بمساحة معلومة ويدافعون عنها ضد «الخارجيين». هذه المقاطعة «الجغرافية» هي نوع من الملجأ الشخصي فيه أمان وتعتبر من قبل المخلوق الحي كامتداد لذاته. وفي أحوال كثيرة عندما يعتدى على هذه المقاطعة المحتمة فإن التدخل يمكن أن يستنفر سلوكاً عدائياً وعنيفاً وقد تنشب في بعض الأحيان معركة للسيطرة على هذه البقعة أو المقاطعة .
وقد كشفت الدراسات السايكولوجية والأنثروبولوجية عن أن المخلوقات «الصديقة» ضمن بقعة محددة تميل إلى امتلاك الفضاء وفقاً لنظام تدرجها في القوة. بعبارة أخرى يحصل أكثر المخلوقات سيطرة في المجموعة على غرفة أوسع حرفياً .
بينما يكون الأقل سيطرة محشوراً وتتناسب كمية الفضاء التي يشغلها كل مخلوق عموماً عكسياً أهميته كما تعرف ضمن البقعة المعلومة (۲- ۱۲). هذه المبادىء الفضائية يمكن مشاهدتها في كثير من المجتمعات الإنسانية أيضاً. عموماً إلى مساحة للمعلم ومساحة الجلوس الطلبة ونسبة الفضاء المخصص للسلطة» تلك المخصصة لأولئك الذين يتم تعليمهم. إن الكيان الفضائي لكل أنواع المقاطعات تقريباً والتي يستخدمها البشر تكشف عادة عن فكرة يمكن اكتشافها لوجود القوة والطبقة. ومهما ظننا بأننا نؤمن بالمساوة فإن أغلبنا يلتزم بهذه الأعراف الفضائية. عندما تدخل شخصية متميزة غرفة مكتظة مثلاً فإن أكثر الناس «يوسعون» بصورة غريزية للداخل رغم أنهم يفسحون له مكاناً أكثر بكثير مما يشغلونه أنفسهم .
ولكن ما علاقة كل ذلك بالسينما؟ الشيء الكثير، إذ إن الفضاء هو أحد الوسائل الرئيسية للتعبير في الفلم ومن الطريقة التي يتم ترتيب الناس فيها ضمن الفراغ يمكن أن نعرف الشيء الكثير عن علاقاتهم الإجتماعية والسايكولوجية. وتعطى الشخصيات المسيطرة في الفلم دائما تقريباً فضاء أكبر مما يشغله الآخرون ما لم يعالج الفلم مباشرة بالطبع مسألة فقدان القوة أو مسألة العجز الإجتماعي للشخصية. إن كمية الفضاء التي تشغله الشخصية في الفلم لا ترتبط بالضرورة مع سيطرته الإجتماعية الفعلية ولكن مع أهميته الدرامية الأجسام ذات الصفة التسلطية كالملوك والحاشية تشغل عموماً كمية أكبر من الفضاء مما يشغله الريفيون والصغار غير أنه إذا كان الفلم يخص الريفيين بالدرجة الأولى فإن الريفي سيميل إلى السيطرة من الناحية الفضائية . وباختصار فإن القوة والتسلط والسيطرة تعرف وفقاً لموقعها من السياق في الفلم وليس بالضرورة وفقاً لما تعرف به هذه الخصال في الحقيقة. إن إطار الآخر نوع من المقاطعة، رغم أنها مقاطعة مؤقتة ولا توجد إلا خلال مدة اللقطة إن كيفية اقتسام الفضاء ضمن الإطار هو أحد الأدوات الكبرى لتنفيذ الميزانسين، إذ بذلك يمكن حصر وتعديل وإعادة صياغة الكثير من العلاقات الاجتماعية والسايكولوجية بسهولة عن طريق استخدام الأعراف الفضائية المختلفة. أضف إلى ذلك أن المخرج يستطيع بعد أن علاقة ما أن يمضي إلى الأمور الأخرى عن طريق تغيير مكان آلة تصويره. إن المخرج السينمائي باختصار ليس مقيداً بمساحة فضائية دائمة طوال المشهد. إن كبار كتاب الميزانسين مثل ويلز وانطونيوني بإمكانهم التعبير عن تحولات سايكولوجية وإجتماعية دقيقة الاختلاف ضمن اللقطة الواحدة عن طريق تعديل الفراغ ببساطة بين الشخصيات وعن طريق استغلال الأعماق والمساحات ذات الوزن الضمني في الإطار.
يمكن استغلال كمية الفضاء المسموح به ضمن بقعة الإطار لأغراض رمزية (٢- ۲۰) وإذا ما عممنا كلامنا كلما كانت اللقطة أكبر كلما بدت الأجسام المصورة مقيدة مثل هذه اللقطات يعبر عنها عادة بمصطلح لقطة مشدودة أو مشدودة الإطار وعلى العكس كلما كانت اللقطة كبيرة مفتوحة الإطار فإنها تميل إلى التعبير عن الحرية أفلام السجون تستخدم غالباً اللقطات الكبيرة المشدودة الإطار واللقطات المتوسطة لهذا السبب بالذات أي لأنها تؤدي وظيفة نوع من السجن الرمزي في فلم رجل هرب للمخرج روبرت بريسون مثلاً يبدأ المخرج فلمه بلقطة كبيرة ليد البطل وهي مقيدة بالسلاسل وطوال الفلم يقوم السجين بتحضيرات معقدة للهرب، ويحافظ بريسون على الإطار المشدود ليؤكد الإحساس بانعدام الهواء الذي يصل إلى مرض الفوبيا الحبسية أي الخوف من المكان الخانق الذي لا يحتمله البطل. ولا يزول هذا التوتر الفضائي إلا عند نهاية الفلم عندما نرى البطل وهو يختفي في ظلام الحرية خارج جدران السجن ويتم تصوير هروبه الناجح بلقطة بعيدة مفتوحة الإطار وهي اللقطة الوحيدة في الفلم والتي ترمز أيضاً إلى الإحساس الروحي والنفسي بالإنطلاق إن الكنايات الفضائية والتأطيرية من هذا النوع شائعة في الأفلام التي تعالج موضوع الحجز ـ أما الحرفي كما في فلم جان رنوار المعنون الوهم العظيم (۲ - ۲۱) أو الروحي كما في فلم فريد زينيمان المعنون عضو حفلة الزواج.
يستطيع المخرج غالباً الإيحاء بأفكار الوقوع في فخ عن طريق استغلال الموجودات والخطوط المحايدة تماماً والموجودة في المنظر. في مثل هذه الحالات تميل المميزات التشكيلية لهذه الموجودات العينية إلى الإطباق على الجسم على الأقل كما تشاهد على الشاشة المسطحة (۲- ۲۲) فمثلا في فلم الصحراء الحمراء تصف البطلة
(مونيكا فيتي) الانهيار العصبي الذي يعاني منه صديقها. يدرك الجمهور أنها إنما تتحدث عن انهيارها إذ إن سطح الصورة يميل إلى الإيحاء بالمحاصرة. وتبدو وهي تمضي في الكلام وكأنها مسمرة إلى وضع واحد حيث تؤطر خطوط الممر الذي خلفها مباشرة جسمها لتوحي بنوع من التوابيت أو الكهف الضيق. وعندما تؤطر الأجسام ضمن الإطار بهذا الأسلوب فإن إحساساً بالاحتواء يزداد تأكيداً.
إن الفضاء الجغرافي ضمن الإطار يمكن استغلاله بتعقيد سايكولوجي كبير. وعندما يغادر جسم ما الإطار مثلاً تقوم آلة التصوير بالتعديل اللازم لهذا التخلخل المفاجىء في التكوين بواسطة الاستدارة الأفقية الطفيفة لتعوض ذلك وتخلق موازنة جديدة أو تبقى ثابتة وبهذا توحي لنا بإحساس سايكولوجي بالخسارة التي يرمز إليها الفضاء الخالي الذي تركته الشخصية خلفها. يمكن التعبير عن العداء والشك بين شخصيتين إما بواسطة جعلهما في النهايات البعيدة لحافات التكوين مع وجود الحد الأقصى من الفضاء بينهما أو بإجبار شخصية دخيلة لوجودها الفيزيائي ضمن مقاطعة الشخصية الأخرى التي تتحدد مؤقتاً بحدود الإطار (۲۳ - ۲).
إن الأعراف الفضائية تتغير من حضارة لأخرى كما بين العالم .
وقد كشفت الدراسات السايكولوجية والأنثروبولوجية عن أن المخلوقات «الصديقة» ضمن بقعة محددة تميل إلى امتلاك الفضاء وفقاً لنظام تدرجها في القوة. بعبارة أخرى يحصل أكثر المخلوقات سيطرة في المجموعة على غرفة أوسع حرفياً .
بينما يكون الأقل سيطرة محشوراً وتتناسب كمية الفضاء التي يشغلها كل مخلوق عموماً عكسياً أهميته كما تعرف ضمن البقعة المعلومة (۲- ۱۲). هذه المبادىء الفضائية يمكن مشاهدتها في كثير من المجتمعات الإنسانية أيضاً. عموماً إلى مساحة للمعلم ومساحة الجلوس الطلبة ونسبة الفضاء المخصص للسلطة» تلك المخصصة لأولئك الذين يتم تعليمهم. إن الكيان الفضائي لكل أنواع المقاطعات تقريباً والتي يستخدمها البشر تكشف عادة عن فكرة يمكن اكتشافها لوجود القوة والطبقة. ومهما ظننا بأننا نؤمن بالمساوة فإن أغلبنا يلتزم بهذه الأعراف الفضائية. عندما تدخل شخصية متميزة غرفة مكتظة مثلاً فإن أكثر الناس «يوسعون» بصورة غريزية للداخل رغم أنهم يفسحون له مكاناً أكثر بكثير مما يشغلونه أنفسهم .
ولكن ما علاقة كل ذلك بالسينما؟ الشيء الكثير، إذ إن الفضاء هو أحد الوسائل الرئيسية للتعبير في الفلم ومن الطريقة التي يتم ترتيب الناس فيها ضمن الفراغ يمكن أن نعرف الشيء الكثير عن علاقاتهم الإجتماعية والسايكولوجية. وتعطى الشخصيات المسيطرة في الفلم دائما تقريباً فضاء أكبر مما يشغله الآخرون ما لم يعالج الفلم مباشرة بالطبع مسألة فقدان القوة أو مسألة العجز الإجتماعي للشخصية. إن كمية الفضاء التي تشغله الشخصية في الفلم لا ترتبط بالضرورة مع سيطرته الإجتماعية الفعلية ولكن مع أهميته الدرامية الأجسام ذات الصفة التسلطية كالملوك والحاشية تشغل عموماً كمية أكبر من الفضاء مما يشغله الريفيون والصغار غير أنه إذا كان الفلم يخص الريفيين بالدرجة الأولى فإن الريفي سيميل إلى السيطرة من الناحية الفضائية . وباختصار فإن القوة والتسلط والسيطرة تعرف وفقاً لموقعها من السياق في الفلم وليس بالضرورة وفقاً لما تعرف به هذه الخصال في الحقيقة. إن إطار الآخر نوع من المقاطعة، رغم أنها مقاطعة مؤقتة ولا توجد إلا خلال مدة اللقطة إن كيفية اقتسام الفضاء ضمن الإطار هو أحد الأدوات الكبرى لتنفيذ الميزانسين، إذ بذلك يمكن حصر وتعديل وإعادة صياغة الكثير من العلاقات الاجتماعية والسايكولوجية بسهولة عن طريق استخدام الأعراف الفضائية المختلفة. أضف إلى ذلك أن المخرج يستطيع بعد أن علاقة ما أن يمضي إلى الأمور الأخرى عن طريق تغيير مكان آلة تصويره. إن المخرج السينمائي باختصار ليس مقيداً بمساحة فضائية دائمة طوال المشهد. إن كبار كتاب الميزانسين مثل ويلز وانطونيوني بإمكانهم التعبير عن تحولات سايكولوجية وإجتماعية دقيقة الاختلاف ضمن اللقطة الواحدة عن طريق تعديل الفراغ ببساطة بين الشخصيات وعن طريق استغلال الأعماق والمساحات ذات الوزن الضمني في الإطار.
يمكن استغلال كمية الفضاء المسموح به ضمن بقعة الإطار لأغراض رمزية (٢- ۲۰) وإذا ما عممنا كلامنا كلما كانت اللقطة أكبر كلما بدت الأجسام المصورة مقيدة مثل هذه اللقطات يعبر عنها عادة بمصطلح لقطة مشدودة أو مشدودة الإطار وعلى العكس كلما كانت اللقطة كبيرة مفتوحة الإطار فإنها تميل إلى التعبير عن الحرية أفلام السجون تستخدم غالباً اللقطات الكبيرة المشدودة الإطار واللقطات المتوسطة لهذا السبب بالذات أي لأنها تؤدي وظيفة نوع من السجن الرمزي في فلم رجل هرب للمخرج روبرت بريسون مثلاً يبدأ المخرج فلمه بلقطة كبيرة ليد البطل وهي مقيدة بالسلاسل وطوال الفلم يقوم السجين بتحضيرات معقدة للهرب، ويحافظ بريسون على الإطار المشدود ليؤكد الإحساس بانعدام الهواء الذي يصل إلى مرض الفوبيا الحبسية أي الخوف من المكان الخانق الذي لا يحتمله البطل. ولا يزول هذا التوتر الفضائي إلا عند نهاية الفلم عندما نرى البطل وهو يختفي في ظلام الحرية خارج جدران السجن ويتم تصوير هروبه الناجح بلقطة بعيدة مفتوحة الإطار وهي اللقطة الوحيدة في الفلم والتي ترمز أيضاً إلى الإحساس الروحي والنفسي بالإنطلاق إن الكنايات الفضائية والتأطيرية من هذا النوع شائعة في الأفلام التي تعالج موضوع الحجز ـ أما الحرفي كما في فلم جان رنوار المعنون الوهم العظيم (۲ - ۲۱) أو الروحي كما في فلم فريد زينيمان المعنون عضو حفلة الزواج.
يستطيع المخرج غالباً الإيحاء بأفكار الوقوع في فخ عن طريق استغلال الموجودات والخطوط المحايدة تماماً والموجودة في المنظر. في مثل هذه الحالات تميل المميزات التشكيلية لهذه الموجودات العينية إلى الإطباق على الجسم على الأقل كما تشاهد على الشاشة المسطحة (۲- ۲۲) فمثلا في فلم الصحراء الحمراء تصف البطلة
(مونيكا فيتي) الانهيار العصبي الذي يعاني منه صديقها. يدرك الجمهور أنها إنما تتحدث عن انهيارها إذ إن سطح الصورة يميل إلى الإيحاء بالمحاصرة. وتبدو وهي تمضي في الكلام وكأنها مسمرة إلى وضع واحد حيث تؤطر خطوط الممر الذي خلفها مباشرة جسمها لتوحي بنوع من التوابيت أو الكهف الضيق. وعندما تؤطر الأجسام ضمن الإطار بهذا الأسلوب فإن إحساساً بالاحتواء يزداد تأكيداً.
إن الفضاء الجغرافي ضمن الإطار يمكن استغلاله بتعقيد سايكولوجي كبير. وعندما يغادر جسم ما الإطار مثلاً تقوم آلة التصوير بالتعديل اللازم لهذا التخلخل المفاجىء في التكوين بواسطة الاستدارة الأفقية الطفيفة لتعوض ذلك وتخلق موازنة جديدة أو تبقى ثابتة وبهذا توحي لنا بإحساس سايكولوجي بالخسارة التي يرمز إليها الفضاء الخالي الذي تركته الشخصية خلفها. يمكن التعبير عن العداء والشك بين شخصيتين إما بواسطة جعلهما في النهايات البعيدة لحافات التكوين مع وجود الحد الأقصى من الفضاء بينهما أو بإجبار شخصية دخيلة لوجودها الفيزيائي ضمن مقاطعة الشخصية الأخرى التي تتحدد مؤقتاً بحدود الإطار (۲۳ - ۲).
إن الأعراف الفضائية تتغير من حضارة لأخرى كما بين العالم .
تعليق