جلال دين رومي
Jalaluddin al-Roumy - Jalaluddin al-Roumi
جلال الدين الرومي
(604ـ672هـ/1207ـ1273م)
جلال الدين، محمد بن محمد بن الحسين البلخي القونوي (نسبة إلى قونية من بلاد الروم) المعروف بالرومي، عالم بفقه الحنفية وأنواع العلوم ومتصوف وشاعر وصاحب الطريقة الصوفية (المولوية).
ولد جلال الدين في مدينة بلخ بفارس، وتزعم أسرته أنها تنتسب من ناحية الآباء إلى أبي بكر الصدّيق، كما تنتسب من ناحية أمه إلى أسرة خوارزم شاه التي كانت تحكم إقليم ما وراء النهر حين بدأت غارات المغول على الشرق الإسلامي.
كان أبو جلال الدين عالماً دينياً على المذهب الحنفي، وأحرز مكانة مرموقة، ولكنه اضطر أن يترك مدينة بلخ لخلافه مع حاكم البلاد محمد قطب الدين خوارزم شاه، وانتقل بابنه سنة 609هـ إلى نيسابور، وهناك التقت أسرة جلال الدين الشاعر الفارسي المتصوف فريد الدين العطار. وتذكر الروايات أنه تنبأ لجلال الدين بمستقبل عظيم وأعطاه مؤلفه «أسرار نامه» أو كتاب «الأسرار»، ولكن الأب لم يلبث أن رحل بأسرته إلى بغداد ومكة ودمشق وملطية، وأرزنجان ولارندة واستقر أخيراً في مدينة قونية سنة 623هـ عاصمة السلطان علاء الدين بن قيقباذ الأول (616-634هـ) السلجوقي. وفي سنة 628هـ مات أبو جلال الدين، فخلفه ابنه جلال الدين الذي استقر به المقام في قونية، وبقي فيها لا يفارقها إلاّ ليعود إليها.
تلقى جلال الدين تعليمه عن أبيه ثم درس في المدرسة المستنصرية حين نزلت أسرته بغداد، ثم أخذ عن برهان الدين محقق فلما مات تولى التدريس والتدريب بعده، وحظي بعطف السلطان السلجوقي.
عرف جلال الدين بتعمقه في الفقه وغيره من العلوم الإسلامية، وفي سنة 642هـ التقى شمس الدين التبريزي في قونية، وهو صوفي متجول، في الستين من عمره، شبه أميّ، ولكنه كان يتسم بالحماسة الروحية العظيمة في حديثه، ويؤثر تأثيراً بالغاً في نفوس مستمعيه، فكان لهذا اللقاء أثر عميق في نفس جلال الدين وحياته، وتذكر التراجم أنه أخذ شمس الدين إلى داره، وأنهما بقيا معاً لا يفترقان مدة عام أو تزيد، انقلب بعدها جلال الدين إنساناً آخر، فترك تلاميذه وعزف عن تدريس العلوم، وانصرف انصرافاً تاماً إلى حياة التأمل الصوفي، وبدأ يعبّر عن حياته الجديدة شعراً، ولم يكن من قبل ينظم أي شعر. واعترف بفضل أستاذه فأهدى إليه ديواناً كاملاً سماه «ديوان شمس تبريز»، وقد لقب جلال الدين بمولانا، ومن هنا جاءت تسمية طريقته بالمولوية[ر] التي عاش يعلمها ويرشد إليها، ويحضر مجالس السماع والطرب، وقد تبعه في طريقته كثيرون.
لقي جلال الدين كثيراً من التكريم حيّاً، كما كُرّم بعد موته، فبني له ضريح في التكية التي أنشأها، وغدا متحفاً ومزاراً أُنفقت أموال طائلة على زخرفته وتزيينه، وأُوقف على الضريح أوقاف لَسَدَنَتِه ولقرّاء كتاب جلال الدين «المثنوي».
ترك جلال الدين آثاراً نثرية وشعرية، أمّا آثاره النثرية فتنحصر في ثلاثة مؤلفات هي: «المجالس السبعة» وموضوعها مواعظ وخطب، كتبها قبل أن يعتنق الصوفية فكراً وعملاً، وكتاب «فيه ما فيه» ويشتمل على أحاديث ومحاضرات ألقاها على تلاميذه ومريديه، أما ثالثها فمجموعة رسائل كتبها إلى أقاربه وأصدقائه.
أمّا آثاره الشعرية فتمثل الجانب الهام من إنتاجه، وله ديوان أكثر قصائده غزليات صوفية كتبت بالتركية والعربية واليونانية والفارسية، وهناك الرباعيات. وأهم مصنفاته الشعرية التي كتبها بالفارسية هو «المثنوي» ويقابل ذلك النظم المسمى بالمزدوج بالعربية.
يتألف كتاب «مثنوي» من ستة أجزاء تضم نحواً من 25 ألف بيت شعر فارسي يتخللها بعض أشعار كتبت بالعربية. ويبالغ الإيرانيون في تعظيم هذا الكتاب ويسمونه «قرآن بهلوي» أي قرآن بالفارسية.
ولعل سبب تأليف جلال الدين للمثنوي -فيما يذكر- أن حسام الدين جلبي طلب من أستاذه أن ينظم عملاً على غرار «منطق الطير» لفريد الدين العطار، يكون مرجعاً لأتباع الطريقة المولوية، وقد بدأ الرومي نظمه عام 657هـ واستمرّ سنوات طويلة.
بني «المثنوي» على مجموعة من القصص لبيان مقاصد فلسفية صوفية أو تعليمية، وأغلب القصص تعود إلى أصول قديمة يجعلها جلال محوراً لمناقشات وألوان من الحوار لإظهار فكرته الفلسفية أو التعليمية. وهو يورد القصة أو قسماً منها، ثم يستطرد للتحدث في الحكمة التي نستقيها من وراء القصة، وينتقل في كتابه من موضوع إلى آخر دون ارتباط بينها أو ترتيب، غير أن الشاعر يعالج الموضوع الواحد بصورة فنية مترابطة.
وقد اعتمد على الصور البيانية لإظهار أفكاره كقوله:
«إن حسّ الدنيا سُلّم لهذا العالم أما حسّ الدين فهو سلّم السماء، وطريق الروح يخرّب الجسم ولكنه يعود فيعمره بعد هذا التخريب، فهو كمن خرّب داراً من أجل كنز الذهب ثم زادها عمراناً بذلك الكنز ذاته أو كمن قطع الماء وطهر المجرى ثم عاد فأجرى ماء الشرب فيه».
وتكثر في «المثنوي» الحكم والأمثال، وفي الموضوعات التي طرقها في شعره الفلسفي الصوفي الوجداني نراه يتحدث عن المحبة الإلهية والوجد وأصل النفس الإنسانية وحنينها إلى ذلك الأصل. ونلمح في فلسفته هذه اتجاهاً إلى القول بوحدة الوجود، وهو يقرّب فكرته هذه بأمثلة بسيطة مفهومة، ولكنه يرتقي بها من مكانها المتواضع إلى مقام الفكر المتأمل. كما وردت فقرات فيها يبدو مؤمناً بالتناسخ، كقوله:
«أموت وأنا حجر ثم أغدو نبتاً وأموت وأنا نبت ثم أرفع إلى مرتبة الحيوان، وأموت وأنا حيوان ثم أبعث إنساناً، وأموت وأنا إنسان ثم أعود إلى الحياة ملاكاً». وقد اقترن الشعر عنده بالموسيقى والإنشاد.
ويمتاز شعره الوجداني بالعاطفة الجيّاشة الحارّة، ويختلف عن شعره التعليمي الذي يمتلئ بالحكم والقصص والأمثال. ويتحدث عن أهمية الإنسان في هذا الكون ويرسم مثلاً عليا للحياة الإنسانية. وهو يبدو في هذا القسم معلماً أكثر منه فليسوفاً يستعين فيه بثقافته وفهمه لمعارف أهل زمانه وخبرته بالنفس البشرية ومقدرته على سبر أغوارها.
تأثر كثيرون بتعاليم جلال الدين التي جاءت في «المثنوي»، وكان لأتباع الطريقة المولوية مكانة مرموقة عند السلاطين العثمانيين، وكان رئيس المولوية يقلّد هؤلاء السلاطين عند توليهم الحكم سيف جدهم عثمان الذي تنسب إليه الدولة العثمانية.
وقد اشتهر «المثنوي» وتناوله الدارسون والشرّاح، ومن أشهر من تأثر به الشاعر الهندي محمد إقبال[ر]، كما أعجب به كثير من المستشرقين، ونشروا دراسات عن الشاعر وعن كتابه «المثنوي» أو ترجموا أو نشروا الكتاب أو أجزاء منه. ومن أشهر من انكب على دراسة الشاعر وآثاره رينولد نيكلسون Reynold Nicolson، وقد ترجم «المثنوي» ترجمة كاملة وألحق بالترجمة شروحاً وتعليقات، كما ترجمه إلى الألمانية المستشرق جورج روزن George Rosen. وللمثنوي شروح فارسية منها: «كنوز الحقائق ورموز الدقائق» و«جوهر الأسرار وزواهر الأنوار» لكمال الدين حسين الخوارزمي الكبروي، وكتاب «صاحب اللباب المعنوي في انتخاب المثنوي» لحسين بن علي الكاشف البيهقي. وكان للأتراك باع طويل في شرح «المثنوي» وترجمته، ذلك لأن جلال الدين عاش في بلادهم، ومن أهم هذه الشروح شرح الشيخ إسماعيل الأنقروي (ت 1042هـ) الذي رتّب «المثنوي» على ثلاثة أقسام هي: في آداب الطريقة وفي آداب الشريعة وفي المعرفة والحقيقة وسماه «فاتح الأبيات»، كما ترجم المثنوي نظماً إلى الهندوستانية، وترجمه إلى العربية أحمد المولوي في القرن التاسع عشر وسماه «النهج القوي لطلاب المثنوي» وشرحه شرحاً عربياً. أما الترجمة الحديثة لكتاب «المثنوي» وشرحه فهي لمحمد عبد السلام كفافي.
ويبدو جلال الدين في آرائه الفلسفية متأثراً بالأفلاطونية الجديدة، وله آراء جريئة في بعض الجوانب الكلامية الإسلامية كالعدل الإلهي وبعض أركان الإسلام كالحج.
ولا تزال حتى اليوم تؤلف كتب في دراسة حياة الشاعر وكتابه «المثنوي».
نهلة الحمصي
Jalaluddin al-Roumy - Jalaluddin al-Roumi
جلال الدين الرومي
(604ـ672هـ/1207ـ1273م)
جلال الدين، محمد بن محمد بن الحسين البلخي القونوي (نسبة إلى قونية من بلاد الروم) المعروف بالرومي، عالم بفقه الحنفية وأنواع العلوم ومتصوف وشاعر وصاحب الطريقة الصوفية (المولوية).
ولد جلال الدين في مدينة بلخ بفارس، وتزعم أسرته أنها تنتسب من ناحية الآباء إلى أبي بكر الصدّيق، كما تنتسب من ناحية أمه إلى أسرة خوارزم شاه التي كانت تحكم إقليم ما وراء النهر حين بدأت غارات المغول على الشرق الإسلامي.
كان أبو جلال الدين عالماً دينياً على المذهب الحنفي، وأحرز مكانة مرموقة، ولكنه اضطر أن يترك مدينة بلخ لخلافه مع حاكم البلاد محمد قطب الدين خوارزم شاه، وانتقل بابنه سنة 609هـ إلى نيسابور، وهناك التقت أسرة جلال الدين الشاعر الفارسي المتصوف فريد الدين العطار. وتذكر الروايات أنه تنبأ لجلال الدين بمستقبل عظيم وأعطاه مؤلفه «أسرار نامه» أو كتاب «الأسرار»، ولكن الأب لم يلبث أن رحل بأسرته إلى بغداد ومكة ودمشق وملطية، وأرزنجان ولارندة واستقر أخيراً في مدينة قونية سنة 623هـ عاصمة السلطان علاء الدين بن قيقباذ الأول (616-634هـ) السلجوقي. وفي سنة 628هـ مات أبو جلال الدين، فخلفه ابنه جلال الدين الذي استقر به المقام في قونية، وبقي فيها لا يفارقها إلاّ ليعود إليها.
تلقى جلال الدين تعليمه عن أبيه ثم درس في المدرسة المستنصرية حين نزلت أسرته بغداد، ثم أخذ عن برهان الدين محقق فلما مات تولى التدريس والتدريب بعده، وحظي بعطف السلطان السلجوقي.
عرف جلال الدين بتعمقه في الفقه وغيره من العلوم الإسلامية، وفي سنة 642هـ التقى شمس الدين التبريزي في قونية، وهو صوفي متجول، في الستين من عمره، شبه أميّ، ولكنه كان يتسم بالحماسة الروحية العظيمة في حديثه، ويؤثر تأثيراً بالغاً في نفوس مستمعيه، فكان لهذا اللقاء أثر عميق في نفس جلال الدين وحياته، وتذكر التراجم أنه أخذ شمس الدين إلى داره، وأنهما بقيا معاً لا يفترقان مدة عام أو تزيد، انقلب بعدها جلال الدين إنساناً آخر، فترك تلاميذه وعزف عن تدريس العلوم، وانصرف انصرافاً تاماً إلى حياة التأمل الصوفي، وبدأ يعبّر عن حياته الجديدة شعراً، ولم يكن من قبل ينظم أي شعر. واعترف بفضل أستاذه فأهدى إليه ديواناً كاملاً سماه «ديوان شمس تبريز»، وقد لقب جلال الدين بمولانا، ومن هنا جاءت تسمية طريقته بالمولوية[ر] التي عاش يعلمها ويرشد إليها، ويحضر مجالس السماع والطرب، وقد تبعه في طريقته كثيرون.
لقي جلال الدين كثيراً من التكريم حيّاً، كما كُرّم بعد موته، فبني له ضريح في التكية التي أنشأها، وغدا متحفاً ومزاراً أُنفقت أموال طائلة على زخرفته وتزيينه، وأُوقف على الضريح أوقاف لَسَدَنَتِه ولقرّاء كتاب جلال الدين «المثنوي».
ترك جلال الدين آثاراً نثرية وشعرية، أمّا آثاره النثرية فتنحصر في ثلاثة مؤلفات هي: «المجالس السبعة» وموضوعها مواعظ وخطب، كتبها قبل أن يعتنق الصوفية فكراً وعملاً، وكتاب «فيه ما فيه» ويشتمل على أحاديث ومحاضرات ألقاها على تلاميذه ومريديه، أما ثالثها فمجموعة رسائل كتبها إلى أقاربه وأصدقائه.
أمّا آثاره الشعرية فتمثل الجانب الهام من إنتاجه، وله ديوان أكثر قصائده غزليات صوفية كتبت بالتركية والعربية واليونانية والفارسية، وهناك الرباعيات. وأهم مصنفاته الشعرية التي كتبها بالفارسية هو «المثنوي» ويقابل ذلك النظم المسمى بالمزدوج بالعربية.
يتألف كتاب «مثنوي» من ستة أجزاء تضم نحواً من 25 ألف بيت شعر فارسي يتخللها بعض أشعار كتبت بالعربية. ويبالغ الإيرانيون في تعظيم هذا الكتاب ويسمونه «قرآن بهلوي» أي قرآن بالفارسية.
ولعل سبب تأليف جلال الدين للمثنوي -فيما يذكر- أن حسام الدين جلبي طلب من أستاذه أن ينظم عملاً على غرار «منطق الطير» لفريد الدين العطار، يكون مرجعاً لأتباع الطريقة المولوية، وقد بدأ الرومي نظمه عام 657هـ واستمرّ سنوات طويلة.
بني «المثنوي» على مجموعة من القصص لبيان مقاصد فلسفية صوفية أو تعليمية، وأغلب القصص تعود إلى أصول قديمة يجعلها جلال محوراً لمناقشات وألوان من الحوار لإظهار فكرته الفلسفية أو التعليمية. وهو يورد القصة أو قسماً منها، ثم يستطرد للتحدث في الحكمة التي نستقيها من وراء القصة، وينتقل في كتابه من موضوع إلى آخر دون ارتباط بينها أو ترتيب، غير أن الشاعر يعالج الموضوع الواحد بصورة فنية مترابطة.
وقد اعتمد على الصور البيانية لإظهار أفكاره كقوله:
«إن حسّ الدنيا سُلّم لهذا العالم أما حسّ الدين فهو سلّم السماء، وطريق الروح يخرّب الجسم ولكنه يعود فيعمره بعد هذا التخريب، فهو كمن خرّب داراً من أجل كنز الذهب ثم زادها عمراناً بذلك الكنز ذاته أو كمن قطع الماء وطهر المجرى ثم عاد فأجرى ماء الشرب فيه».
وتكثر في «المثنوي» الحكم والأمثال، وفي الموضوعات التي طرقها في شعره الفلسفي الصوفي الوجداني نراه يتحدث عن المحبة الإلهية والوجد وأصل النفس الإنسانية وحنينها إلى ذلك الأصل. ونلمح في فلسفته هذه اتجاهاً إلى القول بوحدة الوجود، وهو يقرّب فكرته هذه بأمثلة بسيطة مفهومة، ولكنه يرتقي بها من مكانها المتواضع إلى مقام الفكر المتأمل. كما وردت فقرات فيها يبدو مؤمناً بالتناسخ، كقوله:
«أموت وأنا حجر ثم أغدو نبتاً وأموت وأنا نبت ثم أرفع إلى مرتبة الحيوان، وأموت وأنا حيوان ثم أبعث إنساناً، وأموت وأنا إنسان ثم أعود إلى الحياة ملاكاً». وقد اقترن الشعر عنده بالموسيقى والإنشاد.
ويمتاز شعره الوجداني بالعاطفة الجيّاشة الحارّة، ويختلف عن شعره التعليمي الذي يمتلئ بالحكم والقصص والأمثال. ويتحدث عن أهمية الإنسان في هذا الكون ويرسم مثلاً عليا للحياة الإنسانية. وهو يبدو في هذا القسم معلماً أكثر منه فليسوفاً يستعين فيه بثقافته وفهمه لمعارف أهل زمانه وخبرته بالنفس البشرية ومقدرته على سبر أغوارها.
تأثر كثيرون بتعاليم جلال الدين التي جاءت في «المثنوي»، وكان لأتباع الطريقة المولوية مكانة مرموقة عند السلاطين العثمانيين، وكان رئيس المولوية يقلّد هؤلاء السلاطين عند توليهم الحكم سيف جدهم عثمان الذي تنسب إليه الدولة العثمانية.
وقد اشتهر «المثنوي» وتناوله الدارسون والشرّاح، ومن أشهر من تأثر به الشاعر الهندي محمد إقبال[ر]، كما أعجب به كثير من المستشرقين، ونشروا دراسات عن الشاعر وعن كتابه «المثنوي» أو ترجموا أو نشروا الكتاب أو أجزاء منه. ومن أشهر من انكب على دراسة الشاعر وآثاره رينولد نيكلسون Reynold Nicolson، وقد ترجم «المثنوي» ترجمة كاملة وألحق بالترجمة شروحاً وتعليقات، كما ترجمه إلى الألمانية المستشرق جورج روزن George Rosen. وللمثنوي شروح فارسية منها: «كنوز الحقائق ورموز الدقائق» و«جوهر الأسرار وزواهر الأنوار» لكمال الدين حسين الخوارزمي الكبروي، وكتاب «صاحب اللباب المعنوي في انتخاب المثنوي» لحسين بن علي الكاشف البيهقي. وكان للأتراك باع طويل في شرح «المثنوي» وترجمته، ذلك لأن جلال الدين عاش في بلادهم، ومن أهم هذه الشروح شرح الشيخ إسماعيل الأنقروي (ت 1042هـ) الذي رتّب «المثنوي» على ثلاثة أقسام هي: في آداب الطريقة وفي آداب الشريعة وفي المعرفة والحقيقة وسماه «فاتح الأبيات»، كما ترجم المثنوي نظماً إلى الهندوستانية، وترجمه إلى العربية أحمد المولوي في القرن التاسع عشر وسماه «النهج القوي لطلاب المثنوي» وشرحه شرحاً عربياً. أما الترجمة الحديثة لكتاب «المثنوي» وشرحه فهي لمحمد عبد السلام كفافي.
ويبدو جلال الدين في آرائه الفلسفية متأثراً بالأفلاطونية الجديدة، وله آراء جريئة في بعض الجوانب الكلامية الإسلامية كالعدل الإلهي وبعض أركان الإسلام كالحج.
ولا تزال حتى اليوم تؤلف كتب في دراسة حياة الشاعر وكتابه «المثنوي».
نهلة الحمصي