ممدوح عدوان كتب عن حيونة الإنسان ودافع عن الجنون … 13 عاماً على الرحيل
السبت, 23 ديسمبر 2017م
15 عاماً على رحيل الرجل الذي قال للسلطة والإعلام والله لا نصدقكم حتى فيما تذيعونه من النشرات الجوية
سناك سوري – نجيب الشوفي
مر ثلاثة عشر عاماً على رحيل الروائي المسرحي الشاعر والمترجم السوري “ممدوح عدوان” (1941-2004)، أحد أشهر أبناء جيله من الكتاب والمفكرين السوريين، فهو من قدم نفسه كمؤسسة معرفية متكاملة وشاملة لجميع جوانب الفنون الأدبية،قبل أن يرحل بعد صراع مع مرض عضال لازمه في أشهره الأخيرة.
ولد “ممدوح” أو كما كانت عائلته تحب مناداته “مدحت” في قرية “قيرون” قضاء حماة في 23 تشرين الثاني 1941، وعاش طفولة فقيرة قال عنها: «حين تعيش في هذا الجو وتكبَر فيه، ومهما بلغت درجة رفضك له أو لبعض ما فيه، ستكتشف لاحقاً أن التاريخ (تاريخ صدر الإسلام وبدايات الخلافة الأموية) كان يعيش معك، أو أنك كنت تعيش فيه. إن التاريخ لا يعود هنا معلومات في كتب، بل هو حياة. التاريخ حي وموجود».
تخرج “عدوان” من كلية الأداب اختصاص لغة انجليزية من “جامعة دمشق” بدرجة الباكالوريوس وعمل في التدريس والكتابة الصحفية في بداياته ثم أصدر كتابه الأول مسرحية “المخاض” عام 1965، وأنتج خلال مسيرته ما يزيد عن 50 مجلداً في الشعر والمسرح والرواية والفكر وترجم الكثير من المؤلفات.
تابع “عدوان” الحياة السياسية والاجتماعية السورية كمشاهد وناقد اختلفت فيه الآراء بسبب توجهاته المعارضة لكل خطأ وغير المتحيزة لأي طرف كان فبنى هذا غموضاً حول انتماءه، حتى أنه اتهم بموالاته للسلطة في سوريا كما اتهم أيضاً بأنه معارض لها وبأنه بعثي وشيوعي وقومي وبأنه لا منتمي بالأساس وهذا الأصح بين الاتهامات التي اتهم بها.
اقرأ أيضاً: بشار بطرس: السينما السورية ليست منتجاً فنياً… والدراما تعبر عن حال السياسة
ربما نظلم “عدوان” إن اعتبرنا أن ما قدمه من الشعر لم يرقَ لمرحلة تقديم معجم جديد فحالة من الصخب والتمرد وانتهاك كل محرم صاغت فنونه الشعرية بحالات تاريخية وميتافيزيقية. فهو من فجر مستويات من الرمزية والبعد الزمني لم يفعلها إلا قلائل غيره، وهو من أخذ على عاتقه وعاتق عدد من المسرحيين السوريين الراحلين كـ “سعد الله ونوس” و “محمد الماغوط” فترة النهوض بالمسرح السوري المعاصر والتي اتسمت بأعمال من داخل الهوية السورية ومن الواقع وذهبت بعيداً في جوانب النفس والمجتمع والواقع الذي يعيشه السوريون خلال العقود الثلاثة الأخيرة من الألفية الثانية.
اقرأ أيضاً: منظمة العفو الدولية تطلق حملة للمختفين قسرياً في ذكرى اختطاف “رزان زيتونة”
عاش “عدوان” ثلاثة عقود شهدت متغيرات سياسية اجتماعية اقتصادية وثقافية في الواقع السوري كانت كفيلة بإشعال شرارة الثورة في عقله اليقظ فنقلها لنا عبر مؤلفاتٍ كثيرة كـ “حيونة الإنسان” 2003 و “جنون آخر” 2004″ وهي مجموعة مقالات كتبها حول ما فقدناه جميعاً من شعور إنساني تجاه بعضنا وما بقي منها إن بقي، واعتيادنا على الذل والهوان والاستبداد وهو من قالها على مدرج جامعة دمشق قبل حوالي الأربعين عاماً من الآن وذلك في عام 1979 مخاطباً السلطة السياسية في سوريا والإعلام السوري بالتحديد: «والله لا نصدقكم حتى فيما تذيعونه من النشرات الجوية».
وأقتبس جزءاً من كتابه “حيونة الإنسان” الذي أصدره عام 2003 «إن الإنسان بطبيعته ميال إلى رفض الإذلال، ولذلك فإن المهان الذي لا يستطيع رد الإهانة يجب أن يصرفها مثل الفيتامين سي الزائد في الجسم، وهو حين لا يستطيع ردها من مصدرها لابد له من أن يصرفها باتجاه آخر (كأن يبكي مثلاً)، إلا أن الشائع هو التصريف نحو من يستطيع أن يتجبر عليهم».