الفراغ الجغرافي (المقاطعات الفراغية) والانماط التجاورية
لقد كان شاغلنا إلى حد هذه السطور هو بالدرجة الأولى فن الميزانسين في علاقته مع بناء النماذج على سطح مستو ذي بعدين. وبما أن معظم الصور الفلمية تعنى بخلق الوهم المتعلق بالعمق والسعة لذا يتوجب على المخرج السينمائي أن يحافظ على هذه الإعتبارات المسرحية في ذهنه عندما يركب مرئياته إنه لشيء أن تركب تشكيلة سارة من الأحجام والخطوط والألوان والأنسجة وشيء آخر هو أن تقوم الصورة الفلمية بسرد قصة لها زمن، قصة تتعلق عموماً بالبشر ومشاكلهم والتكوينات المثيرة في الفلم هي في أحد معانيها شيء إضافي إذ إن أهم وظائف هذه العناصر التشكيلية أن تجسد الموجودات الملموسة والشخصيات والشكل في الفلم على خلاف الشكل في الموسيقى من النادر أن يكون «نقياً». الأشكال الفلمية تتعلق بصورة خاصة بالأشياء الحقيقية.
صانع السينما الذي يتجاهل أو يقلل من أهمية التوازن بين الشكل والمضمون إلى درجة كبيرة إنما يفعل ذلك وهو يعرض نفسه للخطر. الأفلام التي يتحول فيها الإنسان إلى مجرد شكل تجريدي في الواقع غالباً ما تفاجئنا على أنها متفسخة وآلية وتعوزها الإنسانية وقد وقع حتى كبار المخرجين فريسة لهذا التطرف الشكلي في بعض الأحيان إن فلم الشيطان امرأة لفون شتير نبيرك مثلاً يبدو لنا مجرد تمارين في الأسلوب لا يمكن أن ننكر أن الفلم بديع من الناحية الصورية إلا أنه خال من كل قيمة إنسانية اصيلة.
العديد من المشاهد في جزئي فلم ايفان الرهيب لآيزنشتاين تبدو مركبة لمجرد مزاياها التشكيلية التجريدية. لقد فقد البعد الإنساني رغم أن بعض النقاد يناقش بأن هذا هو بالضبط ما اراده آیزنشتاين أي أن الشخصيات لا تمتلك إنسانية يمكن التعبير عنها .
يؤكد المخرجون عموماً السعة في صورهم لأنهم يرغبون بالذات أن يتجنبوا المسحة التجريدية المسطحة في تكويناتهم .
يركب صانعو الأفلام في أغلب الأحوال تشكيلاتهم في الأقل على ثلاثة مستويات الأمامية والخلفية والوسط. إن هذا الأسلوب لا يعطينا الإحساس بالعمق وحسب بل يمكن أن يغير جذرياً التباين الطاغي في الصورة ويقوم بوظيفة الخصلة المؤهلة بشكل دقيق أو بشكل بارز جداً. على سبيل المثال عندما نضع جسمها في وسط التكوين فإن كل ما يوضع في مقدمة الصورة سوف يعلق على الجسم بطريقة ما (۲ - ۱۸) بعض الأوراق مثلاً يحتمل أن توحي بتمازج طبيعي معين مع الطبيعة الكثير من اللقطات الخاصة بالبطل في فلم جورج روي المعنون بوج كاسيدي وفتى قصة الشمس مصورة بهذه الطريقة . ويمكن لستارة شفافة في مقدمة الصورة أن توحي بالغموض والإنحراف والأنوثة. تقاطع اجزاء الشباك المعدنية يمكن أن توحي بالإنقسام الذاتي وهكذا. والمبدأ نفسه ينطبق على خلفية الصورة رغم أن الأشياء التي توضع في هذه المناطق تميل إلى التراجع في السيطرة أمام مديات وسط وأمامية الصورة.
ومن أبسط القرارات ومع ذلك اشدها حسما التي على المخرج أن يتخذها هو أية لقطة نستخدمها للمواد المراد تصويرها. بعبارة أخرى كم من التفاصيل يجب إدراجها ضمن الإطار؟ كم يجب الموضوع، وهي طريقة ثانية لكي نقول كم يجب أن تقترب من الموضوع طالما أن عين المشاهد تميل إلى الإقتران بعدسة آلة التصوير. هذه ليست مشاكل عابرة إذ إن كمية الفراغ الداخل ضمن الإطار يمكن أن تؤثر جذرياً في استجابتنا للمادة المصورة. يمكن للمخرج أن يستخدم العديد من مع أي موضوع يراد تصويره وكل منها قد تظهر أو لا تظهر كمية معلومة من الفضاء المحيط به. ولكن كم من الفضاء هو القدر الصحيح في اللقطة؟ وما القدر الأكثر من اللازم أو الأقل من اللازم؟ إن الفضاء هو وسيلة تعبير والطريقة التي نستجيب بها إلى الموجودات والأجسام ضمن مساحة معلومة هي مصدر ثابت للمعلومات في الحياة وكذلك في الفن. في كل المواقف الإجتماعية تقريباً نقوم باستقبال وإرسال إشارات تتعلق باستخدامنا للفضاء وللناس الذين يتقاسمونه . تزداد يقظتنا بصورة غريزية كلما شعرنا بأن أعرافاً اجتماعية معينة تخص الفضاء قد تمت مخالفتها (۲ - ۱۹). عندما يدخل الناس دار السينما مثلاً فإنهم يجلسون أنفسهم على مسافات مناسبة من بعضهم بعضاً. ولكن ما هو «المناسب»؟ ومن أو ماذا يعرف هذا المناسب؟ لماذا نشعر بأننا مهددون عندما يتخذ شخص ما مقعده إلى جوارنا في مسرح خال تقريباً؟ على أية حال المقعد ليس ملكنا وقد دفع الشخص الآخر مقابل امتياز الجلوس أينما شاء. إنه غير معقول أن نشعر بالقلق في مثل هذا الموقف أم هل أن ذلك رد فعل غريزي عادي؟
لقد قام عدد من علماء النفس والأنثروبولوجي بدراسة هذه الاسئلة وغيرها بضمنهم كونراد لونز و روبرت سومرز و ادوارد هال ورغم أن القليل من نقاد السينما كان قد اهتم بمثل هذه الاكتشافات الأنثروبولوجية إلا أنها يمكن أن تكون ذات دلالة خاصة في الكشف عن كيفية استخدام الفراغ في السينما. يناقش لورنز في دراسته حول الاعتداء مثلاً كيف أن أغلب الحيوانات وبضمنها الإنسان هي حيوانات (جغرافية). بعبارة أخرى أنهم يتشبثون .
لقد كان شاغلنا إلى حد هذه السطور هو بالدرجة الأولى فن الميزانسين في علاقته مع بناء النماذج على سطح مستو ذي بعدين. وبما أن معظم الصور الفلمية تعنى بخلق الوهم المتعلق بالعمق والسعة لذا يتوجب على المخرج السينمائي أن يحافظ على هذه الإعتبارات المسرحية في ذهنه عندما يركب مرئياته إنه لشيء أن تركب تشكيلة سارة من الأحجام والخطوط والألوان والأنسجة وشيء آخر هو أن تقوم الصورة الفلمية بسرد قصة لها زمن، قصة تتعلق عموماً بالبشر ومشاكلهم والتكوينات المثيرة في الفلم هي في أحد معانيها شيء إضافي إذ إن أهم وظائف هذه العناصر التشكيلية أن تجسد الموجودات الملموسة والشخصيات والشكل في الفلم على خلاف الشكل في الموسيقى من النادر أن يكون «نقياً». الأشكال الفلمية تتعلق بصورة خاصة بالأشياء الحقيقية.
صانع السينما الذي يتجاهل أو يقلل من أهمية التوازن بين الشكل والمضمون إلى درجة كبيرة إنما يفعل ذلك وهو يعرض نفسه للخطر. الأفلام التي يتحول فيها الإنسان إلى مجرد شكل تجريدي في الواقع غالباً ما تفاجئنا على أنها متفسخة وآلية وتعوزها الإنسانية وقد وقع حتى كبار المخرجين فريسة لهذا التطرف الشكلي في بعض الأحيان إن فلم الشيطان امرأة لفون شتير نبيرك مثلاً يبدو لنا مجرد تمارين في الأسلوب لا يمكن أن ننكر أن الفلم بديع من الناحية الصورية إلا أنه خال من كل قيمة إنسانية اصيلة.
العديد من المشاهد في جزئي فلم ايفان الرهيب لآيزنشتاين تبدو مركبة لمجرد مزاياها التشكيلية التجريدية. لقد فقد البعد الإنساني رغم أن بعض النقاد يناقش بأن هذا هو بالضبط ما اراده آیزنشتاين أي أن الشخصيات لا تمتلك إنسانية يمكن التعبير عنها .
يؤكد المخرجون عموماً السعة في صورهم لأنهم يرغبون بالذات أن يتجنبوا المسحة التجريدية المسطحة في تكويناتهم .
يركب صانعو الأفلام في أغلب الأحوال تشكيلاتهم في الأقل على ثلاثة مستويات الأمامية والخلفية والوسط. إن هذا الأسلوب لا يعطينا الإحساس بالعمق وحسب بل يمكن أن يغير جذرياً التباين الطاغي في الصورة ويقوم بوظيفة الخصلة المؤهلة بشكل دقيق أو بشكل بارز جداً. على سبيل المثال عندما نضع جسمها في وسط التكوين فإن كل ما يوضع في مقدمة الصورة سوف يعلق على الجسم بطريقة ما (۲ - ۱۸) بعض الأوراق مثلاً يحتمل أن توحي بتمازج طبيعي معين مع الطبيعة الكثير من اللقطات الخاصة بالبطل في فلم جورج روي المعنون بوج كاسيدي وفتى قصة الشمس مصورة بهذه الطريقة . ويمكن لستارة شفافة في مقدمة الصورة أن توحي بالغموض والإنحراف والأنوثة. تقاطع اجزاء الشباك المعدنية يمكن أن توحي بالإنقسام الذاتي وهكذا. والمبدأ نفسه ينطبق على خلفية الصورة رغم أن الأشياء التي توضع في هذه المناطق تميل إلى التراجع في السيطرة أمام مديات وسط وأمامية الصورة.
ومن أبسط القرارات ومع ذلك اشدها حسما التي على المخرج أن يتخذها هو أية لقطة نستخدمها للمواد المراد تصويرها. بعبارة أخرى كم من التفاصيل يجب إدراجها ضمن الإطار؟ كم يجب الموضوع، وهي طريقة ثانية لكي نقول كم يجب أن تقترب من الموضوع طالما أن عين المشاهد تميل إلى الإقتران بعدسة آلة التصوير. هذه ليست مشاكل عابرة إذ إن كمية الفراغ الداخل ضمن الإطار يمكن أن تؤثر جذرياً في استجابتنا للمادة المصورة. يمكن للمخرج أن يستخدم العديد من مع أي موضوع يراد تصويره وكل منها قد تظهر أو لا تظهر كمية معلومة من الفضاء المحيط به. ولكن كم من الفضاء هو القدر الصحيح في اللقطة؟ وما القدر الأكثر من اللازم أو الأقل من اللازم؟ إن الفضاء هو وسيلة تعبير والطريقة التي نستجيب بها إلى الموجودات والأجسام ضمن مساحة معلومة هي مصدر ثابت للمعلومات في الحياة وكذلك في الفن. في كل المواقف الإجتماعية تقريباً نقوم باستقبال وإرسال إشارات تتعلق باستخدامنا للفضاء وللناس الذين يتقاسمونه . تزداد يقظتنا بصورة غريزية كلما شعرنا بأن أعرافاً اجتماعية معينة تخص الفضاء قد تمت مخالفتها (۲ - ۱۹). عندما يدخل الناس دار السينما مثلاً فإنهم يجلسون أنفسهم على مسافات مناسبة من بعضهم بعضاً. ولكن ما هو «المناسب»؟ ومن أو ماذا يعرف هذا المناسب؟ لماذا نشعر بأننا مهددون عندما يتخذ شخص ما مقعده إلى جوارنا في مسرح خال تقريباً؟ على أية حال المقعد ليس ملكنا وقد دفع الشخص الآخر مقابل امتياز الجلوس أينما شاء. إنه غير معقول أن نشعر بالقلق في مثل هذا الموقف أم هل أن ذلك رد فعل غريزي عادي؟
لقد قام عدد من علماء النفس والأنثروبولوجي بدراسة هذه الاسئلة وغيرها بضمنهم كونراد لونز و روبرت سومرز و ادوارد هال ورغم أن القليل من نقاد السينما كان قد اهتم بمثل هذه الاكتشافات الأنثروبولوجية إلا أنها يمكن أن تكون ذات دلالة خاصة في الكشف عن كيفية استخدام الفراغ في السينما. يناقش لورنز في دراسته حول الاعتداء مثلاً كيف أن أغلب الحيوانات وبضمنها الإنسان هي حيوانات (جغرافية). بعبارة أخرى أنهم يتشبثون .
تعليق