ذكرى رحيل سعد الله ونوس.. الذي حكم علينا بالأمل ومضى
أمضى حياته داعياً للنهوض بالمسرح محذراً من تهميش الثقافة والمثقفين
الثلاثاء, 15 مايو 2018م
في مثل هذا اليوم من عام 1997 والذي يصادف ذكرى نكبة فلسطين أغمض ”سعد الله ونوس“ عينيه للأبد، تاركاً بصماته على المسرح شاهدةً على كل المرارة التي كان يشعر بها تجاه الواقع السوري والعربي بشكل عام.
سناك سوري-رام أسعد
ابن قرية “حصين البحر” القريبة من طرطوس والتي تجاوزها ليصبح ابناً لسوريا وللإنسانية كلها، رفض أن يستسلم للخيبات والهزائم التي عاشها في حياته فقرر أن يكون القلم سيفه وترسه فكانت أولى نصوصه مسرحية “الحياة أبداً” رداً منه على خيبته بعد الانفصال بين سوريا ومصر عام 1961 والتي لم تبصر النور لبعد وفاته.
أتبع نصه الأول بالعديد من الأعمال المسرحية حتى ضرب موعداً في العام 1965 مع أول مجموعة له من المسرحيات القصيرة تحت عنوان “حكايا جوقة التماثيل”.
الكاتب المسرحي والصحفي الحاصل على ليسانس صحافة من جامعة القاهرة شكلت له أيضاً هزيمة حزيران عام 1967 طعنة قوية وكابوساً مزعجاً فكتب إحدى أشهر مسرحياته التي اعتبرت نقطة تحول في المسرح الواقعي تحت اسم “حفلة سمر من أجل حزيران”.
صمت ”ونوس” عن الكتابة عقداً كاملاً بين عامي 1978-1988 ساهم خلالها بتأسيس المعهد العالي للفنون المسرحية وعاد بعدها ليصرخ عالياً من خلال مسرحية “الاغتصاب”.
اكتشف الأطباء إصابته بالسرطان في أوائل التسعينات وتنبأ له الأطباء بالعيش لـ 6 أشهر فقط. فما كان منه إلا أن قرر مواجهة مرضه كما واجه خيباته بالكتابة، فعاش متسلحاً بقلمه بعد تشخيص الإصابة 5 سنوات كتب خلالها مسرحيات عديدة أبرزها “يوم من زماننا” (1993)، “منمنمات تاريخية” (1995)، “بلاد أضيق من الحب” (1996)، الذي ضمنّه كتابه “عن الذاكرة والموت”، وأخيراً “الأيام المخمورة”.
”ونوس“ والذي أمضى حياته داعياً للنهوض بالمسرح محذراً من تهميش الثقافة والمثقفين رفض بالرغم من كل شيء أن يعتبر مانمر به اليوم هو نهاية التاريخ فقال جملته: « نحن محكومون بالأمل» ليرحل مبكراً عن عمر يناهز الـ 56 تاركاً المسرح السوري الذي كان يشكلّ ركناً من أركانه يئن ويحتضر على غيابه.
ترك “ونوس” إرثاً ثقافياً لكل السوريين ومكتبة هامة جداً كان من المفترض أن تتحول إلى متحف ثقافي سوري ومكتبة عامة إلا أنه تم منحها للجامعة الأميركية في بيروت.
مضت ذكرى رحيل “ونوس” بصمت في وطنه الذي قدم له الكثير، حاله كحال آلاف المبدعين الذين دفنتهم هذه البلاد ودفنت معهم ذكراهم بدل أن تجعل منهم منارات للأجبال القادمة.