ماسبيرو (غاستون)
Maspero (Gaston-) - Maspero (Gaston-)
ماسبيرو (غاستون ـ)
(1846ـ 1916)
يعد غاستون ماسبيرو Gaston Maspero من ألمع أثريّي عصره، إذ أسهم في الكشف عن العديد من الآثار المصرية وترميمها وحفظها في متحف بولاق بالقاهرة، فضلاً عن دراسات تاريخية تناولت تاريخ الشرق القديم عامة والآثار المصرية خاصة.
ولد ماسبيرو في باريس، وكان والده من أصل لومباردي إيطالي تعلم في إحدى المدارس العامة. وفي عام 1869 صار أستاذاً répétiteur للغة المصرية القديمة في مدارس الدراسات العليا. ثم عين أستاذاً في كولج دو فرانس عام 1874. بدأ نشاط ماسبيرو الأثري في مصر مبكراً، فقد أوفد عام 1880م على رأس بعثة أثرية إلى مصر، حيث قامت هذه البعثة بتطوير معهد الآثار الفرنسي الشرقي بالقاهرة.
وفي السنة التالية توفي مارييت الذي كان يشغل وظيفة (مأمور أشغال العاديات) والذي يعود إليه فضل إنشاء مصلحة الآثار المصرية والمتحف المصري. ومما هو جدير بالذكر أن مارييت فرنسي الجنسية جاء إلى مصر عام 1850 وقام بحفرياته في النوبة والصعيد ودلتا النيل وعثر على آثار كثيرة، كانت نواة المتحف المصري في بولاق. لكن مارييت توفي عام 1881 ودفن في تابوت حجري في فناء المتحف المصري الحالي، وصُنع له تمثال مازال شامخاً بجوار قبره إلى اليوم.
تولى ماسبيرو منصب المدير العام للآثار والاكتشافات في مصر، واستمر يشغل هذه الوظيفة إلى حزيران/يونيو 1886، حيث قام في هذه الفترة بتسجيل المناظر والنقوش في قبور مهمة كثيرة بوادي الملوك بطيبة، كما تابع عمل مارييت في متحف بولاق واستكشاف الأهرامات في سقّارة في الفترة الواقعة ما بين 1886- 1889م. استأنف ماسبيرو بعد ذلك نشاطه الأثري في باريس، لكنه عاد إلى مصر بعد ذلك ليشغل وظيفته السابقة. وقد أنجز في هذه الفترة تنظيم مجموعة الآثار في بولاق ودراستها، حيث نقلت فيما بعد إلى متحف القاهرة للآثار في قصر النيل. ومما يذكر لهذا العالم المجتهد أنه:
- قام بتنظيم الكشف الأثري بمصر، ومنع الاتجار غير المشروع بالآثار.
- قام بترميم الأوابد بمصر، وقد أدى نشاطه هذا في معبد الكرنك إلى اكتشافات بارزة.
- كلف رايزنر الذي كان يعمل تحت إمرته بمسح أثري للنوبة الأثرية من عام 1907 إلى 1909.
- نظم عملية الاستكشاف الأثري، حيث سمح للبعثات الأثرية العلمية بالتنقيب عن الآثار في مصر، فتألفت على إثر ذلك جمعيتان: الأولى جمعية الكشوف الأثرية المصرية في لندن تحت اسم Egypt Exploration Society والثانية الجمعية الفرنسية للآثار بالقاهرة تحت اسمLa Mission archéologique française au Caire، وبذلك بدأ عصر الاستكشافات العلمية المنظمة.
وأخذ علم الآثار المصرية يرتكز على دعامات قوية ويتطور على أيدي علماء مبدعين، كان من أهمهم في الربع الأخير من القرن التاسع عشر العالم الأثري الإنكليزي فلندرز بتري Flinders Petrie الذي اهتم بكل الآثار من دون تمييز بين نفيس براق وعادي، فلكل نصيب في معرفة الحضارة المصرية؛ ولذلك عني عناية كبيرة بالأدوات الحجرية والفخار من عصور ما قبل التاريخ، فقسمها إلى مجموعات لكل منها رقم حسب تسلسلها الزمني والحضاري، وبذلك استطاع أن يؤرخ لحضارة مصر وحضارات الأمم المجاورة لمصر عن طريق المقارنة، وقد عرف هذا النظام الذي أبدعه بتري باسم sequence of dates. ويذكر لهذا العالم اكتشاف بردي اللاهون فقد عثر عام 1889 على برديات طبية في اللاهون بمنطقة الفيوم يرجع تاريخها إلى أيام الدولة المصرية الوسطى أي إنها أم البرديات الطبية المعروفة، يبحث بعضها في أمراض النساء وفي الطب البيطري (علاج أسنان الكلاب وعيونها والعجول) ويحوي بعضها الآخر رسائل أدبية وتعليمية وتشيد بالملك سنوسرة الأول من ملوك الأسرة الثانية عشرة.
- نصوص الأهرام: من الأعمال العلمية العظيمة التي أنجزها ماسبيرو نقل نصوص الأهرام فقد بنى الملك وناس Unas آخر ملوك الأسرة السادسة هرمه في سقّارة وأبدع هذا الملك أسلوباً جديداً في حماية الملك بعد الموت وتجنبه المصاعب واشتراكه مع الآلهة في النعيم، وذلك عن طريق كتابة نصوص في غرفة الدفن داخل الهرم، سُميت بنصوص الأهرام، وقد اتبع سنته هذه كل الملوك الذين جاؤوا بعده. وقد دخل العالم الفرنسي ماسبيرو هرم وناس في نهاية القرن التاسع عشر ونقل النصوص المكتوبة على جدران غرفة دفن الملك بالهيروغليفية كما دخل أهرامات ملوك الأسرة السادسة ونقل ما فيها من نصوص.
- قانون حورمحب: أنجز الملك حورمحب - آخر ملك في الأسرة التاسعة عشرة - أول قانون مكتوب بمصر. وقد كُتبت نصوص هذا القانون بالهيروغليفية على لوح حجري طوله خمسة أمتار وعرضه ثلاثة أمتار، عثر عليه أيام العالم الفرنسي ماسبيرو بجانب أحد أبواب الكرنك عام 1882م، وقد أسهم ماسبيرو في الكتابة عنه في مؤلفه: G.Maspero:Note on the Life and Monuments of Harmhabi.
وتقديراً لجهود ماسبيرو الأثرية العظيمة منح وسام فارس، ولكن المرض أجبره على العودة إلى فرنسا عام 1914، حيث توفي فجأة في باريس في 30 حزيران/يونيو. ومن أهم مؤلفاته: «التاريخ القديم لشعوب الشرق» Histoire ancienne des peuples de l’Orient (1875). ويتناول فيه الخطوط العريضة لتاريخ الشرق قبل الإسكندر، وهناك أيضاً دراسة موسعة ومفصلة للموضوع نفسه ولكن في العصور الكلاسـيكية Histoire ancienne des peuples de l’Orient classique (1895- 1879).
محمود عبد الحميد أحمد
Maspero (Gaston-) - Maspero (Gaston-)
ماسبيرو (غاستون ـ)
(1846ـ 1916)
يعد غاستون ماسبيرو Gaston Maspero من ألمع أثريّي عصره، إذ أسهم في الكشف عن العديد من الآثار المصرية وترميمها وحفظها في متحف بولاق بالقاهرة، فضلاً عن دراسات تاريخية تناولت تاريخ الشرق القديم عامة والآثار المصرية خاصة.
ولد ماسبيرو في باريس، وكان والده من أصل لومباردي إيطالي تعلم في إحدى المدارس العامة. وفي عام 1869 صار أستاذاً répétiteur للغة المصرية القديمة في مدارس الدراسات العليا. ثم عين أستاذاً في كولج دو فرانس عام 1874. بدأ نشاط ماسبيرو الأثري في مصر مبكراً، فقد أوفد عام 1880م على رأس بعثة أثرية إلى مصر، حيث قامت هذه البعثة بتطوير معهد الآثار الفرنسي الشرقي بالقاهرة.
تولى ماسبيرو منصب المدير العام للآثار والاكتشافات في مصر، واستمر يشغل هذه الوظيفة إلى حزيران/يونيو 1886، حيث قام في هذه الفترة بتسجيل المناظر والنقوش في قبور مهمة كثيرة بوادي الملوك بطيبة، كما تابع عمل مارييت في متحف بولاق واستكشاف الأهرامات في سقّارة في الفترة الواقعة ما بين 1886- 1889م. استأنف ماسبيرو بعد ذلك نشاطه الأثري في باريس، لكنه عاد إلى مصر بعد ذلك ليشغل وظيفته السابقة. وقد أنجز في هذه الفترة تنظيم مجموعة الآثار في بولاق ودراستها، حيث نقلت فيما بعد إلى متحف القاهرة للآثار في قصر النيل. ومما يذكر لهذا العالم المجتهد أنه:
- قام بتنظيم الكشف الأثري بمصر، ومنع الاتجار غير المشروع بالآثار.
- قام بترميم الأوابد بمصر، وقد أدى نشاطه هذا في معبد الكرنك إلى اكتشافات بارزة.
- كلف رايزنر الذي كان يعمل تحت إمرته بمسح أثري للنوبة الأثرية من عام 1907 إلى 1909.
- نظم عملية الاستكشاف الأثري، حيث سمح للبعثات الأثرية العلمية بالتنقيب عن الآثار في مصر، فتألفت على إثر ذلك جمعيتان: الأولى جمعية الكشوف الأثرية المصرية في لندن تحت اسم Egypt Exploration Society والثانية الجمعية الفرنسية للآثار بالقاهرة تحت اسمLa Mission archéologique française au Caire، وبذلك بدأ عصر الاستكشافات العلمية المنظمة.
وأخذ علم الآثار المصرية يرتكز على دعامات قوية ويتطور على أيدي علماء مبدعين، كان من أهمهم في الربع الأخير من القرن التاسع عشر العالم الأثري الإنكليزي فلندرز بتري Flinders Petrie الذي اهتم بكل الآثار من دون تمييز بين نفيس براق وعادي، فلكل نصيب في معرفة الحضارة المصرية؛ ولذلك عني عناية كبيرة بالأدوات الحجرية والفخار من عصور ما قبل التاريخ، فقسمها إلى مجموعات لكل منها رقم حسب تسلسلها الزمني والحضاري، وبذلك استطاع أن يؤرخ لحضارة مصر وحضارات الأمم المجاورة لمصر عن طريق المقارنة، وقد عرف هذا النظام الذي أبدعه بتري باسم sequence of dates. ويذكر لهذا العالم اكتشاف بردي اللاهون فقد عثر عام 1889 على برديات طبية في اللاهون بمنطقة الفيوم يرجع تاريخها إلى أيام الدولة المصرية الوسطى أي إنها أم البرديات الطبية المعروفة، يبحث بعضها في أمراض النساء وفي الطب البيطري (علاج أسنان الكلاب وعيونها والعجول) ويحوي بعضها الآخر رسائل أدبية وتعليمية وتشيد بالملك سنوسرة الأول من ملوك الأسرة الثانية عشرة.
- نصوص الأهرام: من الأعمال العلمية العظيمة التي أنجزها ماسبيرو نقل نصوص الأهرام فقد بنى الملك وناس Unas آخر ملوك الأسرة السادسة هرمه في سقّارة وأبدع هذا الملك أسلوباً جديداً في حماية الملك بعد الموت وتجنبه المصاعب واشتراكه مع الآلهة في النعيم، وذلك عن طريق كتابة نصوص في غرفة الدفن داخل الهرم، سُميت بنصوص الأهرام، وقد اتبع سنته هذه كل الملوك الذين جاؤوا بعده. وقد دخل العالم الفرنسي ماسبيرو هرم وناس في نهاية القرن التاسع عشر ونقل النصوص المكتوبة على جدران غرفة دفن الملك بالهيروغليفية كما دخل أهرامات ملوك الأسرة السادسة ونقل ما فيها من نصوص.
- قانون حورمحب: أنجز الملك حورمحب - آخر ملك في الأسرة التاسعة عشرة - أول قانون مكتوب بمصر. وقد كُتبت نصوص هذا القانون بالهيروغليفية على لوح حجري طوله خمسة أمتار وعرضه ثلاثة أمتار، عثر عليه أيام العالم الفرنسي ماسبيرو بجانب أحد أبواب الكرنك عام 1882م، وقد أسهم ماسبيرو في الكتابة عنه في مؤلفه: G.Maspero:Note on the Life and Monuments of Harmhabi.
وتقديراً لجهود ماسبيرو الأثرية العظيمة منح وسام فارس، ولكن المرض أجبره على العودة إلى فرنسا عام 1914، حيث توفي فجأة في باريس في 30 حزيران/يونيو. ومن أهم مؤلفاته: «التاريخ القديم لشعوب الشرق» Histoire ancienne des peuples de l’Orient (1875). ويتناول فيه الخطوط العريضة لتاريخ الشرق قبل الإسكندر، وهناك أيضاً دراسة موسعة ومفصلة للموضوع نفسه ولكن في العصور الكلاسـيكية Histoire ancienne des peuples de l’Orient classique (1895- 1879).
محمود عبد الحميد أحمد