متي يونس
Matta ibn Yunus - Matta ibn Yunus
متّى بن يونس
(… ـ 328هـ/… ـ 939م)
أبو بشر، متى بن يونس القنائي، نصراني نسطوري عاش في بغداد في زمن الخليفة الراضي بالله، وهو من أهل دير قنّا الذي يبعد ستة عشر فرسخاً عن بغداد.
تلقّى علومه في مدرسة «قار ماري» على أيدي أساتذة كبار منهم الراهبان: روبيل وبنيامين، وقرأ المنطق على يد أبي إسحاق إبراهيم القويري المنطقي.
انتهت إليه رئاسة المنطق في عصره، وتخرج على يديه يحيى بن زكريا الفيلسوف المنطقي التكريتي - نزيل بغداد - الذي أخذ مكانه في رئاسة المنطق بعد وفاته، كذلك درس المنطق على يديه أبو نصر محمد الفارابي.
نقل إلى العربية من السريانية عدداً من كتب المنطق لأرسطو وثافسطيوس والإسكندر الأفروديسي، وشرحها، وكانت ترجماته هي المعول عليها في القرن الرابع الهجري.
من تصانيفه تفسير الكتب الأربعة في المنطق وكتاب «المقاييس الشرطية»، وشرحه على كتاب «الإيساغوجي» لفرفيريوس الصوري وهو الكتاب الذي يقال إن ابن المقفع قد ترجمه، وإن كلاً من أبي يحيى النحوي وأبي الفرج بن الطيب قد شرحه، ومنها أيضاً ترجمته لكتاب الشعر «التراجيديا» لأرسطو من السريانية بعد أن ترجمه إليها إسحاق ابن حنين من اليونانية، فقد كان أبو بشر لا يلم باليونانية، كما أنه أسهم في نقل الفلسفة اليونانية من السريانية إلى العربية.
له مع أبي سعيد السيرافي مناظرة مشهودة حول المنطق والنحو، أبرزها أبو حيان التوحيدي في كتابيه «المقابسات» و«الإمتاع والمؤانسة» ومما ذكره في هذا الصدد: «أن الوزير ابن الفرات كان قد سأل مجالسيه ذات يوم إن كان منهم من يستطيع أن يتصدى لمناظرة أبي بشر متّى في المنطق، فإنه يقول: أن لا سبيل إلى معرفة الحق من الباطل والصدق من الكذب، والخير من الشر، والحجة من الشبهة، والشك من اليقين، إلا بالمنطق» فاستجاب أبو سعيد السيرافي [ر] لدعوة الوزير، ثم واجه متى فقال: «حدثني عن المنطق، ماذا تعني به؟» فقال متى: «أعني به أنه آلة من آلات الكلام، يعرف بها صحيح الكلام من سقيمه، وفاسد المعنى من صالحه كالميزان، فإني أعرف به الرجحان من النقصان…» فقال أبو سعيد رداً على ذلك: «إن صحيح الكلام من سقيمه يعرف بالإعراب المعروف إذا كنا نتكلم العربية، وفاسد المعنى من صالحه يعرف بالعقل إذا كنا نبحث بالعقل» وكأنما أبو سعيد يريد بذلك أن يقول إن صورية المنطق وحدها لا تغني، إذ لابد من معرفة بحقائق المواد المرتبط بعضها ببعض بتلك الصور، والتشبيه بالميزان ناقص؛ لأن من الأشياء ما لا يوزن، وإذا كان المنطق الأرسطي ملزماً لمن يتكلم اللغة اليونانية فليس هو بملزم لمن يتكلم العربية ويردّ متّى قائلاً: إن المنطق يعنى بالمعقولات، والناس في المعقولات سواء، فأربعة وأربعة تساوي ثمانية عند اليونان وعند العرب وعند غيرهما من الأمم على السواء، ويعود أبو سعيد إلى الكلام قائلاً: «إن حقائق الرياضيات مبنية على خلاف المطلوبات بالعقل والمذكورات باللفظ، على أننا إذا كنا نعني بالمعقولات تلك المعاني التي يوصل إليها باللغة الجامعة للأسماء والأفعال والحروف، فقد لزمت الحاجة إلى معرفة اللغة، فكيف ندرس منطق اليونان دون لغتهم، فضلاً عن أننا ننقل المنطق اليوناني عن اللغة السريانية والمعاني إنما يصيبها التحول عند الترجمة من لغة إلى لغة؟».
وتمضي المناظرة بين المتناظرين، يقول هذا ويرد عليه الآخر، وخلاصة القول عند أبي سعيد السيرافي: أن دراسة المنطق دون دراسة اللغة لا يجدي نفعاً.
عدنان أبو عمشة
Matta ibn Yunus - Matta ibn Yunus
متّى بن يونس
(… ـ 328هـ/… ـ 939م)
أبو بشر، متى بن يونس القنائي، نصراني نسطوري عاش في بغداد في زمن الخليفة الراضي بالله، وهو من أهل دير قنّا الذي يبعد ستة عشر فرسخاً عن بغداد.
تلقّى علومه في مدرسة «قار ماري» على أيدي أساتذة كبار منهم الراهبان: روبيل وبنيامين، وقرأ المنطق على يد أبي إسحاق إبراهيم القويري المنطقي.
انتهت إليه رئاسة المنطق في عصره، وتخرج على يديه يحيى بن زكريا الفيلسوف المنطقي التكريتي - نزيل بغداد - الذي أخذ مكانه في رئاسة المنطق بعد وفاته، كذلك درس المنطق على يديه أبو نصر محمد الفارابي.
نقل إلى العربية من السريانية عدداً من كتب المنطق لأرسطو وثافسطيوس والإسكندر الأفروديسي، وشرحها، وكانت ترجماته هي المعول عليها في القرن الرابع الهجري.
من تصانيفه تفسير الكتب الأربعة في المنطق وكتاب «المقاييس الشرطية»، وشرحه على كتاب «الإيساغوجي» لفرفيريوس الصوري وهو الكتاب الذي يقال إن ابن المقفع قد ترجمه، وإن كلاً من أبي يحيى النحوي وأبي الفرج بن الطيب قد شرحه، ومنها أيضاً ترجمته لكتاب الشعر «التراجيديا» لأرسطو من السريانية بعد أن ترجمه إليها إسحاق ابن حنين من اليونانية، فقد كان أبو بشر لا يلم باليونانية، كما أنه أسهم في نقل الفلسفة اليونانية من السريانية إلى العربية.
له مع أبي سعيد السيرافي مناظرة مشهودة حول المنطق والنحو، أبرزها أبو حيان التوحيدي في كتابيه «المقابسات» و«الإمتاع والمؤانسة» ومما ذكره في هذا الصدد: «أن الوزير ابن الفرات كان قد سأل مجالسيه ذات يوم إن كان منهم من يستطيع أن يتصدى لمناظرة أبي بشر متّى في المنطق، فإنه يقول: أن لا سبيل إلى معرفة الحق من الباطل والصدق من الكذب، والخير من الشر، والحجة من الشبهة، والشك من اليقين، إلا بالمنطق» فاستجاب أبو سعيد السيرافي [ر] لدعوة الوزير، ثم واجه متى فقال: «حدثني عن المنطق، ماذا تعني به؟» فقال متى: «أعني به أنه آلة من آلات الكلام، يعرف بها صحيح الكلام من سقيمه، وفاسد المعنى من صالحه كالميزان، فإني أعرف به الرجحان من النقصان…» فقال أبو سعيد رداً على ذلك: «إن صحيح الكلام من سقيمه يعرف بالإعراب المعروف إذا كنا نتكلم العربية، وفاسد المعنى من صالحه يعرف بالعقل إذا كنا نبحث بالعقل» وكأنما أبو سعيد يريد بذلك أن يقول إن صورية المنطق وحدها لا تغني، إذ لابد من معرفة بحقائق المواد المرتبط بعضها ببعض بتلك الصور، والتشبيه بالميزان ناقص؛ لأن من الأشياء ما لا يوزن، وإذا كان المنطق الأرسطي ملزماً لمن يتكلم اللغة اليونانية فليس هو بملزم لمن يتكلم العربية ويردّ متّى قائلاً: إن المنطق يعنى بالمعقولات، والناس في المعقولات سواء، فأربعة وأربعة تساوي ثمانية عند اليونان وعند العرب وعند غيرهما من الأمم على السواء، ويعود أبو سعيد إلى الكلام قائلاً: «إن حقائق الرياضيات مبنية على خلاف المطلوبات بالعقل والمذكورات باللفظ، على أننا إذا كنا نعني بالمعقولات تلك المعاني التي يوصل إليها باللغة الجامعة للأسماء والأفعال والحروف، فقد لزمت الحاجة إلى معرفة اللغة، فكيف ندرس منطق اليونان دون لغتهم، فضلاً عن أننا ننقل المنطق اليوناني عن اللغة السريانية والمعاني إنما يصيبها التحول عند الترجمة من لغة إلى لغة؟».
وتمضي المناظرة بين المتناظرين، يقول هذا ويرد عليه الآخر، وخلاصة القول عند أبي سعيد السيرافي: أن دراسة المنطق دون دراسة اللغة لا يجدي نفعاً.
عدنان أبو عمشة