ابن الساعاتي (علي بن محمد)
( 553 ـ 604 هـ/1159ـ 1207م )
أبو الحسن بهاء الدين علي بن محمد بن علي بن رستم، ينتهي نسبه إلى هردوز الخراساني، شاعر من شعراء القرن السادس الهجري المبرزين في عصره وله مقطعات حسنة في النثر، ولد في دمشق وتوفي في القاهرة.
اختلف الذين ترجموا له في اسم أبيه، فذكر ابن خلكان في وفيات الأعيان، أن ابن الساعاتي هو علي بن رستم بن هردوز، وذكر ابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء أنه علي بن محمد بن علي بن رستم، وعلى هذا درج ياقوت عندما عرّف بمدينة أسيوط، وما ذكره ابن أبي أصيبعة وياقوت أقرب إلى الصواب.
نشأ ابن الساعاتي في دمشق، وفيها قضى الشطر الأكبر من حياته، أما والده محمد فخراساني الأصل والمولد، قصد دمشق واستقر فيها، وكان بارعاً في علم النجوم وفي صناعة الساعات، وهو الذي صنع الساعات التي كانت عند باب الجامع بدمشق أيام نور الدين الزنكي. وخلف ولدين أحدهما الشاعر، والآخر فخر الدين رضوان الطبيب المشهور. وكان جيد الخط والشعر وتولى الوزارة للملكين الفائز وعيسى ابني الملك العادل.
لم ينل الشاعر في دمشق ما كان يطمح إليه، فغادرها في الثانية والثلاثين من عمره إلى وادي النيل، لطلب المال وحسن الحال، وقد رأى تعصب الناس للأقدمين من الشعراء، وفي هذا يقول:
ما سرت عن جلّقٍ أبغي البديل بها
لولا طِلابي محلاّ للعلى قَذَفَا
ذمَّ الورى كلَّ محمود وما تبعوا
غير الأوائل فيما قيل والسَلَفا
طولُ المقام لأهل الفضل منقصةٌ
والمسك لولا النوى ما أدرك الشرفا
وفي مصر بقي دائم الحنين إلى دمشق يذكرها ويذكر أيامها، وجنانها وحورها العين في وقت تحسّنت حاله فيه، واستقر به المقام في وادي النيل، وتنقّل بين أسيوط والقاهرة وغيرهما، حتى صار ذا بسطة ويسار إلا أن الزمان نكبه في مصر بثلاثة من أولاده وهم مودود ومحمود وعيسى، بعد نكبته بوفاة والده الساعاتي بدمشق إثر هجرته إلى مصر، ولهذا كثرت قصائد الرثاء في شعره. وكانت قصائد المدح أكثر، لأن الشاعر وأباه وأخاه خدموا سلاطين بني أيوب ورجالهم، وللشاعر خمس عشرة قصيدة في مدح السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي، أجملها في فتح بيت المقدس سنة 583هـ.
ومن أغراض شعره غير المدح والرثاء كان وصف الطبيعة، وله في وصف دمشق وفي وادي النيل شعر جميل غزير، كما عرف عنه ولعه بالغزل، فقد كان من الظرفاء يرتاد مجالس اللهو والطرب، ويفضل نعيم الدنيا ورغيد العيش. والفخر من أغراض شعره أيضاً، فيذكر أصله ويفاخر بأهله.
من خصائص شعره البراعة في الوصف والتصوير، إذ يصدر عن خيال مبتكر رحب الآفاق، يبتدع تشابيه واستعارات حسنة، عرف عنه افتنانه بالمحسنات اللفظية والمعنوية من جناس وطباق... في شعره و نثره، ويذكر له رسالة في كل كلمة منها صاد وفي التي تليها سين.
غزير الشعر، ديوانه مجموع منذ أيامه ومحقق ومنشور في مجلدين.
عبد اللطيف عمران
( 553 ـ 604 هـ/1159ـ 1207م )
أبو الحسن بهاء الدين علي بن محمد بن علي بن رستم، ينتهي نسبه إلى هردوز الخراساني، شاعر من شعراء القرن السادس الهجري المبرزين في عصره وله مقطعات حسنة في النثر، ولد في دمشق وتوفي في القاهرة.
اختلف الذين ترجموا له في اسم أبيه، فذكر ابن خلكان في وفيات الأعيان، أن ابن الساعاتي هو علي بن رستم بن هردوز، وذكر ابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء أنه علي بن محمد بن علي بن رستم، وعلى هذا درج ياقوت عندما عرّف بمدينة أسيوط، وما ذكره ابن أبي أصيبعة وياقوت أقرب إلى الصواب.
نشأ ابن الساعاتي في دمشق، وفيها قضى الشطر الأكبر من حياته، أما والده محمد فخراساني الأصل والمولد، قصد دمشق واستقر فيها، وكان بارعاً في علم النجوم وفي صناعة الساعات، وهو الذي صنع الساعات التي كانت عند باب الجامع بدمشق أيام نور الدين الزنكي. وخلف ولدين أحدهما الشاعر، والآخر فخر الدين رضوان الطبيب المشهور. وكان جيد الخط والشعر وتولى الوزارة للملكين الفائز وعيسى ابني الملك العادل.
لم ينل الشاعر في دمشق ما كان يطمح إليه، فغادرها في الثانية والثلاثين من عمره إلى وادي النيل، لطلب المال وحسن الحال، وقد رأى تعصب الناس للأقدمين من الشعراء، وفي هذا يقول:
ما سرت عن جلّقٍ أبغي البديل بها
لولا طِلابي محلاّ للعلى قَذَفَا
ذمَّ الورى كلَّ محمود وما تبعوا
غير الأوائل فيما قيل والسَلَفا
طولُ المقام لأهل الفضل منقصةٌ
والمسك لولا النوى ما أدرك الشرفا
وفي مصر بقي دائم الحنين إلى دمشق يذكرها ويذكر أيامها، وجنانها وحورها العين في وقت تحسّنت حاله فيه، واستقر به المقام في وادي النيل، وتنقّل بين أسيوط والقاهرة وغيرهما، حتى صار ذا بسطة ويسار إلا أن الزمان نكبه في مصر بثلاثة من أولاده وهم مودود ومحمود وعيسى، بعد نكبته بوفاة والده الساعاتي بدمشق إثر هجرته إلى مصر، ولهذا كثرت قصائد الرثاء في شعره. وكانت قصائد المدح أكثر، لأن الشاعر وأباه وأخاه خدموا سلاطين بني أيوب ورجالهم، وللشاعر خمس عشرة قصيدة في مدح السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي، أجملها في فتح بيت المقدس سنة 583هـ.
ومن أغراض شعره غير المدح والرثاء كان وصف الطبيعة، وله في وصف دمشق وفي وادي النيل شعر جميل غزير، كما عرف عنه ولعه بالغزل، فقد كان من الظرفاء يرتاد مجالس اللهو والطرب، ويفضل نعيم الدنيا ورغيد العيش. والفخر من أغراض شعره أيضاً، فيذكر أصله ويفاخر بأهله.
من خصائص شعره البراعة في الوصف والتصوير، إذ يصدر عن خيال مبتكر رحب الآفاق، يبتدع تشابيه واستعارات حسنة، عرف عنه افتنانه بالمحسنات اللفظية والمعنوية من جناس وطباق... في شعره و نثره، ويذكر له رسالة في كل كلمة منها صاد وفي التي تليها سين.
غزير الشعر، ديوانه مجموع منذ أيامه ومحقق ومنشور في مجلدين.
عبد اللطيف عمران