العيافة (مصطلح-)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العيافة (مصطلح-)

    عيافه (مصطلح)

    Iyafa - Iyafa

    العِيافة (مصطلح ـ)

    العِيافةُ: زجْرُ الطَّير والتَّفاؤل بأَسمائها وأَصواتها ومَمَرِّها، وهو من عادة العرب، كثيرٌ في أخبارهم وأَشعارهم. وفي لسان العرب «عافَ يَعِيف عَيْفاً إِذا زَجَرَ وحدَسَ وظَنَّ»، وعُرِفَ قومٌ بالمهارة فيه، فمنهم بنو لِهْب؛ وهم قومٌ من الأَزْد من اليمن، وهؤلاء أعيفُ كلِّ حيٍّ في العَرَبِ، ويقول فيهم كُثَيِّر بن عبد الرَّحمن الخُزاعيُّ:
    تَيَمَّمْتُ لِهْباً أَبتغي العِلمَ عندَهُم
    وَقد رُدَّ عِلـمُ العَائِفيـنَ إلى لِهْـبِ
    تَيَمَّمتُ شَـيخًا مِنهُمُ ذا بَجالةٍ
    بَصيراً بِزَجرِ الطَّيـرِ مُنحنيَ الصُّلبِ
    فَقُلْتُ لَهُ: مَاذا تَرى في سَوانِحٍ
    وَصَوتِ غُرابٍ يَفحَصُ الوَجْهَ بالتُّربِ
    وكانت العربُ تقصد العائفَ وتصدِّقه، يقول المَرَّار الفَقْعَسيُّ:
    أَلا قاتَلَ اللَّهُ المَقاديـرَ وَالمُنى
    وَطَيراً جَرَتْ بَينَ السُّـعافاتِ وَالحِبْرِ
    وَقاتلَ تَكذيبي العِيــافَة بَعدَما
    زَجَرتُ فَما أَغنى اعتيافي وَلا زَجْري
    وأصلُ زَجْرِ الطَّيرِ في العِيافة أنَّه إذا تيامَنَ فهو سانحٌ، وإنْ تياسَـرَ فهو بارحٌ، روى ابن منظور عن أبي مالك قال: «السَّانحُ يُتَبَرَّكُ به، والبارحُ يُتَشاءَمُ به»، وفي المثل: «مَنْ لي بالسَّانحِ بعدَ البارح»، ثم دخلَتْ في العِيافة فنونُ الكهانة الأخرى، وجعلَ بعضُ من صنَّفَ في علوم العرب العيافةَ والقيافةَ سواء، فقيل: «علمُ العِيافة: ويسمَّى قِيافةَ الأثرِ، وهو علمٌ باحثٌ عن تَتَبُّعِ آثار الأقدام والأخفاف والحوافر»، والأَدقُّ أنَّ هذا يسمَّى علم القِيافة، من اقتفاء الأثرِ، والقِيافةُ علمٌ له استدلالاتُه الحسـيَّة، والقائفُ يجدُ بهذا العِلْمِ الفارَّ من النَّاس والضَّوال، أمَّا العِيافةُ فأصلُها من الزَّجْرِ. قال أبو حيَّان التوحيدي: «العِيافةُ هي الزَّجرُ … وأما القائفُ فهو من يقفو شيئاً أي يتبعه»، والزَّجر كهانةٌ أبطلها الإسلامُ، لما تُورِثُه من التَّشـاؤم، ولقيامِها على الغيبيَّات، فلا طِيَرَةَ ولا كَهانة، ومنه قولُهt: «العِيافةُ والطَّرْقُ من الجِبْتِ»، والجِبْتُ: كل ما عُبِدَ من دون الله تعالى، والطَّرْقُ: الضَّرْبُ بالحصى، وتقول العربُ: «طائر الله لا طائرك»، ويتكهَّنُ العائفُ بالطَّير والخطِّ يرسمُه في الأرض وبغير ذلك، وقيل: «ابنا عَيان: طائران أو خَطَّان يخطُّهما العائفُ في الأرض ويقول: ابنا عَيان أَسْرِعا البَيان».
    من أخبار العرب في العِيافة ما رواه ابن إسحاق من أنَّ رجلاً من لِهْبَ كان عائفاً، فكان إذا قدم مكَّةَ أتاه رجالُ قريش بغلمانهم ينظر إليهم، ويعتافُ لهم، فأتاه أبو طالبٍ برسول اللهr وهو غلامٌ، فنظر إليه، ثمَّ شغله عنه شيءٌ، فلما فرغَ قال: الغُلام؟ عَلَيَّ به، فلمَّا رأى أبو طالب حرصه عليه غَيَّبه، فجعل يقول: ويلكم، رُدُّوا عَلَيَّ الغلام الَّذي رأيتُ آنفاً، فو الله ليكوننَّ له شأنٌ. ومن عِيافة العرب أيضاً ما رُوِيَ في خبر مقتل عمرَt من أنَّ رجلاً رمى الجمرةَ فأصاب رأسَ عمر بحجرٍ، فسال الدَّمُ، فقال رجلٌ: أشعرَ أميرُ المؤمنين، ونادى آخرُ: يا خليفة، يريد رجلاً هكذا اسمه، فقال رجلٌ من بني لِهْب: لَيُقْتَلَنَّ أمير المؤمنين، ووافقت طيرتُه قدراً، لأنَّ عمرَt لمَّا صدرَ من الحجِّ قُتِلَ. أمَّا تأويلُ ذلك فهو أنَّ الرجلَ لمَّا قال: أشـعرَ أميرُ المؤمنين جعله اللِّهْبِيُّ قَتْلاً فيما توجَّه له من العِيافة، لأنَّ العرب تقول للملوك إذا قُتِلُوا: أشعروا، وتقول لعامَّة النَّاس: قُتِلوا، وإنْ كان مرادُ الرَّجلِ أنَّه أُعْلِمَ بسيلان الدَّمِ عليه من الشَّجَّةِ، كما يشعرُ الهَدْيُ إذا سِيقَ للنَّحرِ.
    علي أبو زيد
يعمل...
X