إريش لودندورف Erich Ludendorff، جنرال بروسي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • إريش لودندورف Erich Ludendorff، جنرال بروسي

    لودندورف (اريش) Ludendorff (Erich-) - Ludendorff (Erich-)
    لودندورف (إريش ـ)

    (1865ـ 1937)



    إريش لودندورف Erich Ludendorff، جنرال بروسي، كان المسؤول الرئيسي عن السياسة العسكرية والاستراتيجية الألمانية في السنوات الأخيرة للحرب العالمية الأولى. تزعّم بعد الحرب عدداً من الحركات السياسية الرجعية، ثم انضم في خاتمة المطاف إلى الحزب الوطني الاشتراكي (النازي).



    ولد لودندورف في بلدة كروجيفنيا Kruszewnia، القريبة من بوزنان Poznan في بروسيا الشرقية (في بولندا اليوم). كان والده ملاّكاً فقير الحال وضابطاً في الخيالة. وأمه سليلة أسرة عسكرية أرستقراطية. تلقى إريش تعليمه وتدريبه في فيلق التلاميذ الضباط، وأصبح في سن الثامنة عشرة ضابط مشاة في الجيش البروسي، وبعد خدمة في القطعات استمرت أحد عشر عاماً أظهر فيها حنكة ودراية في الأمور العسكرية، نقل في عام 1894 للعمل في الأركان العامة للجيش الألماني، وأصبح في عام 1908 رئيساً للشعبة الثانية فيها، وهي الإدارة المسؤولة عن إعداد خطط التعبئة والعمليات.

    قام لودندورف، تحت إشراف رئيس الأركان العامة الجنرال هيلموت فون مولتكه Helmuth von Moltke، بدور مميز في تعديل خطة شليِّفن Schlieffen Plan لغزو فرنسا؛ فخطط لحركة التفاف واسعة عبر بلجيكا، التي كانت على الحياد، بهدف سحق فرنسا بضربة واحدة، مع تجميد الجناح الجنوبي بين سويسرا واللورين، وأهمل فكرة اختراق جنوبي هولندا مستعيضاً عنها بضربة مفاجئة لاحتلال لييج Liège، التي كانت تعد أمنع قلاع بلجيكا ويستحيل سقوطها. ومع أن الشؤون السياسية والعسكرية العليا كانت في يد القائد العام والامبراطور، ولم يكن لضباط الأركان العامة كلمة فيها، فقد خرق لودندورف هذا التقليد وقام بحملة واسعة لتعزيز قدرات الجيش وتقويته بالرجال والعتاد مستنداً في مقترحاته إلى سباق التسلح الذي طغى على أوربا آنذاك، وزاد في قناعاته اتصاله بالدوائر القومية المتطرفة في ألمانيا التي كانت تنادي بزيادة التسلح. وقد أثارت نشاطاته غضب السلطات العسكرية العليا فنقل من الأركان عام 1913 وعيّن قائداً لفوج مشاة. ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914 عيّن رئيساً لفرع الإمداد والصيانة في الجيش الثاني على الجبهة الغربية.

    أدى تطور الحوادث على الجبهة الشرقية وتهديد القوات الروسية للجيش الثامن إلى دفع القيادة الألمانية إلى تعيين الجنرال باول فون هندِنبورغ Paul von Hindenburg قائداً لذلك الجيش وتعيين إريش لودندورف رئيساً لأركانه. وتمكن الاثنان من تحقيق نصر مؤزر على القوات الروسية في آب 1914 في معركة تاننبرغ Tannenberg في بروسيا الشرقية، قلب الأوضاع على تلك الجبهة وجلب لهما الشهرة واقترن اسم أحدهما بالآخر، ومكثا على الجبهة الروسية في الشرق نحو عامين، غير أن خطة لودندورف القيام بهجوم شامل على الجبهة الشرقية في صيف 1915على حساب خفض القوات الألمانية في الغرب مؤقتاً لم تلق القبول من القيادة العامة.

    في شهر آب/أغسطس 1916، وعلى أثر إخفاق الهجوم الألماني في فردان [ر] والهجوم الساحق الذي قامت به قوات الحلفاء على الجبهتين قرر الامبراطور فلهلم الثاني اختيار الجنرالين هندنبورغ ولودندورف للقيادة العليا للجيش الألماني. وقد سعى الاثنان إلى خوض حرب شاملة وتعبئة كل القوى على الجبهة الداخلية التي كانت تعاني حصاراً شديداً فرضته بريطانيا. وقد مارس الاثنان في هذه الحقبة نوعاً من الديكتاتورية العسكرية في بلدهما. ووضع لودندورف كامل رصيده لتحقيق نصر مؤزر يحفظ لألمانيا مكتسباتها في الشرق والغرب. وفي عام 1917 صدّق لودندورف على حرب الغواصات غير المحدودة، التي أدت في خاتمة المطاف إلى دخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب إلى جانب الحلفاء. وسمح بعودة اللاجئين البلاشفة إلى بلادهم - وفيهم لينين - بعد نشوب الثورة في روسيا وإزاحة القيصر، على أمل إقناع الروس بإنهاء الحرب، وقد تم له ذلك.

    شرع لودندورف في آخر شهر آذار/مارس 1918 بهجوم عام على الجبهة الغربية بهدف سحق القوات الأنكلو فرنسية وفرض هيمنته عليها قبل نزول القوات الأمريكية، لكنه بالغ في تقدير إمكاناته، وأخفق الهجوم وانهار الحلف المركزي بخروج كل من النمسا وهنغاريا وبلغاريا وتركيا من الحرب، وطلب لودندورف الدخول في مفاوضات من أجل الهدنة، غير أن الشروط القاسية التي وضعها الحلفاء دفعته إلى الإصرار على المضي في الحرب، في حين تخاذل القادة السياسيون فانهارت أعصابه وطلب إعفاءه من منصبه، وقبل القيصر استقالته في تشرين الأول/أكتوبر 1918 وأمر هندنبورغ بأن يستمر في عمله.

    اختار لودندورف السويد منفى له، ومكث فيها بضعة أشهر، عاد بعدها إلى ألمانيا، وهو يشعر بأنه كان ضحية خيانة الجميع، وعاش حياة عجيبة مفعمة بالأحداث، فشارك في محاولة الانقلاب عام 1920، وفي انقلاب 1923 الفاشل الذي تزعمه هتلر في مونيخ، ورشح نفسه لانتخابات الرئاسة عام 1925 ضد هندنبورغ فلم ينجح. ولكنه ظل عضواً في البرلمان بين العامين 1924 و 1928عن القوميين الاشتراكيين. وأمضى بقية حياته داعياً متشدداً للحرب الثأرية، و طور نظريته حول الحرب الشاملة Totaler Krieg ووضعها في كتاب نشره عام 1935 بعنوان «الأمة في الحرب» The Nation at War أشار فيه إلى أن كل قوى الأمة المعنوية والمادية يجب أن تعبأ لأجل الحرب، لأن السلم ليس سوى فاصل بين حربين، وأن السياسة يجب أن تخدم إدارة الحرب. وقد ناقض في نظريته تلك آراء المنظر الألماني كلاوزفيتز [ر] Clausewitz الذي قال: «إن الحرب استمرار للسياسة ولكن بوسائل أخرى». وكان لودندورف قد طلق زوجته الأولى عام 1926، ليتزوج طبيبة أعصاب غريبة الأطوار وفيلسوفة معروفة هي ماتيلده فون كيمنتس Mathilde von Kemnitz خضع لها بكليته، وآمنت هي به على أنه القائد الأعلى الحقيقي للشعب الألماني، الذي تسيره، على حد قولها، قوى عليا هي اليهودية والمسيحية والماسونية. ومنذ ذلك الحين انطلق هو وزوجته الثانية، حتى وفاته في مونيخ، في حرب لا هوادة فيها ضد تلك القوى التي افترض أنها حرمته وحرمت ألمانيا من النصر.

    محمد وليد الجلاد
يعمل...
X