مبارك (عبد قادر محمد)
Al-Mubarak (Abdul Qadir ibn Mohammad-) - Al-Mubarak (Abdul Qadir ibn Mohammad-)
المبارك (عبد القادر بن محمد ـ)
(1293 ـ 1365هـ/1876 ـ 1945م)
الشيخ عبد القادر بن محمد بن محمد المبارك، علاّمة لغوي وراوية حافظ. هاجر جدّه مع أسرته ومريديه من الجزائر حين استولى عليها الفرنسيون واستوطنوا دمشق، وفيها ولد عبد القادر فسمّاه صديق والده الأمير عبد القادر الجزائري [ر] باسمه.
لم يلبث طويلاً في المدارس الرسمية بل تركها واعتمد على دراسته الخاصة؛ وأخذ عن أبيه الشيخ محمد المبارك[ر]، وكان عالماً أديباً ومربياً مرشداً، وعن الشيخ أمين سويد والشيخ عطاء الله الكسم، ولزم دروس محدّث الشام الشيخ بدر الدين الحسني[ر]. تأثر بصديق والده الشيخ طاهر الجزائري [ر] الذي حبّب إليه الكتب والمطالعة.
برع المبارك في اللغة، وحفظ مفرداتها وشواردها وشواهدها وبعض متونها وصار إمام عصره فيها حفظاً ورواية ودراية، قال عنه تلميذه علي الطنطاوي[ر] في كتابه «ذكريات»: «أما المبارك فكان الإمام في اللغة والمرجع فيها، قيّد أوابدها وروى أشعارها، وكان المفرّد العلَم في بابته، لا أعرف نظيراً له في العلماء، تحسّ إذا تجالسه وتسمع منه كأن الأصمعي وأبا عبيدة تمثّلا لك في جبّته».
وكان محيطاً بأحداث التاريخ الإسلامي ولاسيما السيرة النبوية، يسمعها منه طلابه وجلساؤه بنصّها، وكأنه يقرأ لهم من كتبها. كما كان واسع المعرفة بتراجم الرجال لكثرة ما حفظ من «وفيات الأعيان» و«شذرات الذهب» و«مختصر ابن عساكر». قال بعض مترجميه «إنه كان معجماً حيّاً للّغة ولأمثال العرب ولكثير من شعرهم ونثرهم، ولأخبار تاريخهم وسيرة نبيّهم وتراجم أعلامهم».
عمل الشيخ المبارك أستاذاً للعربية في المدرسة السلطانية، والمدرسة الحربية، ودرّس في مكتب عنبر[ر] اللغة والتفسير والأحوال الشخصية، ويقول طلابه إنهم حفظوا الأحكام منه؛ لأنه كان يلخّصها لهم بعبارات بليغة موجزة. ودرّس أيضاً في مدرسة الآداب العليا بالجامعة السورية. وعُهد إليه في أواخر حياته بتدريس فقه اللغة في دار المعلمين العليا التي أُنشئت عام 1942م.
كان عضواً في المجمع العلمي العربي (مجمع اللغة العربية) منذ تأسيسه، وشارك في لجانه ومحاضراته، وكان ذا أثر بارز في تعريب المصطلحات عامة والمصطلحات العسكرية خاصة، فقد شُكّلت لجنة برئاسة ياسين باشا الهاشمي وعضوية رشيد بقدونس ومراد الاختيار وعبد القادر المبارك لوضع كل ما يحتاج إليه الجيش من إيعازات ومصطلحات، وقامت بعملها خير قيام - كما ذكر سعيد الأفغاني- مما جعل سورية أسبق الأقطار العربية إلى تعريب المصطلحات العسكرية.
سار على خطه الشيخ طاهر الجزائري في وضع مناهج اللغة العربية وتأليف الكتب الدراسية للمدارس الخاصة التي أُنشئت في عصره.
له شعرٌ قليل أكثره مقطّعات قصيرة، وأما المطوّلات فكان ينظمها في المناسبات، وأشهرها التي قالها في استقبال الأمير فيصل حين دخل دمشق، والأخرى التي قالها في رثاء شيخه المحدّث بدر الدين الحسني، وثالثة سمّاها «إحدى العبر» وازن فيها بين تقدّم الغرب وتخلّف الشرق، ولكن شعره لم ينتشر لما كان فيه من غريب اللغة ، ولغلبة صفة نظم العلماء فيه على شعر الشعراء.
أُخذ عليه أنه كان قليل التأليف، وقد عزوا ذلك إلى اتّساع صِلاته وكثرة نشاطه الاجتماعي، فقد كانت دروسه تبدأ في بيته عقب صلاة الفجر وينصرف بعدها إلى دروسه في المدارس التي يعلّم فيها، ثم ّيقضي ما بقي من يومه في قضاء مصالح الناس الذين يقصدونه، وفي إصلاح ذات البين وإطفاء نار الفتن، إذ كانت له وجاهة اجتماعية وكلمة مسموعة ولسان طلق وصوت جهوري؛ مما جعل أثره كبيراً في مجتمعه وجعل شفاعته عند الناس وعند المسؤولين لا تُرد. وعرفت صلاته القوية بالمجاهدين والثوّار في فلسطين ضدّ الإنكليز، وفي سورية ضد الفرنسيين حتى كان بيته محجّة لهم.
كانت للشيخ المبارك جلسات أسبوعية علمية تعقد في بيوت أصدقائه، ومن أشهرها تلك التي كانت تعقد في بيت الأمير عبد القادر الجزائري عند حفيده الأمير طاهر، وتدور فيها أحاديث اللغة والأدب والتاريخ، وتكثر فيها المناقشات والمذاكرات والأسئلة، والشيخ المبارك يتحدث ويشرح ويجيب.
لم يترك مؤلفات تذكر سوى شرح كبير لمقصورة ابن دريد، وشرح لغويٍ لكتاب «كفاية المتحفظ ونهاية المتلفظ» لابن الأجدابي، وأما ما عدا ذلك فكتب مدرسية وضعها للحاجة إليها في التدريس، كفرائد الأدبيات العربية وغيرها.
مازن المبارك
Al-Mubarak (Abdul Qadir ibn Mohammad-) - Al-Mubarak (Abdul Qadir ibn Mohammad-)
المبارك (عبد القادر بن محمد ـ)
(1293 ـ 1365هـ/1876 ـ 1945م)
الشيخ عبد القادر بن محمد بن محمد المبارك، علاّمة لغوي وراوية حافظ. هاجر جدّه مع أسرته ومريديه من الجزائر حين استولى عليها الفرنسيون واستوطنوا دمشق، وفيها ولد عبد القادر فسمّاه صديق والده الأمير عبد القادر الجزائري [ر] باسمه.
لم يلبث طويلاً في المدارس الرسمية بل تركها واعتمد على دراسته الخاصة؛ وأخذ عن أبيه الشيخ محمد المبارك[ر]، وكان عالماً أديباً ومربياً مرشداً، وعن الشيخ أمين سويد والشيخ عطاء الله الكسم، ولزم دروس محدّث الشام الشيخ بدر الدين الحسني[ر]. تأثر بصديق والده الشيخ طاهر الجزائري [ر] الذي حبّب إليه الكتب والمطالعة.
وكان محيطاً بأحداث التاريخ الإسلامي ولاسيما السيرة النبوية، يسمعها منه طلابه وجلساؤه بنصّها، وكأنه يقرأ لهم من كتبها. كما كان واسع المعرفة بتراجم الرجال لكثرة ما حفظ من «وفيات الأعيان» و«شذرات الذهب» و«مختصر ابن عساكر». قال بعض مترجميه «إنه كان معجماً حيّاً للّغة ولأمثال العرب ولكثير من شعرهم ونثرهم، ولأخبار تاريخهم وسيرة نبيّهم وتراجم أعلامهم».
عمل الشيخ المبارك أستاذاً للعربية في المدرسة السلطانية، والمدرسة الحربية، ودرّس في مكتب عنبر[ر] اللغة والتفسير والأحوال الشخصية، ويقول طلابه إنهم حفظوا الأحكام منه؛ لأنه كان يلخّصها لهم بعبارات بليغة موجزة. ودرّس أيضاً في مدرسة الآداب العليا بالجامعة السورية. وعُهد إليه في أواخر حياته بتدريس فقه اللغة في دار المعلمين العليا التي أُنشئت عام 1942م.
كان عضواً في المجمع العلمي العربي (مجمع اللغة العربية) منذ تأسيسه، وشارك في لجانه ومحاضراته، وكان ذا أثر بارز في تعريب المصطلحات عامة والمصطلحات العسكرية خاصة، فقد شُكّلت لجنة برئاسة ياسين باشا الهاشمي وعضوية رشيد بقدونس ومراد الاختيار وعبد القادر المبارك لوضع كل ما يحتاج إليه الجيش من إيعازات ومصطلحات، وقامت بعملها خير قيام - كما ذكر سعيد الأفغاني- مما جعل سورية أسبق الأقطار العربية إلى تعريب المصطلحات العسكرية.
سار على خطه الشيخ طاهر الجزائري في وضع مناهج اللغة العربية وتأليف الكتب الدراسية للمدارس الخاصة التي أُنشئت في عصره.
له شعرٌ قليل أكثره مقطّعات قصيرة، وأما المطوّلات فكان ينظمها في المناسبات، وأشهرها التي قالها في استقبال الأمير فيصل حين دخل دمشق، والأخرى التي قالها في رثاء شيخه المحدّث بدر الدين الحسني، وثالثة سمّاها «إحدى العبر» وازن فيها بين تقدّم الغرب وتخلّف الشرق، ولكن شعره لم ينتشر لما كان فيه من غريب اللغة ، ولغلبة صفة نظم العلماء فيه على شعر الشعراء.
أُخذ عليه أنه كان قليل التأليف، وقد عزوا ذلك إلى اتّساع صِلاته وكثرة نشاطه الاجتماعي، فقد كانت دروسه تبدأ في بيته عقب صلاة الفجر وينصرف بعدها إلى دروسه في المدارس التي يعلّم فيها، ثم ّيقضي ما بقي من يومه في قضاء مصالح الناس الذين يقصدونه، وفي إصلاح ذات البين وإطفاء نار الفتن، إذ كانت له وجاهة اجتماعية وكلمة مسموعة ولسان طلق وصوت جهوري؛ مما جعل أثره كبيراً في مجتمعه وجعل شفاعته عند الناس وعند المسؤولين لا تُرد. وعرفت صلاته القوية بالمجاهدين والثوّار في فلسطين ضدّ الإنكليز، وفي سورية ضد الفرنسيين حتى كان بيته محجّة لهم.
كانت للشيخ المبارك جلسات أسبوعية علمية تعقد في بيوت أصدقائه، ومن أشهرها تلك التي كانت تعقد في بيت الأمير عبد القادر الجزائري عند حفيده الأمير طاهر، وتدور فيها أحاديث اللغة والأدب والتاريخ، وتكثر فيها المناقشات والمذاكرات والأسئلة، والشيخ المبارك يتحدث ويشرح ويجيب.
لم يترك مؤلفات تذكر سوى شرح كبير لمقصورة ابن دريد، وشرح لغويٍ لكتاب «كفاية المتحفظ ونهاية المتلفظ» لابن الأجدابي، وأما ما عدا ذلك فكتب مدرسية وضعها للحاجة إليها في التدريس، كفرائد الأدبيات العربية وغيرها.
مازن المبارك