مارلو (كريستوفر)
Marlowe (Christopher-) - Marlowe (Christopher-)
مارلو (كريستوفر ـ)
( 1564ـ 1593)
كريستوفر مارلو Christopher Marlowe كاتب مسرحي وشاعر إنكليزي من أهم كتاب عصر النهضة، يعد رائداً للمسرح الإليزابيثي، إذ بدأ الكتابة قبل شكسبير وحرر المسرح من ضوابط الشعر المقفى باستخدامه الشعر المرسل blank verse في مسرحياته، فمهد الطريق لشكسبير ومن تلاه.
ولد مارلو في كانتربري Canterbury في إنكلترا، وهو الابن الأكبر لجون مارلو الذي كان يعمل حذّاءً. تلقى تعليمه في المراحل الأولى في «مدرسة الملك» King’s School، ثم تابع تعليمه الجامعي في كلية كوربس كريستي Corpus Christi في كمبردج Cambridge التي كانت مركزاً فكرياً مرتبطاً بمؤسسات القوة والنفوذ السياسي، إذ حصل على منحة مدتها ست سنوات لدراسة علم اللاهوت، وحصل على الإجازة عام 1584. اختير باحثاً في بلاط الملكة اليزابيث الأولى، وتمكن من نيل درجة الماجستير في عام 1587 على الرغم من غيابه المتكرر وغير المبرر وإشاعات عن تحوله عن البروتستنتية إلى الكاثوليكية. وظهر أنه كان يسافر إلى الدول المجاورة - وخاصة فرنسا- عميلاً سرياً يراقب الكاثوليك هناك لمصلحة مخابرات الملكة الأنغليكانية بهدف كشف أي مؤامرة تحاك ضدها. ولأنه كان يعمل لمصلحة حكومته، تدخل مجلس الملكة Privy Council في رسالة كتبت لإدارة الجامعة تطالبها بمنح مارلو درجة الماجستير لما قدمه من خدمات للملكة.
انتقل مارلو بعد إنهاء دراسته إلى لندن حيث كتب الشعر والمسرح، وعاش حياة صاخبة؛ إذ اصطدم مع القضاء في قضايا ومشاجرات عدة، فقد كان قلقاً عنيف الطباع. أسس مع مجموعة من الأدباء والمفكرين المعارضين ما يسمى «حلقة رولي» Raleigh Circle، أو «مدرسة الليل» The School of Night التي كان يديرها والتر رولي Walter Raleigh، وعُرف عنها تداول الأفكار التقدمية المتطرفة المعارضة للدين والدولة وميلها إلى المواقف ذات الطبيعة العلمية والعلمانية. وبسبب انتمائه إلى تلك المجموعة وعمله في الوقت نفسه لمصلحة الحكومة، لم تُعرف أبداً ولاءات مارلو الحقيقية، وحار الباحثون في أمرهم، فمنهم من رأى أنه أخلص الولاء للملكة الأنغليكانية، ومنهم من اتهمه بالتعاطف مع الكاثوليك والتآمر معهم ضدها. ولعل هذه الحياة التي عاشها مشتت الولاء، متقلب العمالة كانت سبباًَ في موته قتلاً.
نسب صديقه وشريكه في السَكَن توماس كيد [ر] Thomas Kyd الأوراق التي عثرت عليها السلطات في منزلهما - وتحوي كتابات ضد الدين - إلى مارلو؛ فقُبض عليه وزج في السجن في أيار/مايو 1593، ووجهت إليه تهمة الكفر والهرطقة والشذوذ الجنسي على الرغم من عدم توافر أدلة قاطعة. ثم سرح بكفالة ولكن لم يتسنَ له الدفاع عن نفسه ضد الاتهامات، إذ إنه قُتل قرب حانة في ديتفورد Deptford في شجار افتعله رجل يعمل لمصلحة مخابرات الملكة يدعى إنغرام فريزر Ingram Frizer طعن مارلو حتى الموت وهو لم يتجاوز التاسعة والعشرين. ويرجح المهتمون بحياته أنه قتل بدوافع سياسية لاطلاعه على قضايا وأسرار كثيرة كانت ستورط شخصيات مهمة في البلاط. ولاتزال قضية مقتل مارلو لغزاً محاطاً بغموض كبير.
على الرغم من قِصَر حياته الأدبية كتب مارلو كثيراً من المسرحيات والقصائد التي جذبت الجمهور آنذاك وأثرت في معاصريه من الكتّاب. لاتُعرف التواريخ التي كُتبت فيها نصوصه المسرحية بدقة إذ إن معظم أعماله نُشرت بعد وفاته، ولعل مأساة «دايدو، ملكة قرطاج» Dido, Queen of Carthage هي أول ما كتب على الرغم من أنها نشرت عام 1594، إذ إنها الأقل نضجاً لغوياً. أما «تيمورلنك» Tamburlaine فقد كتبها في جزأين ونشرت بين عامي 1587- 1588، وحققت شعبية جماهيرية عند عرضها على مسرح «الروز» The Rose الذي احتضن معظم مسرحياته. كتب مسرحيته الأبرز «مأساة الدكتور فاوستس» The Tragedy of Doctor Faustus عام 1589، ولكنها لم تنشر حتى 1604 وقد اقتبسها مارلو من أسطورة العالم المشعوذ الألماني فاوست Faust الذي باع روحه للشيطان مقابل علم غير محدود. أما «يهودي مالطا» The Jew of Malta فقد كتبت بين عامي 1588- 1590، والمسرحية التاريخية «مأساة الملك إدوارد الثاني» في عام 1590، وعرضت أول مرة عام 1593، وكانت مصدر إلهام لشكسبير ومعاصريه حين حوّل مادة تاريخية إلى مسرحية تعالج موضوع الصراع بين الرغبة والعاطفة والحكمة من جهة والسلطة من جهة أخرى. كتب مارلو أيضاً «مذبحة في باريس» Massacre at Paris (1593) صور فيها لعبة السياسة والمؤامرات والقتل، ولكن النص المتداول يتصف بحبكة درامية ضعيفة ومفككة.
صور مارلو في شخصياته الرئيسية صراع الإنسان ضد رغباته وعواطفه التي تسيطر عليه إلى حد الهوس، إذ تسعى كلها إلى تحقيق طموح أو رغبة ما. وقد استطاع التعبيرَ عن روح عصر النهضة وإنسانها الذي يعتريه طموح جامح لمقاربة المستحيل، هذا الطموح الذي يسيطر عليه ويجتاحه فلا يهدأ إلا إذا حققه ولو ركب المخاطر وانقاد إلى الهاوية. فتيمورلنك يسعى من دون هوادة إلى تحقيق السلطة المطلقة في غزوه بلاداً عدة، فيقتل ويحرق ويدمر مبرراً وحشيته وطغيانه بحبه للسلطة من دون أن يرف له جفن أو يشعر بالندم أو يُعاقَب. ويسعى فاوستُس بدوره إلى الخلود بلهاثه الدائم وراء المعرفة، ويذهب لتحقيق هدفه إلى حد بيع روحه للشيطان. أما باراباس يهودي مالطا فيجد في المال الطموح الأول والمطلق الذي يمنحه القوة في مجتمع مسيحي يكرهه، والذي يجعله ينتقم من جميع من حوله حتى ابنته الوحيدة بخطة مكياڤِلية تطيح بأعدائه وتدمره في النهاية. أما الملك إدوارد الثاني فيدمره حبه لنديمه غافستون Gaveston، الذي يخرج عن المألوف ليقترب من الشذوذ الجنسي، والذي يخفق في السيطرة عليه فيهمل إدارة مملكته، فيتآمر عليه النبلاء ويطيحون به بوحشية لم يسبق لها مثيل في التاريخ الإنكليزي. ويأتي موضوع الحب هوساً أيضاً في مسرحية »دايدو، ملكة قرطاج« حيث تقع دايدو في حب إنياس Aeneas الذي تحط سفينته على شواطئ مملكتها، فيستحوذ على عقلها وكيانها ما يدفعها إلى حرق نفسها.
تجاوز مارلو عصر النهضة ليجسد صراع الإنسان مع القيود التي تحد من حريته بين طموحه وصعوبة تحقيقه والإخفاق والدمار المطلقين، فتأتي مسرحياته وكأن كلاً منها ملحمة يكتشف فيها الإنسان أنه لن يكون حراً أبداً ولن يحقق ما يسعى إليه. وهذه مأساة الإنسان في نظر مارلو، أي صراعه مع النظام الكوني والسياسي والديني والاجتماعي الذي يخنقه. وقد ألهمت شخصيات مارلو عدداً من الكتّاب على مر العصور، فاقتبس شكسبير موتيف شخصية يهودي مالطا في مسرحية «تاجر البندقية» في تجسيده لشايلوك اليهودي المرابي، واهتمامه بتاريخ الملوك الإنكليز وخاصة في تناوله قصة الملك «رتشارد الثاني» Richard the Second الذي كان ملكاً ضعيفاً كالملك إدوارد، وتأثر الشاعر الألماني غوته[ر] بمسرحية «فاوستُس» وأبدى إعجابه بحبكتها وموضوعها وبنيتها، واقتبس منها في مسرحيته «فاوست» Faust. وقد تُوِّج مارلو بمديح معاصريه من الكتّاب، فذكره شكسبير في مسرحية «كما تحب» As You Like it، كما امتدح الكاتب جونسون [ر] Jonson شعره الخطابي القوي.
عُرف مارلو بشعره المدوي الخطابي mighty lineالذي تميز بإيقاعات قوية وجرس حماسي مسرحي مؤثر، وبقدرته على استخدام الحبكة القوية والتأثيرات المسرحية المتنوعة والمثيرة، وقد أعطى الشعر المرسل في النص المسرحي مرونة وجزالة وجرساً موسيقياً مؤثراً بعيداً عن الجمود الذي كان يعتريه قبل أن يحرره مارلو من قوالبه الثابتة المقفاة. كما برع أيضاً في استخدام الصور والاستعارات والمشهدية المسرحية على نحو لم يسبق له مثيل إلا عند شكسبير، حتى إن هناك فرضية تقول «إننا قد ندين لمارلو الذي اختبأ من وجه العدالة بالأعمال المنسوبة إلى شكسبير، وإن شكسبير ليس سوى اسم مستعار». ولعل سبب هذه الافتراضات يعود لتميز مارلو بقدر كبير من العلم والذكاء والحياة المليئة بالمغامرات لم يتميز بها شكسبير الذي عاش حياة بسيطة عادية كما يقال، لا تؤهله لتقديم نتاج على هذا القدر من السمو والرحابة العظيمة التي تظهر ثقافة وتعليماً كبيرين لم يحصل عليهما.
كتب مارلو أيضاً ملحمة شعرية غير مكتملة بعنوان «هيرو ولياندر» Hero and Leander (1593) أتمها جورج تشابمان George Chapman في عام 1598 بعد وفاته، كما نظم مارلو قصائد غنائية منها «الراعي العاشق إلى محبوبته» The Passionate Shepherd to His Love (1590)، وترجم عن كتاب أوفيد Ovid «قصص الحب» Amores (1582)، وكتاب لوكان Lucan «فارساليا» Pharsalia (1582) مستخدماً الشعر المرسل.
ريما الحكيم
Marlowe (Christopher-) - Marlowe (Christopher-)
مارلو (كريستوفر ـ)
( 1564ـ 1593)
كريستوفر مارلو Christopher Marlowe كاتب مسرحي وشاعر إنكليزي من أهم كتاب عصر النهضة، يعد رائداً للمسرح الإليزابيثي، إذ بدأ الكتابة قبل شكسبير وحرر المسرح من ضوابط الشعر المقفى باستخدامه الشعر المرسل blank verse في مسرحياته، فمهد الطريق لشكسبير ومن تلاه.
انتقل مارلو بعد إنهاء دراسته إلى لندن حيث كتب الشعر والمسرح، وعاش حياة صاخبة؛ إذ اصطدم مع القضاء في قضايا ومشاجرات عدة، فقد كان قلقاً عنيف الطباع. أسس مع مجموعة من الأدباء والمفكرين المعارضين ما يسمى «حلقة رولي» Raleigh Circle، أو «مدرسة الليل» The School of Night التي كان يديرها والتر رولي Walter Raleigh، وعُرف عنها تداول الأفكار التقدمية المتطرفة المعارضة للدين والدولة وميلها إلى المواقف ذات الطبيعة العلمية والعلمانية. وبسبب انتمائه إلى تلك المجموعة وعمله في الوقت نفسه لمصلحة الحكومة، لم تُعرف أبداً ولاءات مارلو الحقيقية، وحار الباحثون في أمرهم، فمنهم من رأى أنه أخلص الولاء للملكة الأنغليكانية، ومنهم من اتهمه بالتعاطف مع الكاثوليك والتآمر معهم ضدها. ولعل هذه الحياة التي عاشها مشتت الولاء، متقلب العمالة كانت سبباًَ في موته قتلاً.
نسب صديقه وشريكه في السَكَن توماس كيد [ر] Thomas Kyd الأوراق التي عثرت عليها السلطات في منزلهما - وتحوي كتابات ضد الدين - إلى مارلو؛ فقُبض عليه وزج في السجن في أيار/مايو 1593، ووجهت إليه تهمة الكفر والهرطقة والشذوذ الجنسي على الرغم من عدم توافر أدلة قاطعة. ثم سرح بكفالة ولكن لم يتسنَ له الدفاع عن نفسه ضد الاتهامات، إذ إنه قُتل قرب حانة في ديتفورد Deptford في شجار افتعله رجل يعمل لمصلحة مخابرات الملكة يدعى إنغرام فريزر Ingram Frizer طعن مارلو حتى الموت وهو لم يتجاوز التاسعة والعشرين. ويرجح المهتمون بحياته أنه قتل بدوافع سياسية لاطلاعه على قضايا وأسرار كثيرة كانت ستورط شخصيات مهمة في البلاط. ولاتزال قضية مقتل مارلو لغزاً محاطاً بغموض كبير.
على الرغم من قِصَر حياته الأدبية كتب مارلو كثيراً من المسرحيات والقصائد التي جذبت الجمهور آنذاك وأثرت في معاصريه من الكتّاب. لاتُعرف التواريخ التي كُتبت فيها نصوصه المسرحية بدقة إذ إن معظم أعماله نُشرت بعد وفاته، ولعل مأساة «دايدو، ملكة قرطاج» Dido, Queen of Carthage هي أول ما كتب على الرغم من أنها نشرت عام 1594، إذ إنها الأقل نضجاً لغوياً. أما «تيمورلنك» Tamburlaine فقد كتبها في جزأين ونشرت بين عامي 1587- 1588، وحققت شعبية جماهيرية عند عرضها على مسرح «الروز» The Rose الذي احتضن معظم مسرحياته. كتب مسرحيته الأبرز «مأساة الدكتور فاوستس» The Tragedy of Doctor Faustus عام 1589، ولكنها لم تنشر حتى 1604 وقد اقتبسها مارلو من أسطورة العالم المشعوذ الألماني فاوست Faust الذي باع روحه للشيطان مقابل علم غير محدود. أما «يهودي مالطا» The Jew of Malta فقد كتبت بين عامي 1588- 1590، والمسرحية التاريخية «مأساة الملك إدوارد الثاني» في عام 1590، وعرضت أول مرة عام 1593، وكانت مصدر إلهام لشكسبير ومعاصريه حين حوّل مادة تاريخية إلى مسرحية تعالج موضوع الصراع بين الرغبة والعاطفة والحكمة من جهة والسلطة من جهة أخرى. كتب مارلو أيضاً «مذبحة في باريس» Massacre at Paris (1593) صور فيها لعبة السياسة والمؤامرات والقتل، ولكن النص المتداول يتصف بحبكة درامية ضعيفة ومفككة.
صور مارلو في شخصياته الرئيسية صراع الإنسان ضد رغباته وعواطفه التي تسيطر عليه إلى حد الهوس، إذ تسعى كلها إلى تحقيق طموح أو رغبة ما. وقد استطاع التعبيرَ عن روح عصر النهضة وإنسانها الذي يعتريه طموح جامح لمقاربة المستحيل، هذا الطموح الذي يسيطر عليه ويجتاحه فلا يهدأ إلا إذا حققه ولو ركب المخاطر وانقاد إلى الهاوية. فتيمورلنك يسعى من دون هوادة إلى تحقيق السلطة المطلقة في غزوه بلاداً عدة، فيقتل ويحرق ويدمر مبرراً وحشيته وطغيانه بحبه للسلطة من دون أن يرف له جفن أو يشعر بالندم أو يُعاقَب. ويسعى فاوستُس بدوره إلى الخلود بلهاثه الدائم وراء المعرفة، ويذهب لتحقيق هدفه إلى حد بيع روحه للشيطان. أما باراباس يهودي مالطا فيجد في المال الطموح الأول والمطلق الذي يمنحه القوة في مجتمع مسيحي يكرهه، والذي يجعله ينتقم من جميع من حوله حتى ابنته الوحيدة بخطة مكياڤِلية تطيح بأعدائه وتدمره في النهاية. أما الملك إدوارد الثاني فيدمره حبه لنديمه غافستون Gaveston، الذي يخرج عن المألوف ليقترب من الشذوذ الجنسي، والذي يخفق في السيطرة عليه فيهمل إدارة مملكته، فيتآمر عليه النبلاء ويطيحون به بوحشية لم يسبق لها مثيل في التاريخ الإنكليزي. ويأتي موضوع الحب هوساً أيضاً في مسرحية »دايدو، ملكة قرطاج« حيث تقع دايدو في حب إنياس Aeneas الذي تحط سفينته على شواطئ مملكتها، فيستحوذ على عقلها وكيانها ما يدفعها إلى حرق نفسها.
تجاوز مارلو عصر النهضة ليجسد صراع الإنسان مع القيود التي تحد من حريته بين طموحه وصعوبة تحقيقه والإخفاق والدمار المطلقين، فتأتي مسرحياته وكأن كلاً منها ملحمة يكتشف فيها الإنسان أنه لن يكون حراً أبداً ولن يحقق ما يسعى إليه. وهذه مأساة الإنسان في نظر مارلو، أي صراعه مع النظام الكوني والسياسي والديني والاجتماعي الذي يخنقه. وقد ألهمت شخصيات مارلو عدداً من الكتّاب على مر العصور، فاقتبس شكسبير موتيف شخصية يهودي مالطا في مسرحية «تاجر البندقية» في تجسيده لشايلوك اليهودي المرابي، واهتمامه بتاريخ الملوك الإنكليز وخاصة في تناوله قصة الملك «رتشارد الثاني» Richard the Second الذي كان ملكاً ضعيفاً كالملك إدوارد، وتأثر الشاعر الألماني غوته[ر] بمسرحية «فاوستُس» وأبدى إعجابه بحبكتها وموضوعها وبنيتها، واقتبس منها في مسرحيته «فاوست» Faust. وقد تُوِّج مارلو بمديح معاصريه من الكتّاب، فذكره شكسبير في مسرحية «كما تحب» As You Like it، كما امتدح الكاتب جونسون [ر] Jonson شعره الخطابي القوي.
عُرف مارلو بشعره المدوي الخطابي mighty lineالذي تميز بإيقاعات قوية وجرس حماسي مسرحي مؤثر، وبقدرته على استخدام الحبكة القوية والتأثيرات المسرحية المتنوعة والمثيرة، وقد أعطى الشعر المرسل في النص المسرحي مرونة وجزالة وجرساً موسيقياً مؤثراً بعيداً عن الجمود الذي كان يعتريه قبل أن يحرره مارلو من قوالبه الثابتة المقفاة. كما برع أيضاً في استخدام الصور والاستعارات والمشهدية المسرحية على نحو لم يسبق له مثيل إلا عند شكسبير، حتى إن هناك فرضية تقول «إننا قد ندين لمارلو الذي اختبأ من وجه العدالة بالأعمال المنسوبة إلى شكسبير، وإن شكسبير ليس سوى اسم مستعار». ولعل سبب هذه الافتراضات يعود لتميز مارلو بقدر كبير من العلم والذكاء والحياة المليئة بالمغامرات لم يتميز بها شكسبير الذي عاش حياة بسيطة عادية كما يقال، لا تؤهله لتقديم نتاج على هذا القدر من السمو والرحابة العظيمة التي تظهر ثقافة وتعليماً كبيرين لم يحصل عليهما.
كتب مارلو أيضاً ملحمة شعرية غير مكتملة بعنوان «هيرو ولياندر» Hero and Leander (1593) أتمها جورج تشابمان George Chapman في عام 1598 بعد وفاته، كما نظم مارلو قصائد غنائية منها «الراعي العاشق إلى محبوبته» The Passionate Shepherd to His Love (1590)، وترجم عن كتاب أوفيد Ovid «قصص الحب» Amores (1582)، وكتاب لوكان Lucan «فارساليا» Pharsalia (1582) مستخدماً الشعر المرسل.
ريما الحكيم