حكايات من حلب
باب الفرج قبل الهدم
يشتاق اغلبنا لرؤية باب الفرج عن قرب قبل الهدم وبناء فندق فوق اهم آثار العالم القديم في خطوة غريبة لم يشهد العالم مثيلا لها .
ويظهر في الصورة رجل يخطو وهو يقطع الشارع ،وقام المصور بتخليد صورته في يوم صيفي طويل النهار .
قد تكون هذه الخطوة بالنسبة لهذا الرجل مجرد خطوة لكنها بالنسبة لحلب والانسانية هي خطوة كبيرة ،لانها ترينا عن قرب كيف كانت باب الفرج .
يمين الصورة هو مكان فندق الشيراتون،وكان يعج بمحلات الحلويات والساعات والصرافين ،كما انه المركز الرئيسي لصناعة وتجارة غزل البنات الحلبي المحشو بالفستق .
يدخل باص النقل الداخلي ذو اللون السمني من شارع القوتلي لينعطف قبل النافعية الى داخل الميشية ،وعلى الارجح ان هذا الباص هو باص الهندسة او المدينة الجامعية ،وربما حي السبيل .
كما يظهر في الصورة اعلان لفلم ( زد Z ) .
ومن خلال هذا الاعلان يمكننا ان نحدد ان الصورة بعد عام 1969 وذلك لأن فلم زد تم انتاجه عام 1969 وكان بحق افضل فلم انتج في الستينات .
ويروي المرحوم صلاح الدين حجاوي :
"لقد ذهبت الى فلم زد في سينما فؤاد عام 1971 برفقة اصدقائي الحللي و الفتال ،كنا حينها طلابا في الصف الحادي عشر ،وكانت متعتنا هي التمشاية صيفا في اسواق باب الفرج واكل البوظة عند الافندي والتمتع بالحديقة العامة ،وكان فلم زد احلى فلم شاهدته في مطلع السبعينات "
وتؤكد اقوال المرحوم ان الصورة ملتقطة مطلع السبعينات .
ويظهر يمين الصورة دخلة ضيقة تحت اعلان الفلم زد ،وهذه الدخلة تؤدي الى حي القلة وبحسيتا والمنزول .
باب الفرج كانت مركز الترفيه ذلك الوقت ،حيث يزدحم الناس على ابواب السينما التي تمثل لهم نافذه نحو عالم جميل ،وقبل الدخول يسألون الخارجين من الفلم :
- هل كان هذا فلما جيدا ؟
والسؤال هنا لمعرفة اذا كان الفلم جيدا سيدخلون ،واما اذا كان سيئا فلايدفعون اموالهم هباء ،وسيكون موقفهم سخيف اذا كان الفلم سيئا .
ومنهم من يدخل الى سينما ويخرج منها الى سينما اخرى حتى يحصل على فلمه المفضل .
وكانت الافلام الهندية والكاراتيه تتصدر شباك التذاكر ،واهم ابطال الافلام الهندية شامي كابور البطل الكامل الذي يواجه الاشرار ويرقص ويغني ويطلق النار من مسدسه وينقذ حبيبته ،ويكتشف في النهاية ان رئيس العصابة هو اخوه التوأم الذي يقتل في نهاية الفلم ويزول بمقتله الشر من هذا العالم ،وتنطبق هذه القصة على جميع الافلام الهندية .
وكذلك انتشرت افلام الكاراتيه الصيني بطولة شون لي الذي يأخذ دور الساموراي الاعمى ،وله سلسلة من الافلام مثل" زادوتشي على الطريق " وفلم " عودة زادوتشي " و " زادوتشي والكنز "
وكذلك انتشرت افلام الويسترن المعروفة في حلب باسم افلام الكاوبوي ،وكان البطل (جون واين ) يقتل بمسدسه عددا لايحصى من الأشرار .ويتميز مسدسه بأنه لايفرغ ابدا من الرصاص ،وهذا امر - لعمرك - عجيب !.
الحياة ذلك الوقت كانت بسيطة وساذجة ،لكنها لم تكن سهلة .
وعند انتشار التكنولوجيا اصبحت الحياة أكثر ذكاء وجلبت الرفاهية للإنسان ،لكنها صعبت عليه الحياة اكثر .
عدنان جمعة الأحمد

Fatema Naeem