حيدري (بلند)
Al-Haydari (Baland-) - Al-Haydari (Baland-)
الحيدري (بلند -)
(1345-1417هـ/1926-1996م)
بلند الحيدري، شاعر عراقي من رواد الحداثة الشعرية، مارس الصحافة وله اهتمامات سياسية. ولد في بغداد لعائلة ذات أصول كردية. وتلقى دروسه الابتدائية والثانوية في بغداد أيضاً. لم تسنح له الفرصة لإكمال تعليمه الجامعي. وحين خلعت الحرب العالمية الثانية رداءها، كان الحيدري قد بدأ حياةً قاسية، متشرداً مع مجموعة من الأدباء الشباب كسليمان العيسى، وعبد الوهاب البياتي، وعبد الرزاق عبد الواحد، في مقاهي بغداد منتمين إلى جمعية «جماعة الوقت الضائع». وكان ديوانه الأول موسوماً بهذه الجمعية.
عُرف بلند الحيدري منذ ديوانه الأول (خفقة الطين) بلغته الرومانسية المتقدة بالضجر والألم والحنين، كما يعبر عن ذلك الناقد اللبناني مارون عبود: أشهد أن ديوان بلند الحيدري «خفقة الطين» أحفل ما رأيت من دواوين الشباب بالشعر ولعله الشاعر الذي تحلم به بغداد». فمن ديوانه «خفقة الطين» قصيدته الغزلية الرائعة «أهواك» يقول:
واستطاع أن يحقق انعطافة كبيرة في مسيرته الشعرية تتمثل بقصيدته الطويلة «حوار عبر الأبعاد الثلاثة» عام 1973، ويتحدث عنها الناقد العراقي محسن اطيمش في كتابه «دير ملاك»: «هي من النماذج الرفيعة في الشعر العراقي والعربي الحديث».
كان الحيدري نشيطاً في مجالات أخرى غير الشعر، فقد مارس العمل الصحفي في عدد من الجرائد والمجلات العراقية والعربية وفي المهجر أيضا. فقد كان مسهماً فعالاً في مجلة «العاملون في النفط» التي كان يشرف عليها جبرا إبراهيم جبرا في منتصف الخمسينات. وقد أسهم مع السياب في الملحق الثقافي الأسبوعي «56-1958» لجريدة «الشعب» اليومية لصاحبها يحيى قاسم. وعند ذهابه إلى بيروت أسهم لسنوات عدة في رئاسة تحرير مجلة «العلوم» اللبنانية في الستينيات التي كان يملكها ويديرها منير بعلبكي. وبعدها كان كاتباً مواظباً في مجلة «المجلة» الأسبوعية السعودية. وأصدر في عام 1981 - بيروت كتابه «زمن لكل الأزمنة» وهو عبارة عن مجموعة مقالات حول موضوعات مختلفة. في عام 1996 نشر له في مجلة العربي الكويتية، مقال حول «أثر الإسلام في تطور الخط العربي»، يُلمس في هذه المقالة المتميزة، حيوية الشاعر وثقافته الموسوعية، وقدرته على استنباط النتائج المهمة بخصوص تطور الخط العربي عبر التجربة الإسلامية الغنية مردداً ما قاله عكرمة بن أبي جهل «فداء أهل بدر أربعة آلاف درهم، حتى إن الرجل ليفادى على أن يعلم الخط، لعظم خطره وجلالة قدره».
لكن الحيدري له جانب آخر في حياته لايقل التباساً وغموضاً ،إنه الوجه السياسي للشاعر. لقد كان الحيدري منذ شبابه يميل إلى التمرد والثورة في الشعر والحياة. فبعد عام 1958 وأثر ثورة 14 تموز وانهيار الملكية وبداية الجمهورية، «تياسر» الحيدري وبدأ ينشط مع تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي سياسياً وثقافياً. لكنه حين غادر العراق إلى بيروت، ترك ذلك النشاط نهائياً وتحول إلى ليبرالي سياسي داعياً إلى حقوق الإنسان، ومدافعاً عن الحريات الديمقراطية والنقابية. وكانت معظم قصائده وكتاباته السياسية تنضح بمعاداة الظلم وقسوة السلطان والدعوة إلى حرية الإنسان. ففي قصيدته «فإذا العراق وليمة لجرادها» في ديوانه الأخير «آخر الدرب» يقول:
فإذا العراقُ وليمة لجرادها
والدارُ نهْبَ براثن الغربانِ
قُتلت بما تنوي فمثلُكَ حلفةً
برؤاكَ بالشر العظيمِ الشان
وقد شارك في تأسيس المؤتمر القومي العربي الأول بمدينة تونس. لكنه على أثر أحداث الكويت في 2 آب 1990، غادر هذا المؤتمر. وبدأ ينشط عراقياً مرة ثانية في إطار تنظيم اسمه «اتحاد الديمقراطيين العراقيين» ومقره لندن، وكان يشرف على جريدته المركزية «العراق الديمقراطي» حتى وفاته.
من أهم آثاره ديوان «خفقة الطين» بغداد 1946، وديوان «أغاني المدينة الميتة» الطبعة الأولى بغداد 1951، وديوان «حوار عبر الأبعاد الثلاثة» بيروت 1972، وديوان «أخر الدرب» القاهرة 1993.
طارق الدليمي
Al-Haydari (Baland-) - Al-Haydari (Baland-)
الحيدري (بلند -)
(1345-1417هـ/1926-1996م)
بلند الحيدري، شاعر عراقي من رواد الحداثة الشعرية، مارس الصحافة وله اهتمامات سياسية. ولد في بغداد لعائلة ذات أصول كردية. وتلقى دروسه الابتدائية والثانوية في بغداد أيضاً. لم تسنح له الفرصة لإكمال تعليمه الجامعي. وحين خلعت الحرب العالمية الثانية رداءها، كان الحيدري قد بدأ حياةً قاسية، متشرداً مع مجموعة من الأدباء الشباب كسليمان العيسى، وعبد الوهاب البياتي، وعبد الرزاق عبد الواحد، في مقاهي بغداد منتمين إلى جمعية «جماعة الوقت الضائع». وكان ديوانه الأول موسوماً بهذه الجمعية.
عُرف بلند الحيدري منذ ديوانه الأول (خفقة الطين) بلغته الرومانسية المتقدة بالضجر والألم والحنين، كما يعبر عن ذلك الناقد اللبناني مارون عبود: أشهد أن ديوان بلند الحيدري «خفقة الطين» أحفل ما رأيت من دواوين الشباب بالشعر ولعله الشاعر الذي تحلم به بغداد». فمن ديوانه «خفقة الطين» قصيدته الغزلية الرائعة «أهواك» يقول:
أنا أهواك ولكن | |
غير ما تهوين أهوى | |
أنا أهواك جراحاً في حياتي تتلوى | |
كلما هدهدتها | |
أهدت إلى العالم نجوى |
كان الحيدري نشيطاً في مجالات أخرى غير الشعر، فقد مارس العمل الصحفي في عدد من الجرائد والمجلات العراقية والعربية وفي المهجر أيضا. فقد كان مسهماً فعالاً في مجلة «العاملون في النفط» التي كان يشرف عليها جبرا إبراهيم جبرا في منتصف الخمسينات. وقد أسهم مع السياب في الملحق الثقافي الأسبوعي «56-1958» لجريدة «الشعب» اليومية لصاحبها يحيى قاسم. وعند ذهابه إلى بيروت أسهم لسنوات عدة في رئاسة تحرير مجلة «العلوم» اللبنانية في الستينيات التي كان يملكها ويديرها منير بعلبكي. وبعدها كان كاتباً مواظباً في مجلة «المجلة» الأسبوعية السعودية. وأصدر في عام 1981 - بيروت كتابه «زمن لكل الأزمنة» وهو عبارة عن مجموعة مقالات حول موضوعات مختلفة. في عام 1996 نشر له في مجلة العربي الكويتية، مقال حول «أثر الإسلام في تطور الخط العربي»، يُلمس في هذه المقالة المتميزة، حيوية الشاعر وثقافته الموسوعية، وقدرته على استنباط النتائج المهمة بخصوص تطور الخط العربي عبر التجربة الإسلامية الغنية مردداً ما قاله عكرمة بن أبي جهل «فداء أهل بدر أربعة آلاف درهم، حتى إن الرجل ليفادى على أن يعلم الخط، لعظم خطره وجلالة قدره».
لكن الحيدري له جانب آخر في حياته لايقل التباساً وغموضاً ،إنه الوجه السياسي للشاعر. لقد كان الحيدري منذ شبابه يميل إلى التمرد والثورة في الشعر والحياة. فبعد عام 1958 وأثر ثورة 14 تموز وانهيار الملكية وبداية الجمهورية، «تياسر» الحيدري وبدأ ينشط مع تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي سياسياً وثقافياً. لكنه حين غادر العراق إلى بيروت، ترك ذلك النشاط نهائياً وتحول إلى ليبرالي سياسي داعياً إلى حقوق الإنسان، ومدافعاً عن الحريات الديمقراطية والنقابية. وكانت معظم قصائده وكتاباته السياسية تنضح بمعاداة الظلم وقسوة السلطان والدعوة إلى حرية الإنسان. ففي قصيدته «فإذا العراق وليمة لجرادها» في ديوانه الأخير «آخر الدرب» يقول:
فإذا العراقُ وليمة لجرادها
والدارُ نهْبَ براثن الغربانِ
قُتلت بما تنوي فمثلُكَ حلفةً
برؤاكَ بالشر العظيمِ الشان
وقد شارك في تأسيس المؤتمر القومي العربي الأول بمدينة تونس. لكنه على أثر أحداث الكويت في 2 آب 1990، غادر هذا المؤتمر. وبدأ ينشط عراقياً مرة ثانية في إطار تنظيم اسمه «اتحاد الديمقراطيين العراقيين» ومقره لندن، وكان يشرف على جريدته المركزية «العراق الديمقراطي» حتى وفاته.
من أهم آثاره ديوان «خفقة الطين» بغداد 1946، وديوان «أغاني المدينة الميتة» الطبعة الأولى بغداد 1951، وديوان «حوار عبر الأبعاد الثلاثة» بيروت 1972، وديوان «أخر الدرب» القاهرة 1993.
طارق الدليمي