العمل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العمل

    عمل

    Work - Travail


    العمل



    العمل work هو تفاعل منظم بين الإنسان والوسط المحيط به، وما يحتويه من أشياء ومواد وآلات وأشخاص، وله عناصر أساسية أهمها:

    1ـ أدوات العمل.

    2ـ وموضوع العمل.

    3ـ والوسط المحيط بمكان العمل.

    وينظر إلى العمل ظاهرة تفاعل معقد بين هذه العناصر مجتمعة وليس عملية تأثير الإنسان في العناصر الأخرى وحسب.

    ويمكن النظر إلى العمل على أنه نوع من السلوك أو النشاط الهادف أو صرف الطاقة، يسير وفق خطة منتظمة، ويقتضي القيام بوظائف معينة لتحقيق غرض إنتاجي معين، فالتجارة عمل، والكتابة في محل تجاري عمل، والمحاماة عمل، وكذلك التعليم أو إدارة مؤسسة صناعية.

    أما العمل من وجهة نظر علم الفيزياء فهو حاصل ضرب القوة بالمسافة التي يجتازها شيء ما تؤثر فيه تلك القوة، أي الطاقة المصروفة لإحداث تغيير في شيء بنقله من حال معينة إلى حال أخرى مثل تحويل الصوف إلى خيوط، أو من أجل صيانته والحفاظ عليه في وضعية أو حالة معينة.

    ومفهوم العمل من وجهة النظر الأخلاقية والدينية يراد به أنماط السلوك الاجتماعي التي يمارسها الفرد مع الآخرين، فيقال عمل صالح، وعمل فاسد، تبعاً لما يترتب على السلوك من نتائج تمس الآخرين.

    ويرتبط أي نوع من أنواع العمل بقيمة اجتماعية تحدد المكانة الاجتماعية للفرد العامل، فقد نظر الفلاسفة اليونان إلى العمل العقلي على أنه أسمى أنواع العمل، ولهذا استحوذ الفلاسفة على مواقع الاحترام والتقدير في تلك المجتمعات، في حين وجدت الفلسفة الماركسية أن في العمل العضلي يكمن سر التطور الإنساني، ولهذا تبوأ العمال في سياق هذه الفلسفة مواقع إدارية وتنظيمية عليا. أما الديانات عامة، والسماوية منها خاصة، والمذاهب الأخلاقية فقد جعلت قيمة العمل في مقدار ما تنتفي عنه المصالح الشخصية للعاملين، ذلك أن تحقيق المصالح يعني تحقق الموازنة بين العمل والمردود مما ينفي عن العمل القيمة من وجهة النظر هذه، وعليه فالعمل اللائق، الذي يتمتع بقيمة عالية، ويجعل لفاعله فضلاً على غيره من الناس هو العمل الذي تزيد فيه المنافع العامة على المنافع الخاصة، ويندرج الأمر على العمل السياسي، والعمل الوطني، والعمل الديني، وغيرها من الأعمال التي تتحقق من خلالها منافع الآخرين بدرجات تزيد كثيراً على المنافع المحققة للعاملين.

    أهمية العمل في حياة الإنسان والمجتمع

    يحتل العمل مكانة مهمة في حياة الإنسان، فهو ميدان نشاطه المنتظم المنتج، وهو ميدان أساسي بعد المدرسة تظهر فيه قدرات الفرد وكفاءاته ومهاراته، وقد يكون المصدر الرئيس الذي يحصل بوساطته على المورد اللازم له للإنفاق من أجل معاشه، ويشكل مع عناصره الأخرى البيئة التي يعيش فيها جزءاً كبيراً من حياته. ثم إن العمل ميدان يجتمع فيه الفرد مع أفراد آخرين اجتماعاً يؤدي إلى أنواع خاصة من العلاقات الاجتماعية، ويضاف إلى ذلك أن العمل يضع الفرد في مستوى اجتماعي اقتصادي معين. ومما يزيد من أهمية العمل في حياة الفرد أنه قد يكون مصدر سعادته أو شقائه، فإذا كان العمل متناسباً مع قدراته وميوله وآماله كان مصدر سعادة له، أما إذا وجد التنافر بين العمل وقدرات الفرد وآماله وميوله وطموحه، كان مصدر شقائه.

    ويُعد العمل الوسيلة التي تلبي حاجة المجتمع المستهلك من جهة والمنتج من جهة أخرى، ومن ثمَّ لابد من تنظيم الأفراد في الأعمال التي تلزم المجتمع.

    ومن أجل ذلك كله تكون العناية بالعمل لدى الباحثين من مختلف الميادين، فالعلوم التي تهتم بالعمل كثيرة ومتنوعة مثل علم النفس والفيزيولوجيا والطب والهندسة والاقتصاد والقانون وعلم الاجتماع. وقد زادت هذه العناية مع تطور حياة الإنسان وتعقدها ومن ثم تطور شروط العمل ومتطلباته وتعقده.

    العمل اللائق، من وجهة النظر الاقتصادية؛ هو العمل المنتج الذي تكون فيه الحقوق محمية، يدر دخلاً كافياً، مع توفر حماية اجتماعية كافية. وهو يعني أيضاً العمل الكافي، بمعنى أن تتوافر للجميع الإمكانات التامة للوصول إلى فرص كسب الدخل. وهو يفتح الطريق أمام التنمية الاقتصادية والاجتماعية، أي الطريق الذي يمكن فيه تحقيق العمالة والدخل والحماية الاجتماعية من دون النيل من حقوق العمال ومن المعايير الاجتماعية.

    أما العمل اللائق من وجهة النظر الأخلاقية فيعني بذل الجهد لغاية اجتماعية تنتفي عنها المصالح الفردية، وتتجسد فيها مصالح الآخرين لضمان حقوقهم، أو دفع الأذى عنهم، أو جلب المنافع المادية والمعنوية لهم، الأمر الذي يجعل أفراد المجتمع في تضافر وتساند، وليس في صراع وتنافر.

    مستويات العمل

    يمكن أن يُميز بين عمل وآخر من حيث مستواه استناداً إلى نواح عدة:

    ـ يتطلب العمل جهداً أو طاقة تصرف، وتكون المقارنة من هذه الجهة إذا تساوت الشروط الأخرى بين عملين وكان الأول يتطلب طاقة أكثر مما يتطلبه الثاني، كان الأول من مستوى أعلى.

    ـ يتطلب العمل إعداداً، كما يتطلب قدرات لدى الفرد، فإذا تساوت الشروط الأخرى بين عملين وكان الأول يتطلب قدرات أعلى وتدريباً أطول في مدته، كان الأول من مستوى أعلى من الثاني.

    ـ والعمل يقود إلى نتائج معينة أو تترتب عليه نتائج معينة، فإذا تساوت الشروط الأخرى بين عملين وكان الأول يعطي نتائج تفوق في قيمتها قيمة نتائج الآخر كان الأول من مستوى أعلى.

    ـ والعمل له دخل معين أو أجر أو مرتب، وهو ما يدل على مستوى العمل.

    العمل والمهنة

    يتطابق مفهوم العمل ومفهوم المهنة أحياناً ويتداخلان أحياناً أخرى، ويُتحدث عادة عن مهنة الطب وعن عمل الطبيب، وعن مهنة المحاماة وعمل المحامي، وعن مهنة التدريس وعمل المدرس، ومن ثم تكون المهنة مفهوماً أعم وأشمل، أي إن المهنة تضم الأعمال المتشابهة.

    العمل العقلي والعمل الجسدي

    تصنف الأعمال إلى أعمال عقلية وأخرى جسدية، فنقل الأشياء من مكان إلى آخر عمل جسدي، والكتابة عمل عقلي، والواقع أن هذا التمييز غير دقيق، فالإنسان الذي يقوم بنقل الأشياء من مكان إلى آخر يقوم بعمل عقلي وإن كان يسيراً، والفرد الذي يقوم بالكتابة يقوم بعمل جسدي أيضاً، ولكنه يُشار هنا إلى الصفة الغالبة على عمل معين.

    العمل اليدوي والعمل بالآلات (العمل الآلي)

    تصنف الأعمال إلى أعمال آلية وأعمال يدوية وذلك وفقاً لما يستخدمه الإنسان من أشياء في أثناء العمل بهدف التأثير في موضوع العمل، فالفرد قد يستخدم بعض الآلات (مصدر الطاقة فيها غير بشري) مثل المثقب الكهربائي، وقد يستخدم بعض الأدوات (تعتمد على القوة العضلية للعامل) مثل المطرقة اليدوية، المنشار.

    تحليل العمل

    هو الدراسة المنهجية الدقيقة والمنظمة والشاملة لكل مظاهر العمل وشروطه وخصائصه، فهي:

    1ـ دراسة وصفية تهدف إلى إيضاح جميع نواحي العمل إيضاحاً دقيقاً من الوجهة الكمية (باستعمال القياس) ومن الوجهة الكيفية (باستعمال الوصف الكيفي وحده).

    2ـ منظمة لا يُكتفى فيها بالإرشادات والإيضاحات العامية التي تُسمع من الناس أو التي تصل بناء على الخبرة اليسيرة، بل تُستخدم فيها الطرق العلمية التي تعتمد على المنهج العلمي الدقيق المنظم.

    3ـ شاملة أي تحيط بظرف العمل وشروطه وخصائصه كما تحيط بما يظهر عند العاملين من مشكلات في أثناء قيامهم بالعمل.

    يتمتع تحليل العمل بأهمية كبيرة لأن كافة العمليات التي يُراد القيام بها من أجل حل مشكلات معينة، مثل التوجيه المهني، والاختيار المهني، والتدريب ومشكلات السلامة، والتعب والملل وإعادة تأهيل العاملين؛ أي إن إيجاد التوافق بين الأفراد والمهن التي يصلحون لها وتصلح لهم إنما يبنى على نتائج عملية تحليل العمل. ويقتضي حل هذه المشكلة معرفة شروط العمل وخصائصه والوظائف النفسية التي يتطلبها والقدرات الإنسانية التي يعتمد عليها، الأمر الذي توفره عملية تحليل العمل على أسس علمية، وكذلك لا بد من معرفة ما يتصف به الأفراد ثم إجراء التطابق بين الأفراد والمهن بغية توفير العمل المناسب لهم.

    محمد عماد سعدا
يعمل...
X