جاكومو ليوباردي Giacomo Leopardi من أكبر شعراء إيطاليا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • جاكومو ليوباردي Giacomo Leopardi من أكبر شعراء إيطاليا

    ليوباردي (جاكوم) Leopardi (Giacomo-) - Leopardi (Giacomo-)
    لِيوباردي (جاكومو ـ)

    (1798 ـ 1837)



    يُعد جاكومو ليوباردي Giacomo Leopardi من أكبر شعراء إيطاليا بعد دانتي، كما عاد اسمه للظهور مجدداً في الشعر الحديث بعد الحرب العالمية الأولى. ولد في بلدة ريكاناتي Recanati وسط إيطاليا والتابعة آنذاك للكنيسة، وبدأ حياته بعيداً عن الأوساط الفكرية. كان ضعيف البنية، وعانى انحرافاً في العمود الفقري، كما عانى الرمد الذي أقعده وهو في السابعة مدة طويلة عن القراءة ثم نهائياً في سنواته الأخيرة حتى وفاته في نابولي.



    تفوق ليوباردي منذ طفولته في دراسته، وأظهر مهارة في تعلّم اللغات إذ تعلم وهو في العاشرة، من دون مدّرس، اليونانية والعبرية والإنكليزية والإسبانية والفرنسية، وكان مولعاً بالأدب الإيطالي وباللغات والآداب الكلاسيكية. بعد سبع سنوات من الدراسة والعمل الدؤوب كتب وهو في الخامسة عشرة «تاريخ الفلك» Storia dell’astronomia (1813) و«مقالة حول الأخطاء الشعبية لدى القدامى» Il Saggio sopra gli errori popolari degli antichi (1815)، وكذلك مرثية خطابية «إلى الإيطاليين» una orazione Agl’Italiani. في الوقت ذاته فكّر في تأليف مسرحية مأسوية بعنوان «بومبيوس في مصر» Un Pompeo in Egitto. وشهد ليوباردي في عام 1819 تحولاً في مشاعره، فتطورت حساسيته، وزاد تأثره بالجمال واتجه نحو الأدب الفرنسي ليقرأ شاتوبريان [ر] ومدام دي ستال [ر]، واكتشف أنه يشاطر مشاهير العصر أحاسيسهم. وسرعان ما شعر بالاختناق من الجو العائلي واهتماماته الدينية والأخلاقية وكان قد أُرغم - بسبب معاناته البصرية - على البقاء في الظلمة وعدم الحركة، مما دعاه إلى التأمل والتحليل وسط صراع فكري. كان يعاني داء العصر La malattia del secolo الذي جعله عاجزاً عن التأقلم مع الواقع السياسي والتاريخي والاجتماعي، داء كان ضحيته جيل بكامله. وبعد أن فكر بالانتحار قرر الذهاب إلى روما عام 1822، ونزل ضيفاً على أقرباء لوالدته، وبقي حتى ربيع 1823 عندما غادرها بخيبة أمل. فقد حلم كثيراً بالعاصمة ووجدها منغلقة في دراسات لا تعني له شيئاً.

    من أشهر مؤلفاته «الكشكول» Lo Zibaldone ويضم موضوعات أدبية مختلفة، بدأ جمعها في تموز/يوليو عام 1817 حتى كانون الأول/ديسمبر 1832، وطبعت بعد وفاته عام 1898. أبرز ليوباردي في هذا المؤَلف شعور الوحدة داخل الإنسان مشبهاً إياه بالموت الدائم، وكذلك شعور الضجر والملل، وكانت ثورته كبيرة عندما حاول بعضهم أن ينسب مرضه النفسي إلى ظروف خاصة به لا إلى داء العصر.

    شاطر ليوباردي الأديب الفرنسي روسو [ر] رأيه في تضارب الطبيعة مع الحضارة؛ إذ كان يؤمن بأن الطبيعة تمنح الإنسان منذ ولادته سعادة ومقدرة على العيش ومشاعر رقيقة تساعده على بناء مجتمع سليم . ولكن الحضارة جاءت لتدوس على هذه السعادة وتخمد مشاعره الجياشة وتلجم حماسه واندفاعه. وتفاءل بعصر التنوير وبالثورة الفرنسية ورجوح العقل البشري، علّه ينجح في إعلاء المشاعر الإنسانية، كما تأثر بتيار الكلاسيكية أو الاتباعية الجديدة neoclassicismo، واستمد فكره من فلسفة القرن الثامن عشر.

    أخفق ليوباردي في علاقاته العاطفية، وعانى الحب من طرف واحد، وتغنَّى بالمرأة المثالية الجميلة جداً التي يصعب تواجدها على الأرض في «إلى فتاة أحلامه» Alla sua donna.

    اتجه الشاعر نحو النثر وألَّف أوبريت أو مسرحيات غنائية أخلاقية (1823) Operette morali، أراد أن يثأر فيها من العالم والفضيلة بتهكم وسخرية. ثم عاد إلى الشعر ونظم قصائد غنائية (1824) Canzoni وغزليات رعوية Idilli. ومن قصائده الأخيرة «أفول القمر» Il Tramonto della luna (1835)، التي تقارب صورة استعارية عن الحياة البشرية، و«الوزّال» La Ginestra حيث تصبح الزهرة الرقيقة العطرة أسطورة رمزية للطبيعة البشرية النبيلة التي ترفض التصدي للقدر والوقوف في وجه الظواهر الطبيعية التي تفوقها قوة، كما أنها لا تستسلم ذليلة للموت بل تنحني ببراءة وسط الحُمم المشتعلة. وقد رأى الشاعر أن الإنسان الجدير بالاحترام والتقدير هو الذي ينتظر قدره بهدوء وصلابة بعيداً عن الأوهام.

    يلاحظ في شعر ليوباردي مقاطع شعرية متتالية أرادها الشاعر مختلفة اختلاف المشاعر في الوزن والنبر، كما كانت لغته غير تقليدية قريبة من اللغة المحكية تستهدف أكبر عدد من القراء.

    دعا ليوباردي إلى التضامن وإنهاء الصراعات الأخوية، وعندما ابتسم الحظ له وافته المنية وهو في السابعة والثلاثين من العمر.

    حنان المالكي
يعمل...
X