مذكرات ملحن فاشل ٧

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مذكرات ملحن فاشل ٧

    كر وفر)
    ~~~~~~
    ازمعت اول الأمر أن اصنع مقطوعة موسيقية! فما زلت اقدح زناد فكري والخاطر يأبى علي ذلك، فمكثت أياما وأنا على هذه الحال لا أصنع شيئا .
    وكنت إذا اعترتني بعض الملالة أمسكت عن التلحين، ثم انصرف إلى بعض شأني رجاء ان يهبط الخاطر ، وكنت في هذا الفعل احاكي ما كان يقوم به بعض للملحنين الكبار وقد سئل يوما : كيف تصنع إذا استعصى عليك خاطر التلحين؟ فيجيب : "اتشاغل عنه حتى يسرع إلي" .

    ثم جعلت اتعلل بليت وعسى رجاء ان أنال فرصة من فراغ البال ، ثم أمكث ساعات وساعات لا تكف فيها ريشتي عن الصعود والهبوط ثم لا يكون من وراء ذلك شيء ذو بال، وهمومي تتلاعب بي كما يتلاعب الموج بالغريق، وانا أعلل النفس بالآمال واقول : يا فتى لو صبرت لكان خيرا لك.

    فلم تزل تلك الهواجس يهجن همي، وانا في حيرتي أحير من ضب، حتى تصادف مرة أني كنت اقلب ديوان حافظ إبراهيم، فوقعت عيناي على قصيدة ( لمصر أم الربوع الشام تنتسب) فعزمت على تلحينها، واخترت لها مقام الراست، وبعد عدة محاولات امتنع علي المقام ، فاحجمت عنه إذ لم أجد فيه غناء، ثم تحولت إلى مقام الكرد، وكنت في هذا الاختيار اقفو أثر عمنا السنباطي الذي كان يجنح إلى هذا المقام في تلحين تحفه الموسيقية لام كلثوم.

    شمرت لتلحينها ساعد الجد، وكنت آليت ألا أضع العود حتى أدرك شأوي، ثم عكفت عليه أسبوعين، وكان جبيني في خلالها يرشح عرقا، وبعد الُّلتيَّا والتي أنهيت تلحين اول سطرين، وبلغ سروري بهما مبلغا عظيما، حتى ظننت انني اعدت لتلحين القصيدة العربية مجدها الغابر! ولكن مَنْ يمدح العروسَ إلا أهلها؟!

    ولكن ثمة سؤال كان يهاجمني من كل الزوايا :
    هل سيقى لحنا بيني وبين نفسي أم أعرضه على احد يفتيني فيه؟
    تلكأت اول الأمر ، وما زلت أقدم رجلا وأؤخر أخرى حتى عزمت أن أعرض لحني على صاحبنا.

    ~~~~~~~~~
    محمد سرحان
يعمل...
X