عدي زيد عبادي
Adi ibn Zaid al-Ebadi - Adi ibn Zaid al-Ebadi
عَدِي بن زيد العِبادي
عدي بن زيد بن حمّاد بن زيد العِبادي، ينتهي نسبه إلى بني تميم. يكنى أبا عُمير، وذُكِر أنه يكنى أبا عمر، وأبا سَوادة، أما نسبته «العبادي» فهي إلى العِباد، وهم مجموعة من البطون من قبائل مختلفة اجتمعوا على النصرانية، واختلفت الآراء في سبب تسميتهم بالعباد.
وهو أحد شعراء العصر الجاهلي البارزين، عاش في النصف الثاني من القرن السادس الميلادي. وُلد في الحِيْرة التي كانت حاضرةً من حواضر العراق الجنوبية على نهر الفرات، واتصفت بكثرة البنيان والحصون، وبُني فيها بعض الكنائس، وعمل أهلها بالزراعة، فتمتعت بطبيعة جميلة، وكان ملوكها من العرب موالين للفرس، وظهرت فيها النصرانية التي كان عدي بن زيد يعتنقها. كان أبوه يعمل في بلاط كسرى، وولي مُلك الحيرة، فيسّر لعدي أن يتعلم القراءة والكتابة العربية والفارسية، وأن يمارس كثيراً من عادات الفُرس، فتميز على أقرانه، حتى قيل فيه: «كان عدي نصرانياً ديّاناً وترجماناً وصاحب كُتب، وكان من دُهاة أهل ذلك الدهر»، وهذا ما جعله يحتل مكانة عالية لدى أكاسرة الفرس وملوك الحيرة من المناذرة، فاختير ليكون ترجماناً في بلاط كسرى مع أخوين له، وأرسله هرمز في سفارة إلى قيصر الروم، كما كان يلقى التبجيل والاحترام إذا دخل على ملوك الحيرة، وقيل: «عدي أنبل أهل الحيرة في أنفسهم، ولو أراد أن يُملّكوه لملّكوه، ولكنه كان يؤثر الصيد واللهو واللعب على المُلك». وبلغ من منزلته ودهائه أن كان سبباً في تنصيب النعمان بن المنذر ملكاً على الحيرة عندما نصح كسرى به، وكان لهذه العلاقة أن زوّجه النعمان أخته هنداً (وقيل هي ابنة النعمان) التي أحبها وأُعجبت به لما يتمتع به من جمال، فقد كان «حسن الوجه مديد القامة حلو العينين حسن المبسم نقي الثغر»، إلا أن هذا الزواج لم يدم أكثر من ثلاث سنين، سُجن بعدها عدي ثم قُتل في سجنه. وكان سبب ذلك أن عدي بن مَرينا كان ينافس ابن زيد في السيادةَ والشرف، واستطاع أن يوغر صدر النعمان عليه، فجاء به ثم حبسه، ولما بلغ هذا الأمرُ كسرى أرسل إلى النعمان كي يطلقه، ولكن النعمان كلّف السجانين خنق عدي، وادعى أنه مات في سجنه، وكان ذلك قُبيل انتهاء القرن السادس الميلادي على الأرجح.
يُعد عدي بن زيد من الشعراء البارزين في العصر الجاهلي، وقد اهتم القدماء بشعره فجمعوه وشرحوه، وتذكر المصادر أن ابن الأعرابي (ت 231هـ) شرح شعر عدي، كما أن أبا سعيد السكري (ت 275هـ) اعتنى بشعره أيضاً.
والناظر في ديوان عدي يرى شبه غيابٍ لأغراض الشعر التقليدية كالمدح والهجاء والرثاء، مع ظهورٍ للغزل ووصف مشاهد الصيد ومجالس اللهو والطرب ووصف الخمر، ومن غزله قوله:
مَن لقلبٍ دَنِفٍ أو مُعتَمَد
قد عصى كلَّ نصوحٍ ومُفَد
لستُ إنْ سلمى نأتني دارُها
سامعاً فيها إلى قولِ أحد
إلى جانب شعر الحكمة والوعظ والاعتذار، فمما حمل الحكمة قوله:
إن للدهرِ صولةً فاحذرنْها
لا تبيتنّ قد أمنتَ الدهورا
قد يبيت الفتى صحيحاًَ فيَردَى
بعدما كان آمناً مسرورا
إنما الدهرُ لَيّنٌ ونَطوحٌ
يتركُ العظمَ واهياً مكسورا
ويعد هذا الشاعر من أبرز شعراء الاعتذار بعد النابغة الذبياني، وكان قد أرسل عدداً من القصائد وهو في سجنه يعتذر فيها إلى النعمان ويتبرأ مما اتهمه به الوشاة، ويستعطفه طالباً الصفح والإفراج عنه. ومن هذه القصائد قوله:
سعى الأعداءُ لا يألون شرّاً
عليَّ وربِّ مكةَ والصّليبِ
أرادوا أن يُمَهّلَ عن كبير
فيُسجنَ أو يدهدى في القليب..
ألا من مُبلغُ النعمان عني
وقد تُهدى النصيحةُ بالمغيب
أحظي كان سلسلةً وقَيْدا
وغُلاًّ والبيانُ لدى الطبيب
طُبع ديوانه بتحقيق محمد جبار المعيبد.
علي أبوزيد
Adi ibn Zaid al-Ebadi - Adi ibn Zaid al-Ebadi
عَدِي بن زيد العِبادي
عدي بن زيد بن حمّاد بن زيد العِبادي، ينتهي نسبه إلى بني تميم. يكنى أبا عُمير، وذُكِر أنه يكنى أبا عمر، وأبا سَوادة، أما نسبته «العبادي» فهي إلى العِباد، وهم مجموعة من البطون من قبائل مختلفة اجتمعوا على النصرانية، واختلفت الآراء في سبب تسميتهم بالعباد.
وهو أحد شعراء العصر الجاهلي البارزين، عاش في النصف الثاني من القرن السادس الميلادي. وُلد في الحِيْرة التي كانت حاضرةً من حواضر العراق الجنوبية على نهر الفرات، واتصفت بكثرة البنيان والحصون، وبُني فيها بعض الكنائس، وعمل أهلها بالزراعة، فتمتعت بطبيعة جميلة، وكان ملوكها من العرب موالين للفرس، وظهرت فيها النصرانية التي كان عدي بن زيد يعتنقها. كان أبوه يعمل في بلاط كسرى، وولي مُلك الحيرة، فيسّر لعدي أن يتعلم القراءة والكتابة العربية والفارسية، وأن يمارس كثيراً من عادات الفُرس، فتميز على أقرانه، حتى قيل فيه: «كان عدي نصرانياً ديّاناً وترجماناً وصاحب كُتب، وكان من دُهاة أهل ذلك الدهر»، وهذا ما جعله يحتل مكانة عالية لدى أكاسرة الفرس وملوك الحيرة من المناذرة، فاختير ليكون ترجماناً في بلاط كسرى مع أخوين له، وأرسله هرمز في سفارة إلى قيصر الروم، كما كان يلقى التبجيل والاحترام إذا دخل على ملوك الحيرة، وقيل: «عدي أنبل أهل الحيرة في أنفسهم، ولو أراد أن يُملّكوه لملّكوه، ولكنه كان يؤثر الصيد واللهو واللعب على المُلك». وبلغ من منزلته ودهائه أن كان سبباً في تنصيب النعمان بن المنذر ملكاً على الحيرة عندما نصح كسرى به، وكان لهذه العلاقة أن زوّجه النعمان أخته هنداً (وقيل هي ابنة النعمان) التي أحبها وأُعجبت به لما يتمتع به من جمال، فقد كان «حسن الوجه مديد القامة حلو العينين حسن المبسم نقي الثغر»، إلا أن هذا الزواج لم يدم أكثر من ثلاث سنين، سُجن بعدها عدي ثم قُتل في سجنه. وكان سبب ذلك أن عدي بن مَرينا كان ينافس ابن زيد في السيادةَ والشرف، واستطاع أن يوغر صدر النعمان عليه، فجاء به ثم حبسه، ولما بلغ هذا الأمرُ كسرى أرسل إلى النعمان كي يطلقه، ولكن النعمان كلّف السجانين خنق عدي، وادعى أنه مات في سجنه، وكان ذلك قُبيل انتهاء القرن السادس الميلادي على الأرجح.
يُعد عدي بن زيد من الشعراء البارزين في العصر الجاهلي، وقد اهتم القدماء بشعره فجمعوه وشرحوه، وتذكر المصادر أن ابن الأعرابي (ت 231هـ) شرح شعر عدي، كما أن أبا سعيد السكري (ت 275هـ) اعتنى بشعره أيضاً.
والناظر في ديوان عدي يرى شبه غيابٍ لأغراض الشعر التقليدية كالمدح والهجاء والرثاء، مع ظهورٍ للغزل ووصف مشاهد الصيد ومجالس اللهو والطرب ووصف الخمر، ومن غزله قوله:
مَن لقلبٍ دَنِفٍ أو مُعتَمَد
قد عصى كلَّ نصوحٍ ومُفَد
لستُ إنْ سلمى نأتني دارُها
سامعاً فيها إلى قولِ أحد
إلى جانب شعر الحكمة والوعظ والاعتذار، فمما حمل الحكمة قوله:
إن للدهرِ صولةً فاحذرنْها
لا تبيتنّ قد أمنتَ الدهورا
قد يبيت الفتى صحيحاًَ فيَردَى
بعدما كان آمناً مسرورا
إنما الدهرُ لَيّنٌ ونَطوحٌ
يتركُ العظمَ واهياً مكسورا
ويعد هذا الشاعر من أبرز شعراء الاعتذار بعد النابغة الذبياني، وكان قد أرسل عدداً من القصائد وهو في سجنه يعتذر فيها إلى النعمان ويتبرأ مما اتهمه به الوشاة، ويستعطفه طالباً الصفح والإفراج عنه. ومن هذه القصائد قوله:
سعى الأعداءُ لا يألون شرّاً
عليَّ وربِّ مكةَ والصّليبِ
أرادوا أن يُمَهّلَ عن كبير
فيُسجنَ أو يدهدى في القليب..
ألا من مُبلغُ النعمان عني
وقد تُهدى النصيحةُ بالمغيب
أحظي كان سلسلةً وقَيْدا
وغُلاًّ والبيانُ لدى الطبيب
طُبع ديوانه بتحقيق محمد جبار المعيبد.
علي أبوزيد