اجتهاد Ijtihad -الجهد والطاقة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اجتهاد Ijtihad -الجهد والطاقة





    اجتهاد

    Ijtihad - jtihad


    الاجتهاد



    الاجتهاد في اللغة مأخوذ من الجهد، وهو الطاقة، ولا يستعمل إلا فيما يحتاج إلى كلفة ومشقة. وفي اصطلاح علماء أصول الفقه الإسلامي: هو استفراغ الجهد في إدراك الأحكام الشرعية من أدلتها المقررة شرعاً، أو هو عملية استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية في الشريعة، أو استنفاد الطاقة للوصول إلى الحكم من مصدره الشرعي.

    مصادر الاجتهاد وطريقته

    ليس الاجتهاد عند أكثر العلماء مقصوراً على القياس: وهو إلحاق الأمور بأشباهها المنصوص عليها. وإنما يشمل كل ما لا نص فيه وما فيه نص، سواء في العبادات أم المعاملات، وسواء قصد به التحقق من ثبوت النص النبوي، أم بيان المراد من النص كالإيجاب والندب والعموم والإطلاق والتقييد، أم النظر فيما لا نص فيه بالإجماع أو القياس أو الاستحسان أو الاستصلاح أو العرف أو سد الذرائع أو الاستصحاب أو شَرْعُ مَنْ قَبلَنا الثابت الصحة، ونحو ذلك من مصادر التشريع، أم بأمارات أخرى يرشد إليها العقل السليم، كقواعد لزوم دفع الضرر المحتمل، وقبح العقاب بلا بيان وغيرها، واستعمال الرأي أو العقل، كاجتهاد أبي بكر في الكلالة وقوله: «إنها ما عدا الوالد والولد».

    وأمثلة الاجتهاد: اشتراط النية في العبادات والطهارة في الطواف، والعلم بالمبيع والثمن والمأجور والأجرة، وضوابط تطبيق الحدود الشرعية والعقوبات التعزيرية الأخرى، وإناطة ذلك بالحكم، أي الدولة، وقواعد المعاهدات في الإسلام.

    وقصر الإمام الشافعي الاجتهاد بمعنى الاستنباط على القياس على أمر ورد في الكتاب أو في السنة. وأضاف إلى ذلك الاستدلال بالأصول، أي الاجتهاد بالمفهوم العام.

    ولم يُجز الظاهرية الاجتهاد في غير دائرة النص قط، واقتصرت المصادر عندهم على القرآن والسنة وإجماع الصحابة فقط، وأنكروا العمل ببقية المصادر الاجتهادية، ومنها شَرْع مَ‍نْ قبلنا.

    وعمل أغلب الأئمة بجميع مصادر الاجتهاد وهم أبو حنيفة ومالك وأحمد وجابر بن زيد مؤسس مذهب الإباضية وزيد بن علي زين العابدين مؤسس مذهب الزيدية. إلا أن الزيدية إذا عدمت هذه الأدلة جعلوا للعقل سلطاناً على معرفة ما في الأفعال من حسن وقبح، فرأوا مثلاً في الحظر والإباحة: أنه ليس الأصل في الأشياء الإباحة، وإنما ما يراه العقل في الأشياء من نفع أو ضرر، فالعقل عندهم هو الحاكم إذا لم يقم دليل، وعلى هذا فلا يقولون باستصحاب الإباحة الأصلية.

    ويرى الشيعة الجعفرية أن أدلة الأحكام الشرعية منحصرة في الكتاب والسنة ثم الإجماع ثم العقل، والمراد بالإجماع: اتفاق جماعة يكشف اتفاقهم عن رأي الإمام المعصوم. ولا يأخذون بالقياس والاستحسان، ولكن عندهم أصولاً أخرى يعتمدون عليها هي القواعد الشرعية. ويراد بدليل العقل عندهم الأصول الأربعة: البراءة، والاحتياط، والتخيير، والاستصحاب.

    والاجتهاد في محاكم القضاء اليوم يطلق على المسلك الذي يتبعه القضاة في أحكامهم، سواء منها ما يتعلق بنصوص القانون، أو باستنباط الحكم الواجب تطبيقه عند عدم النص. ومجاله ضعيف في بلادنا التي لها قوانين مدونة، ويكثر الاعتماد عليه في الدول التي ليس لها قانون مدون جامع مثل إنكلترة، وهذا هو العرف العام، ويتقيد الحاكم فقط باجتهاد المحاكم العليا.

    والمنهج العام للمجتهد أو طريقة الاجتهاد إذا وقعت حادثة أو أراد المسلم معرفة حكم الشرع في مسألة: أن ينظر العالم المجتهد المتمكن من البحث والنظر أولاً في النصوص الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله، سواء في دلالة النص أو ظواهر النصوص بمنطوقها ومفهومها، مقدِّماً القرآن على السنة، ثم ينظر في إجماع العلماء ثم في القياس، ويلاحظ القواعد الكلية أولاً ويقدِّمها على الجزئيات، ثم يأخذ بالمصادر الاجتهادية الأخرى كالاستحسان والاستصلاح (المصالح المرسلة) والعرف، وسد الذرائع، ومذهب الصحابي، والاستصحاب.

    الحكم الشرعي

    الاجتهاد أصل من أصول الشريعة وهو مشروع بدلالة القرآن والسنة وفعل الصحابة، قال الله تعالى: )إِنَّا أَنْزَلْنَا إِليْك الكتَاب بالحقِّ لتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللّهُ( (النساء: 105) فهذا يتضمن إقرار الاجتهاد بطريق القياس، وطالب القرآن الكريم بالتفكر والتدبر في أحكام الشرع وغيرها، فقال تعالى: )إِنَّ في ذلكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون( (الرعد:3) و )يَعْقِلوْن( (الرعد:4).

    وقال النبي e فيما أخرجه الجماعة عن عمرو بن العاص وغيره: «إذا حكم الحاكم، فاجتهد فأصاب، فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ، فله أجر». وأجمع الصحابة على الاجتهاد، فكانوا إذا حدث لهم حادثة شرعية من حلال أو حرام، اجتهدوا إن لم يجدوا نصاً أو خبراً في الكتاب أو في السنة.

    والاجتهاد: إما فرض عين على المجتهد في حق نفسه فيما طرأ له من حوادث، أو إذا سئل عن حادثة وقعت، وخاف فوتها على غير وجهها الشرعي، ولم يوجد غيره، لأن عدم الاجتهاد يقضي بتأخير البيان عن وقت الحاجة وهو ممنوع شرعاً.

    وإما فرض كفاية إذا لم يخف فوت الحادثة على نحو شرعي ووجد غيره من المجتهدين، فيجب على أحدهم الاجتهاد، فإذا اجتهد أحد المجتهدين، سقط الطلب عن الباقين، وإن تركه الجميع أثموا.

    وإما مندوب: وهو الاجتهاد بافتراض المسائل قبل حدوثها، واستنباط حكمها استعداداً لمواجهة الأحداث والاحتياط للنوازل، سواء سئل عنها المجتهد أو لم يسأل.

    وإما حرام: وهو وقوع الاجتهاد في مقابلة نص قاطع من كتاب أو سنة أو في مقابلة الإجماع، وفيما عداه يكون جائزاً، كما يكون حراماً إذا كان صادراً ممن ليس أهلاً للاجتهاد، أو كان نتيجة الأهواء والشهوات والأغراض.

    الفرق بين الاجتهاد والإفتاء وحكم الحاكم

    الإفتاء[ر] أخص من الاجتهاد، فالاجتهاد استنباط الأحكام للمسائل سواء أكان السؤال في موضوعها أم لم يكن، فيشمل الاجتهاد في الوقائع النازلة، والمسائل الافتراضية أو المحتملة المتوقع حدوثها في المستقبل.

    أما الإفتاء فإنه لا يكون إلا إذا كانت واقعة وقعت، ويتعرف الفقيه حكمها، وتتطلب الفتوى السليمة عدا توافر شروط الاجتهاد شروطاً أخرى، وهي معرفة واقعة الاستفتاء، ودراسة نفسية المستفتي، والجماعة التي يعيش فيها ليعرف مدى أثر الفتوى سلباً وإيجاباً.

    والمفتي في الأصل هو المجتهد أو الفقيه الذي يكون أهلاً للاستدلال والاستنباط أو الترجيح أو التخريج، إلا أن لفظ المفتي أصبح في عصرنا يطلق على متفقهة المذاهب الذين يقتصر أمرهم على مجرد نقل نصوص كتب الفقه الإسلامي، وتطبيقها على الوقائع المستفتى عنها، وهذا الإطلاق من باب المجاز أو الحقيقة العرفية الموافقة لعرف الاصطلاح الحكومي والعوام.

    وأما حكم الحاكم أو القاضي: فهو ما يصدره من حكم يفصل فيه في الخصومة الواقعة المرفوعة إليه، معتمداً على نصوص الشريعة الصريحة أو الظاهرة، أو فتوى الفقهاء، أو الاجتهاد فيما لا نص فيه. ويتميز بأن له صفة الإلزام أو الإجبار من جهة الدولة، وتتولى جهة التنفيذ المخصصة من قبل الدولة تنفيذ الأحكام القضائية بعد اكتساب الحكم الدرجة القطعية جبراً عن المحكوم عليه.


يعمل...
X