حقب رابع
The Quaternary Period - Le Quaternaire
الحقب الرابع
الحقب الرابع Quaternary أقصر الأزمنة الجيولوجية وأحدثها، وهو أيضاً رابع حقب من أحقابها بحسب التقسيم الذي وضعه أردينو Arduino عام 1759، كما أنّه الدور الثاني من حقب السينوزوي (زمن الحياة الحديثة) Cenozoic أو الكاينوزوي Kainozoic بحسب التقسيم الذي وضعه فيليبس Philips عام 1818. ولحدوث معظم مراحل تطوّر الإنسان في هذا الدور اقترح أحد المؤلفين تسميته بدور الأنتروبوجين Anthropogene period.
اتخذ توزّع القارات والمحيطات شكله الحالي تقريباً في الحقب الرابع، ولو أنّ صفيحات الغلاف الصخري plates lithospheric ماتزال تتحرّك مبتعدة أو متقربة بعضها من بعض، فقد بيّنت التحريات الحديثة مثلاً أن قارة أمريكا الجنوبية تبتعد في الوقت الحاضر عن إفريقيا بمعدّل5سم/سنة.
وما يميّز هذا الحقب هو حصول دورات متعددة من التغيرات المناخية، أفضى بعضها إلى أحداثٍ، أدّت إلى تشكيل جليديات واسعة الانتشار على الكرة الأرضية، أثّرت هذه الدورات المناخية وما نجم عنها من جليديات وفترات جفاف في العمليات الجيولوجية والأنظمة الترسيبية، كما أثّرت على التضاريس السطحية وعلى المجموعات الحيوانية والنباتية في البحار وعلى اليابسة.
إن فهم الحقب الرابع وبيئاته وظروفه المناخية مهمّ جداً لتفسير الماضي الجيولوجي وتوقّع ما سيحدث في المستقبل.
بدأ الحقب الرابع قبل 1.6 مليون سنة تقريباً، وقُسِّم إلى: عصر البلَيْستوسين Pleistocene، وعصر الهولوسين Holocene الذي يمثّل الفترة الأخيرة والحالية التي بدأت قبل 100.000 سنة تقريباً.
إنّ أكثر ما يُعرف عن عصر البليستوسين أنّه «عصر الجليد الأعظم Great Ice Age» تشكّلت فيه بصورة متكرّرة أغطية جليدية واسعة الامتداد وجليديات أخرى. ومع ذلك بيّنت الأبحاث الحديثة أن جليديات كبرى تشكلت أيضاً قبل البليستوسين في القسم الأخير من الحقب الثالث، وكذلك في أزمنة جيولوجية أقدم بكثير مثل جليديات أدوار الحقب الأول.
حصل في بداية البليستوسين انحسار بحري عام، نتيجة لتبرّد المناخ التدريجي، وأدى في البليستوسين الأوسط إلى تغطية مساحات واسعة من القارات بأغطية جليدية بلغت ثخانتها أكثر من ثلاثة آلاف متر، وامتدت نحو مواقع من الكرة الأرضية تقع على خطوط عرض ذات قيم متوسطة 40 ْ-60 ْ وتدلّ الرواسب الجليدية التي خلّفتها هذه الأغطية بعد ذوبانها، والتي تدعى الركام الجليدي، على مدى انتشارها وامتدادها. لقد قُدّرت المساحة التي غطاها الجليد في البليستوسين في أمريكا الشمالية بنحو 13 مليون كم2. وقدّرت أيضاً المساحة في شمال أوراسيا بنحو 7 ملايين كم2، حيث وصل الجليد إلى مشارف لندن وأمستردام ووسط ألمانيا وإلى جنوبي روسيا الأوربية، وامتد نحو الشمال وغطّى المحيط الشمالي بغطاء ثخين من الجليد، وما يزال يغطي معظم مساحته في العصر الحالي. وفي الوقت نفسه غطّت جليديات محلية قمم السلاسل الجبلية العالية والوديان المحيطة بها، يذكر منها على سبيل المثال جبال الروكي في غربي الولايات المتحدة وجبال الألب في أوربا وجبال الهمالايا في جنوبي آسيا.
أمّا في نصف الكرة الجنوبي فقد غطّت جليديات البليستوسين سلاسل الجبال العالية، كجبال كليمنجارو في إفريقيا الوسطى والقسم الجنوبي من جبال الأنديز، غربي أمريكا الجنوبية، وفي جبال أستراليا وجنوبي جزيرة نيوزيلندا. كما غطّى الجليد قارة القطب الجنوبي، هذا الجليد الذي ما زال يغطيها ويغطي بعض القمم العالية من السلاسل الجبلية المذكورة، حتى بعد أن تراجعت جليديات البليستوسين إلى جليديات العصر الحالي.
قدّرت المساحة التي غطتها الجليديات في البليستوسين بنحو 30% من المساحات القارية، وهي مساحة أكبر بثلاث مرات من مساحة الجليديات التي تغطي جميع الأراضي القارية في العصر الحالي.
التعرُّف على الفترات الجليدية وبين الجليدية من الرواسب القارية
أدّت التحريات التي أجريت على رواسب الطفل الجليدي tillite في بداية هذا القرن إلى تمييز أربع فترات جليدية في أوربا، يبدو أنّها تتوافق مع الفترات الجليدية الأربعة في أمريكا الشمالية. أمّا في جبال الألب فقد أمكن تمييز ست فترات جليدية.علماً أن تمييز هذه الفترات من الصعوبة بمكان، لأنّ كل جليدية خرّبت آثار الجليدية التي حدثت قبلها وطمست معالمها، وأصبح تعرُّف صخورها الخاصة بها أكثر صعوبة . وعلى هذا الأساس فإنّ ما بقي دون تخريب هو رواسب أحدث الفترات الجليدية التي انتهت قبل نحو 10000 سنة وأمكن ملاحظتها ودراستها بتفصيل أفضل من رواسب الأغطية الجليدية الأقدم .
التعرّّّف على الفترات الجليدية وبين الجليدية من الرواسب البحرية
بيّنت الأبحاث الحديثة التي استندت إلى دراسة الرواسب البحرية التي ترسبت في البليستوسين، أنّها أجدى وأدق في توضيح طبقية البليستوسين وحدوده العليا والسفلى وفتراته الجليدية وبين الجليدية، من دراسة الركام الجليدي، كما في منطقة كالابرية بجنوبي إيطالية. وقد استخدمت، إضافة إلى التغيّرات المناخية وظهور أول مستحاثة متكيّفة مع المناخ البارد، معايير أخرى لتحديد هذه الحدود، تتضمن ظهور بعض المستحاثات الفقرية في أوربا أو ظهور وانقراض بعض المستحاثات المجهرية في رواسب البحار.
اعتمدت هذه الأبحاث على دراسة القُوارات cores الصخرية المستخرجة من السبور العميقة، التي حفرت في قيعان البحار والمحيطات. وقد أعطت هذه الصخور وما تحويه من مستحاثات سجلاً مستمراً تقريباً لتغيّرات درجة الحرارة والمناخ، الذي كان سائداً في البليستوسين.
وقد وُجِدَ أن بعض أنواع المنخربات تكيّفت للعيش في مياه باردة وأخرى في مياه دافئة، كما أنّ التفاف قواقع أفراد النوع الواحد تختلف أيضاً بحسب درجة حرارة مياه البحر. وجد الباحثون أيضاً أنّ كربونات الكلسيوم CaCO3 التي تفرزها هذه المنخربات لبناء قواقعها تختلف فيها نسبة محتواها من الأكسجين16 (O16) أو من الاكسجين18 (O18) الذي هو نظير للأكسجين16، وذلك بحسب الفترات الجليدية وبين الجليدية، إذ لاحظ هؤلاء الباحثون أنّه عندما تتحوّل كميات كبيرة من مياه البحر بعد تبخرها إلى ثلوج وتسقط على القارات لتُختزن لآلاف السنين على شكل جليديات، تصبح نسبة الأكسجين 16 (لتبخره الأسهل من تبخّر الأكسجين 18 الثقيل نسبياً) في مياه البحر أقل ممّا كانت عليه في الفترات بين الجليدية.
الأحداث الجيولوجية التي رافقت تكوّن الجليديات في البليستوسين
رافقت الفترات الجليدية وبين الجليدية التي حصلت في القطبين والمناطق المجاورة في البليستوسين أحداث مهمة، حدثت في مناطق الجليديات وفي المناطق الأخرى من العالم نتيجة التغيرات المناخية، نذكر أهمها:
ـ حصول خسف بعض مواقع القشرة الأرضية التي تعرّضت إلى وطأة ثقل الجليديات الثخينة المتراكمة، وحصول (بعد ذوبانها وتراجعها في عصر الهولوسين) ارتفاع تدريجي بمعدّل 13م كل ألف سنة، أدى إلى تكشّف الرواسب قرب الشاطئية.
ـ انجراف للترب الزراعية، أدى إلى تكشّف صخر الأساس على السطح، وحرمان المناطق التي حصل فيها الانجراف من تربتها الزراعية.
ـ تعرّض سطوح الصخور التي كانت تسير فوقها الجليديات للتآكل والصقل والتحزيز، وهي أدلة مفيدة جداً يستخدمها الجيولوجيون للتعرّف على وجود الجليديات القديمة واتجاهات سيرها ومدى انتشارها.
ـ تراكم الرواسب التي نقلتها الجليديات القديمة وتجمّعها على الأطراف التي وصلت إليها قبل ذوبانها، وهي رواسب غير متجانسة ناعمة وخشنة مع أحجار مختلفة الحجوم، تعرف بالركّام الجليدي الذي يميّز رواسب الجليديات من غيرها من الرواسب الأخرى.
ـ نقل كميات هائلة من رواسب الجليديات المؤلفة من الحصى والرمال والغرين silt والغضار clay بالمياه الناتجة من ذوبان الجليديات عبر الوديان والمجاري المائية إلى البحار.
ـ تشكيل بحيرات ضخمة خلّفتها الجليديات وراءها، بعد تراجعها وذوبانها في الهولوسين، كما في أمريكا الشمالية وشمالي أوربا.
ـ تغيّرات مستوى البحار والمحيطات، مما أدى إلى انحسارات نتيجة تكوّن الجليديات، وتجاوزات بحرية نتيجة ذوبان أجزاء منها. فالانحسارات، أي هبوط مستوى البحار في الفترات الجليدية، أدّت إلى بروز جسور قارية سَهَّلت هجرة الحيوانات البرية والإنسان إلى مختلف القارات، كما حدث بين سيبيرية وآلاسكة عبر مضيق برنغ (بهرنغ)، وبين أوربا والجزر البريطانية، وبين أوربا وإفريقيا عبر مضيق جبل طارق، . وكذلك أدت أيضاً إلى بروز جسور قارية بين آسيا وجزر جنوب شرقي آسيا وبين أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية عبر بنما.
أمّا التجاوزات البحرية، أي ارتفاع مستوى البحار في الفترات بين الجليدية (فترات دفء)، فكانت تؤدّي إلى غمر هذه الجسور وتوقّف هجرة الحيوانات البرية (كما حصل في الهولوسين)، غير أنّ هذه التجاوزات سهّلت، من جهة أخرى، انتقال الحيوانات البحرية بين البحار المتجاورة.
أمّا عصر الهولوسين أو العصر الحديث Recent، فيمثّل الفترة الأخيرة من الزمن الجيولوجي، الذي يغطي 10000 سنة الأخيرة تقريباً من التاريخ الجيولوجي. من المحتمل أنّنا نعيش اليوم في فترة بين جليدية (دفء) وسيعود، بعد عدة آلاف من السنين، الجليد ليغطي مرة أخرى المناطق التي كانت تغطيها الأغطية الجليدية البليستوسينية . وعلى هذا الأساس يعدّ الهولوسين أو العصر الحديث استمراراً لعصر البليستوسين من حيث توزع القارات والمحيطات والكائنات الحية، غير أنّ تراجع الجليديات إلى مواقعها الحالية خلّف الكثير من البحيرات الكبيرة في المناطق التي كانت تغطيها.
استمر في الهولوسين تصدّع بعض الطبقات في مناطق الجبال الحديثة التكوّن نتيجة لحصول زلازل مهمة، كما حصلت اندفاعات بركانية بجوار هذه السلاسل الجبلية انبثقت من شقوق أرضية أو من براكين لايزال بعضها في أوج نشاطه في العصر الحالي. كما تعرضت القشرة الأرضية في المناطق التي هبطت بتأثير ثقل الجليديات في البليستوسين إلى حركات توازنية isostasy، إذ بدأت بالنهوض بعد أن زال حملها من الجليديات وبالعودة إلى مواقعها الأصلية . ويتجلّى هذا النهوض في مناطق حول بحر البلطيق والقطب الشمالي وحول البحيرات الكبرى في أمريكا الشمالية، إذ ترتفع هذه المناطق بمعدّل 13 متراً كل ألف سنة.
ويبدو أنّ الذوبان الجزئي لآخر جليدية من جليديات البليستوسين أدّى إلى ارتفاع في مستوى البحار والمحيطات وإلى تجاوز بحري غمر الجسور القارية التي كانت موجودة في البليستوسين، وهذا ما سبّب انفصال الكتل القارية ببحار، نذكر منها مثلاً بحر برنغ (بهرنغ) وبحر المانش وبحر جاوة .
إن هذه الأحداث التي تمت في الهولوسين، ولاتزال تحدث، أعطت لجغرافية العالم شكلها الحالي. ولو افترضنا أنّ كلّ الجليديات الحالية قد ذابت في الهولوسين لارتفع مستوى البحار نحو 65 متراً، وهو ارتفاع يكون كافياً لتغيير شكل الشواطئ الحالية وغمر معظم المدن الشاطئية. ويبدو من الدراسات الحديثة أنّ هذا الافتراض يتحقّق اليوم إذ بيّنت هذه الدراسات أنّ الجبال الجليدية الحالية تتناقص في أحجامها، كما أنّ الجليديات الحالية تتراجع باتجاه القطبين وأنّ مستويات البحر ترتفع نحو 14سم/سنة.
المجموع الحيواني والنباتي في الحقب الرابع
كانت نباتات البليستوسين وحيواناته مشابهة في كثير من النواحي للنباتات والحيوانات التي تعيش في الوقت الحاضر، إلا أنها تختلف عنها في التوزع المكاني. فقد أدّى التغيّر في المناخ والبيئة إلى تكيّفات تطورية جديدة وإلى هجرات على نطاق واسع لأنماط المجموع الحيواني والنباتي إلى مناطق أكثر ملاءمة لحياتها، كما أدّى أحياناً إلى بعض حالات الانقراض. فقد انقرضت في نهاية البليستوسين، وحتى في الهولوسين، الثدييات الضخمة التي تكيّفت مع الأوضاع المناخية الباردة مثل الماموت الصوفي ووحيد القرن الصوفي والمستودون والمدرّع وغيرها من الحيوانات الأخرى، ولم يُعرف تماماً فيما إذا كان سبب الانقراض يعود إلى تغيّرات مناخية أو بسبب الصيد الجائر من قبل الإنسان.
والشيء الأهم في عصر البليستوسين هو تطوّر أنواع جنس الإنسان ووصولها إلى النوع الحالي:الإنسان العاقل Homo sapiens. فأفراد الجنس رامابيتكوس Ramapithecus التي تكيفت بسرعة إلى الوقفة المنتصبة وتطورت في البليوسين، أعطت، في البليستوسين، الجنس أُوسترالوبيتكوس Australopithecus. ويبدو أن هذا الجنس كان ذا وقفة منتصبة وجوف قحف صغير قدّر حجمه بنحو 600سم3 أي ثلث حجم قحف الإنسان الحالي، كما كان ترتيب أسنانه يشبه كثيراً ترتيب أسنان الإنسان الحالي، وهذا الجنس يمثّل المرحلة الأولى لتطور البشر . أمّا المرحلة الثانية فقد تمت بظهور نوع الإنسان المنتصب Homo erectus منذ مليون سنة إلى 500 ألف سنة، وتتميّز أفراده بجوف قحف أكبر قدّر بنحو 775-1300سم3. انتشر أفراد هذا الجنس في البليستوسين الأوسط في أوربا وإفريقيا وتحسنت بالتدريج قدراتها على صنع الأدوات الصوانية. ويبدو أنّ أفراد هذا النوع قد عرفوا استخدام النار التي كانت مهمة جداً بالنسبة إلى أفراد البشر الذين عاشوا في البليستوسين، فَوَفَّرَت لهم النور الصادر عن النار، والحماية في الليل، وسهّلت لهم اللجوء إلى الكهوف والمغاور التي كانت تسكنها فقط الدببة وغيرها من الوحوش . لقد أصبح التفتيش عن هذه الكهوف الهدف الرئيس لعلماء البشر الذين يهتمون بدراسة أجداد الإنسان وأسلافه. والشيء الأهم هو أنّ النار قدّمت الدفء للإنسان وجعلت معيشته ممكنة في مناطق أكثر برودة من المناطق التي اعتاد أن يعيش فيها في المناطق المدارية.
ويبدو أنّ البليستوسين الأعلى يمثّل الفترة التي انتشرت فيها أفراد الإنسان العاقل Homo sapiens وخاصة أفراد الإنسان العاقل النياندرتالي Neanderthalensis، إذ اكتشفت بقايا كثيرة من أفراده في مواقع متعددة من أوربا والشرق الأوسط وإفريقيا. وكانت جمجمة الفرد في هذه المجموعة أغلظ من جمجمة الإنسان الحالي وجبهته أقل بروزاً، بينما كانت أقواس حاجبيه أكثر بروزاً. غير أنّ جوف القحف في إنسان نياندرتال كان مماثلاً تقريباً لأفراد الإنسان الحالي . وتدل الأدوات الصوّانية التي استخدمها على أنها جيدة الصنع وأكثر تطوراً من أدوات الإنسان المنتصب القامة.
أمّا الإنسان العاقل الذي يُمَثِّلُه الإنسان الحالي، فيبدو أنه ظهر في المرحلة الجليدية الثانية من البليستوسين، وتدلّ أدواته التي صنّعها من أحجار الصوّان والعظام إضافة إلى الرسوم الجدارية، على ذكائه ومهاراته المثيرة . إنّ الأدوات الصوّانية التي صنّعها أفراد الإنسان في تاريخه الطويل، والتي حفظت في رواسب الحقب الرابع، إلى جانب هياكله أو عظامه، تدل على تسلسل أحداث حضارية مكّنت من إيجاد علاقة بينها وبين تطوره، ولذلك فقد ميّز علماء البشر، استناداً إلى هذه الأدوات الصوّانية، ثلاثة عهود رئيسة في تطوّر الإنسان الحضاري، وهي العهد الحجري القديم (الباليـلوليتي) Paleolithic والعهد الحجري الحديث (النيوليتي) Neolithic، وعهد الفلزات حيث صنّع أدواته من النحاس والبرونز، وفيما بعد من الحديد منذ 5 آلاف من السنين، وعند هذا التاريخ تنتهي مهمة الجيولوجي لتبدأ مهمة عالم الآثار ومن بعده عالم التاريخ.
فؤاد العجل
The Quaternary Period - Le Quaternaire
الحقب الرابع
الحقب الرابع Quaternary أقصر الأزمنة الجيولوجية وأحدثها، وهو أيضاً رابع حقب من أحقابها بحسب التقسيم الذي وضعه أردينو Arduino عام 1759، كما أنّه الدور الثاني من حقب السينوزوي (زمن الحياة الحديثة) Cenozoic أو الكاينوزوي Kainozoic بحسب التقسيم الذي وضعه فيليبس Philips عام 1818. ولحدوث معظم مراحل تطوّر الإنسان في هذا الدور اقترح أحد المؤلفين تسميته بدور الأنتروبوجين Anthropogene period.
اتخذ توزّع القارات والمحيطات شكله الحالي تقريباً في الحقب الرابع، ولو أنّ صفيحات الغلاف الصخري plates lithospheric ماتزال تتحرّك مبتعدة أو متقربة بعضها من بعض، فقد بيّنت التحريات الحديثة مثلاً أن قارة أمريكا الجنوبية تبتعد في الوقت الحاضر عن إفريقيا بمعدّل5سم/سنة.
وما يميّز هذا الحقب هو حصول دورات متعددة من التغيرات المناخية، أفضى بعضها إلى أحداثٍ، أدّت إلى تشكيل جليديات واسعة الانتشار على الكرة الأرضية، أثّرت هذه الدورات المناخية وما نجم عنها من جليديات وفترات جفاف في العمليات الجيولوجية والأنظمة الترسيبية، كما أثّرت على التضاريس السطحية وعلى المجموعات الحيوانية والنباتية في البحار وعلى اليابسة.
إن فهم الحقب الرابع وبيئاته وظروفه المناخية مهمّ جداً لتفسير الماضي الجيولوجي وتوقّع ما سيحدث في المستقبل.
بدأ الحقب الرابع قبل 1.6 مليون سنة تقريباً، وقُسِّم إلى: عصر البلَيْستوسين Pleistocene، وعصر الهولوسين Holocene الذي يمثّل الفترة الأخيرة والحالية التي بدأت قبل 100.000 سنة تقريباً.
إنّ أكثر ما يُعرف عن عصر البليستوسين أنّه «عصر الجليد الأعظم Great Ice Age» تشكّلت فيه بصورة متكرّرة أغطية جليدية واسعة الامتداد وجليديات أخرى. ومع ذلك بيّنت الأبحاث الحديثة أن جليديات كبرى تشكلت أيضاً قبل البليستوسين في القسم الأخير من الحقب الثالث، وكذلك في أزمنة جيولوجية أقدم بكثير مثل جليديات أدوار الحقب الأول.
حصل في بداية البليستوسين انحسار بحري عام، نتيجة لتبرّد المناخ التدريجي، وأدى في البليستوسين الأوسط إلى تغطية مساحات واسعة من القارات بأغطية جليدية بلغت ثخانتها أكثر من ثلاثة آلاف متر، وامتدت نحو مواقع من الكرة الأرضية تقع على خطوط عرض ذات قيم متوسطة 40 ْ-60 ْ وتدلّ الرواسب الجليدية التي خلّفتها هذه الأغطية بعد ذوبانها، والتي تدعى الركام الجليدي، على مدى انتشارها وامتدادها. لقد قُدّرت المساحة التي غطاها الجليد في البليستوسين في أمريكا الشمالية بنحو 13 مليون كم2. وقدّرت أيضاً المساحة في شمال أوراسيا بنحو 7 ملايين كم2، حيث وصل الجليد إلى مشارف لندن وأمستردام ووسط ألمانيا وإلى جنوبي روسيا الأوربية، وامتد نحو الشمال وغطّى المحيط الشمالي بغطاء ثخين من الجليد، وما يزال يغطي معظم مساحته في العصر الحالي. وفي الوقت نفسه غطّت جليديات محلية قمم السلاسل الجبلية العالية والوديان المحيطة بها، يذكر منها على سبيل المثال جبال الروكي في غربي الولايات المتحدة وجبال الألب في أوربا وجبال الهمالايا في جنوبي آسيا.
أمّا في نصف الكرة الجنوبي فقد غطّت جليديات البليستوسين سلاسل الجبال العالية، كجبال كليمنجارو في إفريقيا الوسطى والقسم الجنوبي من جبال الأنديز، غربي أمريكا الجنوبية، وفي جبال أستراليا وجنوبي جزيرة نيوزيلندا. كما غطّى الجليد قارة القطب الجنوبي، هذا الجليد الذي ما زال يغطيها ويغطي بعض القمم العالية من السلاسل الجبلية المذكورة، حتى بعد أن تراجعت جليديات البليستوسين إلى جليديات العصر الحالي.
قدّرت المساحة التي غطتها الجليديات في البليستوسين بنحو 30% من المساحات القارية، وهي مساحة أكبر بثلاث مرات من مساحة الجليديات التي تغطي جميع الأراضي القارية في العصر الحالي.
التعرُّف على الفترات الجليدية وبين الجليدية من الرواسب القارية
أدّت التحريات التي أجريت على رواسب الطفل الجليدي tillite في بداية هذا القرن إلى تمييز أربع فترات جليدية في أوربا، يبدو أنّها تتوافق مع الفترات الجليدية الأربعة في أمريكا الشمالية. أمّا في جبال الألب فقد أمكن تمييز ست فترات جليدية.علماً أن تمييز هذه الفترات من الصعوبة بمكان، لأنّ كل جليدية خرّبت آثار الجليدية التي حدثت قبلها وطمست معالمها، وأصبح تعرُّف صخورها الخاصة بها أكثر صعوبة . وعلى هذا الأساس فإنّ ما بقي دون تخريب هو رواسب أحدث الفترات الجليدية التي انتهت قبل نحو 10000 سنة وأمكن ملاحظتها ودراستها بتفصيل أفضل من رواسب الأغطية الجليدية الأقدم .
التعرّّّف على الفترات الجليدية وبين الجليدية من الرواسب البحرية
بيّنت الأبحاث الحديثة التي استندت إلى دراسة الرواسب البحرية التي ترسبت في البليستوسين، أنّها أجدى وأدق في توضيح طبقية البليستوسين وحدوده العليا والسفلى وفتراته الجليدية وبين الجليدية، من دراسة الركام الجليدي، كما في منطقة كالابرية بجنوبي إيطالية. وقد استخدمت، إضافة إلى التغيّرات المناخية وظهور أول مستحاثة متكيّفة مع المناخ البارد، معايير أخرى لتحديد هذه الحدود، تتضمن ظهور بعض المستحاثات الفقرية في أوربا أو ظهور وانقراض بعض المستحاثات المجهرية في رواسب البحار.
اعتمدت هذه الأبحاث على دراسة القُوارات cores الصخرية المستخرجة من السبور العميقة، التي حفرت في قيعان البحار والمحيطات. وقد أعطت هذه الصخور وما تحويه من مستحاثات سجلاً مستمراً تقريباً لتغيّرات درجة الحرارة والمناخ، الذي كان سائداً في البليستوسين.
وقد وُجِدَ أن بعض أنواع المنخربات تكيّفت للعيش في مياه باردة وأخرى في مياه دافئة، كما أنّ التفاف قواقع أفراد النوع الواحد تختلف أيضاً بحسب درجة حرارة مياه البحر. وجد الباحثون أيضاً أنّ كربونات الكلسيوم CaCO3 التي تفرزها هذه المنخربات لبناء قواقعها تختلف فيها نسبة محتواها من الأكسجين16 (O16) أو من الاكسجين18 (O18) الذي هو نظير للأكسجين16، وذلك بحسب الفترات الجليدية وبين الجليدية، إذ لاحظ هؤلاء الباحثون أنّه عندما تتحوّل كميات كبيرة من مياه البحر بعد تبخرها إلى ثلوج وتسقط على القارات لتُختزن لآلاف السنين على شكل جليديات، تصبح نسبة الأكسجين 16 (لتبخره الأسهل من تبخّر الأكسجين 18 الثقيل نسبياً) في مياه البحر أقل ممّا كانت عليه في الفترات بين الجليدية.
الأحداث الجيولوجية التي رافقت تكوّن الجليديات في البليستوسين
رافقت الفترات الجليدية وبين الجليدية التي حصلت في القطبين والمناطق المجاورة في البليستوسين أحداث مهمة، حدثت في مناطق الجليديات وفي المناطق الأخرى من العالم نتيجة التغيرات المناخية، نذكر أهمها:
ـ حصول خسف بعض مواقع القشرة الأرضية التي تعرّضت إلى وطأة ثقل الجليديات الثخينة المتراكمة، وحصول (بعد ذوبانها وتراجعها في عصر الهولوسين) ارتفاع تدريجي بمعدّل 13م كل ألف سنة، أدى إلى تكشّف الرواسب قرب الشاطئية.
ـ انجراف للترب الزراعية، أدى إلى تكشّف صخر الأساس على السطح، وحرمان المناطق التي حصل فيها الانجراف من تربتها الزراعية.
ـ تعرّض سطوح الصخور التي كانت تسير فوقها الجليديات للتآكل والصقل والتحزيز، وهي أدلة مفيدة جداً يستخدمها الجيولوجيون للتعرّف على وجود الجليديات القديمة واتجاهات سيرها ومدى انتشارها.
ـ تراكم الرواسب التي نقلتها الجليديات القديمة وتجمّعها على الأطراف التي وصلت إليها قبل ذوبانها، وهي رواسب غير متجانسة ناعمة وخشنة مع أحجار مختلفة الحجوم، تعرف بالركّام الجليدي الذي يميّز رواسب الجليديات من غيرها من الرواسب الأخرى.
ـ نقل كميات هائلة من رواسب الجليديات المؤلفة من الحصى والرمال والغرين silt والغضار clay بالمياه الناتجة من ذوبان الجليديات عبر الوديان والمجاري المائية إلى البحار.
ـ تشكيل بحيرات ضخمة خلّفتها الجليديات وراءها، بعد تراجعها وذوبانها في الهولوسين، كما في أمريكا الشمالية وشمالي أوربا.
ـ تغيّرات مستوى البحار والمحيطات، مما أدى إلى انحسارات نتيجة تكوّن الجليديات، وتجاوزات بحرية نتيجة ذوبان أجزاء منها. فالانحسارات، أي هبوط مستوى البحار في الفترات الجليدية، أدّت إلى بروز جسور قارية سَهَّلت هجرة الحيوانات البرية والإنسان إلى مختلف القارات، كما حدث بين سيبيرية وآلاسكة عبر مضيق برنغ (بهرنغ)، وبين أوربا والجزر البريطانية، وبين أوربا وإفريقيا عبر مضيق جبل طارق، . وكذلك أدت أيضاً إلى بروز جسور قارية بين آسيا وجزر جنوب شرقي آسيا وبين أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية عبر بنما.
أمّا التجاوزات البحرية، أي ارتفاع مستوى البحار في الفترات بين الجليدية (فترات دفء)، فكانت تؤدّي إلى غمر هذه الجسور وتوقّف هجرة الحيوانات البرية (كما حصل في الهولوسين)، غير أنّ هذه التجاوزات سهّلت، من جهة أخرى، انتقال الحيوانات البحرية بين البحار المتجاورة.
أمّا عصر الهولوسين أو العصر الحديث Recent، فيمثّل الفترة الأخيرة من الزمن الجيولوجي، الذي يغطي 10000 سنة الأخيرة تقريباً من التاريخ الجيولوجي. من المحتمل أنّنا نعيش اليوم في فترة بين جليدية (دفء) وسيعود، بعد عدة آلاف من السنين، الجليد ليغطي مرة أخرى المناطق التي كانت تغطيها الأغطية الجليدية البليستوسينية . وعلى هذا الأساس يعدّ الهولوسين أو العصر الحديث استمراراً لعصر البليستوسين من حيث توزع القارات والمحيطات والكائنات الحية، غير أنّ تراجع الجليديات إلى مواقعها الحالية خلّف الكثير من البحيرات الكبيرة في المناطق التي كانت تغطيها.
استمر في الهولوسين تصدّع بعض الطبقات في مناطق الجبال الحديثة التكوّن نتيجة لحصول زلازل مهمة، كما حصلت اندفاعات بركانية بجوار هذه السلاسل الجبلية انبثقت من شقوق أرضية أو من براكين لايزال بعضها في أوج نشاطه في العصر الحالي. كما تعرضت القشرة الأرضية في المناطق التي هبطت بتأثير ثقل الجليديات في البليستوسين إلى حركات توازنية isostasy، إذ بدأت بالنهوض بعد أن زال حملها من الجليديات وبالعودة إلى مواقعها الأصلية . ويتجلّى هذا النهوض في مناطق حول بحر البلطيق والقطب الشمالي وحول البحيرات الكبرى في أمريكا الشمالية، إذ ترتفع هذه المناطق بمعدّل 13 متراً كل ألف سنة.
ويبدو أنّ الذوبان الجزئي لآخر جليدية من جليديات البليستوسين أدّى إلى ارتفاع في مستوى البحار والمحيطات وإلى تجاوز بحري غمر الجسور القارية التي كانت موجودة في البليستوسين، وهذا ما سبّب انفصال الكتل القارية ببحار، نذكر منها مثلاً بحر برنغ (بهرنغ) وبحر المانش وبحر جاوة .
إن هذه الأحداث التي تمت في الهولوسين، ولاتزال تحدث، أعطت لجغرافية العالم شكلها الحالي. ولو افترضنا أنّ كلّ الجليديات الحالية قد ذابت في الهولوسين لارتفع مستوى البحار نحو 65 متراً، وهو ارتفاع يكون كافياً لتغيير شكل الشواطئ الحالية وغمر معظم المدن الشاطئية. ويبدو من الدراسات الحديثة أنّ هذا الافتراض يتحقّق اليوم إذ بيّنت هذه الدراسات أنّ الجبال الجليدية الحالية تتناقص في أحجامها، كما أنّ الجليديات الحالية تتراجع باتجاه القطبين وأنّ مستويات البحر ترتفع نحو 14سم/سنة.
المجموع الحيواني والنباتي في الحقب الرابع
كانت نباتات البليستوسين وحيواناته مشابهة في كثير من النواحي للنباتات والحيوانات التي تعيش في الوقت الحاضر، إلا أنها تختلف عنها في التوزع المكاني. فقد أدّى التغيّر في المناخ والبيئة إلى تكيّفات تطورية جديدة وإلى هجرات على نطاق واسع لأنماط المجموع الحيواني والنباتي إلى مناطق أكثر ملاءمة لحياتها، كما أدّى أحياناً إلى بعض حالات الانقراض. فقد انقرضت في نهاية البليستوسين، وحتى في الهولوسين، الثدييات الضخمة التي تكيّفت مع الأوضاع المناخية الباردة مثل الماموت الصوفي ووحيد القرن الصوفي والمستودون والمدرّع وغيرها من الحيوانات الأخرى، ولم يُعرف تماماً فيما إذا كان سبب الانقراض يعود إلى تغيّرات مناخية أو بسبب الصيد الجائر من قبل الإنسان.
والشيء الأهم في عصر البليستوسين هو تطوّر أنواع جنس الإنسان ووصولها إلى النوع الحالي:الإنسان العاقل Homo sapiens. فأفراد الجنس رامابيتكوس Ramapithecus التي تكيفت بسرعة إلى الوقفة المنتصبة وتطورت في البليوسين، أعطت، في البليستوسين، الجنس أُوسترالوبيتكوس Australopithecus. ويبدو أن هذا الجنس كان ذا وقفة منتصبة وجوف قحف صغير قدّر حجمه بنحو 600سم3 أي ثلث حجم قحف الإنسان الحالي، كما كان ترتيب أسنانه يشبه كثيراً ترتيب أسنان الإنسان الحالي، وهذا الجنس يمثّل المرحلة الأولى لتطور البشر . أمّا المرحلة الثانية فقد تمت بظهور نوع الإنسان المنتصب Homo erectus منذ مليون سنة إلى 500 ألف سنة، وتتميّز أفراده بجوف قحف أكبر قدّر بنحو 775-1300سم3. انتشر أفراد هذا الجنس في البليستوسين الأوسط في أوربا وإفريقيا وتحسنت بالتدريج قدراتها على صنع الأدوات الصوانية. ويبدو أنّ أفراد هذا النوع قد عرفوا استخدام النار التي كانت مهمة جداً بالنسبة إلى أفراد البشر الذين عاشوا في البليستوسين، فَوَفَّرَت لهم النور الصادر عن النار، والحماية في الليل، وسهّلت لهم اللجوء إلى الكهوف والمغاور التي كانت تسكنها فقط الدببة وغيرها من الوحوش . لقد أصبح التفتيش عن هذه الكهوف الهدف الرئيس لعلماء البشر الذين يهتمون بدراسة أجداد الإنسان وأسلافه. والشيء الأهم هو أنّ النار قدّمت الدفء للإنسان وجعلت معيشته ممكنة في مناطق أكثر برودة من المناطق التي اعتاد أن يعيش فيها في المناطق المدارية.
ويبدو أنّ البليستوسين الأعلى يمثّل الفترة التي انتشرت فيها أفراد الإنسان العاقل Homo sapiens وخاصة أفراد الإنسان العاقل النياندرتالي Neanderthalensis، إذ اكتشفت بقايا كثيرة من أفراده في مواقع متعددة من أوربا والشرق الأوسط وإفريقيا. وكانت جمجمة الفرد في هذه المجموعة أغلظ من جمجمة الإنسان الحالي وجبهته أقل بروزاً، بينما كانت أقواس حاجبيه أكثر بروزاً. غير أنّ جوف القحف في إنسان نياندرتال كان مماثلاً تقريباً لأفراد الإنسان الحالي . وتدل الأدوات الصوّانية التي استخدمها على أنها جيدة الصنع وأكثر تطوراً من أدوات الإنسان المنتصب القامة.
أمّا الإنسان العاقل الذي يُمَثِّلُه الإنسان الحالي، فيبدو أنه ظهر في المرحلة الجليدية الثانية من البليستوسين، وتدلّ أدواته التي صنّعها من أحجار الصوّان والعظام إضافة إلى الرسوم الجدارية، على ذكائه ومهاراته المثيرة . إنّ الأدوات الصوّانية التي صنّعها أفراد الإنسان في تاريخه الطويل، والتي حفظت في رواسب الحقب الرابع، إلى جانب هياكله أو عظامه، تدل على تسلسل أحداث حضارية مكّنت من إيجاد علاقة بينها وبين تطوره، ولذلك فقد ميّز علماء البشر، استناداً إلى هذه الأدوات الصوّانية، ثلاثة عهود رئيسة في تطوّر الإنسان الحضاري، وهي العهد الحجري القديم (الباليـلوليتي) Paleolithic والعهد الحجري الحديث (النيوليتي) Neolithic، وعهد الفلزات حيث صنّع أدواته من النحاس والبرونز، وفيما بعد من الحديد منذ 5 آلاف من السنين، وعند هذا التاريخ تنتهي مهمة الجيولوجي لتبدأ مهمة عالم الآثار ومن بعده عالم التاريخ.
فؤاد العجل