عماره عقيل
Umarah ibn ’Akil - Umarah ibn ’Akil
عُمارَة بن عَقيل
(182ـ 239 هـ/ 798ـ 853م)
عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير ابن عطية، يرتفع نسبه إلى بني يربوع من تميم، شاعر عباسي وُلِدَ في اليمامة، ولما شبَّ، ارتحل إلى البصرة، وسكن باديتها وهو ابن حفيد جرير الذي روى عمارة ديوانه.
كان الشاعر دميم الخلقة، متصفاً بالذكاء إلى حد الدهاء، ولم يرزق من الأبناء الذين يتصفون بالجمال كما كانت تتطلع إليه نفسه، على الرغم من أنه تزوج امرأة جميلة، وقد كشف عن واقع حياته بالقول: «كنت امرأً دميماً فتزوجت امرأة حسناء رغداء ليكون أولادي في جمالها ودهائي، فجاؤوا في رعونتي ودمامتي ..» ولما قدم من اليمامة كان صحيح الدِّين ليس عنده من المجون والسخف شيء، ولما انتقل إلى بغداد يبدو أنه عاشر قوماً يقولون بالدهر، فأفسدوا عليه دينه، حتى صار لايرجع إلى شيء من أمور الدِّين.
يعدُّ عمارة أحد شعراء العباسيين المجيدين، اتصل بالخلفاء العباسيين بعد انتقاله إلى بغداد، وحظي عند المأمون بمكانة مرموقة، ومدح الخليفة الواثق، وجرَّب حظّه مع المتوكل. امتلك إلى جانب شاعريته المتدفقة الغزيرة ناصية اللغة وعلوم العربية، فأخذ عنه النحويون البصريون، حتى أضحى حجّة في مسائل اللغة، قال عنه اللغوي سَلمة ابن خالد حفيد أبي عمرو بن العلاء «كان عُمارة أَشدّ استواءً في شعره من جرير، لأن جريراً أسقط في شعره وضعف، وما وجدوا لعمارة سقطة واحدة»، وذهب أبو العباس المبّرد إلى أن الفصاحة في شعر المُحْدَثِيْنَ خُتِمَتْ بعُمارة.
كان عمارة غزير الشعر قاله في شتى الأغراض والفنون، بيد أنه كان مجلياً في غرض الهجاء، متقدماً في فن النقائض، فوقع التهاجي بينه وبين عدد من الشعراء، هجا بني حنيفة، وبني أسد، ولم تذكر المصادر الأسباب الكامنة وراء ذلك، وساق في هجائه لبني حنيفة بعض المعاني الإسلامية، فعيّرهم بموقفهم في حروب الردة وذلك بقوله:
بل أيها الراكبُ الماضي لِحاجته
بلّغْ حنيفةَ وانشرْ فيهُمُ الخبرا
أكان مَسْلَمةُ الكذَّابُ قال لكمْ
لن تُدرِكوا المجدَ حتى تُغْضبوا مُضَرا
واشْتُهِرَ الشاعر بغرض المديح أيضاً، إذ اتصل بعدد من القادة والولاة، إضافة إلى الخلفاء، منهم خالد بن يزيد بن مزيد الشيباني والي البصرة للمأمون والواثق، الذي أغدق عليه من عطاياه؛ فمدحه بغرر من قصائده منها قوله:
أرى الناس طُرّاً حامدين لخالدٍ
ما كلُّهم أفْضَت إليه صنائِعُهْ
فتىً أَمْعَنَتْ ضَرَّاؤُه في عَدُّوِهِ
وخَصَّتْ وَعَمَّتْ في الصَّديق منافعُهّ
اتسم شعر عمارة بالجزالة والقوة في عصر كان فيه الشعر يميل إلى اللين، ولعل مردَّ ذلك عائد إلى علم الشاعر بالعربية، ونشأته البدوية في اليمامة وبادية البصرة، مما جعله يسير على تقاليد القصيدة العربية واعتزازه بها، ويعدّ شعره في واحد من الوجوه صدى لما كان يشتجر بين الشعراء من مهاجاة ونقائض، ورأى الشاعر أن أجود شعره إنما يدخل في هذا الباب، كما يُلتمس في أشعاره تخليدٌ لذكرى عديد من الخلفاء والولاة الذين مدحهم.
أصيب الشاعر في أواخر حياته بالعمى فكُفَّ بصره، واختلف الناس في سنة وفاته فقد جعلها فؤاد سيزكين 232هـ، وعدَّها صاحب الأعلام 239هـ.
عبد الرحمن عبد الرحيم
Umarah ibn ’Akil - Umarah ibn ’Akil
عُمارَة بن عَقيل
(182ـ 239 هـ/ 798ـ 853م)
عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير ابن عطية، يرتفع نسبه إلى بني يربوع من تميم، شاعر عباسي وُلِدَ في اليمامة، ولما شبَّ، ارتحل إلى البصرة، وسكن باديتها وهو ابن حفيد جرير الذي روى عمارة ديوانه.
كان الشاعر دميم الخلقة، متصفاً بالذكاء إلى حد الدهاء، ولم يرزق من الأبناء الذين يتصفون بالجمال كما كانت تتطلع إليه نفسه، على الرغم من أنه تزوج امرأة جميلة، وقد كشف عن واقع حياته بالقول: «كنت امرأً دميماً فتزوجت امرأة حسناء رغداء ليكون أولادي في جمالها ودهائي، فجاؤوا في رعونتي ودمامتي ..» ولما قدم من اليمامة كان صحيح الدِّين ليس عنده من المجون والسخف شيء، ولما انتقل إلى بغداد يبدو أنه عاشر قوماً يقولون بالدهر، فأفسدوا عليه دينه، حتى صار لايرجع إلى شيء من أمور الدِّين.
يعدُّ عمارة أحد شعراء العباسيين المجيدين، اتصل بالخلفاء العباسيين بعد انتقاله إلى بغداد، وحظي عند المأمون بمكانة مرموقة، ومدح الخليفة الواثق، وجرَّب حظّه مع المتوكل. امتلك إلى جانب شاعريته المتدفقة الغزيرة ناصية اللغة وعلوم العربية، فأخذ عنه النحويون البصريون، حتى أضحى حجّة في مسائل اللغة، قال عنه اللغوي سَلمة ابن خالد حفيد أبي عمرو بن العلاء «كان عُمارة أَشدّ استواءً في شعره من جرير، لأن جريراً أسقط في شعره وضعف، وما وجدوا لعمارة سقطة واحدة»، وذهب أبو العباس المبّرد إلى أن الفصاحة في شعر المُحْدَثِيْنَ خُتِمَتْ بعُمارة.
كان عمارة غزير الشعر قاله في شتى الأغراض والفنون، بيد أنه كان مجلياً في غرض الهجاء، متقدماً في فن النقائض، فوقع التهاجي بينه وبين عدد من الشعراء، هجا بني حنيفة، وبني أسد، ولم تذكر المصادر الأسباب الكامنة وراء ذلك، وساق في هجائه لبني حنيفة بعض المعاني الإسلامية، فعيّرهم بموقفهم في حروب الردة وذلك بقوله:
بل أيها الراكبُ الماضي لِحاجته
بلّغْ حنيفةَ وانشرْ فيهُمُ الخبرا
أكان مَسْلَمةُ الكذَّابُ قال لكمْ
لن تُدرِكوا المجدَ حتى تُغْضبوا مُضَرا
واشْتُهِرَ الشاعر بغرض المديح أيضاً، إذ اتصل بعدد من القادة والولاة، إضافة إلى الخلفاء، منهم خالد بن يزيد بن مزيد الشيباني والي البصرة للمأمون والواثق، الذي أغدق عليه من عطاياه؛ فمدحه بغرر من قصائده منها قوله:
أرى الناس طُرّاً حامدين لخالدٍ
ما كلُّهم أفْضَت إليه صنائِعُهْ
فتىً أَمْعَنَتْ ضَرَّاؤُه في عَدُّوِهِ
وخَصَّتْ وَعَمَّتْ في الصَّديق منافعُهّ
اتسم شعر عمارة بالجزالة والقوة في عصر كان فيه الشعر يميل إلى اللين، ولعل مردَّ ذلك عائد إلى علم الشاعر بالعربية، ونشأته البدوية في اليمامة وبادية البصرة، مما جعله يسير على تقاليد القصيدة العربية واعتزازه بها، ويعدّ شعره في واحد من الوجوه صدى لما كان يشتجر بين الشعراء من مهاجاة ونقائض، ورأى الشاعر أن أجود شعره إنما يدخل في هذا الباب، كما يُلتمس في أشعاره تخليدٌ لذكرى عديد من الخلفاء والولاة الذين مدحهم.
أصيب الشاعر في أواخر حياته بالعمى فكُفَّ بصره، واختلف الناس في سنة وفاته فقد جعلها فؤاد سيزكين 232هـ، وعدَّها صاحب الأعلام 239هـ.
عبد الرحمن عبد الرحيم