قام العلماء بترتيب تسلسل أقدم جينوم بشري على الإطلاق، تم أخذه من عينات مستحاثات سنّ وعظم فخذ وجدت في “حفرة من العظام” في إسبانيا تدعى Sima De Los Huesos.
خلال العمل، وجد فريق من ألمانيا الدليل على أنّه لابدّ من أن الأسلاف القدماء للبشر الحاليين قد تشعّبوا من أسلاف الإنسان البدائي، أقدم مما اعتقدنا بمئات آلاف السنوات، مما يعني أنه قد حان الوقت لنعيد رسم شجرة العائلة البشرية.
يتموضع موقع حفرة العظام Sima De Los Huesos في نظام كهف Cueva Mayor-Cueva Del Silo- في شمال مركز إسبانيا، والذي يحوي أكبر وأقدم مجموعة على الإطلاق من البقايا البشرية، التي اكتشفت مع أكثر من 6,500 مستحاثة عظمية – بما فيها أكثر من 500 سن مفرد – من 28 شخص بشري على الأقل تم كشفهم حتى الآن.
مع بقايا يعود تاريخ وجودها إلى 430,000 سنة مضت، فإن حفرة العظم المشهورة مكّنت العلماء في النهاية من إعادة تشكيل شجرة العائلة البشرية من جديد إلى ماقبل ال100,000 سنة ماضية. من خلال هذا العمل، هناك ما يدفعنا للتساؤل عن بعض الادّعاءات الموجودة منذ فترة طويلة عن كيف دبّت الحياة في أسلافنا الأوائل.
عالم دراسة المستحاثات كريز سترينجر Chris Stringer من متحف التاريخ الطبيعي في لندن ، والذي لم يكن مشتركا بالبحث، قال لمجلة الطبيعة Nature: ” إنها أمور رائعة، وتجعلنا نتطلّع دائمًا لنكوّن أفكارًا عقلانية عنها كلها، فبدل الاستمرار في الوقوف في أماكننا محاولين فقط تحليل آخر 100,000 سنة، فإننا نستطيع أن نبدأ إعتمادًا على الحمض النووي (DNA) بوضع تواريخ أقدم في شجرة العائلة البشرية.”
حتى وقت قريب، كانت تُنسب تلك العظام التي وجدت في حفرة Sima De Los Huesos، إلى الأسلاف الأوائل للبشر البدائيين الذين تطوروا لبشر بدائيين بعد حوالي 100,000 سنة.
لكن، وحسب دراسة نشرت في مجلة الطبيعة Nature، عام 2013، تم ترتيب تسلسل جينوم متقدرات عظم فخذ وجد في الحفرة، هذا الترتيب أكد أن صاحب هذا الجينوم يرتبط بالدينيزوفانز Denisovans أكثر من ارتباطه بالبشر البدائيين، (الدينيزوفانز هم نوع منقرض من البشر وجدت لهم بقايا، آلاف الكيلومترات بعيدًا في سيبيريا).
هذا الإكتشاف يتضمن نتيجتين هامتين: الأولى أن أحد الأشخاص -على الأقل- الذين دفنوا في حفرة Sima لم يكن مرتبطا مع البشر البدائيين، والثانية أنه بدلًا من ارتباطه بشكل مباشر مع الدينيزوفانز، يكون قد وُجد قبل مئات آلاف السنين من وجود الدينيزوفانز أنفسهم.
بالتالي فإن معرفة ذلك تجعلنا نتساءل من كان هؤلاء البشر في حفرة Sima بالضبط، وماذا يعنون لنا في إطار فهمنا الحالي للتطور؟
لقد حيّرت هذه الأسئلة الباحثين لسنوات، لأنه في حين أن عظامهم تبدي بعض التشابهات، لكنها أيضًا تُظهر بعض التواصل مع هؤلاء البشر القدماء.
يوضح ايون كالاواي Ewen Callaway من مجلة الطبيعة Nature: “الجماجم البشرية التي وجدت في Sima تملك بدايات بارزة للحافة فوق الحجاج (الحجاج هو الجوف الذي تسكن فيه كرة العين)، مما ينطبق على الميزات المثالية للبشر البدائيين، لكن بعض الصفات والشكوك حول أعمارهم – بعض الدراسات حددت 600,000 سنة ودراسات أخرى 400,000 سنة – أقنعت العلماء أنهم بدلًا من ذلك يستطيعون إعادة تصنيف أنواع أقدم تعرف بإنسان هيدلبرغ”.
قرر فريق يقوده ماثياس ميير Matthias Meyer، من معهد ماكس بلانك لعلم التطور البشري في ألمانيا، بأن يضع حدا لهذا التشويش الحاصل (أو أن يخففه بعض الشيء)، عبر ترتيب سلسلة الحمض النووي الموجودة في النواة وفي المتقدرات المأخوذة من خمس عينات عظام (على الأرجح لأشخاص مختلفين ) وُجدوا في حفرة Sima.
حسب ما جاء في مجلة الطبيعة اليوم، يصرح الفريق بأنه في حين كانت أغلب الأحماض النووية التي يعود عمرها لـ 430,000 سنة تتراجع بطريقة مفهومة ومثبتة، فإن الأجزاء الصغيرة من الجينوم الذي كانوا قادرين على استخلاصها، و فك رموز شيفرتها بينت أن هؤلاء الأشخاص المحددين كانوا في الواقع بشرًا بدائيين قدماء.
وبالتالي لدينا شخص في الحفرة يرتبط بشكل مباشر بالدينيزوفانز– حسب ما تم إثباته في دراسة عام 2013– وبعض الأشخاص، حسب الدراسة المنشورة اليوم، يرتبطون بالبشر البدائيين، وكلاهما يعود للوقت نفسه من التاريخ.
ماذا يخبرنا كل هذا؟ بأن كلا المجموعتين، البشر البدائيين والدينيزوفانز ،لا بد أنهما تشعبتا من السلف المشترك العام نفسه ، مما يقارب 430,000 سنة مضت، وأن هذا حدث بمسار أقدم مما توقّعه أي شخص.
يقول كولي باراس Colin Barrasلمجلة عالِم جديد:new scientist “إن معرفة شيء كهذا سيشكل نتائج كبيرة مع مرور الوقت.”
تقول كاترينا هارفاتي باباثيودورو Katerina Harvati-Papathiodorouمن جامعة تيوبينجن في ألمانيا: ” إننا نعلم بأن البشر البدائيين والدينيزوفانز يشتركان بسلف عام تشعبت منه سلالة الإنسان الحالي، عندما تم تسليط الضوء على دليل الحمض النووي الجديد، اقترح فريق ميير بأن هذا التشعب يكون قد حصل منذ 765,000 سنة مضت. دراسات الحمض النووي السابقة أرجعت تاريخ هذا التشعب لـ 315,000 إلى 540,000 سنة فقط “.
بشكل مثير للانتباه، نجد أن تاريخ التشعب البدائي – الدينيزوفيني- العائد لـ 765,000 سنة، قد يضعنا أمام الإتجاه الصحيح لإيجاد أقدم سلف عام مشترك لنا، حسب ما يوضحه باراس Barras. كما افترض الباحثون أن كل من البشر الحاليين والبشر البدائيين والدينيزوفانز قد تطوروا من إنسان قديم يدعى إنسان هيدلبرغ، لكن لدينا الدليل لنقترح أن هذه الأنواع لم تتطور إلى مابعد 700,000 سنة مضت.
بدلًا من ذلك، علينا أن ننظر إلى أنواع أخرى تدعى السلف البشري Homoantecessor، الذي تطور أبكر بكثير من إنسان هيدلبرغ، على أنها سلفنا المشترك البديل.
هذا يعني بأنه قد حان الوقت كي نبدأ بالبحث عن تعداد الأسلاف البشرية التي عاشت بين 700,000 و 900,000 سنة مضت لنعلم من أين أتينا.
ماريا مارتنون توريس Maria Martinon-Torres، وهي عالمة مستحاثات بشرية من جامعة لندن، أخبرت كالاواي Callaway من مجلة الطبيعة Nature: ” أنها تعتقد أن السلف البشري ذو الـ 900,000 سنة موجود في البقايا المستحاثية في إسبانيا، وهو المرشح الأقوى للسلف المشترك العام في حال كانت هذه النماذج موجودة في إفريقيا والشرق الأوسط “.
وبذلك ومع وجود معرفة أكبر حول شجرة عائلتنا المعقدة بشكل لا يصدق، يصبح كل شيء أقل تأكيدًا، لكن هذه هي روعة وجمال طرق العمل المعتمدة على العلم.
الغنيمة الكبرى الآن تكمن في إيجاد بقايا السلف البشري الذي يستطيع أن يكشف لنا حقيقة السلف العام للإنسان الحالي والبشر البدائيين والدينيزوفانز. كم سيكون شيء جذّابا ومدهشا أن نرى ذلك ونحن لا نزال على قيد الحياة.
خلال العمل، وجد فريق من ألمانيا الدليل على أنّه لابدّ من أن الأسلاف القدماء للبشر الحاليين قد تشعّبوا من أسلاف الإنسان البدائي، أقدم مما اعتقدنا بمئات آلاف السنوات، مما يعني أنه قد حان الوقت لنعيد رسم شجرة العائلة البشرية.
يتموضع موقع حفرة العظام Sima De Los Huesos في نظام كهف Cueva Mayor-Cueva Del Silo- في شمال مركز إسبانيا، والذي يحوي أكبر وأقدم مجموعة على الإطلاق من البقايا البشرية، التي اكتشفت مع أكثر من 6,500 مستحاثة عظمية – بما فيها أكثر من 500 سن مفرد – من 28 شخص بشري على الأقل تم كشفهم حتى الآن.
مع بقايا يعود تاريخ وجودها إلى 430,000 سنة مضت، فإن حفرة العظم المشهورة مكّنت العلماء في النهاية من إعادة تشكيل شجرة العائلة البشرية من جديد إلى ماقبل ال100,000 سنة ماضية. من خلال هذا العمل، هناك ما يدفعنا للتساؤل عن بعض الادّعاءات الموجودة منذ فترة طويلة عن كيف دبّت الحياة في أسلافنا الأوائل.
عالم دراسة المستحاثات كريز سترينجر Chris Stringer من متحف التاريخ الطبيعي في لندن ، والذي لم يكن مشتركا بالبحث، قال لمجلة الطبيعة Nature: ” إنها أمور رائعة، وتجعلنا نتطلّع دائمًا لنكوّن أفكارًا عقلانية عنها كلها، فبدل الاستمرار في الوقوف في أماكننا محاولين فقط تحليل آخر 100,000 سنة، فإننا نستطيع أن نبدأ إعتمادًا على الحمض النووي (DNA) بوضع تواريخ أقدم في شجرة العائلة البشرية.”
حتى وقت قريب، كانت تُنسب تلك العظام التي وجدت في حفرة Sima De Los Huesos، إلى الأسلاف الأوائل للبشر البدائيين الذين تطوروا لبشر بدائيين بعد حوالي 100,000 سنة.
لكن، وحسب دراسة نشرت في مجلة الطبيعة Nature، عام 2013، تم ترتيب تسلسل جينوم متقدرات عظم فخذ وجد في الحفرة، هذا الترتيب أكد أن صاحب هذا الجينوم يرتبط بالدينيزوفانز Denisovans أكثر من ارتباطه بالبشر البدائيين، (الدينيزوفانز هم نوع منقرض من البشر وجدت لهم بقايا، آلاف الكيلومترات بعيدًا في سيبيريا).
هذا الإكتشاف يتضمن نتيجتين هامتين: الأولى أن أحد الأشخاص -على الأقل- الذين دفنوا في حفرة Sima لم يكن مرتبطا مع البشر البدائيين، والثانية أنه بدلًا من ارتباطه بشكل مباشر مع الدينيزوفانز، يكون قد وُجد قبل مئات آلاف السنين من وجود الدينيزوفانز أنفسهم.
بالتالي فإن معرفة ذلك تجعلنا نتساءل من كان هؤلاء البشر في حفرة Sima بالضبط، وماذا يعنون لنا في إطار فهمنا الحالي للتطور؟
لقد حيّرت هذه الأسئلة الباحثين لسنوات، لأنه في حين أن عظامهم تبدي بعض التشابهات، لكنها أيضًا تُظهر بعض التواصل مع هؤلاء البشر القدماء.
يوضح ايون كالاواي Ewen Callaway من مجلة الطبيعة Nature: “الجماجم البشرية التي وجدت في Sima تملك بدايات بارزة للحافة فوق الحجاج (الحجاج هو الجوف الذي تسكن فيه كرة العين)، مما ينطبق على الميزات المثالية للبشر البدائيين، لكن بعض الصفات والشكوك حول أعمارهم – بعض الدراسات حددت 600,000 سنة ودراسات أخرى 400,000 سنة – أقنعت العلماء أنهم بدلًا من ذلك يستطيعون إعادة تصنيف أنواع أقدم تعرف بإنسان هيدلبرغ”.
قرر فريق يقوده ماثياس ميير Matthias Meyer، من معهد ماكس بلانك لعلم التطور البشري في ألمانيا، بأن يضع حدا لهذا التشويش الحاصل (أو أن يخففه بعض الشيء)، عبر ترتيب سلسلة الحمض النووي الموجودة في النواة وفي المتقدرات المأخوذة من خمس عينات عظام (على الأرجح لأشخاص مختلفين ) وُجدوا في حفرة Sima.
حسب ما جاء في مجلة الطبيعة اليوم، يصرح الفريق بأنه في حين كانت أغلب الأحماض النووية التي يعود عمرها لـ 430,000 سنة تتراجع بطريقة مفهومة ومثبتة، فإن الأجزاء الصغيرة من الجينوم الذي كانوا قادرين على استخلاصها، و فك رموز شيفرتها بينت أن هؤلاء الأشخاص المحددين كانوا في الواقع بشرًا بدائيين قدماء.
وبالتالي لدينا شخص في الحفرة يرتبط بشكل مباشر بالدينيزوفانز– حسب ما تم إثباته في دراسة عام 2013– وبعض الأشخاص، حسب الدراسة المنشورة اليوم، يرتبطون بالبشر البدائيين، وكلاهما يعود للوقت نفسه من التاريخ.
ماذا يخبرنا كل هذا؟ بأن كلا المجموعتين، البشر البدائيين والدينيزوفانز ،لا بد أنهما تشعبتا من السلف المشترك العام نفسه ، مما يقارب 430,000 سنة مضت، وأن هذا حدث بمسار أقدم مما توقّعه أي شخص.
يقول كولي باراس Colin Barrasلمجلة عالِم جديد:new scientist “إن معرفة شيء كهذا سيشكل نتائج كبيرة مع مرور الوقت.”
تقول كاترينا هارفاتي باباثيودورو Katerina Harvati-Papathiodorouمن جامعة تيوبينجن في ألمانيا: ” إننا نعلم بأن البشر البدائيين والدينيزوفانز يشتركان بسلف عام تشعبت منه سلالة الإنسان الحالي، عندما تم تسليط الضوء على دليل الحمض النووي الجديد، اقترح فريق ميير بأن هذا التشعب يكون قد حصل منذ 765,000 سنة مضت. دراسات الحمض النووي السابقة أرجعت تاريخ هذا التشعب لـ 315,000 إلى 540,000 سنة فقط “.
بشكل مثير للانتباه، نجد أن تاريخ التشعب البدائي – الدينيزوفيني- العائد لـ 765,000 سنة، قد يضعنا أمام الإتجاه الصحيح لإيجاد أقدم سلف عام مشترك لنا، حسب ما يوضحه باراس Barras. كما افترض الباحثون أن كل من البشر الحاليين والبشر البدائيين والدينيزوفانز قد تطوروا من إنسان قديم يدعى إنسان هيدلبرغ، لكن لدينا الدليل لنقترح أن هذه الأنواع لم تتطور إلى مابعد 700,000 سنة مضت.
بدلًا من ذلك، علينا أن ننظر إلى أنواع أخرى تدعى السلف البشري Homoantecessor، الذي تطور أبكر بكثير من إنسان هيدلبرغ، على أنها سلفنا المشترك البديل.
هذا يعني بأنه قد حان الوقت كي نبدأ بالبحث عن تعداد الأسلاف البشرية التي عاشت بين 700,000 و 900,000 سنة مضت لنعلم من أين أتينا.
ماريا مارتنون توريس Maria Martinon-Torres، وهي عالمة مستحاثات بشرية من جامعة لندن، أخبرت كالاواي Callaway من مجلة الطبيعة Nature: ” أنها تعتقد أن السلف البشري ذو الـ 900,000 سنة موجود في البقايا المستحاثية في إسبانيا، وهو المرشح الأقوى للسلف المشترك العام في حال كانت هذه النماذج موجودة في إفريقيا والشرق الأوسط “.
وبذلك ومع وجود معرفة أكبر حول شجرة عائلتنا المعقدة بشكل لا يصدق، يصبح كل شيء أقل تأكيدًا، لكن هذه هي روعة وجمال طرق العمل المعتمدة على العلم.
الغنيمة الكبرى الآن تكمن في إيجاد بقايا السلف البشري الذي يستطيع أن يكشف لنا حقيقة السلف العام للإنسان الحالي والبشر البدائيين والدينيزوفانز. كم سيكون شيء جذّابا ومدهشا أن نرى ذلك ونحن لا نزال على قيد الحياة.