الاستثمار Investment - Investissement

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الاستثمار Investment - Investissement

    استثمار

    Investment - Investissement

    الاستثمار

    الاستثمار investment هو إنفاق ذلك الجزء من الدخل الذي لا يخصص لشراء السلع والخدمات التي تفي المتطلبات الاستهلاكية مباشرة بل الذي يؤول إلى زيادة وسائل إنتاج تلك السلع والخدمات. لذلك فإن المفهوم الاقتصادي لكلمة «استثمار» يختلف عن المعاني الشائعة التي يتناقلها الناس لهذه الكلمة. ويحسب حجم الاستثمار عادة بوساطة قيمة الإنفاق التي تتم في مدة زمنية معينة على تكوين أصول ثابتة جديدة.
    وبناء على ذلك، فإن الاستثمار في بلد ما هو ذلك الجزء من الناتج العام، لذلك البلد في المدة المعينة، الذي يجري إنفاقه على الجديد من الأصول أي من الإنشاءات والمعدات والتجهيزات والمرافق وعلى الإضافات الحاصلة في تلك المدة في المخزون الاستثماري. وعند الكلام عن الاستثمار يجدر التفريق بين «الاستثمار الإجمالي» و«الاستثمار الصافي»، فالأخير هو الأول ناقصاً الاهتلاك أي قيمة ما يخرج من الاستثمارات السابقة. وكذلك يجدر التفريق بين الإنفاق الاستثماري في مدة زمنية معينة، أي تكوين الأصول الرأسمالية الجديدة في تلك المدة، وبين مجمل الأصول الرأسمالية المتراكمة على مر السنين. فالاستثمار أو التكوين الرأسمالي هو عملية تدفق إنفاق استثمار جديد، في حين أن مجمل الأصول الرأسمالية المتراكمة حتى بداية المدة الزمنية المعنية لا تعدو كونها كتلة جامدة من رأس المال القائم.
    طبيعة الاستثمار
    يتأتى الاستثمار من ذلك الجزء من الدخل الذي لا ينفق على الاستهلاك. وقد لوحظ منذ القديم أن ثمة فئات من الناس تجد أن مجمل استهلاكها يقل عن مجمل دخولها، وتجد بين أيديها في آخر الموسم، سواء أكان شهراً أم عاماً ، مبلغاً فائضاً من المال. وقد أدركت تلك الفئات أن ادخار هذا الوفر نقوداً سائلة يبقي الفائض جامداً، وهو أمر عقيم لا زائد فيه، في حين أن ثمة أعمالاً أخرى تحرك الوفر المدخر وتعيده مع ربح إضافي. من هذا المنطلق فإن ذلك الجزء من الدخل الذي لا ينفق على الاستهلاك يكون مهيأ بوجه طبيعي لينفق على الاستثمار.
    وفي حالات حسابات الدخل القومي، ووفق شروط معينة يعد مجمل الادخار [ر] في عام من الأعوام مساوياً لمجمل الاستثمار. هذا بوجه مبسط، إذا لم تؤخذ في الحسبان مسألة «الفاصل الزمني» بين الإنتاج والاستهلاك من جهة والادخار وعملية الاستثمار من جهة أخرى، وبفرض عدم وجود تهريب أموال إلى خارج البلد المعني وعدم وجود اكتناز.
    والادخار هو ما يفيض من الدخل بعد الإنفاق على مجمل المتطلبات الاستهلاكية وعلى الضرائب والتزامات الدفع السابقة كالديون وهو يتوزع إلى استثمار واكتناز. فقد لا تخرج كتلة الادخارات من حلقة توليد الدخل عندما يتوجه ما يزيد على الاستهلاك في مدة معينة إلى الإنفاق الاستثماري ويتحول إلى استثمار. أما الاكتناز، وهو ظاهرة تتفشى عادة في المجتمعات التي هي أقل تطوراً، فيتمثل بتكديس المال وتركه مجمداً خارج دائرة التداول وإبقائه بلا أثر حيوي مدة غالباً ما تكون طويلة، والاكتناز يعد عملاً سلبياً له خطورته الاقتصادية وضرره الاجتماعي عكس الاستثمار الذي يعد عاملاً مهماً في توليد الدخل.
    ومع أن الاستثمار بوجه عام هو تكوين الأصول الثابتة الجديدة، فإنه في الواقع لا يمكن حصره بها بوجه مطلق. لذلك فقد أضافت بعض النظريات عامل «الاستثمار التكنولوجي»، وهو الإنفاق الذي يؤدي إلى رفع الطاقة الإنتاجية عن طريق تعديل المستوى التقني وتعميق البحث العلمي وتطوير التقنيات المتبعة والطرائق الإنتاجية المطبقة.
    كذلك اهتمت نظريات أخرى بإبراز عامل «الاستثمار الإنساني»، وبينت أن الإنفاق على التبدلات النوعية في القوى العاملة، ولاسيما الناجمة عن التعليم والتأهيل الفني وعن تحسين المستوى الصحي واللياقة البدنية والذهنية للقوى العاملة له أثر إضافي في الطاقة الإنتاجية القائمة. وثمة دراسات كثيرة تثبت أن الاستثمار بصورته الواسعة هو الإنفاق على تكوين الأصول الثابتة الجديدة وعلى رفع المستويات النوعية لعناصر الإنتاج التي من شأنها الإسهام في زيادة توليد الدخل، ويكون الاستثمار على نوعين: «استثمار عام» و«استثمار خاص». والأخير يمكن أن يكون فردياً أو جماعياً. فالفردي هو ما ينفذه المدخر مباشرة، والجماعي يتم عن طريق مؤسسات استثمارية مساهمة تقوم بقلب رؤوس أموالها النقدية إلى أصول منتجة وغالباً ما ترفد تلك المبالغ بتمويلات إضافية مستمدة من أرباح سابقة محتجزة أو من قروض متنوعة. أما الاستثمار العام فهو مجمل ما تنفقه الدولة والقطاع العام على تكوين رأس مال حقيقي جديد.
    قرار الاستثمار
    يختلف دافع اتخاذ قرار الإقدام على استثمار جديد وفقاً للجهة التي تملك رأس المال المرغوب استثماره. وإذا ما تم استبعاد العوامل الذاتية التي قد يكون لها أثر في بعض الأحيان، وجرى التركيز على العوامل الموضوعية فقط، فإنه يتضح أن الدافع «للاستثمار الخاص» يكون عادة تحقيق أعلى عائد ربح ممكن، أما «الاستثمار العام» فغالباً ما يتحرك بدوافع وأسباب متعددة يكون عامل الربح واحداً منها.
    فالاستثمار العام ينطلق من محور النظرة الشاملة للمنافع الاقتصادية والاجتماعية التي تؤول إلى البلد المعني كلية ولا ينحصر بحافز «الربحية» الضيق كما هو الأمر في حال الاستثمار الخاص. لذلك ينظر الاقتصاديون فيما يتعلق بالاستثمار الخاص إلى «الإنتاجية الحدية الخاصة لرأس المال» private marginal productivity of capital وينظرون إلى «الإنتاجية الحدية الاجتماعية» social marginal productivity عند تقويم الاستثمار العام.
    وقد عالجت البحوث الاقتصادية الموضوعات المتعلقة «بمعايير الاستثمار» investment criteria معالجة مستفيضة. وثمة «معايير» عدة لاحتساب نسب مردود أي إنفاق استثماري ودرجة إيجابيته. وبصورة عامة، يجري تقويم أي مشروع جديد في ضوء نتائج تحليل ومقارنة كلف المشروع المتوقعة ومنافعه المرتقبة. بيد أن ذلك يعتمد على طرائق للقياس تختلف باختلاف خصائص المشروع الجديد وطبيعته ومصادر تمويله من جهة، وما إذا كان المشروع يؤلف استثماراً خاصاً أو استثماراً عاماً من جهة أخرى.
    لدى البحث عن «معايير» ربحية الاستثمار لا بد من التوقف عند ماقدمه فيشر I.Fisher وكينز J.M.Keynes وهيرشلايفر J.H.irshleijer وألشيمان A.Alchian ووايت W.H.White وميريت A.Merret وسايكس A.Sykes مع مجموعة من الآخرين حول هذا الموضوع. وباختصار، فإن طريقة حسم الإيرادات المستقبلية للمشروع الجديد بالفائدة المصرفية الجارية على مدى المدة المتوقعة لتشغيله، قبل اهتلاكه النهائي (حساب القيمة الحالية وفق طرق فنية معينة) هي الطريقة المتبعة لحساب ربحية المشروع من جهة ولمقارنة الربحية النسبية للمشروعات التي يمكن للمدخر الاستثمار فيها وموازنة بعضها بعضاً من جهة أخرى. وفي حين يطلق على الأسلوب الذي اتبعه فيشر طريقة «القيمة الحالية للمشروع» present value approach، فقد أطلق كينز على طريقته تسمية «الكفاية الحدية لرأس المال» marginal efficiency of capital. وبين الطريقتين تشابه من جهة واختلاف من جهة. ففي حال احتساب «القيمة الحالية» للمشروع يجري حسم توقعات الكلف الرأسمالية للاستثمار الجديد بالفائدة المصرفية الجارية كما يجري في الوقت نفسه حسم تدفقات الدخل المتوقع من المشروع بالفائدة المصرفية نفسها، الأمر الذي يعطي القيمة الحالية لهذين التدفقين في المدة الزمنية للمشروع، ومن ثم تُجرى مفاضلة بينهما. فإذا كانت القيمة الحالية للمردود أعلى من القيمة الحالية للتكلفة فإن المشروع يعد مربحاً.
    أما فيما يتعلق بمعيار «الكفاية الحدية لرأس المال» فإنه يتم استعمال ذاك المعدل للحسم الذي يجعل القيمة الحالية للدخل المتولد من المشروع مساوية لمجمل كلفة المشروع، ومن ثم يقارن ذاك المعدل بالفائدة المصرفية الجارية، فإذا كان المعدل المذكور أعلى من نسبة الفائدة المصرفية السارية فإن المشروع يعدّ مربحاً. وقد تعمق هيرشلايفر وألشيان وآخرون بأسلوبي فيشر وكينز وبيّنا حالات تماثل الأسلوبين وحالات اختلافهما وميزة كل منهما. وإضافة إلى هذين المعيارين ثمة «معايير» أخرى لربحية الاستثمار يتوقف اعتمادها على أوضاع خاصة، مثل طريقة احتساب «مدة استرداد رأس المال» payoff period التي يجري اعتمادها أحياناً ترقباً لسرعة التطورات التقنية التي قد تجعل من بعض التجهيزات المستعملة أقل فعالية في منافسة قدرات تجهيزات ذات تقنيات أحدث، وذلك على الرغم من أن عمر تشغيل الأصول التي هي أقدم يكون غير منتهٍ بعد، مما يدفع إلى تنسيقها قبل اهتلاكها النهائي. كذلك فقد جنح بعضهم، ومنهم بولاك J.J.Polak لطرح معيار «دورة رأس المال» المستثمر capital-turnover الذي يقود إلى تفضيل الاستثمار في المشروعات التي تكون نسبة رأس المال إلى الإنتاج منخفضة.
    وإن «معايير» الاستثمار التي تعتمد على احتساب ربحية المشروع، أو عائداته، هي المعايير المتبعة في اقتصاد السوق وفي أعمال قطاع «الاستثمار الخاص» أينما وجد، بيد أن للاستثمار في الاقتصاد الموجه «معايير» أكثر شمولاً، إذ تتركز السياسة الاستثمارية على مناهج مترابطة تفي بآن واحد بالأغراض الاقتصادية والاجتماعية للبلد بكامله. وفي البلدان النامية حيث تفرض طبيعتها الخاصة «معايير» محددة، فإن قرار الاستثمار لا ينحصر بالضرورة بمعيار ربحية المشروع الواحد. فحكومات تلك البلدان التي توجه استثماراتها لتحقيق أعلى نسبة ممكنة من الزيادة في دخلها القومي في مدة زمنية معينة تسعى غالباً لتذليل مشكلات اقتصادية خاصة بها ولتحقيق رؤية أو أهداف اجتماعية ترغب فيها.
    وعليه، فعند إعداد البرامج الاستثمارية في البلدان النامية توجه الدولة اهتمامها للاستفادة المثلى من عناصر الإنتاج الأساسية والموارد الاقتصادية المختلفة، وغالباً ما تتصدى للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية الرئيسة الخاصة بها ولتذليل الاختناقات الناتجة عن ذلك. وينعكس ذلك كله على طبيعة «المعايير» الاستثمارية الواجب اعتمادها فتختلف «المعايير» الملائمة بين حالة وأخرى ومن زمن إلى آخر.
    لذلك، فإن البحوث الاقتصادية، ولاسيما المتعلقة منها بمشكلات التنمية، زاخرة «بالمعايير» المقترحة. فتنبرغن J.Tinbergen يتكلم على ضرورة إخضاع معيار الربحية إلى قياس إضافي يتعلق بمدى فائدته الاجتماعية، ويقدم تشينري H.B.Chenery طرائق لاحتساب «الإنتاجية الحدية الاجتماعية
يعمل...
X