مجمع صناعي
Industrial complex - Complexe industriel
المجمّع الصناعي
المجمّع الصناعي industrial complex شكل من أشكال التنظيم الاقتصادي لاقتسام السوق العالمية. وهو النموذج الذي يهدف إلى السيطرة على فرع معين من فروع الإنتاج الصناعي، ويأتي استجابة للمتطلبات المباشرة للقوى المنتجة (التجميع)، وللظروف الخاصة للتراكم الرأسمالي (التوزيع)، فلكل مرحلة من مراحل التطور الرأسمالي الاحتكاري أشكالها في الإنتاج والتسويق والتحكم بالسلعة، بما يلائم طبيعة التطور التقني, وتنامي العلاقات الاقتصادية الدولية.
وفي أحدث هذه المراحل أصبح المجمّع الصناعي القوة الحاسمة في اقتصاد البلدان الرأسمالية وفي الاقتصاد العالمي بعد انهيار المنظومة الاشتراكية؛ حيث يضم أكبر المؤسسات وأفضلها تجهيزاً من الناحية التقنية، وقد اندمجت بشكل وحدة إنتاجية متكاملة، ينحصر دور المؤسسات الصغيرة في تزويدها بالمواد وأجزاء الإنتاج وتقديم الخدمات.
في منتصف القرن العشرين نشأت المجمعات الصناعية نتيجة انضمام بعض المؤسسات المستقلة إلى بعضها واندماجهاً؛ أي اندماج أفقي يتخذ شكل اتحاد معامل متخصصة متماثلة في صناعة إنتاج معين، ثم تطور الاندماج ليتخذ شكلاً عمودياً، فأصبحت الشركات المتحدة تتحكم بمختلف مراحل عملية الإنتاج، ابتداءً من الحصول على مصادر المواد الأولية وتصنيع مخلفات الإنتاج حتى الدخول في مرحلة التصنيع النهائي للمنتج، أي تزايد التجميع عن طريق التكامل التصنيعي؛ وهذا ما أدى إلى اختفاء المؤسسات المستقلة بصورة تدريجية، ولاسيما في مجال الفولاذ والغزل والنسيج والورق والنفط.
في فترة الستينات من القرن العشرين, حدثت ظاهرة انتعاش اقتصادي عالمي، أدت إلى تحفيز الاستثمارات الرأسمالية الضخمة, وبناء مصانع ومجمعات إنتاجية كبيرة، وشهدت البلدان الرأسمالية المتقدمة موجة من الاندماج في فروع اقتصادية مختلفة, أدت إلى تمركز رأس المال لدى الاحتكارات وإلى نشوء مجمعات صناعية عملاقة، ففي أمريكا مثلاً قام 200 احتكار ضخم للصناعات التحويلية في الأعوام 1956- 1963 بشراء 1080 شركة تقدر قيمتها بنحو 15مليار دولار، وفي عام 1966 بلغت قيمة الشركات المندمجة 4.1 مليار دولار، وفي عام 1968 بلغت 12.6 مليار دولار، وشملت هذه الموجة اقتصاديات ألمانيا الغربية وفرنسا وإيطاليا واليابان.
وإذا كان الاحتكار الرأسمالي يهدف إلى غزارة الإنتاج، فان استخدام التقنية المتطورة يحقق له هذه الغاية، ويدفع به نحو التمركز في الصناعات الحديثة وتكوين وحدات إنتاجية ضخمة تتجه المعامل المتخصصة فيها نحو التكامل والاندماج في مجمعات صناعية.
وقد أدى تجميع الإنتاج وتركيزه، ونشوء مجمعات متكاملة إلى زيادة حجم رأس المال اللازم لتحقيق الريعية المطلوبة في بعض الفروع الصناعية الجديدة، وظهرت حالات كثيرة نشأت بموجبها استثمارات بمشاركة عدة شركات رأسمالية في احتكارات النفط والألمنيوم والكيمياء. وقد جرى ذلك في ظل الثورة العلمية والتطور في الصناعات الإلكترونية والكيميائية وعسكرة الاقتصاد وعلوم الفضاء والاتصالات التي أدت إلى زيادة مبيعاتها وأرباحها، ولاسيما في الولايات المتحدة وأوربا واليابان، حيث تمتلك مجمعاتها المراكز العلمية ومراكز خاصة للأبحاث والتقنية والتصاميم التي يعمل بها عدد كبير من المصممين والمخترعين؛ وتنسق أعمال المصانع المتخصصة، ولديها ايضاً معاهد لتطبيق الاختراعات في المجال العملي.
وقد أدى ذلك إلى تغيير في بنية الصناعة وموازين القوى بين المجمعات الصناعية الاحتكارية، وظهرت تغيّرات كميّة ونوعية نتيجة متطلبات قوى الإنتاج المتطورة؛ بحيث أصبحت مجمعات السيارات والنفط والصناعات الإلكترونية والاتصالات تحتل مركز الصدارة في أمريكا.
أما في أوربا - وبتشجيع من حكوماتها- فقد اندمجت أكبر المؤسسات العاملة في مجال التعدين والصناعات الإلكترونية، وأصبح مجمّع «فوكس فاكن» الأول في ألمانيا ومجمّع «رينو» الأول في فرنسا.
وتلجأ المجمعات إلى أسلوب تنويع النشاطات الاقتصادية لتلبية احتياجات متطلبات السلعة, ولهذه الغاية تسعى المجمعات المتخصصة بإنتاج سلعة معينة إلى تلبية احتياجات الشاري كلها واستبعاد المنافسين، كما فعلت مجمعات الفولاذ في الولايات المتحدة حيث عمدت إلى إنتاج مواد كيمياوية وبلاستيكية.
وفي إطار بحث الاحتكارات عن أكبر قدر من الربح، عمدت المصارف في الولايات المتحدة إلى تطوير دور هذه المجمعات، وتكوين نموذج مجمع الاحتكار المختلط.
ترتكز إدارة هذه المجمعات الصناعية الضخمة إلى سياسة مركزية التخطيط والتنظيم، استجابة لمتطلبات الإنتاج الغزير المخطط، ولذلك فان التخطيط الاستراتيجي للمجمع المتعلق بالسياسة الإنتاجية منفصل ومستقل عن العمل التنفيذي. وتعمل الإدارة على نحو مركزي ينظم ويضبط الإنتاج وعلاقات مختلف المؤسسات التابعة للمجمع وينسِّق بينها، وهذا ما يؤدي إلى تقليص استقلالية الفروع عن إدارة المجمع الأم التي تتألف من أشخاص ذوي كفاءة عالية وخبرة علمية وتأهيل وتدريب متخصص، وبصورة خاصة للقيادات الإدارية والإنتاجية والتسويقية.
وعادة ما يكون لهذه المجمعات سياسة خاصة بالأسعار، فهي لا تهتم بالحصول على أعلى الأسعار، وإنما تهتم بتحديد الأسعار بالاسلوب الذي يحقق لها أعلى ربح، بعد أن تضيف إلى تكاليف الإنتاج نفقات مراكز الاختراع والبحوث وقيمة براءات الصنع.
أدت حركة تدويل رأس المال واندماج احتكار رأسمالية الدولة مع الاحتكارات الخاصة في الثمانينيات من القرن العشرين إلى نشوء ظواهر اقتصادية تمثلت في المجمعات الصناعية المتعددة الجنسيات في أوربا، حيث تمتلك رؤوس الأموال الأجنبية معظم فروعها، كما تعزز دور مجمع الصناعات العسكرية ولاسيما في الولايات المتحدة الذي يقوم على نظام معقد من الاتفاقات السرية بين الاحتكارات الخاصة والجهات الحكومية المسؤولة عن التسلح بحيث تسيطر على سوق السلاح العالمي، ويتعاظم نفوذها في مجال اتخاذ القرارات السياسية من خلال تمويل جماعات الضغط ومراكز الأبحاث والإعلام.
ولم يعد سراً ذلك الدور الذي تقوم به المجمعات الصناعية الكبرى، ولاسيما مجمع النفط والصناعات العسكرية في اتخاذ القرارات الاستراتيجية وصناعة الرؤساء للولايات المتحدة، وقد جرى تعميم هذا النمط الأمريكي على البلدان الصناعية الكبرى وتحول إلى ظاهرة دولية، كما في بريطانيا وألمانيا واليابان.
وفي العقدين الأخيرين من القرن العشرين تعاظمت حركة تدويل رأس المال إلى النطاق فوق القومي وظهرت شركات متعددة الجنسيات امتدت إلى البلدان النامية حيث شهدت بعض البلدان الآسيوية والنامية ازدهار المجمعات الصناعية الكبرى.
سامي هابيل
Industrial complex - Complexe industriel
المجمّع الصناعي
المجمّع الصناعي industrial complex شكل من أشكال التنظيم الاقتصادي لاقتسام السوق العالمية. وهو النموذج الذي يهدف إلى السيطرة على فرع معين من فروع الإنتاج الصناعي، ويأتي استجابة للمتطلبات المباشرة للقوى المنتجة (التجميع)، وللظروف الخاصة للتراكم الرأسمالي (التوزيع)، فلكل مرحلة من مراحل التطور الرأسمالي الاحتكاري أشكالها في الإنتاج والتسويق والتحكم بالسلعة، بما يلائم طبيعة التطور التقني, وتنامي العلاقات الاقتصادية الدولية.
وفي أحدث هذه المراحل أصبح المجمّع الصناعي القوة الحاسمة في اقتصاد البلدان الرأسمالية وفي الاقتصاد العالمي بعد انهيار المنظومة الاشتراكية؛ حيث يضم أكبر المؤسسات وأفضلها تجهيزاً من الناحية التقنية، وقد اندمجت بشكل وحدة إنتاجية متكاملة، ينحصر دور المؤسسات الصغيرة في تزويدها بالمواد وأجزاء الإنتاج وتقديم الخدمات.
في منتصف القرن العشرين نشأت المجمعات الصناعية نتيجة انضمام بعض المؤسسات المستقلة إلى بعضها واندماجهاً؛ أي اندماج أفقي يتخذ شكل اتحاد معامل متخصصة متماثلة في صناعة إنتاج معين، ثم تطور الاندماج ليتخذ شكلاً عمودياً، فأصبحت الشركات المتحدة تتحكم بمختلف مراحل عملية الإنتاج، ابتداءً من الحصول على مصادر المواد الأولية وتصنيع مخلفات الإنتاج حتى الدخول في مرحلة التصنيع النهائي للمنتج، أي تزايد التجميع عن طريق التكامل التصنيعي؛ وهذا ما أدى إلى اختفاء المؤسسات المستقلة بصورة تدريجية، ولاسيما في مجال الفولاذ والغزل والنسيج والورق والنفط.
في فترة الستينات من القرن العشرين, حدثت ظاهرة انتعاش اقتصادي عالمي، أدت إلى تحفيز الاستثمارات الرأسمالية الضخمة, وبناء مصانع ومجمعات إنتاجية كبيرة، وشهدت البلدان الرأسمالية المتقدمة موجة من الاندماج في فروع اقتصادية مختلفة, أدت إلى تمركز رأس المال لدى الاحتكارات وإلى نشوء مجمعات صناعية عملاقة، ففي أمريكا مثلاً قام 200 احتكار ضخم للصناعات التحويلية في الأعوام 1956- 1963 بشراء 1080 شركة تقدر قيمتها بنحو 15مليار دولار، وفي عام 1966 بلغت قيمة الشركات المندمجة 4.1 مليار دولار، وفي عام 1968 بلغت 12.6 مليار دولار، وشملت هذه الموجة اقتصاديات ألمانيا الغربية وفرنسا وإيطاليا واليابان.
وإذا كان الاحتكار الرأسمالي يهدف إلى غزارة الإنتاج، فان استخدام التقنية المتطورة يحقق له هذه الغاية، ويدفع به نحو التمركز في الصناعات الحديثة وتكوين وحدات إنتاجية ضخمة تتجه المعامل المتخصصة فيها نحو التكامل والاندماج في مجمعات صناعية.
وقد أدى تجميع الإنتاج وتركيزه، ونشوء مجمعات متكاملة إلى زيادة حجم رأس المال اللازم لتحقيق الريعية المطلوبة في بعض الفروع الصناعية الجديدة، وظهرت حالات كثيرة نشأت بموجبها استثمارات بمشاركة عدة شركات رأسمالية في احتكارات النفط والألمنيوم والكيمياء. وقد جرى ذلك في ظل الثورة العلمية والتطور في الصناعات الإلكترونية والكيميائية وعسكرة الاقتصاد وعلوم الفضاء والاتصالات التي أدت إلى زيادة مبيعاتها وأرباحها، ولاسيما في الولايات المتحدة وأوربا واليابان، حيث تمتلك مجمعاتها المراكز العلمية ومراكز خاصة للأبحاث والتقنية والتصاميم التي يعمل بها عدد كبير من المصممين والمخترعين؛ وتنسق أعمال المصانع المتخصصة، ولديها ايضاً معاهد لتطبيق الاختراعات في المجال العملي.
وقد أدى ذلك إلى تغيير في بنية الصناعة وموازين القوى بين المجمعات الصناعية الاحتكارية، وظهرت تغيّرات كميّة ونوعية نتيجة متطلبات قوى الإنتاج المتطورة؛ بحيث أصبحت مجمعات السيارات والنفط والصناعات الإلكترونية والاتصالات تحتل مركز الصدارة في أمريكا.
أما في أوربا - وبتشجيع من حكوماتها- فقد اندمجت أكبر المؤسسات العاملة في مجال التعدين والصناعات الإلكترونية، وأصبح مجمّع «فوكس فاكن» الأول في ألمانيا ومجمّع «رينو» الأول في فرنسا.
وتلجأ المجمعات إلى أسلوب تنويع النشاطات الاقتصادية لتلبية احتياجات متطلبات السلعة, ولهذه الغاية تسعى المجمعات المتخصصة بإنتاج سلعة معينة إلى تلبية احتياجات الشاري كلها واستبعاد المنافسين، كما فعلت مجمعات الفولاذ في الولايات المتحدة حيث عمدت إلى إنتاج مواد كيمياوية وبلاستيكية.
وفي إطار بحث الاحتكارات عن أكبر قدر من الربح، عمدت المصارف في الولايات المتحدة إلى تطوير دور هذه المجمعات، وتكوين نموذج مجمع الاحتكار المختلط.
ترتكز إدارة هذه المجمعات الصناعية الضخمة إلى سياسة مركزية التخطيط والتنظيم، استجابة لمتطلبات الإنتاج الغزير المخطط، ولذلك فان التخطيط الاستراتيجي للمجمع المتعلق بالسياسة الإنتاجية منفصل ومستقل عن العمل التنفيذي. وتعمل الإدارة على نحو مركزي ينظم ويضبط الإنتاج وعلاقات مختلف المؤسسات التابعة للمجمع وينسِّق بينها، وهذا ما يؤدي إلى تقليص استقلالية الفروع عن إدارة المجمع الأم التي تتألف من أشخاص ذوي كفاءة عالية وخبرة علمية وتأهيل وتدريب متخصص، وبصورة خاصة للقيادات الإدارية والإنتاجية والتسويقية.
وعادة ما يكون لهذه المجمعات سياسة خاصة بالأسعار، فهي لا تهتم بالحصول على أعلى الأسعار، وإنما تهتم بتحديد الأسعار بالاسلوب الذي يحقق لها أعلى ربح، بعد أن تضيف إلى تكاليف الإنتاج نفقات مراكز الاختراع والبحوث وقيمة براءات الصنع.
أدت حركة تدويل رأس المال واندماج احتكار رأسمالية الدولة مع الاحتكارات الخاصة في الثمانينيات من القرن العشرين إلى نشوء ظواهر اقتصادية تمثلت في المجمعات الصناعية المتعددة الجنسيات في أوربا، حيث تمتلك رؤوس الأموال الأجنبية معظم فروعها، كما تعزز دور مجمع الصناعات العسكرية ولاسيما في الولايات المتحدة الذي يقوم على نظام معقد من الاتفاقات السرية بين الاحتكارات الخاصة والجهات الحكومية المسؤولة عن التسلح بحيث تسيطر على سوق السلاح العالمي، ويتعاظم نفوذها في مجال اتخاذ القرارات السياسية من خلال تمويل جماعات الضغط ومراكز الأبحاث والإعلام.
ولم يعد سراً ذلك الدور الذي تقوم به المجمعات الصناعية الكبرى، ولاسيما مجمع النفط والصناعات العسكرية في اتخاذ القرارات الاستراتيجية وصناعة الرؤساء للولايات المتحدة، وقد جرى تعميم هذا النمط الأمريكي على البلدان الصناعية الكبرى وتحول إلى ظاهرة دولية، كما في بريطانيا وألمانيا واليابان.
وفي العقدين الأخيرين من القرن العشرين تعاظمت حركة تدويل رأس المال إلى النطاق فوق القومي وظهرت شركات متعددة الجنسيات امتدت إلى البلدان النامية حيث شهدت بعض البلدان الآسيوية والنامية ازدهار المجمعات الصناعية الكبرى.
سامي هابيل