لحوم Meat - Viande
اللحــوم
اللحم meat هو مختلف أجزاء الذبائح التي يمكن استخدامها في التغذية، على أن تكون سليمة وخالية من مسبّبات الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان، ومنسجمة مع عادات المستهلكين وتقاليدهم ومعتقداتهم. ويتألف اللحم من الأنسجة العضلية والضامة والغضروفية والدهنية، وما تحتويه من أوعية دموية وغيرها من المكونات.
يعدّ اللحم من المصادر الرئيسية لتغذية الإنسان، فهو يمدّ الجسم بالعديد من المكونات الغذائية الضرورية له؛ صغيراً نامياً، أو بالغاً، أو في مراحل متقدمة من العمر، كما تعدّ القيمة البيولوجية العالية لبروتينات اللحم وسهولة هضمها وتمثلها في الجسم؛ إضافة إلى النكهة الجيدة من العوامل المهمة في تحديد الفوائد الغذائية للحوم واستساغتها.
مصـادر اللحـوم
تقسم اللحوم إلى حمراء وبيضاء، تؤخذ اللحوم الحمراء من ذبائح الثدييّات كالأبقار والأغنام والماعز والجمال والجاموس والخنزير والخيل، وحيوانات الصيد كالوعول والغزلان والأرانب. وتعدّ الطيور والأسماك المختلفة من أهمّ مصادر اللحوم البيضاء.
يبلغ استهلاك لحوم الأبقار نحو 32.6% من الاستهلاك العالمي للحوم ونحو 50% من استهلاك اللحوم الحمراء، يليها لحم الخنزير، ثم الأغنام والماعز. ويعدّ الدجاج والديك الرومي (الحبش) والبطّ والإوزّ والحمام والسمّن مصادر لحوم الطيور، ويُقدر إنتاجها بنحو 25% من الاستهلاك العالمي، يتصدرها الدجاج ولاسيما فروج اللحم، إذ تبلغ نسبة استهلاكه نحو 86% من الاستهلاك العام للحوم الطيور.
تبلغ نسبة استهلاك البط نحو 3 ـ 4% من الاستهلاك العالمي للحم الدواجن، ومثلها استهلاك الديك الرومي (الحبش). وقد تصل نسبته في بعض البلدان إلى نحو 10%؛ وذلك لطراوة لحمه ووفرة إنتاجه وجودة صنفه. كما تنتشر في بعض الدول تربية الإوز بقصد الاستفادة من كبده ولحمه.
التركيبان النسيجي والكيمياوي للحم
الشكل (1)
تعدّ العضلات والأنسجة الضامة أكبر مكونات اللحم وأهمها، وهي تُحدد خواصه ومواصفاته. وتؤلف العضلات الهيكلية نحو 35 -60% من وزن الذبيحة، فهي المصدر الأساسي للحم، ولها أشكال وأحجام وألوان وسماكات وتسميات عدّة. ألوانها حمراء لاحتواء أليافها على صبغة الميوغلوبين myoglobin، التي يحدد تركيزها في الألياف شدة اللون الأحمر للأنسجة. وتتألف العضلة من مجموعة حزم من الألياف العضلية، وكل حزمة تتألف من مجموعة حزيمات مكونة من ألياف عدة يحيط بها نسيج ليفي ضام وترسبات دهنية تنتشر فيه الأوعية الدموية واللمفاوية والعصبية التي تسهم في تغذية الحزم (الشكل 1).
يختلف التركيب الكيمياوي للحم وفقاً لعوامل عدة، مثل: نوع الحيوان وعمره وجنسه ونشاطه والموقع التشريحي للعضلة وطريقة التغذية والتبدلات الحاصلة في الذبيحة وشروط حفظها.
تبلغ نسبة الماء في اللحم نحو 73%، والبروتينات 21%، والدهون 5%، والرماد 1% (أملاح معدنية: الحديد، الزنك، والفسفور؛ إضافة إلى عدد من العناصر المعدنية النادرة، مثل النحاس والسلينيوم والفلور)، وكذلك تحتوي اللحوم على عدد من الفيتامينات المهمة، مثل فيتامينات B بما فيها الثيامين والكولين والنياسين و B6 وحمض الفوليك.
تعدّ البروتينات أهم مكونات اللحم من الناحية الغذائية والتصنيعية، إذْ تمد الجسم بالحموض الأمينية الأساسية الضرورية له. ومن الناحية التصنيعية تعدّ البروتينات مسؤولة عن الخواص التكنولوجية للحم من حيث قدرته على ربط الماء المضاف والحفاظ على ماء اللحم نفسه والخواص الاستحلابية الضرورية في تشكيل المستحلب واستقراره، وهي قادرة على خفض التوتر السطحي بين الأطوار، ولها بنية ضامة للماء والدهن، وهي مهمة في تشكيل الهلام والخواص الترابطية والالتصاقية للحم.
قطع اللحوم حسب مقاطع الجسم
تقسم ذبائح الأبقار والأغنام حسب مقاطع الجسم وفق الآتي:
1ـ لحم الرقبة، وهي من اللحوم القاسية، ويستخدم للسلق وصناعة التعليب والفرم.
2ـ لحم الأضلاع الأمامية أو لحم الكتف أو الباط أو الساعد، وأفضل استعمالاته للسلق و«الروستو» وصناعة النقانق.
3ـ لحم الأضلاع الوسطى (أو الرِيَش)، وهو طري ويصلح للشواء أو الفرم.
4ـ لحم الظهر أو الأصلاب والقَطَن (ويسمى المتلة أو «الفيلية»)، وهو طري، وأفضل استعمالاته للشوي و«الروستو».
5ـ لحم القسم السفلي من الصدر (ويسمى الزور)، وهو «هبرة» مدهنة، تستخدم غالباً للشوي أو الفرم.
6ـ لحم الخاصرة أو البطن (ويسمى «اللوازق»)، وهو هبرة، تصلح لمأكولات عدة كالكبة المشوية والفرم وغيرها.
7ـ لحم الأضلاع الخلفية أو القسم العلوي من لحم الخاصرة، وهو هبرة، تستخدم «للبفتيك» و«الفيلية» والشوي و«الروستو».
8 ـ لحم فخذ القوائم الخلفية، وهو هبرة، تصلح «للإسكالوب» والشواء، وكذلك الفرم.
9ـ لحم وجه الفخذ (وتسمى «شهباية» في الأغنام)، وهو القسم الرئيسي للفخذ، يصلح «للإسكالوب» و«الروستو».
10ـ لحم القوائم الخلفية والأمامية أو موزات اليد والفخذ، ويصلح للسلق.
العوامل المؤثرة في إنتاج اللحوم وجودتها
يرتبط إنتاج اللحم ومواصفاته بعوامل عدة، منها ما يتعلق بالحيوان (المورثات والعمر والجنس والحالة الصحية وغيرها)، وتغذيته وإسكانه ومعاملته؛ وصولاً إلى طريقة ذبحه وما يلي ذلك من حيث العناية بالذبائح ومعاملاتها وطرائق تبريدها أو تجميدها وحفظها.
وللعقاقير والهرمونات التي يستخدمها بعض المنتجين لتسمين الحيوانات تأثيرات مهمة في تحديد نوعية اللحوم وسلامتها الغذائية، فقد تؤدي إلى تكوين رائحة قوية نفّاذة في اللحم والدهن وإلى تراكم نواتج كيمياوية فيها تسبب أضراراً لمستهلكيها، قد تكون عاجلة أو بطيئة تراكمية. ولهذا السبب فإن دول الاتحاد الأوربي تمنع استيراد اللحوم الأمريكية المنشأ والتي نتجت من ماشية استخدم في تسمينها هرمون النمو البقري، في حين تسمح الولايات المتحدة الأمريكية باستخدامها. ومن الطبيعي أن تتلف اللحوم الناتجة من أبقار أصيبت بمرض جنون البقر الذي ثبت أن مصدره تغذية الحيوانات بمخلفات غذائية حيوانية المنشأ، وكذلك لحوم الطيور الداجنة والبرية التي أصيبت بمرض أنفلونزا الطيور وما يماثله من أمراض خطيرة، وكذلك تتلف لحوم الحيوانات التي تظهر الفحوص البيطرية إصابتها بأمراض أو طفيليات يمكن انتقالها إلى الإنسان.
تصنيف اللحوم ونسبة التصافي
تصنّف حيوانات الذبح في مجموعات أو درجات حسب نوعيتها ومواصفاتها التي تحددها لوائح خاصة. وتتأثر أسعار الحيوانات الحية أو الذبائح بأصناف اللحوم وجودتها. ويتم شراء الحيوانات الحية من قبل المؤسسات أو الأشخاص المعنيين بتسويقها في أسواق خاصة، أما شراء اللحم فيتم من قبل مصانع اللحوم أو محلات الجزارة أو المستهلكين مباشرة.
وتعني الإنتاجية أو التصافي النسبة بين وزن الحيوان المذبوح ووزنه حياً، وتحسب نسبة مئوية، وتؤثر فيها عوامل عدة.
وتصنف الأبقار الحية بالنظر والجس في خمس درجات نوعية grades خاصة أو ست، وتكون حيوانات المجموعة الممتازة مغذّاة ومسمنة جيداً؛ وتصافيها عالياً يصل إلى أكثر من 60%. ويختلف تصنيف الأبقار من بلد إلى آخر ولها معايير محددة يُعمل بها. ويعتمد التصنيف النوعي لذبائح الدواجن على تقسيم أجزائها إلى درجات عدّة. وعلى تقييم النظر للمصنفين بالاعتماد على المعايير المستخدمة كبنية الذبيحة (الشكل الخارجي) ودرجة التسمين وتوضّع العضلات ودرجة نتف الريش ولون الجلد والدهن والضرر الميكانيكي في أثناء عمليات الذبح والتجهيز، وتراوح نسبة التصافي في الدواجن بين 45 و55%.
أما التصنيف التجاري فيستند إلى طريقة المعاملة بعد الذبح والتجهيز للتسويق، وإلى درجة حرارة اللحم، وتصنَّف في ذبائح مبردة وأخرى مجمدة أو ذبائح مجمدة تجميداً صاعقاً.
تصنف الأسماك غالباً حسب حجمها وفصل اصطيادها أو شهره ومؤشرات طزاجتها في درجات عدة، وتستبعد منها الأسماك ذات المواصفات والنوعيات المتدنية. وتراوح نسبة التصافي في الأسماك بين 38 و85%.
ذبح الحيوانات ومعاملة الذبائح
تتأثر جودة اللحوم بأسلوب معاملة الحيوان قبل الذبح، وبإعداد الذبيحة والمعاملات التي تُعرَّض لها، مثل التبريد وشروط التخزين، إضافة إلى الشروط الفيزيولوجية والصحية للحيوان وطريقة الذبح. وتعدّ إراحة الحيوانات ومنع الغذاء عنها (عدا الماء) قبل ذبحها ضرورية للمحافظة على سوية السكر والغليكوجين في أجسامها وخفض حموضة اللحم؛ إضافة إلى خفض الاحتقان في أوعيتها الدموية، ويراعى أيضاً عدم تعريضها لصدمات في أثناء نقلها إلى المسلخ. ويُجرى الفحص البيطري للحيوانات المعدة للذبح، وتغسل بهدف تنظيفها، وتنفّذ جميع العمليات المعتمدة في المسلخ وفق شروط صحية صارمة، لتفادي تلوث اللحم وغيره من منتجات الذبيحة، وللحصول على لحوم ذات جودة عالية. ويُلزم العاملون في المسالخ في كثير من البلدان تغييب الحيوان عن وعيه قبل ذبحه، ومن ثم ذبحه فوراً لتخليصه من دمه، إذْ يُلحق التأخير ضرراً باللحم وفساداً نتيجة النـزيف الداخلي المحتمل. وتتنوع تقنيات الذبح في مختلف الدول بما ينسجم مع التقاليد والعادات والشرائع الدينية السائدة فيها، وتصمم خطوات العمل في مسالخها وفقاً لذلك، وتحرّم الشريعتان الإسلامية واليهودية فقدان وعي الحيوان قبل ذبحه، وتحلّلان ذبحه بقطع العنق بحركة واحدة باستخدام سكين حادة. ويعدّ الإدماء لتخليص الحيوان من كامل دمه شرطاً أساسياً للمحافظة على نوعية اللحم وطول مدة حفظه؛ لأن الدم بيئة ملائمة لنشاط الجراثيم وعامل ضرر ونفور للمستهلك. تعلّق الذبيحة من قوائمها الخلفية على سلاسل متحركة لإتمام عملية نزف دمها الذي يصب في مجرى خاص ينتهي في أوعية تجميعه. وبعد فصل رأس الحيوان وسلخ جلده يُشقّ بطنه لتفريغه من محتوياته. وتقسم الذبيحة إلى نصفين متناظرين طولياً أو إلى أربعة أجزاء، وذلك حسب نوع الحيوان وحجمه ورغبة السوق، ولتسهيل الفحص البيطري.
تختلف تقانة ذبح الطيور عنها في الثدييات، وتشمل خطواتها التعليق على السلاسل المتحركة، الإغماء، الذبح والإدماء، السلق بهدف إزالة الريش، والأحشاء الداخلية، والرأس والرقبة والأرجل، ثم تنقل الذبائح إلى أماكن التبريد.
تؤدي التبدلات التي تجري في العضلات بعد ساعات قليلة من الذبح- من تصلب الأنسجة وتحللها بالإنضاج أو تعتيق اللحم- إلى حدوث تغيرات أساسية تخصّ تحسين نوعيته وسهولة هضمه. وترتبط العملية أساساً بدرجات الحرارة، كما يتأثر الإنضاج بعوامل عدة أخرى، أهمها نوع اللحم ونسبة الدهن وعمر الحيوان. وتبرّد الذبائح عادة في درجة حرارة أعلى من الصفر المئوي بقليل مدة أسبوع، أو تحفظ مجمّدة في غرف خاصة.
اللحوم الطازجة والمبردة والمجمـدة
تعدّ اللحوم التي لم تعامل أي معاملة تغير من خواصها أو تزيد من قابليتها للحفظ لحوماً طازجة، أما اللحوم المبردة فهي لحوم طازجة تحفظ بعد الذبح مباشرة في غرف تبريد لا تتجمد فيها.
وتستعمل عادة قطع لحم الصدر والبطن والرقبة والقوائم الأمامية لأغراض الحفظ، في حين تباع قطع الفخذ والظهر (المتلة) لأغراض الشيّ والطهي، أو تستخدم في إنتاج مصنوعات عالية الجودة. ويمكن استخدام اللحوم الطازجة (الدافئة) في إنتاج النقانق ومصنوعات مستحلبات اللحوم من دون الحاجة إلى تبريدها، أو يمكن تجميدها مباشرة للغرض نفسه وذلك لقدرتها العالية على ربط الماء والاحتفاظ به.
ولسرعة فساد اللحم يتوجب تبريده بعد الذبح مباشرة، وتبرد الأسماك بهدف الحفاظ على خصائصها وجودتها في أثناء فترة نقلها من مراكز الصيد إلى أماكن التوزيع والاستهلاك. وتعتمد مدّة حفظ الذبائح بالتبريد على مقدار التلوث الميكروبي الأوليّ ونسبة الدهن ودرجة حرارة التخزين، وكذلك على نوع الذبيحة وطريقة تخزينها وتغليفها. ويمكن تدعيم العملية بتزويد غرف التبريد بمصابيح أشعة فوق بنفسجية لمنع نمو الأحياء الدقيقة المحبة للبرودة، أو إضافة غاز خامل إلى جو التخزين. وتجمّد اللحوم بمختلف أنواعها بهدف حفظها مدة طويلة تصل إلى سنة. ويجمّد مختلف حجومها وأجزائها في درجات حرارة منخفضة جداً تراوح بين -35 ْم و-50ْم (الصعق) بهدف تقليل كمية السائل المنفصل والمحافظة على بريق اللحم . تستخدم غرف منفصلة للتجميد أو التبريد الصاعق وأخرى للتخزين العادي.
عبد الرحمن سماك
اللحــوم
اللحم meat هو مختلف أجزاء الذبائح التي يمكن استخدامها في التغذية، على أن تكون سليمة وخالية من مسبّبات الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان، ومنسجمة مع عادات المستهلكين وتقاليدهم ومعتقداتهم. ويتألف اللحم من الأنسجة العضلية والضامة والغضروفية والدهنية، وما تحتويه من أوعية دموية وغيرها من المكونات.
يعدّ اللحم من المصادر الرئيسية لتغذية الإنسان، فهو يمدّ الجسم بالعديد من المكونات الغذائية الضرورية له؛ صغيراً نامياً، أو بالغاً، أو في مراحل متقدمة من العمر، كما تعدّ القيمة البيولوجية العالية لبروتينات اللحم وسهولة هضمها وتمثلها في الجسم؛ إضافة إلى النكهة الجيدة من العوامل المهمة في تحديد الفوائد الغذائية للحوم واستساغتها.
مصـادر اللحـوم
تقسم اللحوم إلى حمراء وبيضاء، تؤخذ اللحوم الحمراء من ذبائح الثدييّات كالأبقار والأغنام والماعز والجمال والجاموس والخنزير والخيل، وحيوانات الصيد كالوعول والغزلان والأرانب. وتعدّ الطيور والأسماك المختلفة من أهمّ مصادر اللحوم البيضاء.
يبلغ استهلاك لحوم الأبقار نحو 32.6% من الاستهلاك العالمي للحوم ونحو 50% من استهلاك اللحوم الحمراء، يليها لحم الخنزير، ثم الأغنام والماعز. ويعدّ الدجاج والديك الرومي (الحبش) والبطّ والإوزّ والحمام والسمّن مصادر لحوم الطيور، ويُقدر إنتاجها بنحو 25% من الاستهلاك العالمي، يتصدرها الدجاج ولاسيما فروج اللحم، إذ تبلغ نسبة استهلاكه نحو 86% من الاستهلاك العام للحوم الطيور.
تبلغ نسبة استهلاك البط نحو 3 ـ 4% من الاستهلاك العالمي للحم الدواجن، ومثلها استهلاك الديك الرومي (الحبش). وقد تصل نسبته في بعض البلدان إلى نحو 10%؛ وذلك لطراوة لحمه ووفرة إنتاجه وجودة صنفه. كما تنتشر في بعض الدول تربية الإوز بقصد الاستفادة من كبده ولحمه.
التركيبان النسيجي والكيمياوي للحم
الشكل (1)
تعدّ العضلات والأنسجة الضامة أكبر مكونات اللحم وأهمها، وهي تُحدد خواصه ومواصفاته. وتؤلف العضلات الهيكلية نحو 35 -60% من وزن الذبيحة، فهي المصدر الأساسي للحم، ولها أشكال وأحجام وألوان وسماكات وتسميات عدّة. ألوانها حمراء لاحتواء أليافها على صبغة الميوغلوبين myoglobin، التي يحدد تركيزها في الألياف شدة اللون الأحمر للأنسجة. وتتألف العضلة من مجموعة حزم من الألياف العضلية، وكل حزمة تتألف من مجموعة حزيمات مكونة من ألياف عدة يحيط بها نسيج ليفي ضام وترسبات دهنية تنتشر فيه الأوعية الدموية واللمفاوية والعصبية التي تسهم في تغذية الحزم (الشكل 1).
يختلف التركيب الكيمياوي للحم وفقاً لعوامل عدة، مثل: نوع الحيوان وعمره وجنسه ونشاطه والموقع التشريحي للعضلة وطريقة التغذية والتبدلات الحاصلة في الذبيحة وشروط حفظها.
تبلغ نسبة الماء في اللحم نحو 73%، والبروتينات 21%، والدهون 5%، والرماد 1% (أملاح معدنية: الحديد، الزنك، والفسفور؛ إضافة إلى عدد من العناصر المعدنية النادرة، مثل النحاس والسلينيوم والفلور)، وكذلك تحتوي اللحوم على عدد من الفيتامينات المهمة، مثل فيتامينات B بما فيها الثيامين والكولين والنياسين و B6 وحمض الفوليك.
تعدّ البروتينات أهم مكونات اللحم من الناحية الغذائية والتصنيعية، إذْ تمد الجسم بالحموض الأمينية الأساسية الضرورية له. ومن الناحية التصنيعية تعدّ البروتينات مسؤولة عن الخواص التكنولوجية للحم من حيث قدرته على ربط الماء المضاف والحفاظ على ماء اللحم نفسه والخواص الاستحلابية الضرورية في تشكيل المستحلب واستقراره، وهي قادرة على خفض التوتر السطحي بين الأطوار، ولها بنية ضامة للماء والدهن، وهي مهمة في تشكيل الهلام والخواص الترابطية والالتصاقية للحم.
قطع اللحوم حسب مقاطع الجسم
تقسم ذبائح الأبقار والأغنام حسب مقاطع الجسم وفق الآتي:
1ـ لحم الرقبة، وهي من اللحوم القاسية، ويستخدم للسلق وصناعة التعليب والفرم.
2ـ لحم الأضلاع الأمامية أو لحم الكتف أو الباط أو الساعد، وأفضل استعمالاته للسلق و«الروستو» وصناعة النقانق.
3ـ لحم الأضلاع الوسطى (أو الرِيَش)، وهو طري ويصلح للشواء أو الفرم.
4ـ لحم الظهر أو الأصلاب والقَطَن (ويسمى المتلة أو «الفيلية»)، وهو طري، وأفضل استعمالاته للشوي و«الروستو».
5ـ لحم القسم السفلي من الصدر (ويسمى الزور)، وهو «هبرة» مدهنة، تستخدم غالباً للشوي أو الفرم.
6ـ لحم الخاصرة أو البطن (ويسمى «اللوازق»)، وهو هبرة، تصلح لمأكولات عدة كالكبة المشوية والفرم وغيرها.
7ـ لحم الأضلاع الخلفية أو القسم العلوي من لحم الخاصرة، وهو هبرة، تستخدم «للبفتيك» و«الفيلية» والشوي و«الروستو».
8 ـ لحم فخذ القوائم الخلفية، وهو هبرة، تصلح «للإسكالوب» والشواء، وكذلك الفرم.
9ـ لحم وجه الفخذ (وتسمى «شهباية» في الأغنام)، وهو القسم الرئيسي للفخذ، يصلح «للإسكالوب» و«الروستو».
10ـ لحم القوائم الخلفية والأمامية أو موزات اليد والفخذ، ويصلح للسلق.
العوامل المؤثرة في إنتاج اللحوم وجودتها
يرتبط إنتاج اللحم ومواصفاته بعوامل عدة، منها ما يتعلق بالحيوان (المورثات والعمر والجنس والحالة الصحية وغيرها)، وتغذيته وإسكانه ومعاملته؛ وصولاً إلى طريقة ذبحه وما يلي ذلك من حيث العناية بالذبائح ومعاملاتها وطرائق تبريدها أو تجميدها وحفظها.
وللعقاقير والهرمونات التي يستخدمها بعض المنتجين لتسمين الحيوانات تأثيرات مهمة في تحديد نوعية اللحوم وسلامتها الغذائية، فقد تؤدي إلى تكوين رائحة قوية نفّاذة في اللحم والدهن وإلى تراكم نواتج كيمياوية فيها تسبب أضراراً لمستهلكيها، قد تكون عاجلة أو بطيئة تراكمية. ولهذا السبب فإن دول الاتحاد الأوربي تمنع استيراد اللحوم الأمريكية المنشأ والتي نتجت من ماشية استخدم في تسمينها هرمون النمو البقري، في حين تسمح الولايات المتحدة الأمريكية باستخدامها. ومن الطبيعي أن تتلف اللحوم الناتجة من أبقار أصيبت بمرض جنون البقر الذي ثبت أن مصدره تغذية الحيوانات بمخلفات غذائية حيوانية المنشأ، وكذلك لحوم الطيور الداجنة والبرية التي أصيبت بمرض أنفلونزا الطيور وما يماثله من أمراض خطيرة، وكذلك تتلف لحوم الحيوانات التي تظهر الفحوص البيطرية إصابتها بأمراض أو طفيليات يمكن انتقالها إلى الإنسان.
تصنيف اللحوم ونسبة التصافي
تصنّف حيوانات الذبح في مجموعات أو درجات حسب نوعيتها ومواصفاتها التي تحددها لوائح خاصة. وتتأثر أسعار الحيوانات الحية أو الذبائح بأصناف اللحوم وجودتها. ويتم شراء الحيوانات الحية من قبل المؤسسات أو الأشخاص المعنيين بتسويقها في أسواق خاصة، أما شراء اللحم فيتم من قبل مصانع اللحوم أو محلات الجزارة أو المستهلكين مباشرة.
وتعني الإنتاجية أو التصافي النسبة بين وزن الحيوان المذبوح ووزنه حياً، وتحسب نسبة مئوية، وتؤثر فيها عوامل عدة.
وتصنف الأبقار الحية بالنظر والجس في خمس درجات نوعية grades خاصة أو ست، وتكون حيوانات المجموعة الممتازة مغذّاة ومسمنة جيداً؛ وتصافيها عالياً يصل إلى أكثر من 60%. ويختلف تصنيف الأبقار من بلد إلى آخر ولها معايير محددة يُعمل بها. ويعتمد التصنيف النوعي لذبائح الدواجن على تقسيم أجزائها إلى درجات عدّة. وعلى تقييم النظر للمصنفين بالاعتماد على المعايير المستخدمة كبنية الذبيحة (الشكل الخارجي) ودرجة التسمين وتوضّع العضلات ودرجة نتف الريش ولون الجلد والدهن والضرر الميكانيكي في أثناء عمليات الذبح والتجهيز، وتراوح نسبة التصافي في الدواجن بين 45 و55%.
أما التصنيف التجاري فيستند إلى طريقة المعاملة بعد الذبح والتجهيز للتسويق، وإلى درجة حرارة اللحم، وتصنَّف في ذبائح مبردة وأخرى مجمدة أو ذبائح مجمدة تجميداً صاعقاً.
تصنف الأسماك غالباً حسب حجمها وفصل اصطيادها أو شهره ومؤشرات طزاجتها في درجات عدة، وتستبعد منها الأسماك ذات المواصفات والنوعيات المتدنية. وتراوح نسبة التصافي في الأسماك بين 38 و85%.
ذبح الحيوانات ومعاملة الذبائح
تتأثر جودة اللحوم بأسلوب معاملة الحيوان قبل الذبح، وبإعداد الذبيحة والمعاملات التي تُعرَّض لها، مثل التبريد وشروط التخزين، إضافة إلى الشروط الفيزيولوجية والصحية للحيوان وطريقة الذبح. وتعدّ إراحة الحيوانات ومنع الغذاء عنها (عدا الماء) قبل ذبحها ضرورية للمحافظة على سوية السكر والغليكوجين في أجسامها وخفض حموضة اللحم؛ إضافة إلى خفض الاحتقان في أوعيتها الدموية، ويراعى أيضاً عدم تعريضها لصدمات في أثناء نقلها إلى المسلخ. ويُجرى الفحص البيطري للحيوانات المعدة للذبح، وتغسل بهدف تنظيفها، وتنفّذ جميع العمليات المعتمدة في المسلخ وفق شروط صحية صارمة، لتفادي تلوث اللحم وغيره من منتجات الذبيحة، وللحصول على لحوم ذات جودة عالية. ويُلزم العاملون في المسالخ في كثير من البلدان تغييب الحيوان عن وعيه قبل ذبحه، ومن ثم ذبحه فوراً لتخليصه من دمه، إذْ يُلحق التأخير ضرراً باللحم وفساداً نتيجة النـزيف الداخلي المحتمل. وتتنوع تقنيات الذبح في مختلف الدول بما ينسجم مع التقاليد والعادات والشرائع الدينية السائدة فيها، وتصمم خطوات العمل في مسالخها وفقاً لذلك، وتحرّم الشريعتان الإسلامية واليهودية فقدان وعي الحيوان قبل ذبحه، وتحلّلان ذبحه بقطع العنق بحركة واحدة باستخدام سكين حادة. ويعدّ الإدماء لتخليص الحيوان من كامل دمه شرطاً أساسياً للمحافظة على نوعية اللحم وطول مدة حفظه؛ لأن الدم بيئة ملائمة لنشاط الجراثيم وعامل ضرر ونفور للمستهلك. تعلّق الذبيحة من قوائمها الخلفية على سلاسل متحركة لإتمام عملية نزف دمها الذي يصب في مجرى خاص ينتهي في أوعية تجميعه. وبعد فصل رأس الحيوان وسلخ جلده يُشقّ بطنه لتفريغه من محتوياته. وتقسم الذبيحة إلى نصفين متناظرين طولياً أو إلى أربعة أجزاء، وذلك حسب نوع الحيوان وحجمه ورغبة السوق، ولتسهيل الفحص البيطري.
تختلف تقانة ذبح الطيور عنها في الثدييات، وتشمل خطواتها التعليق على السلاسل المتحركة، الإغماء، الذبح والإدماء، السلق بهدف إزالة الريش، والأحشاء الداخلية، والرأس والرقبة والأرجل، ثم تنقل الذبائح إلى أماكن التبريد.
تؤدي التبدلات التي تجري في العضلات بعد ساعات قليلة من الذبح- من تصلب الأنسجة وتحللها بالإنضاج أو تعتيق اللحم- إلى حدوث تغيرات أساسية تخصّ تحسين نوعيته وسهولة هضمه. وترتبط العملية أساساً بدرجات الحرارة، كما يتأثر الإنضاج بعوامل عدة أخرى، أهمها نوع اللحم ونسبة الدهن وعمر الحيوان. وتبرّد الذبائح عادة في درجة حرارة أعلى من الصفر المئوي بقليل مدة أسبوع، أو تحفظ مجمّدة في غرف خاصة.
اللحوم الطازجة والمبردة والمجمـدة
تعدّ اللحوم التي لم تعامل أي معاملة تغير من خواصها أو تزيد من قابليتها للحفظ لحوماً طازجة، أما اللحوم المبردة فهي لحوم طازجة تحفظ بعد الذبح مباشرة في غرف تبريد لا تتجمد فيها.
وتستعمل عادة قطع لحم الصدر والبطن والرقبة والقوائم الأمامية لأغراض الحفظ، في حين تباع قطع الفخذ والظهر (المتلة) لأغراض الشيّ والطهي، أو تستخدم في إنتاج مصنوعات عالية الجودة. ويمكن استخدام اللحوم الطازجة (الدافئة) في إنتاج النقانق ومصنوعات مستحلبات اللحوم من دون الحاجة إلى تبريدها، أو يمكن تجميدها مباشرة للغرض نفسه وذلك لقدرتها العالية على ربط الماء والاحتفاظ به.
ولسرعة فساد اللحم يتوجب تبريده بعد الذبح مباشرة، وتبرد الأسماك بهدف الحفاظ على خصائصها وجودتها في أثناء فترة نقلها من مراكز الصيد إلى أماكن التوزيع والاستهلاك. وتعتمد مدّة حفظ الذبائح بالتبريد على مقدار التلوث الميكروبي الأوليّ ونسبة الدهن ودرجة حرارة التخزين، وكذلك على نوع الذبيحة وطريقة تخزينها وتغليفها. ويمكن تدعيم العملية بتزويد غرف التبريد بمصابيح أشعة فوق بنفسجية لمنع نمو الأحياء الدقيقة المحبة للبرودة، أو إضافة غاز خامل إلى جو التخزين. وتجمّد اللحوم بمختلف أنواعها بهدف حفظها مدة طويلة تصل إلى سنة. ويجمّد مختلف حجومها وأجزائها في درجات حرارة منخفضة جداً تراوح بين -35 ْم و-50ْم (الصعق) بهدف تقليل كمية السائل المنفصل والمحافظة على بريق اللحم . تستخدم غرف منفصلة للتجميد أو التبريد الصاعق وأخرى للتخزين العادي.
عبد الرحمن سماك