مجنون ليلي (قيس ملوح)
Majnoun Layla (Qays ibn Mulawwah) - Majnoun Layla (Qays ibn Mulawwah)
مجنون ليلى (قيس بن الملوح)
قيس بن الملوِّح بن مزاحم بن عُدْس العامري، من بني عامر بن صعصعة. اختلفوا في اسمه ونسبه، واشتُهر بلقب «مجنون ليلى»، ولقبه المجنون لذهاب عقله بشدة عشقه، وقيل: بل لقّب ببيتٍ قاله، وهو:
وقيل جاء لقبه من بيتٍ آخر له.
نشأ في قومه، في بيئة بدوية في الحجاز، ورعى الغنم وهو صغير، وكانت فتاة صغيرة من قومه اسمها ليلى بنت مهدي بن سعد ترعى الغنم إلى جانبه، على مقربةٍ من جبل «التوباد»، فعلق حبُّها في قلبه، وأحبته، ونما الحب بينهما على مرور الأيام، وقد عبر عن هذه الحالة في قوله:
وقد انتشر خبر حبه بين أبناء القبيلة، وصار عشقه حديث الناس، وأنشد الأشعار فيها، والعرب تعدُّ ذلك مدعاةً للمنع والتفريق والحرمان. وعلم أبوها ما بين ابنته وقيس من حب، فكره أن تكون زوجةً له، وحملها على الزواج من رجل يدعى وَرْد بن محمد العُقيلي، كان تقدم للزواج منها، فكان لهذا الأمر أثرٌ كبير في حياة قيس، الذي هام بليلى، وتتبعها حيث تقيم أو ترتحل، وحاول أهله منعه من ذلك فلم يستطيعوا، وكذلك فعل أهلها، ويقال إنهم شكوا أمره إلى الوالي فأهدر دمه، ويقال إن أباه قيده، فبقي يأكل لحم ذراعيه ويضرب بنفسه، فأطلقه، فهام في الفلاة، فوُجِد ميتاً، فاحتملوه إلى الحي وغسّلوه ودفنوه، وكثر بكاء النساء والشباب عليه.
عاش مجنون ليلى في العصر الأموي، ويبدو أنه أدرك بدايات هذا العصر وتوفي في العقد السابع من القرن الهجري الأول.
وتشير كتب الأدب والأخبار إلى عدد من القصص التي تروى عن هيامه وسياحته في البراري والقفار من شدة حبه ووجده ولوعته، من ذلك أنه كان يسير شبه عُريان لا يُبقي على جسده ثياباً، ولا يجيب أحداً إذا سأله، ويَذهل عن كلِّ شيء، ولا يفيق مما هو به إلا إذا سُئل عن ليلى وحبه لها وأخباره معها. وكان قيس يدرك هذا الأمر، وعبر عنه في قوله:
ويقال إن أناساً من قومه أشاروا على أبيه أن يذهب به إلى مكة ليعوذ بالبيت الحرام ويدعو الله أن ينساها أو يعافيه الله مما ابتُلي به، فحجّ، فبينما هو يمشي بمِنى وأبوه معه قد أخذ بيده يريد الجمار؛ نادى منادٍ من تلك الخيام: يا ليلى! فخرّ مغشيّاً عليه، واجتمع عليه الناس وضجّوا، ونضحوا عليه من الماء، وأبوه يبكي عند رأسه، ثم أفاق وهو مصفرٌّ لونه متغيرٌ حالُه، فأنشأ يقول:
وكانت ليلى قد أصابها من حبه ما أصابه من شدة الشوق واللوعة وحرقة الفراق، ويروى أنه لما اختلط عقل قيس وترك الطعامَ والشراب، مضت أمه إلى ليلى فقالت لها: «إن قيساً قد ذهب حبُّك بعقله، وترك الطعام والشراب، فلو جئتِه وقتاً لرجوتُ أن يثوبَ إليه بعضُ عقله، فقالت ليلى: أما نهاراً فلا، لأنني لا آمن قومي على نفسي، ولكن ليلاً، فأتته ليلاً، فقالت له: يا قيس! إن أمك تزعم أنك جُننت من أجلي، وتركتَ المطعمَ والمشربَ، فاتقِ الله وأبقِ على نفسك، فبكى وأنشأ يقول:
قال: فبكت معه، وتحدثا حتى كاد الصبح أن يُسفر، ثم ودّعته وانصرفت، فكان آخر عهده بها».
كان المجنون جميلاً ظريفاً راويةً للأشعار حلو الحديث، أبيض اللون قد علاه شحوب.
وكان يحب الغزلان والظباء لما كان يراه في عيونها من شبه بعيون ليلى، ولما في لفتات الظبي وجيده من تذكيره بها، وهو القائل:
وهو من أبرز الشعراء العذريين وشعراء الغزل في الأدب العربي:
وقيل: إنه «من أشعر الناس، على أنهم قد نحلوه شعراً كثيراً رقيقاً يشبه شعره».
وأصبح حب قيس لليلى وما رافقه من أخبار مجالاً خِصباً للقُصّاص على مرّ الأيام، فأضيف إليه كثير من القصص والأشعار، وتركت قصة مجنون ليلى أثراً عظيماً في الأدبين الفارسي والتركي. كما أن شخصيته كانت موضع خلاف بين الرواة والباحثين، فبعضهم كان يشكك في وجود شخصية المجنون، ويجعله أسطورة لا حقيقة لها.
وهو شاعر رقيق حلو الألفاظ رائق الأسلوب متأجج العاطفة. وله ديوان شعر كبير جمعه ونشره عبد الستار فرّاج.
علي أبو زيد
Majnoun Layla (Qays ibn Mulawwah) - Majnoun Layla (Qays ibn Mulawwah)
مجنون ليلى (قيس بن الملوح)
قيس بن الملوِّح بن مزاحم بن عُدْس العامري، من بني عامر بن صعصعة. اختلفوا في اسمه ونسبه، واشتُهر بلقب «مجنون ليلى»، ولقبه المجنون لذهاب عقله بشدة عشقه، وقيل: بل لقّب ببيتٍ قاله، وهو:
ما بالُ قلبِكَ يا مجنونُ قد خُلِعَا في حبِّ من لا تَرى في نَيله طمعا |
نشأ في قومه، في بيئة بدوية في الحجاز، ورعى الغنم وهو صغير، وكانت فتاة صغيرة من قومه اسمها ليلى بنت مهدي بن سعد ترعى الغنم إلى جانبه، على مقربةٍ من جبل «التوباد»، فعلق حبُّها في قلبه، وأحبته، ونما الحب بينهما على مرور الأيام، وقد عبر عن هذه الحالة في قوله:
تعلقتُ ليلـى وهي ذاتُ ذؤابـةٍ ولم يبدُ للأترابِ من ثديها حجمُ صغيرين نرعى البَهْمَ يا ليت أننا إلى اليوم لم نكُبْر ولم تكبر الَبْهمُ |
عاش مجنون ليلى في العصر الأموي، ويبدو أنه أدرك بدايات هذا العصر وتوفي في العقد السابع من القرن الهجري الأول.
وتشير كتب الأدب والأخبار إلى عدد من القصص التي تروى عن هيامه وسياحته في البراري والقفار من شدة حبه ووجده ولوعته، من ذلك أنه كان يسير شبه عُريان لا يُبقي على جسده ثياباً، ولا يجيب أحداً إذا سأله، ويَذهل عن كلِّ شيء، ولا يفيق مما هو به إلا إذا سُئل عن ليلى وحبه لها وأخباره معها. وكان قيس يدرك هذا الأمر، وعبر عنه في قوله:
إذا ذُكرتْ ليلى عَقلتُ وراجعتْ روائعُ عقلي من هوًى متشعّبِ وقالوا صحيح ما به طيفُ جِنّة ولا لَمَـمٌ إلا افتـراءُ التكـذّب |
وداعٍ دعا إذ نحن بالخَِيْف من منًى فهيّج أحزانَ الفـؤادِ وما يـدري دعا باسـم ليلى غيرها فكأنمــا أطار بليلى طائراً كان في صدري |
قالت جُننتَ على أيشٍ فقلتُ لها الحبُّ أعظـمُ مما بالمجانيـن الحبُّ ليس يُفيقُ الدهرَ صاحبُه وإنما يُصرعُ المجنونُ في الحِين |
كان المجنون جميلاً ظريفاً راويةً للأشعار حلو الحديث، أبيض اللون قد علاه شحوب.
وكان يحب الغزلان والظباء لما كان يراه في عيونها من شبه بعيون ليلى، ولما في لفتات الظبي وجيده من تذكيره بها، وهو القائل:
بالله يا ظبيات القاع قلن لنا ليلاي منكن أم ليلى من البشر يا ما أمُيلحَ غزلاناً شَدنَّ لنا من هؤلياءِ بين الضالِ والسَّمُر |
حلفتُ بمن صلّت قريش وجمّرت له بمنًى يوم الإفاضة والنحـر لقد أصبحتْ مني حَصاناً بَريئـةً مُطهّرَةً ليلى من الفُحش والنُّكْر هي البدرُ حُسناً والنساءُ كواكـب فشتّان ما بين الكواكب والبـدر يقولون مجنـونٌ يَهـيمُ بذكرِهـا ووالله ما بي من جنونٍ ولا سحرِ |
وأصبح حب قيس لليلى وما رافقه من أخبار مجالاً خِصباً للقُصّاص على مرّ الأيام، فأضيف إليه كثير من القصص والأشعار، وتركت قصة مجنون ليلى أثراً عظيماً في الأدبين الفارسي والتركي. كما أن شخصيته كانت موضع خلاف بين الرواة والباحثين، فبعضهم كان يشكك في وجود شخصية المجنون، ويجعله أسطورة لا حقيقة لها.
وهو شاعر رقيق حلو الألفاظ رائق الأسلوب متأجج العاطفة. وله ديوان شعر كبير جمعه ونشره عبد الستار فرّاج.
علي أبو زيد