علي (جواد)
Ali (Jawad-) - Ali (Jawad-)
علي (جواد ـ)
(1325ـ 1408هـ/1907ـ 1987م)
جواد علي، باحث، لغوي، مؤرخ، ولد في الكاظمية في العراق، درس المراحل الأولى في مدينة بغداد، ومن حسن طالعه أنه تلقى العلم في الإعدادية المركزية على يد واحدٍ من كبار العلماء في وقته، هو الأستاذ الكبير محمد بهجت الأثري، الذي ترك الكثير من بصماته العلمية على تفكير التلميذ الشاب وتوجهه، فجعل منه بأسلوبه الرشيق، الشائق في تدريس العربية واحداً من محبيها، يضاف إلى ذلك الاهتمام بتأريخ الأمة العربية. حصل على الشهادة الجامعية من جامعة بغداد، توجه بعدها إلى ألمانيا، وحصل من جامعة هامبورغ على شهادة الدكتوراه في التاريخ العربي عام 1938م، عاد بعدها إلى العراق، وكانت أجراس الحرب العالمية الثانية تقرع في عددٍ من البلدان، فالتحق بالخدمة العسكرية، وتطوع بعدها في عام 1941م للدفاع عن العراق ضد قوات الاحتلال البريطاني التي استولت عليه، ممّا عرّضه للملاحقة والاعتقال، وسُجِنَ حيناً من الزمن، ثم أطلق سراحه. انصرف للعمل العلمي والبحوث التاريخية وغيرها، وتولى عدداً من المناصب، وأسندت إليه كثير من المهام العلمية، كان منها: وظيفة سكرتير لجنة التأليف والترجمة والنشر، التي كانت بمنزلة النواة للمجمع العلمي العراقي الذي تمَّ تأسيسه في العام 1947م، حيندئذ أصبح عضواً في المجمع العلمي العراقي، ومن ثمَّ سكرتيراً للمجمع، فأشرف على تنظيم إدارته بما يسهّل له تحقيق الأهداف التي نص عليها قانون المجمع، وشارك في عضوية وفد مجمع اللغة العراقي الذي زار دمشق لحضور مؤتمر المجامع اللغوية العلمية الذي انعقد في نهاية شهر أيلول عام 1956م، واختير في عضوية عددٍ من لجان المؤتمر، وعندما أعيد تكوين المجمع العلمي العراقي عام 1978م من جديد كان عضواً عاملاً فيه، وعمل عضواً عاملاً ومراسلاً ومؤازراً في عديد من اللجان العلمية وفي كثير من البلدان، ومارس التدريس فعمل أستاذاً زائراً في بعض الجامعات العالمية، وانتخب عضواً في مجمع اللغة العربية المصري في القاهرة منذ عام 1952م، وعضواً في المجمع العلمي الأردني. كان يتقن عدداً من اللغات الأجنبية كالإنكليزية والألمانية، إضافة إلى لغته الأم، اللغة العربية التي كان على قدرٍ كبير من المعرفة والتعمّق فيها، وقد ساعدته هذه الأمور على أعمال الكتابة والتأليف. كان شديد الاهتمام بميادين الحضارة والفكر العربي، وضع عدداً من المؤلفات والأبحاث في ميادين علمية مختلفة، كالتاريخ واللغة واللهجات، وغير ذلك، ومن تلك المؤلفات: «تاريخ العرب قبل الإسلام»، في ثمانية مجلدات، و«المفصَّل في تاريخ العرب قبل الإسلام»، صدر في عشرة مجلدات، و«تاريخ العرب في الإسلام»، السيرة النبوية «موارد تاريخ الطبري»، «موارد تاريخ المسعودي»، و«الحمادون» وسلسلة بحوث عن التاريخ في اليمن القديم، وسلسلة بحوث عن تطور العربية، «معجم ألفاظ المسانيد» و«أصول الحكم عند العرب الجنوبيين»، «ما عرفه ابن النديم عن اليهودية والنصرانية»، نشر في «مجلة المجمع العلمي العراقي»، «لهجة القرآن» «لغة القرآن الكريم»، «التاريخ العام»، «محمد بن سلام الجمحي، حياته وفنون علمه ومؤلفاته» (مجلة مجمع دمشق)، «أبو يعقوب الخُريمي، إنصاف الرجل وبيان شاعريته»، (مجلة مجمع دمشق)، «ملاحظات على الموسوعة العربية الميسرة»، «ملاحظات على كتاب وفيات الأعيان»، تحقيق إحسان عباس، (مجلة مجمع دمشق).
ويعدَّ كتاب «المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام» أكثرها شيوعاً وشهرةً، أبرز شخصية جواد علي واحداًمن أبرز المؤرخين العرب المعاصرين، والموسوعيين في مجال تخصصه، وينطلق في تعامله مع التاريخ من تصوره بأنَّ: «التأريخ تحليلٌ ووصفٌ لما وقع ويقع»، ويشير للدوافع التي حفزته وشجعته لكتابة هذا الكتاب الموسوعي الكبير الشامل الدقيق، ويذكر أن هناك بعضاً من العوامل الموضوعية التي دعته للبدء في كتابة كتابه «المفصل»، ناهيك عن دور أستاذه محمد بهجت الأثري وتشجيعه، من تلك العوامل ما ذكره في مقدمة الكتاب: «صدور العديد من الكتب والدراسات الجديدة حول العرب وتاريخهم القديم، وأتيحت له الفرصة للاطلاع على الكثير منها، العثور على عدد من اللُّقى والآثار جراء الحفريات المستمرة في المنطقة العربية ، وفي معظم البلدان العربية، والتي أفاد نشرها وترجماتها المؤرخين والباحثين بالشيء الكثير من المعلومات، بل ربما أسهم بعضٌ منها في تصحيح أحكامٍ سبق أن صدرت حيال موضوعات معينة، أو دولٍ أو قوائم ملوك وحكام، وغير ذلك من الأمور الهامة». ويذكر في مقدمة كتابه هذا إلى أن كتابه هذا جديدٌ ويختلف عن كتابه السابق الذي ظهرت منه ثمانية أجزاء، «يختلف عنه في إنشائه، وفي تبويبه، وترتيبه، وفي كثيرٍ من مادته أيضاً، فقد ضمنته مادةً جديدة خلا منها الكتاب السابق، تهيأت لي من قراءاتي لكتاباتٍ جاهلية عُثر عليها بعد نشر ما نشرت منه، ومن صور كتابات أو ترجمات أو نصوصها لم تكن قد نشرت من قبل، ومن مراجعاتي لموارد نادرة لم يسبق للحظ أن سعد بالظفر بها أو الوقوف عليها، ومن كتبٍ ظهرت حديثاً بعد نشر هذه الأجزاء، فرأيت إضافتها كلها إلى معارفي السابقة التي جسدتها في ذلك الكتاب». ويعدُّ كتاب «المفصل» واحداً من أوسع الكتب التي تحدثت عن تاريخ العرب قبل الإسلام، بموسوعية وشمولية ودقة، وتحرٍّ عن المعلومات، والوقوف على مصادرها، وبذلك يتبدى جواد علي واحداً من كبار المؤرخين العرب المعاصرين المدققين، الباحثين عن الحقيقة، متواضعاً، جاداً، ناقداً صادقاً، ولغوياً متضلعاً من فقه وعلوم اللغة العربية ، يملك نظرة ثاقبة لماحة ، ويتمتع بذاكرة قوية حافظة ، مع جلد على القراءة وصبر ٍعلى المتابعة ، بل على معرفةٍ كبيرةٍ في كثير من اللهجات واللغات العربية القديمة. كذلك يشير في كتاباته إلى الأثر الذي أدته الإسرائيليات في التاريخ العربي خاصة، وفي غيره من الميادين المختلفة، وأشار إلى أبرز مروجي تلك المعلومات، والغايات التي كان يرمي إليها مروجوها، ويبين رأيه بوضوح في هذا الجانب، مُرّكزاً ومُحذراً من التمادي في الاعتماد على تلك المعلومات من دون تمحيص، ومهما كان ناقلها، سواء كانوا عرباً أم مسلمين، أمثال ابن سعد، والطبري، وابن كثير، أو غيرهم، من المؤرخين والباحثين الأجانب، وفي الوقت نفسه يضيف أنه لاينبغي رفض المعلومات كافة كونها من الإسرائيليات، وإنما يجب إعمال الفكر بالبحث والتدقيق للوقوف على مدى صحة تلك المعلومات ودقتها.
مات جواد علي عن عمرٍ ناهز الثمانين عاماً أمضاها في العلم والبحث والتعليم والتأليف.
عبد الله محمود حسين
Ali (Jawad-) - Ali (Jawad-)
علي (جواد ـ)
(1325ـ 1408هـ/1907ـ 1987م)
جواد علي، باحث، لغوي، مؤرخ، ولد في الكاظمية في العراق، درس المراحل الأولى في مدينة بغداد، ومن حسن طالعه أنه تلقى العلم في الإعدادية المركزية على يد واحدٍ من كبار العلماء في وقته، هو الأستاذ الكبير محمد بهجت الأثري، الذي ترك الكثير من بصماته العلمية على تفكير التلميذ الشاب وتوجهه، فجعل منه بأسلوبه الرشيق، الشائق في تدريس العربية واحداً من محبيها، يضاف إلى ذلك الاهتمام بتأريخ الأمة العربية. حصل على الشهادة الجامعية من جامعة بغداد، توجه بعدها إلى ألمانيا، وحصل من جامعة هامبورغ على شهادة الدكتوراه في التاريخ العربي عام 1938م، عاد بعدها إلى العراق، وكانت أجراس الحرب العالمية الثانية تقرع في عددٍ من البلدان، فالتحق بالخدمة العسكرية، وتطوع بعدها في عام 1941م للدفاع عن العراق ضد قوات الاحتلال البريطاني التي استولت عليه، ممّا عرّضه للملاحقة والاعتقال، وسُجِنَ حيناً من الزمن، ثم أطلق سراحه. انصرف للعمل العلمي والبحوث التاريخية وغيرها، وتولى عدداً من المناصب، وأسندت إليه كثير من المهام العلمية، كان منها: وظيفة سكرتير لجنة التأليف والترجمة والنشر، التي كانت بمنزلة النواة للمجمع العلمي العراقي الذي تمَّ تأسيسه في العام 1947م، حيندئذ أصبح عضواً في المجمع العلمي العراقي، ومن ثمَّ سكرتيراً للمجمع، فأشرف على تنظيم إدارته بما يسهّل له تحقيق الأهداف التي نص عليها قانون المجمع، وشارك في عضوية وفد مجمع اللغة العراقي الذي زار دمشق لحضور مؤتمر المجامع اللغوية العلمية الذي انعقد في نهاية شهر أيلول عام 1956م، واختير في عضوية عددٍ من لجان المؤتمر، وعندما أعيد تكوين المجمع العلمي العراقي عام 1978م من جديد كان عضواً عاملاً فيه، وعمل عضواً عاملاً ومراسلاً ومؤازراً في عديد من اللجان العلمية وفي كثير من البلدان، ومارس التدريس فعمل أستاذاً زائراً في بعض الجامعات العالمية، وانتخب عضواً في مجمع اللغة العربية المصري في القاهرة منذ عام 1952م، وعضواً في المجمع العلمي الأردني. كان يتقن عدداً من اللغات الأجنبية كالإنكليزية والألمانية، إضافة إلى لغته الأم، اللغة العربية التي كان على قدرٍ كبير من المعرفة والتعمّق فيها، وقد ساعدته هذه الأمور على أعمال الكتابة والتأليف. كان شديد الاهتمام بميادين الحضارة والفكر العربي، وضع عدداً من المؤلفات والأبحاث في ميادين علمية مختلفة، كالتاريخ واللغة واللهجات، وغير ذلك، ومن تلك المؤلفات: «تاريخ العرب قبل الإسلام»، في ثمانية مجلدات، و«المفصَّل في تاريخ العرب قبل الإسلام»، صدر في عشرة مجلدات، و«تاريخ العرب في الإسلام»، السيرة النبوية «موارد تاريخ الطبري»، «موارد تاريخ المسعودي»، و«الحمادون» وسلسلة بحوث عن التاريخ في اليمن القديم، وسلسلة بحوث عن تطور العربية، «معجم ألفاظ المسانيد» و«أصول الحكم عند العرب الجنوبيين»، «ما عرفه ابن النديم عن اليهودية والنصرانية»، نشر في «مجلة المجمع العلمي العراقي»، «لهجة القرآن» «لغة القرآن الكريم»، «التاريخ العام»، «محمد بن سلام الجمحي، حياته وفنون علمه ومؤلفاته» (مجلة مجمع دمشق)، «أبو يعقوب الخُريمي، إنصاف الرجل وبيان شاعريته»، (مجلة مجمع دمشق)، «ملاحظات على الموسوعة العربية الميسرة»، «ملاحظات على كتاب وفيات الأعيان»، تحقيق إحسان عباس، (مجلة مجمع دمشق).
ويعدَّ كتاب «المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام» أكثرها شيوعاً وشهرةً، أبرز شخصية جواد علي واحداًمن أبرز المؤرخين العرب المعاصرين، والموسوعيين في مجال تخصصه، وينطلق في تعامله مع التاريخ من تصوره بأنَّ: «التأريخ تحليلٌ ووصفٌ لما وقع ويقع»، ويشير للدوافع التي حفزته وشجعته لكتابة هذا الكتاب الموسوعي الكبير الشامل الدقيق، ويذكر أن هناك بعضاً من العوامل الموضوعية التي دعته للبدء في كتابة كتابه «المفصل»، ناهيك عن دور أستاذه محمد بهجت الأثري وتشجيعه، من تلك العوامل ما ذكره في مقدمة الكتاب: «صدور العديد من الكتب والدراسات الجديدة حول العرب وتاريخهم القديم، وأتيحت له الفرصة للاطلاع على الكثير منها، العثور على عدد من اللُّقى والآثار جراء الحفريات المستمرة في المنطقة العربية ، وفي معظم البلدان العربية، والتي أفاد نشرها وترجماتها المؤرخين والباحثين بالشيء الكثير من المعلومات، بل ربما أسهم بعضٌ منها في تصحيح أحكامٍ سبق أن صدرت حيال موضوعات معينة، أو دولٍ أو قوائم ملوك وحكام، وغير ذلك من الأمور الهامة». ويذكر في مقدمة كتابه هذا إلى أن كتابه هذا جديدٌ ويختلف عن كتابه السابق الذي ظهرت منه ثمانية أجزاء، «يختلف عنه في إنشائه، وفي تبويبه، وترتيبه، وفي كثيرٍ من مادته أيضاً، فقد ضمنته مادةً جديدة خلا منها الكتاب السابق، تهيأت لي من قراءاتي لكتاباتٍ جاهلية عُثر عليها بعد نشر ما نشرت منه، ومن صور كتابات أو ترجمات أو نصوصها لم تكن قد نشرت من قبل، ومن مراجعاتي لموارد نادرة لم يسبق للحظ أن سعد بالظفر بها أو الوقوف عليها، ومن كتبٍ ظهرت حديثاً بعد نشر هذه الأجزاء، فرأيت إضافتها كلها إلى معارفي السابقة التي جسدتها في ذلك الكتاب». ويعدُّ كتاب «المفصل» واحداً من أوسع الكتب التي تحدثت عن تاريخ العرب قبل الإسلام، بموسوعية وشمولية ودقة، وتحرٍّ عن المعلومات، والوقوف على مصادرها، وبذلك يتبدى جواد علي واحداً من كبار المؤرخين العرب المعاصرين المدققين، الباحثين عن الحقيقة، متواضعاً، جاداً، ناقداً صادقاً، ولغوياً متضلعاً من فقه وعلوم اللغة العربية ، يملك نظرة ثاقبة لماحة ، ويتمتع بذاكرة قوية حافظة ، مع جلد على القراءة وصبر ٍعلى المتابعة ، بل على معرفةٍ كبيرةٍ في كثير من اللهجات واللغات العربية القديمة. كذلك يشير في كتاباته إلى الأثر الذي أدته الإسرائيليات في التاريخ العربي خاصة، وفي غيره من الميادين المختلفة، وأشار إلى أبرز مروجي تلك المعلومات، والغايات التي كان يرمي إليها مروجوها، ويبين رأيه بوضوح في هذا الجانب، مُرّكزاً ومُحذراً من التمادي في الاعتماد على تلك المعلومات من دون تمحيص، ومهما كان ناقلها، سواء كانوا عرباً أم مسلمين، أمثال ابن سعد، والطبري، وابن كثير، أو غيرهم، من المؤرخين والباحثين الأجانب، وفي الوقت نفسه يضيف أنه لاينبغي رفض المعلومات كافة كونها من الإسرائيليات، وإنما يجب إعمال الفكر بالبحث والتدقيق للوقوف على مدى صحة تلك المعلومات ودقتها.
مات جواد علي عن عمرٍ ناهز الثمانين عاماً أمضاها في العلم والبحث والتعليم والتأليف.
عبد الله محمود حسين