اللولبية (الحركة)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اللولبية (الحركة)

    لولبيه (حركه) Helix - Hélice
    اللولبية (الحركة ـ)



    اللولبية أو الحلزونية helix مصطلح اشتق من اللولب؛ استناداً إلى حركته الدورانية التقدمية أو التراجعية كالبزال (البرغي) وغيره. ومعنى الحركة اللولبية هو دوران جسم ما بأحد الاتجاهات أو تحريكه بالوسط الموجود فيه حركة حلزونية تضطره إلى التقدم أماماً أو التراجع خلفاًً بحسب اتجاه الدوران (تجاوزاً)، وهو مبدأ عمل رفّاص السفينة أو المحارة أو العنفة أو المروحة أو الداسر. إذ تقع شفرات (نصلات) المحارة أو الرفّاص مائلة ميلاً محدداً في مستوى واحد تقريباً. ويحول محورها دون تقدم الشفرات أو تأخرها عند الدوران مما يسبب دفع الماء أو الهواء أمامها بعكس اتجاه دورانها. وهي الخاصة التي يستفاد منها في تحريك السفن، حيث يوضع الرفّاص في مؤخر السفينة تحت سطح الماء، وحين يدور يدفع الماء إلى الخلف، ولما كان الرفّاص مثبتاً مع بدن السفينة، تندفع السفينة إلى الأمام أو الخلف بحسب اتجاه دوران الرفّاص (الشكل 1).


    الشكل (1)

    يمثّل الرفّاص في هذه الحالة فعل آلاف المجاديف التي تعمل بتتال سريع، فكل شفرة من شفراته تمثل مجدافاً يضرب الماء آلاف المرات بالدقيقة الواحدة دافعةً الماء إلى خلفها؛ لتتقدم السفينة للأمام.

    يستحيل عملياً تحديد اتجاه التيار الناتج من دوران الرفّاص وحركة السفينة بدقة متناهية، وذلك لأنه محصلة حركة لولبية دوامية ناتجة من دوران الرفّاص، ومعدلة بالحركة الأفقية لانسياب الماء الناتج من حركة السفينة. وهذه المحصلة تظهر بالنتيجة تياراً مرافقاً wake تخلفه السفينة السائرة في الماء، ويمكن نسبياً تمثيل التيار الناتج من رفّاص screw race يدور نحو اليمين ويدفع السفينة إلى الأمام، فإن ميل شفرات الرفّاص يسبب عند دورانه تياراً يمكن تحليله إلى مركّبة طولية ذات قوة في الاتجاه الأمامي الخلفي، ومركّبة عرضية تسبب الدفع العرضي transverse thrust، تكون صغيرة بالمقارنة مع القوة الطولية ولكنها تسبب انزياح مؤخّر السفينة نحو اليمين عند السير إلى الأمام، وانزياح مؤخر السفينة بشدة نحو اليسار عند السير إلى الخلف، وتفسير ذلك أن دفع الرفّاص للماء بالقرب من السطح يكون أكبر من دفعه لها على عمق أكبر لأن دورات الشفرات السفلى في العمق أكثر صعوبة، وعليها التغلب على مقاومة أكبر؛ من التي تتعرض لها الشفرات العليا. وينتج من دوران الرفّاص في الماء تياران حلزونيان (دواميان) يلتف أحدهما حول الثاني، ثم يتسامتان عند مستويات مختلفة داخل البعد البؤري للرفاص aperture، وتندفع كتلة الماء الدوارة نحو الخلف نتيجة الضغط الواقع عليها من الجانب الخلفي لشفرات الرفّاص عند دورانه بالسير إلى الأمام، والملاحظ هنا حدوث خلخلة في الماء كبيرة عند بدء تشغيل المحركات وبدء دوران الرفّاص من حالة السكون، وخاصة عند السير نحو الخلف، وكذلك عند عكس حركة المحرك والرفّاص الواحد من سرعة كاملة نحو الأمام إلى سرعة كاملة نحو الخلف، ويحدث ذلك اهتزازاً شديداً في السفينة نتيجة حصول فراغ في الماء، إذ تتتابع حركة شفرات الرفّاص الدورانية على التوالي وبسرعة في الفراغ نفسه قبل أن يعود الماء إلى ملء الفراغ تماماً. فإذا دار الرفّاص دورة واحدة فإنه يخضع الماء للضغط بقوة معينة تدفع السفينة إلى الأمام مسافة تسمى خطوة الرفّاص pitch، مع افتراض عدم وجود تأثير للريح أو التيارات البحرية أو الحشف (العوالق المائية على البدن).

    أنواع الرفّاصات

    تتنوع الرفّاصات، ويختلف عدد شفراتها من مركب إلى آخر. فقد بدأت الرفّاصات الأولى بشفرتين فقط، ثم صارت بثلاث شفرات، ثم تعددت شفراتها، كما تنوّع ميل الشفرة الذي يحدد جهة البداية، فإما أن يغرف الماء من اليمين إلى اليسار (رفّاص يميني) أو يغرفه من اليسار إلى اليمين (رفّاص يساري)، وفي كلتا الحالتين يكون دفع الرفّاص نحو الخلف عندما يراد السير بالسفينة نحو الأمام. أما عند السير نحو الخلف فتعكس حركة المحرك؛ لتعكس حركة دوران الرفّاص، فيندفع الماء من الخلف إلى الأمام، وتسير السفينة نحو الخلف.

    ومع تطور تقانة صناعة الرفّاصات ظهرت الرفّاصات ذات الشفرات المتحركة (القابلة للفتل). فبدلاً من عكس حركة المحرك، يتمّ تعديل ميل اتجاه الشفرات آلياً؛ لتعكس حركة دفع الماء.

    وهناك أيضاً الرفّاص المغلف steering propeller؛ وهو رفّاص تحيط به فوهة حلقية يستخدم للدفع والمناورة معاً، وبديلاً عن الدفة أيضاً، ويتجاوز وزنه أحياناً خمسة أطنان، وذلك بتغيير زوايا اتجاه الحلقة 360 ْ، ويديرها عمود إدارة رأسي بوساطة مجموعة مسننات مخروطية bevel gear تتحكم بالرفّاص المغلف. وتستخدم رفاصات صغيرة من هذا النوع على القوارب الصغيرة، ويمكن إنزاله إلى الماء أو رفعه حسب الحاجة أو بحسب عمق المياه عند الاقتراب من الشاطئ ويوضح الشكل (2) أنواع الرفّاص.


    الشكل (2) بعض أنواع الرفاصات

    يمكن تجهيز السفينة برفاص واحد أو اثنين أو ثلاثة أو أربعة رفاصات معاً، خاصةً السفينة الصغيرة والسريعة، ويمنحها ذلك بعض الميزات، كالقدرة على المناورة والتوجيه والسرعة. فالسفينة ذات الرفّاصين مثلا ً لا تتأثر بالدفع العرضي؛ لأن أحد الرفّاصين يميني، والآخر يساري. وبتعدد الرفّاصات تكتسب السفينة إمكانية عكس الحركة بجعل أحد الرفّاصين يدفع الماء إلى الأمام والثاني إلى الخلف، فيتشكل عزم مزدوج يدير السفينة بسرعة في مكانها تقريباً. كذلك قد تجهز بعض السفن برفّاصات جانبية تستعمل غالباً في المناورة الحرجة وعند عدم إمكانية تدخل القواطر للدفع أو الجر.

    أعطال الرفّاصات:

    تتعرض الرفّاصات لمشكلة انتقال المعادن بالغلفنة (تيار فولطا) إذ ينتقل جزء من معدن الرفّاص إلى معدن آخر في بدن السفينة المغمور بالماء المالح (تشرّد) مما يسبب تنخر الرفّاص وتعرضه للتآكل والكسر. كذلك تتسبب ظاهرة التكهّف cavitation في إعطاء الأثر نفسه وحدوث نخر في معدن الرفّاص. وسبب ذلك هو أن تدفق الماء بسرعة حول جسم ما يخفض الضغط الواقع عليه، خاصة الأطراف والحواف الدقيقة فإذا تجاوزت سرعة الجسم 50م في الثانية انخفض الضغط إلى حد يحول الماء إلى غاز، فتتولّد فقاعات غازية خلف الجسم تسمى ظاهرة التكهف. ويحاول مهندسو البحرية تجنب حدوث التكهف؛ لأن وجوده يولّد اضطراباً في تدفق الماء، ويؤدي إلى تخفيض فعالية العنفات (التوربينات)، وسطوح الانسياب المائي hydrofoils، والرفّاصات - الدواسر propellers، ويؤدي إلى حدوث موجات صدم عنيفة ناجمة عن سرعة انهيار الفقاقيع، تسبب في نخر السطوح المعدنية وتآكلها.

    تأثير الرفّاص والدفّة:


    الشكل (3)

    تتوضع الدفة شاقولياً خلف الرفّاص (إلا أغلب الغواصات) بحيث يؤثر بها مباشرةً التيار الناتج من الرفّاص ومن سير السفينة. فعند دوران الرفّاص تندفع جزيئات الماء إلى الخلف، فتندفع السفينة نحو الأمام (الشكل3). إذ إن الماء الذي تدفعه الشفرة اليمنى لرفّاص يميني تدور نحو الأسفل، فيدور الماء نحو الجانب الأيسر من أسفل مركز الرفّاص، ويندفع إلى الأعلى ليصدم النصف العلوي الأيسر من الدفة التي تقابله، وفي الوقت نفسه تتحرك الريشة اليسرى إلى الأعلى؛ ليلتف الماء من أعلى مركز الرفّاص، ويندفع إلى الأسفل؛ ليصدم النصف السفلي الأيمن للدفة، فإن وقع تأثير ذلك على دفة في وضعية الصفر، خاصة النصف السفلي للدفة الأكثر عمقاً والأكثر تأثراً؛ يندفع مؤخَّر السفينة نحو اليسار، وتنحرف مقدمتها نحو اليمين.

    عندما تبدأ السفينة بالسير إلى الأمام ينتج من حركتها تيار يندفع إلى الخلف يضاف إلى التيار المندفع من الرفّاص، ويصدم دفة السفينة. فإن كانت دفّة السفينة على استقامة المحور الطولي للسفينة (الدفة بوضعية الصفر) تسير السفينة باستقامة نحو الأمام تجاوزاً؛ لوجود تأثيرات أخرى من البدن والماء والتيارات والريح، مما يوجب إعطاء الدفة زاوية صغيرة لا تتجاوز بضع درجات لجعل سير السفينة باستقامة إلى الأمام. وفي حال انحراف الدفة يساراً يصدمها الماء محاولاً إعادتها بمحصلة قوة طولية وعرضية تعطي عزم دوران يجبر مقدمة السفينة على الانعطاف إلى يسار اتجاه الحركة، والعكس بالعكس.

    ويتوقف تأثير حرف الدفة على قوة تيار الماء واتجاهه، في حين يتوقف قطر الدوران على زاوية انحراف الدفّة وسرعة السفينة وتصميم البدن.

    تسمح التقنيات التقليدية بالحركة على الماء وتحت سطح الماء بسرعات تبلغ 80 عقدة، وتحاول القوى البحرية الكبرى تطوير هذه المسألة للوصول إلى سرعات أكبر. وتعتمد قوة التحرك السريع في الماء warp drive على ظاهرة «التكهف الفائق» supercavitation وإحاطة الجسم المتحرك بغلاف متجدد من الغاز بحيث لا يبلّل الماء إلا جزءاً يسيراً من سطح الجسم، الأمر الذي يخفّف من قوة الاحتكاك أو السحب اللزج viscous drag، وقد تمثل نظريات التكهف الفائق قفزة كمومية quantum في التسليح البحري.

    قتيبة الصفدي
يعمل...
X