قصة خوف الصين من روبوتات الذكاء الصنعي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قصة خوف الصين من روبوتات الذكاء الصنعي

    قصة خوف الصين من روبوتات الذكاء الصنعي





    روبوتات الذكاء الصنعي مثل “ChatGPT” و”BARD” هي الصيحة الأحدث والأهم في عالم التقنية لذلك تحاول جميع الشركات التقنية حول العالم الاستفادة منها وتقديم منتجات تعتمد عليها، كما أنها التقنية التي تهدد عرش “جوجل” في عالم محركات البحث.
    الصين لم تكن لتترك مثل هذه التقنية تمر مرور الكرام دون محاولة تقديم نموذج خاص بها ينافس “ChatGPT”، وقد وقع عاتق تطوير هذا النموذج على شركة “بايدو” التي تمتلك أذرعا في الكثير من القطاعات التقنية إلى جانب ارتباطات وثيقة بالحزب “الشيوعي” الصيني، الذي يحاول السيطرة على هذه التقنية وتسخيرها لمصالحه، فهل ينجح في ذلك.
    بداية فاشلة للذكاء الصنعي في الصين

    محاولات الحزب “الشيوعي” لتقديم نموذج بديل لروبوت “ChatGPT” ونماذج اللغة العميقة لم تعد توقعات لمستقبل، إذ أعلنت “بايدو” سابقا في مؤتمر خاص عن نموذج الذكاء الصنعي الخاص بها والذي يعتمد على فكرة روبوت الدردشة، ولكنه لم يكن إعلانا ناجحا، إذ تسبب بانخفاض أسهم الشركة في اليوم ذاته.


    الإعلان عن روبوت “Ernie” الذي يُعد المنافس الصيني لروبوت “ChatGPT” كان كارثيا بحسب ما وصفته المواقع المختلفة، وذلك لأنه على عكس روبوتات الدردشة والذكاء الصنعي الأخرى، فإن التجربة كانت مسجلة وعرضت في الإعلان عبر مقطع فيديو بدلا من عرض تجربة استخدام حيّة للروبوت، وهو ما أثار استياء المتابعين والمشاركين في الحدث ودفعهم لانتقاده بشكل مباشر أثناء الحدث.

    “بايدو” رفضت التعليق عن ما حدث أثناء الكشف عن الروبوت الخاص بها، ولكن خبراء الذكاء الصنعي أكدوا أن الجزء الأهم في عملية تطوير الروبوت هو تدريبه على محتوى عبر الإنترنت إلى جانب اختباره بشريّا، وهو الأمر الذي لم تقم به “بايدو” كما يجب.
    محاولة للسيطرة على التقنية

    الحزب “الشيوعي” الصيني، يتحكم في الكثير من المنتجات التقنية التي تعمل داخل الصين، وذلك عبر امتلاك الخوارزميات المسؤولة عن هذه المنتجات سواء كانت شبكات تواصل اجتماعي أو متاجر إلكترونية، إذ يجبر القانون هذه الشركات على تسليم الخوارزميات للحزب.
    التعامل مع روبوتات الذكاء الصنعي لن يكون مختلفا عن المنتجات التقنية الأخرى، لذا يحاول الحزب “الشيوعي” السيطرة عليها قبل أن تنتشر، وذلك عبر إدارة الفضاء السيبراني التابعة له، إذ أصدرت الأخيرة مسودة قانون للتحكم وتنظيم عمل روبوتات الدردشة والذكاء الصنعي التوليدي.
    القانون يجبر روبوتات الدردشة على الالتزام بمعايير الحزب “الشيوعي” الحاكم ونشر المعلومات التي يوافق الحزب عليها فقط دون التطرق إلى أي معلومات أو تفاصيل أخرى أو حتى محاولة نبش التاريخ المحظور من قبل الحزب، كما أن جميع الصور والنصوص التي ينتجها الروبوت يجب أن تخضع لقوانين حماية الملكية الصينية وأن تتجنب خرق هذه القوانين حتى لا يغلق الروبوت تماما، وفي النهاية يجب أن تحصل حكومة الحزب “الشيوعي” على نسخة من خوارزميات الروبوت والكود البرمجي المصدري له وأن يتم تسجيلها لدى الحزب.
    القانون حذر أيضا من تطرق الروبوتات للمعلومات التي تقوض من قوة الدولة أو تنشر معلومات تسبب في شقاق وطني وتهاجم سياسات الحزب أو حتى تعترض عليها.
    سيطرة تعوق التقدم

    الصين تسعى لأن تصبح “قوة عالمية” عظمى في مجال الذكاء الصنعي، وهي تهتم به منذ فترة كبيرة، وذلك دون أن تضحي بسيطرتها على انتشار المعلومات والتقنيات المستخدمة من قبل شعبها، ورغم أنها استطاعت القيام بذلك مع التقنيات السابقة، إلا أن مثل هذه السيطرة تقوّض من قوة الذكاء الصنعي وتحول دون أن يستطيع العمل بشكل جيد.
    الاختبار الذي عرضته “بايدو” كان مثالا حيّا للفشل الذي ينتظر روبوتات الدردشة والذكاء الصنعي التوليدي الذي يخضع للسيطرة الكاملة، إذ إن وضع القيود والشروط الكثيرة على الذكاء الصنعي يعني أنه لن يستطيع التعلم والتدرب بشكل جيد، ولكن يكون قادرا على توليد النصوص أو الصور بجودة تقارب منافسيه في مختلف دول العالم.


    التناقض الواضح بين مساعي بكين للتقدم في قطاع الذكاء الصنعي دون التخلي عن محاولة السيطرة على المعلومات والتحكم فيها سيؤدي إلى نهاية الشركات العاملة في هذا المجال، لأنها لن تكون قادرة على منافسة نموذج ذكاء صنعي يمتلك الإنترنت بأكمله ليتدرب عليه.
    جودة الذكاء الصنعي التوليدي تأتي من كمية المعلومات والمدخلات التي تدرب عليها، كلما زاد عدد هذه المدخلات كلما أصبحت نتائجه أفضل وأكثر جودة، ولكن إذ قمت بتقليل هذه المدخلات بشكل كبير، فإن الروبوت الخاص بك لن يكون قادرا على توليد أي شيء لأنه لم يتدرب بشكل جيد.
    التخلي عن محاولة السيطرة على روبوتات الذكاء الصنعي بالنسبة للحزب “الشيوعي” الصيني أمر مستحيل تماما، وذلك لأن الأولوية الأولى لهم هو التحكم في الأشياء التي يعرفها الشعب، لذلك لن تقبل بكين بذكاء صنعي يعترف بكون تايوان دولة مستقلة أو يذكر المجازر التي ارتكبتها الحكومة الصينية ضد مسلمي “الإيغور” مثلا.
    هل يمكن التحكم في الذكاء الصنعي؟

    الإبداع والابتكار الذي جعل الذكاء الصنعي يبهر العالم لم يكن قدرته على توليد نصوص أو صور، بل كان جودة هذه النصوص والصور واقترابها من الواقع بشكل كبير للغاية إلى جانب قدرة هذه الآلة على التفكير بنفسها والتعلم.
    القدرة على التفكير والتعلم هي السبب الرئيسي لمحاولة بكين السيطرة على نماذج الذكاء الصنعي، لأنه في النهاية لا ترغب في آلة قادرة على كشف الجرائم والمعلومات التي تحاول إخفائها، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في أن هذه السيطرة ستجعل أي نموذج تقدمه الشركات الصينية غير قادر على منافسة “ChatGPT” لأنه لن يكون ذكاء صنعيا بالمعنى المتعارف عليه، بل سيكون أشبه ببرنامج كتابة أو إملاء ينقل معلومات حصل عليها مسبقا، وإذا كان هذا النموذج يقدم ردودا معروفة بشكل مسبق ومتفق عليها، هل يمكن أن نصفه بأنه “ذكاء” صنعي.
يعمل...
X