حسين علي ابيطالب
Al-Hussein ibn Ali ibn abi Talib - Al-Hussein ibn Ali ibn abi Talib
الحسين بن علي بن أبي طالب
( 4-61هـ/626-680م)
أبو عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، وأمه فاطمة الزهراء بنت رسول الله r، السبط الشهيد.
ولد بالمدينة المنورة، وأراد أبوه أن يسميه حرباً، فسماه الرسول الكريم r: الحسين، وأذن له في أذنه، ودعا له، وذبح عنه r يوم سابعه شاة (عقيقة)، وتصدق بوزن شعره فضة.
للحسين ألقاب كثيرة، منها السبط، سبط رسول الله، أي حفيده من جهة أمه، وريحانته، والشهيد والزكي والرشيد والطيب والوفي.
نشأ الحسين في بيت النبوة بالمدينة ست سنوات وأشهراً... وكان أشبه خلقاً برسول الله r، فهو مثال للتدين في التقى والورع، وكان كثير الصوم والصلاة يطلق يده بالكرم والصدقة، ويجالس المساكين، حجَّ خمساً وعشرين حجة ماشياً.
كانت حياة الإمام الحسين حياة جهاد وعبادة، كان عوناً لأبيه ثم أخيه الحسن في بيعته بالخلافة في رمضان (40هـ/661م) بعد استشهاد أمير المؤمنين علي[ر] بيومين. وقد بايعه أهل الكوفة عليها، بيد أنهم لم يلبثوا أن انفضوا عنه، فعقد الحسن صلحاً مع معاوية في جمادى الأولى سنة 41هـ/661م ونزل عن الخلافة بشروط خاصة أبرزها أن ليس لمعاوية أن يعهد لأحد من بعده وأن يكون الأمر شورى. ولم ير الحسين رأي أخيه وظل معترضاً على النزول عن الخلافة، وإن سكت فدرءاً لفتنة قد تنشب بين المسلمين. وأطلق على ذلك العام عام الجماعة.
بعد وفاة الحسن سنة 50هـ أخذ معاوية يمهد لبيعة ابنه يزيد، ولكن زياد ابن أبيه واليه على العراق نصحه بالتمهل وعدم الاستعجال، وقد قبل معاوية نصيحة زياد ولم يعلن عن بيعة يزيد إلا بعد وفاة يزيد، وبدأ جهوده في سبيل توطئة الأمر لابنه في المدينة المنورة، لأنها كانت العاصمة الأولى التي كان يبايع فيها الخلفاء. وكان رجالات الإسلام فيها، وعليهم المعول في إقرار البيعة وقبولها. وحين عرض معاوية ما عزم عليه على أهل المدينة عن طريق عامله عليها مروان بن الحكم. وافقه الكثيرون على ضرورة تدبير أمر الخلافة والمسلمين، ولكن حين عرض عليهم اسم يزيد اختلفوا وأعلن الكثيرون أنهم لا يرضون به، وكان أكبر المعارضين، الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن عمر. غير أن دهاء معاوية فوت فرصة المصادمة لأنه لم يجبرهم على البيعة.
ما إن توفي معاوية وبويع يزيد بالخلافة في رجب سنة 60هـ/679م. حتى كتب يزيد إلى عامله على المدينة الوليد بن عقبة أن «يأخذ الحسين وعبد الله بن الزبير بالبيعة أخذاً شديداً ليست فيه رخصة حتى يبايعا». تدبر الحسين شأنه مع والي المدينة في خبر طويل ورحل عن المدينة من دون أن يبايع يزيد بالخلافة، واتجه إلى مكة المكرمة في جماعة من أصحابه وأهله. وحينما بلغ أهل الكوفة وفاة معاوية وخروج الحسين بن علي إلى مكة، اجتمع جماعة من الشيعة في منزل سليمان بن صرد، واتفقوا أن يكتبوا إلى الحسين يسألونه القدوم عليهم ليسلموا الأمر إليه، وتتابعت كتب ورسل أهل الكوفة إلى الحسين، حتى بلغ ما وصله من الكتب في أيام قليلة ما ملأ منه خرجين، ورد الحسين على هذه الكتب برسالة وجهها إلى أهل الكوفة وحملها لاثنين من الرسل الذين وفدوا عليه، وأبلغهم فيها وصول مسلم بن عقيل ليعلم كنه أمرهم ويستبين أوضاعهم وأنه سيقرر موقفه على ضوء ما يصله من ابن عمه، وترك مسلم مكة التي لجأ إليها مع ابن عمه الحسين، وقصد الكوفة، حيث أتته الشيعة مبايعة الحسين؛ تناهت الأخبار إلى يزيد بن معاوية بما يجري في الكوفة، وأيقن أن واليها النعمان بن بشير الأنصاري لن يستطيع معالجة الأمر، فعزله وضم الكوفة إلى عبيد الله بن زياد والي البصرة, وطلب إليه أن يلاحق مسلم بن عقيل وأن يجده ويقتله، وكان مسلم قد اكتسب ود عدد كبير من الكوفيين أول الأمر وحصل على تأييدهم، ولكن شدة ابن زياد في ملاحقته واستعماله أسلوب الخديعة في التعرف على مخبئه أديا في النهاية إلى تفرق أصحابه ومقتله في ذي الحجة سنة 60هـ.
كان مسلم قد كتب قبل ذلك إلى الحسين بأخذ البيعة له واجتماع الناس عليه وانتظارهم إياه، فصح عزمه إزاء كل هذا على أن يشخص إلى الكوفة، وقد حاول أخوه محمد بن الحنفية وعبد الله بن عباس وغيرهما أن يثنوه عن عزمه فما أفلحوا مع أنهم أوضحوا له ما فعله أهل العراق بأبيه وأخيه الحسن من قبل، وكانت حجة الحسين أن مسلماً أبلغه أن عدد الذين بايعوه من أهل الكوفة قد بلغ ثمانية عشر ألف رجل كلهم لا رأي لهم في آل أبي سفيان.
وفي الثامن من ذي الحجة سنة 60هـ خرج الحسين من مكة إلى الكوفة في ثلاثين فارساً وأربعين رجلاً أو كما تقول رواية أخرى في تسعين نفساً جلّهم من النساء والأطفال، وفي الطريق جاءه خبر مقتل ابن عمه مسلم كما توالت إليه أخبار انفضاض الكوفيين من حوله، والشدة والبطش اللذين يأخذ بهما ابن زياد الكوفيين، وهمَّ بالعودة ولكن أخوة مسلم بن عقيل أبوا إلا المضي إلى الكوفة، فوافقهم مع ما وجه إليه من نصائح بالعودة من قبل الناس الذين كان يلقاهم خارجين من الكوفة هرباً مما توقعوه من مصير مؤلم لحفيد الرسول r، ولما وصل إلى كربلاء حيث كانت تواكبه في مسيرته فرقة من الفرسان على رأسها الحر بن يزيد التميمي، كان أرسلها عبيد الله بن زياد لتحول دون دخول الحسين الكوفة، وصلت رسالة إلى الحر من عبيد الله يطلب إليه فيها أن يمنع الحسين من التقدم أكثر من ذلك، وفي اليوم التالي من نزولهم كربلاء وصل مدد جديد للحر عدته أربعة آلاف فارس على رأسهم عمر بن سعد بن أبي وقاص لاعتراض الحسين وأصحابه، وبعد مفاوضات ومراسلات بين الحسين بن علي وعمر بن سعد من جهة وبين عمر بن سعد وعبيد الله من جهة أخرى رفضت عروض الحسين التي تتلخص إما بالعودة من حيث أتى أو الذهاب إلى يزيد أو اللحاق بالثغور ما لم يعمد الحسين إلى مبايعة يزيد أولاً، عند ذلك وجد الحسين أن لا خيار له سوى القتال، ولم تفلح الإجراءات التي اتخذها لدرء القتل عنه وعن ذويه وجماعته، فقد حاصرهم الجيش ومنعهم من أن يصلوا إلى الماء وداهمهم العطش فتجاسروا على الخروج وقد صار الماء مورداً لحتفهم، ووقع صراع شديد بين فئة قليلة أكثر أفرادها نساء وأطفال، وبين جيش كبير من الفرسان مزود بالعدة والعتاد، وأسفرت الموقعة عن قتل جميع رجال الحسين ولم يبق غيره، وقاتل الحسين قتال الأبطال حتى استشهد يوم العاشر من محرم. وأرسل رأس الحسين إلى عبيد الله بن زياد، وأمر عمر بن سعد بحمل نسائه وأخواته وبناته وجواريه في المحامل المستورة على الإبل، وأرسل عبيد الله رأس الحسين ورؤوس أصحابه إلى الخليفة، كما أرسل نساءه وعلياً الأصغر الملقب بزين العابدين، وهو الوحيد الذي نجا من أولاد الحسين إذ كان مريضاً تحمله عمته زينب بنت علي في حضنها وتحميه بنفسها إلى الخليفة يزيد بدمشق.
اختلف في موضع دفن الرأس الشريف، والرأي الراجح أنه أعيد بعد حين إلى كربلاء ودفن مع الجدث المبارك للحسين، وقبره هناك مشهور يزوره المسلمون منذ ذلك التاريخ.
أما أهل الكوفة وشيعة الحسين في العراق فقد ندموا ندماً شديداً على تقاعسهم وعدم نصرتهم لسبط رسول الله وريحانته، من ثم أرادوا أن يكفروا عن ذنبهم وأن يأخذوا بثأر الحسين، وعقدوا لقاءات عدة أنتجت حركة منظمة عرفت باسم التوابين تزعمها سليمان بن صرد الخزاعي، وقد قتل سليمان سنة 65هـ، في معركة عين الوردة[ر] التي دارت رحاها بين التوابين والجيش الذي أرسله الخليفة مروان ابن الحكم، فحمل من بعدُ المختار بن عبيد الثقفي راية الثأر، فتتبع قتلة الحسين حتى قتل معظمهم وفر البقية وبلغ الثأر ذروته بمقتل عبيد الله بن زياد على يد إبراهيم بن الأشتر في معركة الخازر على نهر الزاب سنة 67هـ.
أثار مقتل الحسين نقمة شديدة على يزيد وعبيد الله وجيشه، مما أدى إلى كراهية الناس لهم لأنهم استعظموا قتل الحسين وذويه وأصحابه ولم يرعوا مكانته من رسول الله r فبكاه المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، وأصبح يوم عاشوراء وهو العاشر من محرم من كل عام يوماً يحيي فيه الشيعة ذكرى فاجعة كربلاء, ويظهرون فيه مختلف ضروب الحزن والتفجع على ما حل بحفيد الرسول الكريم r وآل بيته. وأنشدت المراثي الكثيرة فيه وفي آل البيت.
حسين جمعة
Al-Hussein ibn Ali ibn abi Talib - Al-Hussein ibn Ali ibn abi Talib
الحسين بن علي بن أبي طالب
( 4-61هـ/626-680م)
أبو عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، وأمه فاطمة الزهراء بنت رسول الله r، السبط الشهيد.
ولد بالمدينة المنورة، وأراد أبوه أن يسميه حرباً، فسماه الرسول الكريم r: الحسين، وأذن له في أذنه، ودعا له، وذبح عنه r يوم سابعه شاة (عقيقة)، وتصدق بوزن شعره فضة.
للحسين ألقاب كثيرة، منها السبط، سبط رسول الله، أي حفيده من جهة أمه، وريحانته، والشهيد والزكي والرشيد والطيب والوفي.
نشأ الحسين في بيت النبوة بالمدينة ست سنوات وأشهراً... وكان أشبه خلقاً برسول الله r، فهو مثال للتدين في التقى والورع، وكان كثير الصوم والصلاة يطلق يده بالكرم والصدقة، ويجالس المساكين، حجَّ خمساً وعشرين حجة ماشياً.
كانت حياة الإمام الحسين حياة جهاد وعبادة، كان عوناً لأبيه ثم أخيه الحسن في بيعته بالخلافة في رمضان (40هـ/661م) بعد استشهاد أمير المؤمنين علي[ر] بيومين. وقد بايعه أهل الكوفة عليها، بيد أنهم لم يلبثوا أن انفضوا عنه، فعقد الحسن صلحاً مع معاوية في جمادى الأولى سنة 41هـ/661م ونزل عن الخلافة بشروط خاصة أبرزها أن ليس لمعاوية أن يعهد لأحد من بعده وأن يكون الأمر شورى. ولم ير الحسين رأي أخيه وظل معترضاً على النزول عن الخلافة، وإن سكت فدرءاً لفتنة قد تنشب بين المسلمين. وأطلق على ذلك العام عام الجماعة.
بعد وفاة الحسن سنة 50هـ أخذ معاوية يمهد لبيعة ابنه يزيد، ولكن زياد ابن أبيه واليه على العراق نصحه بالتمهل وعدم الاستعجال، وقد قبل معاوية نصيحة زياد ولم يعلن عن بيعة يزيد إلا بعد وفاة يزيد، وبدأ جهوده في سبيل توطئة الأمر لابنه في المدينة المنورة، لأنها كانت العاصمة الأولى التي كان يبايع فيها الخلفاء. وكان رجالات الإسلام فيها، وعليهم المعول في إقرار البيعة وقبولها. وحين عرض معاوية ما عزم عليه على أهل المدينة عن طريق عامله عليها مروان بن الحكم. وافقه الكثيرون على ضرورة تدبير أمر الخلافة والمسلمين، ولكن حين عرض عليهم اسم يزيد اختلفوا وأعلن الكثيرون أنهم لا يرضون به، وكان أكبر المعارضين، الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن عمر. غير أن دهاء معاوية فوت فرصة المصادمة لأنه لم يجبرهم على البيعة.
ما إن توفي معاوية وبويع يزيد بالخلافة في رجب سنة 60هـ/679م. حتى كتب يزيد إلى عامله على المدينة الوليد بن عقبة أن «يأخذ الحسين وعبد الله بن الزبير بالبيعة أخذاً شديداً ليست فيه رخصة حتى يبايعا». تدبر الحسين شأنه مع والي المدينة في خبر طويل ورحل عن المدينة من دون أن يبايع يزيد بالخلافة، واتجه إلى مكة المكرمة في جماعة من أصحابه وأهله. وحينما بلغ أهل الكوفة وفاة معاوية وخروج الحسين بن علي إلى مكة، اجتمع جماعة من الشيعة في منزل سليمان بن صرد، واتفقوا أن يكتبوا إلى الحسين يسألونه القدوم عليهم ليسلموا الأمر إليه، وتتابعت كتب ورسل أهل الكوفة إلى الحسين، حتى بلغ ما وصله من الكتب في أيام قليلة ما ملأ منه خرجين، ورد الحسين على هذه الكتب برسالة وجهها إلى أهل الكوفة وحملها لاثنين من الرسل الذين وفدوا عليه، وأبلغهم فيها وصول مسلم بن عقيل ليعلم كنه أمرهم ويستبين أوضاعهم وأنه سيقرر موقفه على ضوء ما يصله من ابن عمه، وترك مسلم مكة التي لجأ إليها مع ابن عمه الحسين، وقصد الكوفة، حيث أتته الشيعة مبايعة الحسين؛ تناهت الأخبار إلى يزيد بن معاوية بما يجري في الكوفة، وأيقن أن واليها النعمان بن بشير الأنصاري لن يستطيع معالجة الأمر، فعزله وضم الكوفة إلى عبيد الله بن زياد والي البصرة, وطلب إليه أن يلاحق مسلم بن عقيل وأن يجده ويقتله، وكان مسلم قد اكتسب ود عدد كبير من الكوفيين أول الأمر وحصل على تأييدهم، ولكن شدة ابن زياد في ملاحقته واستعماله أسلوب الخديعة في التعرف على مخبئه أديا في النهاية إلى تفرق أصحابه ومقتله في ذي الحجة سنة 60هـ.
كان مسلم قد كتب قبل ذلك إلى الحسين بأخذ البيعة له واجتماع الناس عليه وانتظارهم إياه، فصح عزمه إزاء كل هذا على أن يشخص إلى الكوفة، وقد حاول أخوه محمد بن الحنفية وعبد الله بن عباس وغيرهما أن يثنوه عن عزمه فما أفلحوا مع أنهم أوضحوا له ما فعله أهل العراق بأبيه وأخيه الحسن من قبل، وكانت حجة الحسين أن مسلماً أبلغه أن عدد الذين بايعوه من أهل الكوفة قد بلغ ثمانية عشر ألف رجل كلهم لا رأي لهم في آل أبي سفيان.
وفي الثامن من ذي الحجة سنة 60هـ خرج الحسين من مكة إلى الكوفة في ثلاثين فارساً وأربعين رجلاً أو كما تقول رواية أخرى في تسعين نفساً جلّهم من النساء والأطفال، وفي الطريق جاءه خبر مقتل ابن عمه مسلم كما توالت إليه أخبار انفضاض الكوفيين من حوله، والشدة والبطش اللذين يأخذ بهما ابن زياد الكوفيين، وهمَّ بالعودة ولكن أخوة مسلم بن عقيل أبوا إلا المضي إلى الكوفة، فوافقهم مع ما وجه إليه من نصائح بالعودة من قبل الناس الذين كان يلقاهم خارجين من الكوفة هرباً مما توقعوه من مصير مؤلم لحفيد الرسول r، ولما وصل إلى كربلاء حيث كانت تواكبه في مسيرته فرقة من الفرسان على رأسها الحر بن يزيد التميمي، كان أرسلها عبيد الله بن زياد لتحول دون دخول الحسين الكوفة، وصلت رسالة إلى الحر من عبيد الله يطلب إليه فيها أن يمنع الحسين من التقدم أكثر من ذلك، وفي اليوم التالي من نزولهم كربلاء وصل مدد جديد للحر عدته أربعة آلاف فارس على رأسهم عمر بن سعد بن أبي وقاص لاعتراض الحسين وأصحابه، وبعد مفاوضات ومراسلات بين الحسين بن علي وعمر بن سعد من جهة وبين عمر بن سعد وعبيد الله من جهة أخرى رفضت عروض الحسين التي تتلخص إما بالعودة من حيث أتى أو الذهاب إلى يزيد أو اللحاق بالثغور ما لم يعمد الحسين إلى مبايعة يزيد أولاً، عند ذلك وجد الحسين أن لا خيار له سوى القتال، ولم تفلح الإجراءات التي اتخذها لدرء القتل عنه وعن ذويه وجماعته، فقد حاصرهم الجيش ومنعهم من أن يصلوا إلى الماء وداهمهم العطش فتجاسروا على الخروج وقد صار الماء مورداً لحتفهم، ووقع صراع شديد بين فئة قليلة أكثر أفرادها نساء وأطفال، وبين جيش كبير من الفرسان مزود بالعدة والعتاد، وأسفرت الموقعة عن قتل جميع رجال الحسين ولم يبق غيره، وقاتل الحسين قتال الأبطال حتى استشهد يوم العاشر من محرم. وأرسل رأس الحسين إلى عبيد الله بن زياد، وأمر عمر بن سعد بحمل نسائه وأخواته وبناته وجواريه في المحامل المستورة على الإبل، وأرسل عبيد الله رأس الحسين ورؤوس أصحابه إلى الخليفة، كما أرسل نساءه وعلياً الأصغر الملقب بزين العابدين، وهو الوحيد الذي نجا من أولاد الحسين إذ كان مريضاً تحمله عمته زينب بنت علي في حضنها وتحميه بنفسها إلى الخليفة يزيد بدمشق.
اختلف في موضع دفن الرأس الشريف، والرأي الراجح أنه أعيد بعد حين إلى كربلاء ودفن مع الجدث المبارك للحسين، وقبره هناك مشهور يزوره المسلمون منذ ذلك التاريخ.
أما أهل الكوفة وشيعة الحسين في العراق فقد ندموا ندماً شديداً على تقاعسهم وعدم نصرتهم لسبط رسول الله وريحانته، من ثم أرادوا أن يكفروا عن ذنبهم وأن يأخذوا بثأر الحسين، وعقدوا لقاءات عدة أنتجت حركة منظمة عرفت باسم التوابين تزعمها سليمان بن صرد الخزاعي، وقد قتل سليمان سنة 65هـ، في معركة عين الوردة[ر] التي دارت رحاها بين التوابين والجيش الذي أرسله الخليفة مروان ابن الحكم، فحمل من بعدُ المختار بن عبيد الثقفي راية الثأر، فتتبع قتلة الحسين حتى قتل معظمهم وفر البقية وبلغ الثأر ذروته بمقتل عبيد الله بن زياد على يد إبراهيم بن الأشتر في معركة الخازر على نهر الزاب سنة 67هـ.
أثار مقتل الحسين نقمة شديدة على يزيد وعبيد الله وجيشه، مما أدى إلى كراهية الناس لهم لأنهم استعظموا قتل الحسين وذويه وأصحابه ولم يرعوا مكانته من رسول الله r فبكاه المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، وأصبح يوم عاشوراء وهو العاشر من محرم من كل عام يوماً يحيي فيه الشيعة ذكرى فاجعة كربلاء, ويظهرون فيه مختلف ضروب الحزن والتفجع على ما حل بحفيد الرسول الكريم r وآل بيته. وأنشدت المراثي الكثيرة فيه وفي آل البيت.
حسين جمعة