من نحن وماذا نريد ؟؟
لطفية الدليمي
الفلم الوثائقي(I Am) للمخرج توم شادياك
بعد تبرعه بثروته لمؤسسات خيرية ومراكز بحوث وزمالات دراسية قال توم شادياك : لايزال لدي الكثير من المال وهو ليس من حقي لانني كسبته من خلال نظام الاقتصاد الرأسمالي التنافسي الذي يعمل بطريقته الخاصة على تدمير العالم .
يطرح الفلم الوثائقي I Am سؤالا جوهريا : لماذا اصبح هاجس ثقافتنا الراهنة هو التنافس والانفصال بدل التعاون والتواصل ؟؟
-و ماهو الخطأ الذي يتحكم بثقافة عالمنا المعاصر ؟؟ وهل بوسعنا تجنب الكارثة ؟؟
ولن يكون الحديث هنا عن الفلم كعمل فني بل عن الافكار والاسئلة التي طرحها المخرج توم شادياك وتجربته في التحولات الفكرية والروحية ..
وتوم شادياك مخرج هوليوودي محترف برز في حقل الكوميديا و اخرج عددا كبيرا من افلام جيم كاري وإدي مورفي لكنه قرر ان يقف امام الكامرا ليسرد تفاصيل ماحدث له وما قاده إلى تغيير حياته تغييرا جذريا بعد تعرضه لحادثة سقوط عن دراجته أدت إلى كسر ذراعه واصابته بعوق كاد ان يصبح دائميا ، ورغم انه تعافى من اصابته البدنية إلا أنه اصيب بمتلازمة مابعد الصدمة التي تفضي إلى الاكتئاب والاضطراب وقد تودي بصاحبها إلى الانتحار وكان يسمع رنينا متواصلا في رأسه ويصاب بردة فعل مؤلمة إزاء الضوء والأصوات ، وطوال شهور معاناته لازمه التفكير بالموت باعتباره الشافي الوحيد لآلامه ، وتوصل الى اتخاذ القرار : قد يختار الموت كنهاية لعذابه، وخلال تلك اللحظات الحاسمة طرح السؤال الصعب على نفسه :
- لو اخترت الموت فعلا فما الذي اريد إبلاغه للعالم قبل رحيلي ؟؟ وما الذي اتمنى ان يدون على شاهدة قبري ؟
وفي الصباح أدرك أنه امام تحدٍ جديد فقد داهم وعيه مايشبه الصحوة الروحية وبدأ يسائل نفسه : ماذا بوسعي كإنسان ان اقدم للبشرية وماذا بوسعنا كجنس بشري ان نفعل لانقاذ العالم ؟؟ باع قصره الفخم وسياراته الفارهة ويخته واشترى كوخا صغيرا قرب الغابة وتبرع بثروته واستبقى القليل ليعيش حياة تتسم بالزهد، واكتفى بدراجته وكلبه .
خلال طرح تساؤلاته والبحث عن صيغة معقولة لتقديم مايسعه تقديمه للبشرية ، ظهرت بوادر التحسن على حالته الصحية وسمح له الاطباء بالحركة والسفر ، بعد مضي خمسة شهور على الحادثة قرر أن يصنع فيلما يطرح عبره هذه التساؤلات حول الوجود والحياة و الطبيعة البشرية والسلوك الانساني والحفر عميقا لمعرفة سبب تدهور عالمنا ، فانصرف أولا لاكتشاف مايقوله العلم والفلسفة والشعر عن هذه المعضلة وتوصل الى معرفة ثلاثة مفاتيح اساسية عبر بحثه استعدادا للشروع بالفلم : -
- اثبتت البراهين العلمية ان في اعماق الجنس البشري توق راسخ للتواصل
-وان الطبيعة البشرية تقوم على التعاون وليس التنافس
-وانك اذا لم تقم بالعمل الذي يستهوي فؤادك ويحقق رغبتك فان ذلك سيفضي الى تدميرك .
و معتمدا على فضوله الفطري لتقصي الحقيقة بدأ تصوير مغامرته مع فريق صغير وشرع بإجراء حوارات مع مفكرين وشخصيات متخصصة في العلوم ورجال دين وفلاسفة وأكاديميين من بينهم ( نعوم تشومسكي) والناشط البيئي ( ديفيد سوزوكي) والمؤرخ مؤلف كتاب ( التاريخ الشعبي للولايات المتحدة ) البروفيسور ( هاوارد زن ) والاسقف ( دزموند توتو) و والعالمة ( لين ماتغارت) والصناعي المهتم بالبيئة (راي اندرسون ) والناشط البيئي ( جون فرانسيس)الذي جاب الارض سيرا على قدميه على مدى ثلاثين عاما من اجل حماية الارض والبشرية والشاعر الامريكي (كولمان باركس ) المتخصص بترجمة التراث الصوفي لجلال الدين الرومي والاعلامي ( مارك إيان باريش ) الناجي بالشفاء الذاتي من مرض السرطان ، وقام توم شادياك بدور المعلق والمحاور وفأر التجارب أيضا ، وطرح اسئلة يتعذر الحصول على اجوبة لها ، وأخذ مشاهديه الى أماكن لم يعرفوها من قبل وقدم الظواهر المألوفة بطريقة مختلفة تماما وصور مشاهد مذهلة للطبيعة والكائنات الحية وعلاقاتها التواصلية فأتى فيلمه عملا عذبا وحيويا وممتعا ومحفزا إذ قدم لنا تحديات عدة عن فهمنا للسلوك البشري وقوة الروح الانسانية ومصير العالم ..
الصور : ملصق الفيلم - توم شادياك خلال اخراج الفيلم - وشادياك يقرأ قصائد للشاعر ايمرسون في أمسية ثقافية- تحت رابط تريلر الفيلم
https://youtu.be/nENVQXC3Uww
لطفية الدليمي
الفلم الوثائقي(I Am) للمخرج توم شادياك
بعد تبرعه بثروته لمؤسسات خيرية ومراكز بحوث وزمالات دراسية قال توم شادياك : لايزال لدي الكثير من المال وهو ليس من حقي لانني كسبته من خلال نظام الاقتصاد الرأسمالي التنافسي الذي يعمل بطريقته الخاصة على تدمير العالم .
يطرح الفلم الوثائقي I Am سؤالا جوهريا : لماذا اصبح هاجس ثقافتنا الراهنة هو التنافس والانفصال بدل التعاون والتواصل ؟؟
-و ماهو الخطأ الذي يتحكم بثقافة عالمنا المعاصر ؟؟ وهل بوسعنا تجنب الكارثة ؟؟
ولن يكون الحديث هنا عن الفلم كعمل فني بل عن الافكار والاسئلة التي طرحها المخرج توم شادياك وتجربته في التحولات الفكرية والروحية ..
وتوم شادياك مخرج هوليوودي محترف برز في حقل الكوميديا و اخرج عددا كبيرا من افلام جيم كاري وإدي مورفي لكنه قرر ان يقف امام الكامرا ليسرد تفاصيل ماحدث له وما قاده إلى تغيير حياته تغييرا جذريا بعد تعرضه لحادثة سقوط عن دراجته أدت إلى كسر ذراعه واصابته بعوق كاد ان يصبح دائميا ، ورغم انه تعافى من اصابته البدنية إلا أنه اصيب بمتلازمة مابعد الصدمة التي تفضي إلى الاكتئاب والاضطراب وقد تودي بصاحبها إلى الانتحار وكان يسمع رنينا متواصلا في رأسه ويصاب بردة فعل مؤلمة إزاء الضوء والأصوات ، وطوال شهور معاناته لازمه التفكير بالموت باعتباره الشافي الوحيد لآلامه ، وتوصل الى اتخاذ القرار : قد يختار الموت كنهاية لعذابه، وخلال تلك اللحظات الحاسمة طرح السؤال الصعب على نفسه :
- لو اخترت الموت فعلا فما الذي اريد إبلاغه للعالم قبل رحيلي ؟؟ وما الذي اتمنى ان يدون على شاهدة قبري ؟
وفي الصباح أدرك أنه امام تحدٍ جديد فقد داهم وعيه مايشبه الصحوة الروحية وبدأ يسائل نفسه : ماذا بوسعي كإنسان ان اقدم للبشرية وماذا بوسعنا كجنس بشري ان نفعل لانقاذ العالم ؟؟ باع قصره الفخم وسياراته الفارهة ويخته واشترى كوخا صغيرا قرب الغابة وتبرع بثروته واستبقى القليل ليعيش حياة تتسم بالزهد، واكتفى بدراجته وكلبه .
خلال طرح تساؤلاته والبحث عن صيغة معقولة لتقديم مايسعه تقديمه للبشرية ، ظهرت بوادر التحسن على حالته الصحية وسمح له الاطباء بالحركة والسفر ، بعد مضي خمسة شهور على الحادثة قرر أن يصنع فيلما يطرح عبره هذه التساؤلات حول الوجود والحياة و الطبيعة البشرية والسلوك الانساني والحفر عميقا لمعرفة سبب تدهور عالمنا ، فانصرف أولا لاكتشاف مايقوله العلم والفلسفة والشعر عن هذه المعضلة وتوصل الى معرفة ثلاثة مفاتيح اساسية عبر بحثه استعدادا للشروع بالفلم : -
- اثبتت البراهين العلمية ان في اعماق الجنس البشري توق راسخ للتواصل
-وان الطبيعة البشرية تقوم على التعاون وليس التنافس
-وانك اذا لم تقم بالعمل الذي يستهوي فؤادك ويحقق رغبتك فان ذلك سيفضي الى تدميرك .
و معتمدا على فضوله الفطري لتقصي الحقيقة بدأ تصوير مغامرته مع فريق صغير وشرع بإجراء حوارات مع مفكرين وشخصيات متخصصة في العلوم ورجال دين وفلاسفة وأكاديميين من بينهم ( نعوم تشومسكي) والناشط البيئي ( ديفيد سوزوكي) والمؤرخ مؤلف كتاب ( التاريخ الشعبي للولايات المتحدة ) البروفيسور ( هاوارد زن ) والاسقف ( دزموند توتو) و والعالمة ( لين ماتغارت) والصناعي المهتم بالبيئة (راي اندرسون ) والناشط البيئي ( جون فرانسيس)الذي جاب الارض سيرا على قدميه على مدى ثلاثين عاما من اجل حماية الارض والبشرية والشاعر الامريكي (كولمان باركس ) المتخصص بترجمة التراث الصوفي لجلال الدين الرومي والاعلامي ( مارك إيان باريش ) الناجي بالشفاء الذاتي من مرض السرطان ، وقام توم شادياك بدور المعلق والمحاور وفأر التجارب أيضا ، وطرح اسئلة يتعذر الحصول على اجوبة لها ، وأخذ مشاهديه الى أماكن لم يعرفوها من قبل وقدم الظواهر المألوفة بطريقة مختلفة تماما وصور مشاهد مذهلة للطبيعة والكائنات الحية وعلاقاتها التواصلية فأتى فيلمه عملا عذبا وحيويا وممتعا ومحفزا إذ قدم لنا تحديات عدة عن فهمنا للسلوك البشري وقوة الروح الانسانية ومصير العالم ..
الصور : ملصق الفيلم - توم شادياك خلال اخراج الفيلم - وشادياك يقرأ قصائد للشاعر ايمرسون في أمسية ثقافية- تحت رابط تريلر الفيلم
https://youtu.be/nENVQXC3Uww