتملى في موضوعي الذي أبحث فيه، فإذا بدرَتْ لي نقطةُ ضوءٍ تتبعتُ هذه النقطة وتشبثت بها، وشيئاً فشيئاً تنقلب النقطة إلى نورٍ جليٍّ واضح».
وهكذا فإن الإشراق اللاشعوري (الإلهام) يأتي بعد فترات تطول أو تقصر من:
ـ التحصيل والتحضير.
ـ تتبعها فترة الراحة والإشباع.
ـ تتبعها مرحلتا التفكيك والتحليل لعناصر الصور الملهمة.
ـ وتأتي أخيراً مراحل التركيب والإبداع والكشف.
ونشير إلى أن القبول بالمصادفة مشروط بأنها (لا تأتي إلا لمن يستحقها) وفي ضوء هذا الشرط يُفهم قول الرسول الكريمr «اتقوا فِراسة المؤمن». إنه يؤكد أن المؤمن الجدير بالتفرس هو الراشد التقي الذي يبحث وينقب ويستلهم الإلهام فيأتيه حين يستحقه بعد أن آمن وصدق في الطلب وصفت سرائره.
عدنان سبيعي
Parapsychology - Parapsychologie
علم النفس (نظير ـ)
نظير علم النفس parapsychology أسلوب خاص في دراسة الحياة النفسية يتناول الحوادث التي تتجاوز ما هو سويّ paranormal مثل الإدراك فوق الحسي perception extra- sensorielle الذي يشمل: التخاطر[ر] télépathie، والفِراسةClairvoyance والأفكار المستقبلية extra - sensorperception.
ويختلف علم النفس الوضعي عن نظير علم النفس بفروق كثيرة أهمها في الموضوع والمنهج والهدف.
ـ من حيث الموضوع:
يتناول علم النفس الوضعي الظواهر النفسية التي تُبحث بالحواس والتجارب الحسية والشعورية، أما نظير علم النفس فيتناول ما يتجاوز الإحساس والنفس، كمحبة الله والناس.
ـ من حيث المنهج:
إن منهج علم النفس الوضعي تجريبي حسي استقرائي يعتمد الملاحظة الباطنية (الاستبطان)introspection والملاحظة الخارجية observationextérieure والتجارب والروائز. أما منهج نظير علم النفس فيعتمد المشاهدات والتجارب الغريبة التي تتجاوز المألوف.
ـ من حيث الهدف:
يهدف علم النفس الوضعي إلى اكتشاف القوانين النفسية، أما نظير علم النفس فيهدف إلى الاطلاع على الآفاق الروحية، والطاقة الروحية هي القدرة على فعل ما هو طيّب وخيّر وعلى توخي الرحمة والرقة، وتختلف عن الطاقة المادية في أنها لا مكان لها ولا شكل ولا تقاس مثلها، وقد أستُغلت قوة الطاقة الروحية في الشعوذة والدَّجل. بيد أن الإسلام عالجها بموضوعية وعقلانية، فالطاقة الروحية فيه لاتعني امتلاك قدرات سحرية، ويخاطب القرآن الكريم الرسولr فيقول لـه: )قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَاشَاءَ اللّهُ( (الأعراف 188). وعليه فإن:
ـ الطاقة الروحية لاتعني معرفة الغيب )وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ((الأعراف 188).
ـ الطاقة الروحية لاتعني التأثير في الناس كيفما اتفق وأياً كانوا )إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ( (الأعراف 188).
ـ الطاقة الروحية لاتقوم على السلوك التخميني )وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً((الإسراء 36).
والطاقة الروحية هي من عند الله تعالى، كما الروح من أمر الله، وعلى ذلك فطبيعة هذه الروح مغلقة عن البشر، ولكن بوسعهم أن يبصروا مفعولها ونتائجها، وتتوجه الطاقة الروحية صوب الفرد فتملأ حياته، وصوب الجماعة فتحييها وتغنيها.
نتائج الطاقة الروحية في الفرد: إن نتائج الطاقة الروحية في الفرد مهمة، وأهمها محبة الله والناس، وجاء في «إحياء علوم الدين» للفيلسوف الغزالي: «محبة الله هي الغاية القصوى، والذروة العليا من الدرجات، فما بعد إدراك المحبة مقام إلا وهو ثمرة من ثمارها، وتابع من توابعها، كالشوق والأنس والرضا وأخواتها، ولا قبل المحبة مقام إلا وهو مقدمة من مقدماتها، كالتوبة والصبر والزهد وغيرها».
وهكذا فمن نتائج الطاقة الروحية في الفرد محبة الناس؛ والمحبة عموماً ضوء يشع في أرجاء النفس بالعطف والرحمة فيعذُب كلام المرء وترقُّ حركاته، ويغدو أكثر عمقاً وثراءً بالمودة واللطف.
ومن نتائج الطاقة الروحية في الجماعة التفتيش عن المعرفة، واستبيان الحق في المنطق والولع بالمعرفة، كما تتجلى في الفعاليات غير المحددة الهادفة إلى إثراء المجتمع ومعالجة نقائصه ومشكلاته.
وأهم تجلياتها الاجتماعية رعاية الطفولة وإنماء الصحة العامة والبذل للبؤساء والأيتام والعناية بالمعوقين وإغناء حقوق الإنسان والتنمية وتمكين المرأة من أداء مهمتها في الحياة، وفي العناية بالقيم المثلى ونشر الفضائل من حق وخير وجمال.
وقد تجلت الطاقة الروحية أعظم تجلياتها في الاستجابة للديانات السماوية، التي أتى بها الأنبياء الذين عرفوا بالصدق وخدمة الحق والارتقاء بالإنسان؛ فكانوا رسل المحبة والرحمة والهداية.
وترتبط الفِراسة[ر] والإلهام بنظير علم النفس. ويُعبَّر عن الفراسة بالبصيرة والفطنة. أما الإلهام فهو ما يُلقى في رَوْعِ الإنسان (عقله وقلبه معاً) من حلٍّ مفاجئ لأمور تشغل البال وتستعصي على الفكر، ويسعى المرء إلى معرفتها وإدراكها. إنه قدرة واستعداد لاكتشاف الأمور والاستبصار في عوالمها، بعيداً عن السحر والشعوذة ومعرفة الغيب، وهناك أمثلة لمشكلات واقعية تم حلها بالإلهام:
ـ يُروى أن نيوتن كان تحت شجرة تفاح، فحرَّكتها الرياح فسقطت منها تفاحة، نظر إليها العالم وهي تسقط، فخطر له خاطر الجاذبية، ولم يكتف بذلك الخاطر، بل راح يكتشف قانون الجاذبية وبعض الحقائق المهمة المتعلقة به.
ـ يروي ابن سينا عن نفسه أنه كان إذا استغلقت عليه مسألة وصعب عليه حلها؛ تناول شيئاً مما يُنوِّم، وفي النوم كانت تتجلى لـه الحقائق التي أرهقته في اليقظة، وحالما يستفيق كان يسجل كل الكشوفات التي راودته في الرؤيا بالمنام.
ـ يُقال إن العالم الرياضي الشهير بوانكاره كان يواجه بعض الصعوبات، فيتعمد تركها ونسيانها، فتظهر حلولها واضحة جلية على غير ميعاد على الرغم من تركه الانشغال بها، ويقول إن هذا كان قد تكرر معه مرات عدة في حياته.
ـ رُوِيَ أن المؤلف الموسيقي «فاغنر» سمع يوماً في منامه النغم الأساسي الذي أرهقه التفتيش عنه والذي يتردد في مقطوعته الموسيقية Das Rheingold.
والشيء المشترك في هذه الأمثلة أن الخواطر المكتشفة تحضر إلى النفس حضوراً لاشعورياً ملهماً، وهذا الإلهام يقول عنه الغزالي إنَّه «كالضوء من سراج الغيب يقع على قلبٍ صاف لطيف فارغ».
ومهما يكن فلا يمكن القول إن الكشف هو إلهام. والأقرب إلى الصحة أن يقال ليس الإلهام ذاته أمراً خارجياً يتلقاه الباحث من غير ثمن، بل إن الإلهام يصدر عن الشخص المبدع وعن تجاربه السابقة، والملهمون الذين يحدثون عن إلهاماتهم ينسون عادةً أن يذكروا محاولاتهم العديدة المخفقة قبل الإلهام.
يحدِّث نيوتن عن محاولاته اكتشاف الجاذبية فيقول: «إنني اكتشفت هذا القانون من كثرة إدامة التفكير فيه، وقد اعتدت أن أنظر وأتملى في موضوعي الذي أبحث فيه، فإذا بدرَتْ لي نقطةُ ضوءٍ تتبعتُ هذه النقطة وتشبثت بها، وشيئاً فشيئاً تنقلب النقطة إلى نورٍ جليٍّ واضح».
وهكذا فإن الإشراق اللاشعوري (الإلهام) يأتي بعد فترات تطول أو تقصر من:
ـ التحصيل والتحضير.
ـ تتبعها فترة الراحة والإشباع.
ـ تتبعها مرحلتا التفكيك والتحليل لعناصر الصور الملهمة.
ـ وتأتي أخيراً مراحل التركيب والإبداع والكشف.
ونشير إلى أن القبول بالمصادفة مشروط بأنها (لا تأتي إلا لمن يستحقها) وفي ضوء هذا الشرط يُفهم قول الرسول الكريمr «اتقوا فِراسة المؤمن». إنه يؤكد أن المؤمن الجدير بالتفرس هو الراشد التقي الذي يبحث وينقب ويستلهم الإلهام فيأتيه حين يستحقه بعد أن آمن وصدق في الطلب وصفت سرائره.
عدنان سبيعي