عقاد (عباس محمود)
Al-Aqad (Abbas Mahmoud-) - Al-Aqad (Abbas Mahmoud-)
العقَّاد (عباس محمود ـ)
(1306ـ 1383هـ/1889ـ 1964م)
عباس بن محمود بن إبراهيم بن مصطفى العقاد، ولد في أسوان، وأصل أبيه من دمياط، وكان جده يعمل في صناعة الحرير بالمحلة الكبرى فسمي عقاداً، وكان بعدئذٍ صرافاً لبلدة «أسنا» لكن والده جاء أسوان أميناً للمخطوطات، فتزوج ابنة عمر آغا الكردي أحد قادة محمد علي باشا الذين أرسلهم لتأديب ملك «شندي» على عصيانه.
حصل على الابتدائية سنة 1903م، وفي أثنائها زار مدرسته الإمام محمد عبده، فرأى دفتره، فبشره أن سيكون كاتباً، وعُين في سنة 1904م بمديرية قِنا، وكانت اللوائح لا تسمح بتثبيته، ثم نقل إلى الزقازيق، ثم ترك وظائف الدولة وعمل في الصحافة، وعُيّن بمجلس الفنون والآداب، وفي مجمع اللغة العربية بالقاهرة، ومجمعي بغداد ودمشق، وأجريت له عملية جراحية في إحدى عينيه سنة 1956م وهي سنة قبوله في المجمع، ومنح جائزة الدولة التقديرية سنة 1960.
لقي عدداً من الشخصيات التي تركت في نفسه حافزاً للعلم والقراءة، منها: أحمد الجداوي وكان من تلاميذ جمال الدين الأفغاني صديق أبيه، والشيخ محمد عبده، والشيخ عبد العزيز البشري، وجورجي زيدان، وعبد الحليم المصري، وأحمد الكاشف، وإبراهيم عبد القادر المازني، وعبد الرحمن شكري، ولقي مي زيادة، وعرف في صالونها أحمد لطفي السيد، وخليل مطران، وأحمد شوقي، وحافظ إبراهيم، وإسماعيل صبري، ومصطفى عبد الرازق، وطه حسين، ومصطفى صادق الرافعي، ومحمد مندور، وعامر العقاد، ومحمد خليفة التونسي، وطاهر الجبلاوي.
تألفت للعقاد رؤية لأحوال الأمم الحضارية، والعلاقة بين الغرب والشرق، فكان الغرب عنده متقدماً مادياً والشرق متقدماً روحياً لقوله:
«إني لا أقيس المدنية الغربية بعدد اختراعاتها، ولكن بالملكات التي أنتجتها، فهل بين هذه الملكات ما هو أعظم وأجلُّ وأرفعُ من الملكات التي أبدعت صناعات المدنيات الغابرة وعلومها وفنونها؟ إن كان ثمة فرقٌ فهو يسير جداً بالنسبة إلى غطرسة المدنية الغربية ودعاواها. وأنا أعتقدُ اعتقاداً جازماً أن القمة الروحية التي ارتقى إليها نسَّاك الشرق وفلاسفته لم يبلغها غربي ممن نعرفهم ونقرأ كتاباتهم، وأن هذا التقصير عيب كمين فيهم. و يكفي أن أوربا لم تنبت نبياً، وأنها عالة على الشرق في كل ما تدين به».
ولعل بشرى الإمام محمد عبده جعلته يقرأ كتباً كثيرة منها: «المستطرف في كل فن مستظرف»، وديوان البهاء زهير، وقصص ألف ليلة وليلة، ومنها مجلد من دائرة معارف البستاني، ومنها صحيفة «الأستاذ» لعبد الله نديم، وقد عارضها العقاد بصحيفة أسماها «التلميذ» كتبها بخط اليد ابتداءً، وكانت ساخرة بجدية عالية فقد كتب النديم في الأستاذ مقالاً بعنوان: «لو كنتم مثلنا لفعلتم فعلنا» فأجابه العقاد في التلميذ: «لو كنا مثلكم ما فعلنا فعلكم» فهي صحافة حوار الأجيال.
وفي حياة العقاد معارك أدبية جَعَلتْهُ نهمَ القراءة والكتابة، منها: معاركه مع الرافعي وموضوعها فكرة إعجاز القرآن، واللغة بين الإنسان والحيوان، ومع طه حسين حول فلسفة أبي العلاء المعري ورجعته، ومع الشاعر جميل صدقي الزهاوي في قضية الشاعر بين الملكة الفلسفية العلمية والملكة الشعرية، ومع محمود أمين العالم وعبد العظيم أنيس في قضية وحدة القصيدة العضوية ووحدتها الموضوعية ومعارك أخرى جمعها عامر العقاد في كتابه: «معارك العقاد الأدبية».
وقد قال الشعر ولم يتجاوز عشر سنوات، فكانت أول قصيدة مدح بها العلوم، إذ قال فيها:
عِلْمُ الحِسابِ لهُ مـزايا جَـمَّـةٌ
وبِـهِ يَزيدُ المرء في العِرفانِ
والنّحوُ قَنطرة العـلومِ جَميعها
وَمُبينُ غامضِها وخيرُ لسانِ
وكذلك الجُغرفيا هادية الفتى
لمسالكِ البلدانِ والـوديـانِ
وله دواوين شعرية منها: «يقظة الصباح» و«هج الظهيرة» و«أشباح الأصيل» و«شجان الليل» نشرها مجموعة سنة 1928م في أربعة أجزاء، وله «ما بعد البُعد».
وكان شعر العقاد ضارباً في الصنعة والعلم والتجريب بحظ وافر، إذ كان ينقح أشعاره بالحذف والتغيير والتبديل، وكان شعره موصوفاً بالغموض والترفع والعقلانية والتجديد في إطار من المحافظة على نحو ما يقول الأستاذ أحمد إبراهيم الشريف في كتابه المدخل إلى شعر العقاد.
إذا كان ما تقدم حسواً من حياته الحافلة فإن كتبه كثيرة ولها أبواب وفنون، فقد كتب في فن السيرة، له ولغيره من الشخصيات التاريخية.
أما القسم الأول فقد كتب فيه: «حياة قلم»، وكتاب «أنا»، و«عالم السدود والقيود»، و«سارة»، و«في بيتي»، ويمكن أن يضاف إلى هذه الكتب ما كتبه عامر العقاد في كتابه: «لمحات من حياة العقاد المجهولة»، لأنه جمع أكثرها مما كتب العقاد بقلمه من دون أن ينشر، وهو أقرب الناس إليه وأكثرهم ملازمة له.
وأما القسم الثاني فله جهتان: جهة العبقريات وجهة الشخصيات، إذ أحيا العقاد فن كتابة سيرة الآخر بقلم آخر، فاختار عبقرياته وشخصياته من التاريخ، فكتب: «عبقرية محمدr»، و«عبقرية الصديق»، و«عبقرية عمر»، و«عبقرية الإمام علي»، و«عبقرية خالد».
وله: «أبو الأنبياء»، و«حياة المسيح»، و«عثمان بن عفان»، و«فاطمة الزهراء والفاطميون»، و«الحسين أبو الشهداء»، و«معاوية بن أبي سفيان»، و«جحا الضاحك المضحك»، و«أبو نواس»، و«ابن الرومي»، و«أبو العلاء»، و«ابن رشد»، و«عبد الرحمن الكواكبي»، و«الإمام محمد عبده»، و«سعد زغلول»، و«محمد علي جناحي»، وغيرهم.
في الإسلاميات كتب كتباً كثيرة، منها: «الله»، و«إبليس»، و«الفلسفة القرآنية»، و«مطلع النور أو طوالع البعثة المحمدية»، و«الإنسان في القرآن»، و«المرأة في القرآن»، و«التفكير فريضة إسلامية»، و«الإسلام دعوة عالمية»، و«حقائق الإسلام وأباطيل خصومه»، و«الإسلام في القرن العشرين»، و«الإسلام لا شيوعية ولا استعمار»، و«ما يقال عن الإسلام».
وأتقن العقاد عدداً من اللغات الأجنبية منها الإنكليزية، وله كتب تتعلق بالترجمة منها «ألوان من القصة في الأدب ألأمريكي»، وله كتب سياسية منها «الصهيونية العالمية». ومن كتبه: «رجال عرفتهم» بناه على مقدمة، ودرس فيه عدداً من الشخصيات منها: علي يوسف، ومصطفى كامل، ومحمد فريد، ومصطفى لطفي المنفلوطي، ويعقوب صروف، وجميل صدقي الزهاوي.
وكان للعقاد فلسفة في كتابة التراجم عموماً ذكرها بقوله: «فالقاعدة في اختيار ترجمة ما للكتابة فيها أن تكون كتابتها لازمة لإبراز حقٍّ ضائعٍ أو حقيقة مجهولة، وتستوي في ذلك سير العلماء والنوابغ».
ومن كتبه أيضا كتاب «ردود وحدود»، وهو مقالات للعقاد تخيرت مما نشره في الرسالة لأحمد حسن الزيات، والكتاب يعكس صور النشاط الثقافي للعقاد بتعدد توجهاته.
ويمكن القول إن العقاد تناول المجتمع: ديناً وثقافة ونظاماً وقانوناً، والناس والكتب والأدباء والوطن والعرب والأمم بريشة قلمه فصب حبر نفسه عليها، واستولى عليها بقبضة عملاق.
عبد الكريم محمد حسين
Al-Aqad (Abbas Mahmoud-) - Al-Aqad (Abbas Mahmoud-)
العقَّاد (عباس محمود ـ)
(1306ـ 1383هـ/1889ـ 1964م)
حصل على الابتدائية سنة 1903م، وفي أثنائها زار مدرسته الإمام محمد عبده، فرأى دفتره، فبشره أن سيكون كاتباً، وعُين في سنة 1904م بمديرية قِنا، وكانت اللوائح لا تسمح بتثبيته، ثم نقل إلى الزقازيق، ثم ترك وظائف الدولة وعمل في الصحافة، وعُيّن بمجلس الفنون والآداب، وفي مجمع اللغة العربية بالقاهرة، ومجمعي بغداد ودمشق، وأجريت له عملية جراحية في إحدى عينيه سنة 1956م وهي سنة قبوله في المجمع، ومنح جائزة الدولة التقديرية سنة 1960.
لقي عدداً من الشخصيات التي تركت في نفسه حافزاً للعلم والقراءة، منها: أحمد الجداوي وكان من تلاميذ جمال الدين الأفغاني صديق أبيه، والشيخ محمد عبده، والشيخ عبد العزيز البشري، وجورجي زيدان، وعبد الحليم المصري، وأحمد الكاشف، وإبراهيم عبد القادر المازني، وعبد الرحمن شكري، ولقي مي زيادة، وعرف في صالونها أحمد لطفي السيد، وخليل مطران، وأحمد شوقي، وحافظ إبراهيم، وإسماعيل صبري، ومصطفى عبد الرازق، وطه حسين، ومصطفى صادق الرافعي، ومحمد مندور، وعامر العقاد، ومحمد خليفة التونسي، وطاهر الجبلاوي.
تألفت للعقاد رؤية لأحوال الأمم الحضارية، والعلاقة بين الغرب والشرق، فكان الغرب عنده متقدماً مادياً والشرق متقدماً روحياً لقوله:
«إني لا أقيس المدنية الغربية بعدد اختراعاتها، ولكن بالملكات التي أنتجتها، فهل بين هذه الملكات ما هو أعظم وأجلُّ وأرفعُ من الملكات التي أبدعت صناعات المدنيات الغابرة وعلومها وفنونها؟ إن كان ثمة فرقٌ فهو يسير جداً بالنسبة إلى غطرسة المدنية الغربية ودعاواها. وأنا أعتقدُ اعتقاداً جازماً أن القمة الروحية التي ارتقى إليها نسَّاك الشرق وفلاسفته لم يبلغها غربي ممن نعرفهم ونقرأ كتاباتهم، وأن هذا التقصير عيب كمين فيهم. و يكفي أن أوربا لم تنبت نبياً، وأنها عالة على الشرق في كل ما تدين به».
ولعل بشرى الإمام محمد عبده جعلته يقرأ كتباً كثيرة منها: «المستطرف في كل فن مستظرف»، وديوان البهاء زهير، وقصص ألف ليلة وليلة، ومنها مجلد من دائرة معارف البستاني، ومنها صحيفة «الأستاذ» لعبد الله نديم، وقد عارضها العقاد بصحيفة أسماها «التلميذ» كتبها بخط اليد ابتداءً، وكانت ساخرة بجدية عالية فقد كتب النديم في الأستاذ مقالاً بعنوان: «لو كنتم مثلنا لفعلتم فعلنا» فأجابه العقاد في التلميذ: «لو كنا مثلكم ما فعلنا فعلكم» فهي صحافة حوار الأجيال.
وفي حياة العقاد معارك أدبية جَعَلتْهُ نهمَ القراءة والكتابة، منها: معاركه مع الرافعي وموضوعها فكرة إعجاز القرآن، واللغة بين الإنسان والحيوان، ومع طه حسين حول فلسفة أبي العلاء المعري ورجعته، ومع الشاعر جميل صدقي الزهاوي في قضية الشاعر بين الملكة الفلسفية العلمية والملكة الشعرية، ومع محمود أمين العالم وعبد العظيم أنيس في قضية وحدة القصيدة العضوية ووحدتها الموضوعية ومعارك أخرى جمعها عامر العقاد في كتابه: «معارك العقاد الأدبية».
وقد قال الشعر ولم يتجاوز عشر سنوات، فكانت أول قصيدة مدح بها العلوم، إذ قال فيها:
عِلْمُ الحِسابِ لهُ مـزايا جَـمَّـةٌ
وبِـهِ يَزيدُ المرء في العِرفانِ
والنّحوُ قَنطرة العـلومِ جَميعها
وَمُبينُ غامضِها وخيرُ لسانِ
وكذلك الجُغرفيا هادية الفتى
لمسالكِ البلدانِ والـوديـانِ
وله دواوين شعرية منها: «يقظة الصباح» و«هج الظهيرة» و«أشباح الأصيل» و«شجان الليل» نشرها مجموعة سنة 1928م في أربعة أجزاء، وله «ما بعد البُعد».
وكان شعر العقاد ضارباً في الصنعة والعلم والتجريب بحظ وافر، إذ كان ينقح أشعاره بالحذف والتغيير والتبديل، وكان شعره موصوفاً بالغموض والترفع والعقلانية والتجديد في إطار من المحافظة على نحو ما يقول الأستاذ أحمد إبراهيم الشريف في كتابه المدخل إلى شعر العقاد.
إذا كان ما تقدم حسواً من حياته الحافلة فإن كتبه كثيرة ولها أبواب وفنون، فقد كتب في فن السيرة، له ولغيره من الشخصيات التاريخية.
أما القسم الأول فقد كتب فيه: «حياة قلم»، وكتاب «أنا»، و«عالم السدود والقيود»، و«سارة»، و«في بيتي»، ويمكن أن يضاف إلى هذه الكتب ما كتبه عامر العقاد في كتابه: «لمحات من حياة العقاد المجهولة»، لأنه جمع أكثرها مما كتب العقاد بقلمه من دون أن ينشر، وهو أقرب الناس إليه وأكثرهم ملازمة له.
وأما القسم الثاني فله جهتان: جهة العبقريات وجهة الشخصيات، إذ أحيا العقاد فن كتابة سيرة الآخر بقلم آخر، فاختار عبقرياته وشخصياته من التاريخ، فكتب: «عبقرية محمدr»، و«عبقرية الصديق»، و«عبقرية عمر»، و«عبقرية الإمام علي»، و«عبقرية خالد».
وله: «أبو الأنبياء»، و«حياة المسيح»، و«عثمان بن عفان»، و«فاطمة الزهراء والفاطميون»، و«الحسين أبو الشهداء»، و«معاوية بن أبي سفيان»، و«جحا الضاحك المضحك»، و«أبو نواس»، و«ابن الرومي»، و«أبو العلاء»، و«ابن رشد»، و«عبد الرحمن الكواكبي»، و«الإمام محمد عبده»، و«سعد زغلول»، و«محمد علي جناحي»، وغيرهم.
في الإسلاميات كتب كتباً كثيرة، منها: «الله»، و«إبليس»، و«الفلسفة القرآنية»، و«مطلع النور أو طوالع البعثة المحمدية»، و«الإنسان في القرآن»، و«المرأة في القرآن»، و«التفكير فريضة إسلامية»، و«الإسلام دعوة عالمية»، و«حقائق الإسلام وأباطيل خصومه»، و«الإسلام في القرن العشرين»، و«الإسلام لا شيوعية ولا استعمار»، و«ما يقال عن الإسلام».
وأتقن العقاد عدداً من اللغات الأجنبية منها الإنكليزية، وله كتب تتعلق بالترجمة منها «ألوان من القصة في الأدب ألأمريكي»، وله كتب سياسية منها «الصهيونية العالمية». ومن كتبه: «رجال عرفتهم» بناه على مقدمة، ودرس فيه عدداً من الشخصيات منها: علي يوسف، ومصطفى كامل، ومحمد فريد، ومصطفى لطفي المنفلوطي، ويعقوب صروف، وجميل صدقي الزهاوي.
وكان للعقاد فلسفة في كتابة التراجم عموماً ذكرها بقوله: «فالقاعدة في اختيار ترجمة ما للكتابة فيها أن تكون كتابتها لازمة لإبراز حقٍّ ضائعٍ أو حقيقة مجهولة، وتستوي في ذلك سير العلماء والنوابغ».
ومن كتبه أيضا كتاب «ردود وحدود»، وهو مقالات للعقاد تخيرت مما نشره في الرسالة لأحمد حسن الزيات، والكتاب يعكس صور النشاط الثقافي للعقاد بتعدد توجهاته.
ويمكن القول إن العقاد تناول المجتمع: ديناً وثقافة ونظاماً وقانوناً، والناس والكتب والأدباء والوطن والعرب والأمم بريشة قلمه فصب حبر نفسه عليها، واستولى عليها بقبضة عملاق.
عبد الكريم محمد حسين