مالك بن أسماء شاعرٌ غَزِلٌ ظريف

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مالك بن أسماء شاعرٌ غَزِلٌ ظريف

    مالك اسماء

    Malik ibn Asma’ - Malik ibn Asma’

    مالك بن أسماء
    (… ـ نحو 100هـ/… ـ نحو 718م)

    مالك بن أسماء بن خارجة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفَزَاريّ، وفزارة من ذبيان ثمّ من غطفان ثمّ من قيس عيلان ثمّ من نزار بن معدّ بن عدنان؛ كنيته أبو الحَسَن، وأمّه أمّ وَلَدٍ تسمّى صفيّة.
    شاعرٌ غَزِلٌ ظريف، وصفه المرزبانيّ بأنّ «شعره كثير»، وهو خطيب فصيح حلو الحديث، شريف جواد شجاع بديع الجمال، معدود من أشراف أهلِ الكوفة، وقد وليَ للحجّاج، وكان الحجّاج تزوّج أخته هند بنت أسماء، وهي من الشّاعرات الفصيحات، وتزوّجت أيضاً بشر بن مروان بن الحكم فولدت له عبـد الله بن بشر؛ وكان أبوه وأخوه عيينة ابن أسماء من أشراف أهل الكوفة أيضاً؛ وكان الحجّاج لا يستعمل مالكاً لإدمانِهِ الشرابَ، ثم ترك الشراب وأظهر التوبةَ والتنسّك، فولاه أصبهان؛ وقيل: إن الحجّاج أوفده إلى عبد الملك بن مروان، فأعجِب به وبكلامه، وسأله فقال: «بلغني أنّ فيك خصالاً شريفةً فأخبرني بها؛ فقال: ما سألني أحد حاجة إلاّ قضيتها، ولا أكل رجل من طعامي إلا رأيت له الفضلَ عليّ، ولا أقبلَ عليّ رجل بحديث إلاّ أقبلت عليه بسمعي وبصري؛ فقال له عبد الملك: حقّ لك أن تَشرُفَ وتسود» وكتب إلى الحجّاج: «إنك أوفدت إليّ رجل أهل العراق، فولّهِ واستعملْه وأكرمْه؛ ثم حبسَه الحجّاج - قيلَ - لخيانة في المال ظهرت عليه، واستدعاه من السجنِ لخلافٍ بينه وبين هند أخت مالك، فكان مما خاطبه به الحجّاج أن قال له إنك - والله - للخائنُ أمانتَهُ، اللئيم حَسَبهُ، الزاني فرجهُ؛ فقال: إن أذِنَ الأميرُ تكلّمْتُ؛ قال: قل؛ قال: أما قولهُ (الزاني فرجهُ) فو اللهِ لأنا أحقر عند اللهِ، وأصغرُ في عين الأمير من أن يجبَ لله عليّ حدٌّ فلا يقيمَهُ، وأما قوله: (اللئيم حسبهُ) فو اللهِ لو علمَ الأميرُ مكانَ رجلٍ أشرفَ مني لم يصاهرني، وأما قوله (إني خؤون) فلقد ائتمنني فوفّرْتُ، فأخذني بما أخَذَني بهِ، فبعْتُ ما كانَ وراءَ ظهْرِي، ولو مَلَكْت الدنيا بأسرها لافتَدَيْتُ بها من مِثْل هذا الكلام».
    وما أحراهُ أن يكونِ كما قال، فإنّ الشريف الكريمَ يربأ بنفسِهِ عن الزّنا والخيانة، وإن ابتلِيَ بالشراب واستهتر به؛ ويؤكد هذا أن الحجاج عاد فاستعملهُ، وكانَ الحجاجُ شديد المحاسبةِ لعماّله، ثمّ عادَ فحبسهُ وضيقَ عليه في حبسه، فهرب ولم يزل متوارياً إلى أن مات الحجّاج.
    ولأسماء أخبار مع عمر بن أبي ربيعة والفرزدق وغيرهما من الشعراء، فقد لقيه عمر في الحج وقال له: ما زلت أحبّك منذ سمعت قولك:
    إنّ لي عندَ كلِّ نفحةِ بستا نٍ من الورد أو من الياسمينا
    نظـرةً والتفـاتةً أترجّى أن تكوني حـَلَلْتِ فيما يلينا
    وجرى بينهما حديث أخذ فيه عمر على أسماء ما فيه من أسماء القرى التي يذكرها في شعره، فاعتذر بأنها أسماء قرى البلد الذي هو فيه، وأن في شعر عمر مثل ذلك من أسماء البلاد التي هو فيها.
    ومرّ بالفرزدق وهو يَهْنأ بعيراً له بنفسه (أي يدهنه بالقطِران)، فعزّ عليه ذلك، وأمر له بمئة بعير، فمدحه الفرزدق بأبيات منها:
    إنّ السّماحَ الذي في الناس كلِّهم قد حازه اللهُ للمفـضال أسمـاء
    ومن مشهور شعره الذي كان يغنّى فيه:
    حبّـذا ليلــتي بتَـلّ بَوَنَّى حينَ نســقى شرابَنَا و نغَنّى
    إذ رأَيْنَا جَــوَارياً عَطـراتٍ وغـناءً وقَرْقَـــــفاً فنَزَلْنَا
    وقولهُ:
    أمغطّى منّي على بصري في الـ ـحبّ أم أنتِ أكمل الناسِ حُسْنا
    وحــديثٍ ألـَذُّه هـو ممّــا يشتهي الســامعونَ يُوزَنُ وَزْنا
    منطقٌ صائبٌ وتلـحَن أحــيا ناً وخـيرُ الحـديث ما كانَ لَحْنَا
    يعني باللحنِ ما أومأتْ بِهِ ووَرّتْ به لئلا يعلمهُ غيرهما؛ وذكرت امرأة من فزارة كتبت الأولَيْن («أمغطّى-»، وما بعده) على قبر وَلَدها لكثرة ما كان يتمثّل بهما أن أسماء قالهما في امرأتهِ حبيبة بنت أبي جندب الأنصارية، وأنشدت له شعراً آخر فيها يدلّ على شغفه بها، ومنها قوله:
    ياجارةَ الحيّ كنتِ لي سكناً إذ ليس بعض الجيرانِ بالسّكَنِ
    أذكر من جارتي ومجلسـها طرائفاً من حديثــها الحسنِ
    ومن حديثٍ يزيدُني مِقَــةً ما لحديثِ الموموق مِنْ ثَمَـنِ
    وأشعاره سهلة الألفاظ سلسة التراكيب طريفـة المعاني تظهر فيها الآثار الحضرية، ولاسيما الغزل منها، وفيها فخر وحماسة واعتذار؛ ومن بديعه قوله:
    زارتك بين مهلّل ومسـبّحٍ بحطيمِ مكة َحينَ سالَ الأبطَحُ
    فكأنّ مكة والمشــاهد كلها ورحالَنَا باتَتْ بمسْـك تنْضَحُ
    محمّد شفيق البيطار
يعمل...
X