روبرت هارتمان ولقطات تشكيلية من الجو
مع المصور روبرت هارتمان لم نكتف بحوار أو حديث عادي عن التصوير الجوي - إختصاصه ـ بل قمنا بجولة عبر طائرة خاصة ومن فوق ، إستطعنا الحصول على حديث شامل عن تجارب هذا الطيار - المصـور تختصر أعماله أو لوحاته المميزة .
يقول روبرت هارتمان الذي يمارس التصوير
الفوتوغرافي من الجو .
- عندما أشاهد شيئاً مثيراً للاهتمام ، أبدأ الدوران بالطائرة حول أضيق دائرة أستطيعها .
دائرة قد لا تتجـاوز عرض ملعبي كرة قدم ، وأنا عادة ما التقط من النصف الخلفي للنـافـذة الانزلاقية ، وذلك لاتجـنب دعـائـم الجناح أدير كتفي الأيسر لاصور ، بينما ركبتاي على المسكة التي تضبط المقعد وقدماي على الدعسات التي تضبط الدفة . ما اكون بصدده هنا هو إجراء كشف على ما جرى إعداده .
لذلك أكون منطلقا بابطا ما هو ممكن مستغلا هكذا يضع ثوان من الدورة للالتقاط ، لا أكون دائراً خلالها تتراوح هذه السرعة بين ثمانين وتسعين ميلا في الساعة تقريباً والتقط متوازيا مع الأرض قدر المستطاع ، مبقيا كاميرتي داخل النافذة مباشرة لأحميها من مجرى الريح الذي ربما يصدمها لولا ذلك .
في هذا الموضوع نقوم بجولة ضمن استديو روبرت هارتمان تلك الأجزاء من مصب النهر في خليج سان فرانسیسکو التي تقع على مسافة ساعة طيران من منزله في أوكلاند كاليفورنيا وتحتنا هبوطاً حتى ١٥ ألف قدم نشهد موقعاً واحداً من أكثـر صـور هـارتـمـان الجـويـة إثارة - برج نقل كهربائي أبيض معزول وسـط هـالة من القمـح الربيعي الأخضر - أما هارتمان فهو يصف تلك المناورة الجوية المميزة التي اعتمدها لالتقاط الصورة ، والتي تعرف بلغة الطيران باسم الإنزلاق البالغ ( ex- Aggerated slip ) وقد تعلمها هارتمان عام ١٩٤٦ عندما كان يدرس الطيران كطريقة لخفض الارتفاع دون ازدياد السرعة وهو موشك على الهبوط .
- يقول هارتمان :
هذا الوضع مرتفع الأنف للطائرة لا يمكن البقاء عليه الا مع طائرة لا تهبط بسرعة وهذه ميزة مفيدة في طائرتي وأنا لا أكف طيلة الوقت عن إخـتـلاس النظرات بين كل ثانية وأخـرى .
لأتأكد من عدم وجود طائرات أخرى في الجوار ، ثم اتدبر الأمر لألتقط ثلاث لقطات قبل التحليق مباشرة فوق الهدف الذي أركز عليـه والـعـودة إلى استكمال دورتي .
روبرت هارتمان هو رسام مع ما حصل عليه من تدريب وهو في الوقت الحالي استاذ من الدرجة الأولى لمادة الفنون في جامعة كاليفورنيا في بيركلي - موال ممارسته لمهنته عمل جاهدا على تقديم صور قال انها تعمل في الوهلة الأولى على إرباك العين في تمازج الألوان الحيوية مع شكـل مكثف ولكنه مبهم في ذات الوقت وقد حدث خلال السنوات ال ۱۲ المنصرمة ان حصلت هذه الصور على مكانة متزايدة في التصوير الفوتوغرافي للمناظر الطبيعية من الجو .
وحين سئل عن مقارنته لأسلوبه مع أسلوب ويليام غارنيت - الطيار والمصور الفوتوغرافي ذائع الصيت - توقف هارتمان لحظة قبل أن يقول :
- وضعت نفسي أمام مبـدأ يدفعني لعدم النظر كثيراً إلى أعماله ، فلا زلت اذكر قول رسام قديم من معارفي جاء فيه و لا تستطيع السير بمحاذاة شاطيء البحـر دون أن تتنشق الهواء المالح من هنا فانا لا أريد العمل دون وعي على التمثـل بشيء ما ثم نبذه .
وفي عمليـة مقـارنـة قـال هارتمان :
ـ من الاشيـاء التـي حـاولت إظهـارهـا في فني هي نسبة من الغموض . والسبيل الأفضل لعمل ذلك هو أخذ نتف صغيرة غيري يأخذ نتقا أكبر ، وأنا أكره حصر الأشياء بمعنى واحد ولا أظن أن ثلاثين سنة من التطلع والرسم هي تأهب سيء لإنتاج الصور الفوتوغرافية .
موقف هارتمان الدفاعي هذا نشأ نتيجة سماعه الدائم بان صورة الفوتوغرافية تبالغ في ظهورها شبيهة بلوحات زيتية وما زال غاضباً من ذلك حيث قال كمن يرد التهمة عن نفسه .. هذا لا علاقة له بالأمر ولا يتفق مع المـنـطق مـن هـو ذلك الذي يستطيع عدم التمييز بين اللوحة الزيتية و الصـورة الفوتوغرافية ... . . ثم اتجه نحو المعايير الفلسفية متابعة القول :
- ما يلفت النظر هو أن التعليق المماثل ، وقفاً على الجهة التي يصدر عنها ، يستطيع ان يكون إما مديحا كبيرا أو إهانة فاحشة .
وفي مجال آخر يقول روبرت :
- اظن ان ما نكتشفه غالباً ما يكون أهم كثيراً مما نستطيع إختراعه . قد يبدو هذا القول مستغربا مني كـرشـام ، ولكن الاختراع هو نوع من الرغبة بالوجود . أنا مغرم بما قاله الرسام الاميريكي فيليب غاستون إن الرغبة بشكـل مـا هي ابتـداع تـحـريفي من الأشياء التي تزعجني في كثير من التصوير الفوتوغرافي الذي أشاهده هذه الأيام هي انه يبالغ في كونه مفروضاً ، متوتراً اعتباطياً وهستيريا . أما عني ، فما أسعى وراءه في كل من الرسم والتصوير الفوتوغرافي هو احساس بالصدق والأصالة دون ما يشير إلى تلفيق ، نوع من الابداع الطبيعي لشيء عجائبي .
التضاريس المثلثة واللاممتعة حول استديو هارتمان هي مثال يوضح كيف أن المتغيرات التي لا يستطيع هارتمان ضبطها والتحكم بها - تحولات فصلية أو ضوئية عمليات حراثة الأرض أو ربها - تستطيع تغيير المنظر الطبيعي فعندما حقق هبوطا على هذا التخطيط منذ بضع سنوات صدم بما بدا أشبه بصفوف من مـلاقـط الورق - اتـاش - الـتـي تومض و هي مرصوفة بانحراف .
قال معلقا :
- لم تكن هذه آثـارا خلفهـا تراکتور , بل أقنية لتوجيه مياه الري كذلك لم يسبق لي أن شاهدتها في مكان ما أبدأ فيما مضى ولا منذ ذلك الحين وليست لدي فكرة عن كيفية شقها كما أنها لیست بادية ابدأ اليوم .
على انه لا يبدو منزعجاً من اختفائها ، وهو يقول في هذا الصدد :
ـ من الممكن لأثـار وجـود الإنسان أن تكون مؤذية للأعصاب شادة ومبهمة أو تكون جميلة الى حد يفـوق كـل تصور على الأرض تجد نفسك في دهشة لا تستطيع إدراك مقوماتها . أما هنا ، فالدهشة تكشف عن اسرارها وباستطاعتي إختيار الأجـزاء الصغيرة والحيـويـة والحاسمة التي تشبع تشوقي الى الوضوح والغموض .
قال هارتمان عن استاذه ؛
ـ أوضح لنا أنه على الرسم الزيتي أن يكون إمتدادا لحياة صاحب الأمر وانه مع هذا النوع من الإلحاح المندمج مع تنظيم صارم ، يكون لدى هذا الشخص شيء له أهميته .
ثم بعد حصوله على درجـة ماجستير في الفنون الجميلة من جامعة أريزونا . . راح هارتمان يرسم ويحلق ، الا أن فكرة مزج الاثنين معـاً لم يخطر له على الاطلاق .
لم يكتشف هارتمان صحة كلام معلمه الا مع تلك السنوات الأولى العقيمة في بيركلي . وقد قال كنت في السابعة والثلاثين من العمر ، وحتى ذلك الحين ، كنت ما ازال قلقا من كيفية جمع مقومات لوحة ما معاً . هذا وقد بدأت لوحاتي المستوحاة من خلال التحليق بالطائرة عام ١٩٦٣ ، ثم إستمرت حتى العام ١٩٦٧ لم اكن قادرا على الطيران ، وما كان مهما بالنسبة لمنقذات الحياة هذه هو انني ، وللمرة الأولى ، لم أفكر يصنع لوحة لم يخطر ذلك على بالي ابدأ . كان شغلي الشاغل أن اصنع شيئاً ما يأتي واقعياً جداً كذكريات عن التحليق .
بدا على اللوحات التي تراوحت بين ٣٠ و ٤٠ وحققها حينذاك انها تعطي احساسا بالألم والتشوق لا وجود لهما في صوره الفوتوغرافية . ومع ذلك فهي بالنسبة اليه تبعث بشيء ما هو شخصي أكثـر فـي التصـويـر الفوتوغرافي ، قال : - عادة ما يدفعني الرسم لأركز على الحاضر فهو هنا الآن وملموس ، ولكن التـصـويـر الفوتوغرافي يبعدني عن الحاضر والشيء الذي يؤثر علي الى حـد هـائـل في التصوير الفوتوغرافي هو ما بغشاه من كابة فلدي مجموعة من الصور الأغـريـة ، وهذه حـزينـة ومحيرة الى حد هائل .
مارس هارتمان التعليم بمزيد من الجهد صيف عام ١٩٦٩ . مقتصداً ما يكفي لشراء طائرته المستعملة في السنة اللاحقة وعلى الفور تقـريبـاً أصبـح منجذباً إلى المناظر الطبيعية الملهمة والتلوث الهوائي الهائل في اجواء المناطق التي يعمـل بها وقد مكنه التصـويـر الفوتوغرافي بسرعة من الجمع بين شغفه بالطيران والرسم ذلك إن صورة الفوتوغرافية الأولى أخذت كمخططات للوحـاتـه ولكنها ما لبثت تدريجيا ان تحولت الى اهتمـام مـقصـود لذاتـه خصوصاً عندما راح يطبعها بنفسه وقد قال معلقا إنها الآن أقوى وافضل صور استطيع انتاجها .
مع الاقتراب من تلال دانيغان وهي موقع إكتشفه هارتمان عام ۱۹٦۹ وصوره عدة مرات منذ ذلك الحين ، فسح الطيار المجـال لهارتمان أن يتسلم الزمـام ليدور ٣٦٠ درجة على إرتفاع ۲۸۰۰ قدم فإذ بقطعان الاشكال الأرضية تبرز بحيوية مثيرة للأحاسيس وان بالنتوءات والمنخفضات والحروف الأرضية تبعث بتحولات مثيرة من عمق وتدرج لوني شبيهة بمـا نشـهـده على بطاقات بريدية عليها صور بثلاثة ابعاد هنا قال هارتمان :
ـ عادة ما أعلق كاميرتي حول عنقي . فإذا كان النور براقا الى الحد الكافي ، النقط بما لا يقل عن سرعة ١/٥٠٠ من الثانية الا انني استطيع الالتقاط بسرعة ١/٢٥٠ كذلك . أما مع ما هو أبطأ من ذلك ، فستحتاج إلى هـواء ساكن تماماً ، وإلا فإن النتوءات ستجعل الصور ضبابية كذلك أبدي العناية لابقاء ذراعي بعيدين عن الطائرة لا يلامسانها وهنالك كاميرا على المقعد إلى جانبي فإذا كان اللون غليظة يحتمل أن انتقل الى . الماميا . ٤٥ × ٦ سم سعيا وراء الانحلال عندما أطبع وإذا كان اللون أكثر لطافة ما أفعله في كثير من الأحيـان هـو استخدام مرشح استقطاب على النيكورمات ، ٣٥ ملم لأنها تقوي صفاء اللون ولكنها لا تغير التدرجات اللونية . هذه لها تأثير أكبر مع ال ٣٥ ملم بالمقارنة مع الماميا .
حتى في فترة الظهر منصـولة اللون الضوئي هذه نجد نتوءات ومنخفضات تلال دانيغان متلوية منوترة وسرعان ما تتسطح خلال الدوران .
يقول هارتمان :
ـ في الدورة الاضيق ، لن تكون فوق ما نقصده تماماً مما يعني أن العلاقة مع الشمس لها دورها الحـاسـم لهذا السبب أحب الالتقاط في الصباح أو في وقت متاخر من بعد الظهر أما عن اختياري للعدسة فمسألة تتعلق بمدى ما يكون الالتقاط منحرفاً او عموديا فإذا كنت التقـط بانحراف إستعمل عدسة ۲۰۰ حلم على كاميرا ال ٣٥ ملم لأنها تحافظ على تقارب الأبعاد من إمتصاص الصورة واذا كنت عمودياً تقريباً , اعمل بعدسة ٥٠ ملم معيارية ، والتبرير هو ذاته مع كاميرتي - الماميا ٦٤ ، استعملت عدسة آل ۲۱۰ ملم او ال ٨٠ ملم هذا ومع كاميرا ٣٥ ملم أجد ان ٦٤ آزا تعطيني مـا يكفي بالقدر الكبير أشير كذلك الى انني التقط بفيلم إكتاكروم ۲۰۰ إحترافي عندما أستعمل الماميا . . رغم ان الإكتاكروم لا يعطيني التشبـع اللوني الذي يعطيه الكوداكروم .
بينما الرحلة في استديو هارتمان - الذي يغطي مساحـة ۲۰۰ میل - موشكة على الانتهاء وفوق الجمال الرهيب لمنطقة ريتشمويد الصناعية سئل هارتمان عما يجذبه إلى هذا كله فأجاب :
- السموم من صنع الإنسان وانـا تجذبني الآثار التي يخلفها الناس أكثر من الناس بحد ذاتهم ولأسباب كثيرة ، أظن ان الجنس البشري هو اتعس ما تواجد فوق هذا الكوكب على الاطلاق من هنا أجدني سعيداً أكثر عندما أتحول للاهتمام بالطيور بدلا من البشر .
ثـم كـبـح جـمـاع تشاؤمـه واضاف :
- إنه الجنس البشري ككل ، من التجمعات الصغيرة حتى الكبيرة هو الذي يجعلني عصبياً وسلبياً . ولدى الاقتراب من مدرج مطار بـانـشـانـان ، قـال هـارتـمـان في السيارة إلى المطار ، عن الفترة التي كان فيها محلقا بالطائرة مع والده وهما على وشك الهبوط في غيليين ، أريزونا منذ أربعين سنة قال :
- كان الهواء ساكنـا تمـامـاً حينذاك ، لا وجود حتى لرعشة . عندما أصبحنا فوق تلك الأسلاك ورفعنا أنف الطائرة ، أصبحت هذه بزاوية مع الشمس وإذ بـالـدعـائـم تصـنـع تلك الظلال المترجرجة .
تجدر الاشارة هنا إلى أن للطائرة ، ماصات ، معدنية للصـدمـات عـلى الـعـجـلات فإستطعت سماع تكتكة الأعشاب عليهـا ونحن لم نهبط بعد . ما اقصده هنا هو أن أكثر ما أتذكره بحيوية هـو تفاصيل صغيرة عوضاً عن اشياء كبيرة شاملة وهذا صحيح بالنسبة لتصويري الفوتوغرافي أيضاً⏹
مع المصور روبرت هارتمان لم نكتف بحوار أو حديث عادي عن التصوير الجوي - إختصاصه ـ بل قمنا بجولة عبر طائرة خاصة ومن فوق ، إستطعنا الحصول على حديث شامل عن تجارب هذا الطيار - المصـور تختصر أعماله أو لوحاته المميزة .
يقول روبرت هارتمان الذي يمارس التصوير
الفوتوغرافي من الجو .
- عندما أشاهد شيئاً مثيراً للاهتمام ، أبدأ الدوران بالطائرة حول أضيق دائرة أستطيعها .
دائرة قد لا تتجـاوز عرض ملعبي كرة قدم ، وأنا عادة ما التقط من النصف الخلفي للنـافـذة الانزلاقية ، وذلك لاتجـنب دعـائـم الجناح أدير كتفي الأيسر لاصور ، بينما ركبتاي على المسكة التي تضبط المقعد وقدماي على الدعسات التي تضبط الدفة . ما اكون بصدده هنا هو إجراء كشف على ما جرى إعداده .
لذلك أكون منطلقا بابطا ما هو ممكن مستغلا هكذا يضع ثوان من الدورة للالتقاط ، لا أكون دائراً خلالها تتراوح هذه السرعة بين ثمانين وتسعين ميلا في الساعة تقريباً والتقط متوازيا مع الأرض قدر المستطاع ، مبقيا كاميرتي داخل النافذة مباشرة لأحميها من مجرى الريح الذي ربما يصدمها لولا ذلك .
في هذا الموضوع نقوم بجولة ضمن استديو روبرت هارتمان تلك الأجزاء من مصب النهر في خليج سان فرانسیسکو التي تقع على مسافة ساعة طيران من منزله في أوكلاند كاليفورنيا وتحتنا هبوطاً حتى ١٥ ألف قدم نشهد موقعاً واحداً من أكثـر صـور هـارتـمـان الجـويـة إثارة - برج نقل كهربائي أبيض معزول وسـط هـالة من القمـح الربيعي الأخضر - أما هارتمان فهو يصف تلك المناورة الجوية المميزة التي اعتمدها لالتقاط الصورة ، والتي تعرف بلغة الطيران باسم الإنزلاق البالغ ( ex- Aggerated slip ) وقد تعلمها هارتمان عام ١٩٤٦ عندما كان يدرس الطيران كطريقة لخفض الارتفاع دون ازدياد السرعة وهو موشك على الهبوط .
- يقول هارتمان :
هذا الوضع مرتفع الأنف للطائرة لا يمكن البقاء عليه الا مع طائرة لا تهبط بسرعة وهذه ميزة مفيدة في طائرتي وأنا لا أكف طيلة الوقت عن إخـتـلاس النظرات بين كل ثانية وأخـرى .
لأتأكد من عدم وجود طائرات أخرى في الجوار ، ثم اتدبر الأمر لألتقط ثلاث لقطات قبل التحليق مباشرة فوق الهدف الذي أركز عليـه والـعـودة إلى استكمال دورتي .
روبرت هارتمان هو رسام مع ما حصل عليه من تدريب وهو في الوقت الحالي استاذ من الدرجة الأولى لمادة الفنون في جامعة كاليفورنيا في بيركلي - موال ممارسته لمهنته عمل جاهدا على تقديم صور قال انها تعمل في الوهلة الأولى على إرباك العين في تمازج الألوان الحيوية مع شكـل مكثف ولكنه مبهم في ذات الوقت وقد حدث خلال السنوات ال ۱۲ المنصرمة ان حصلت هذه الصور على مكانة متزايدة في التصوير الفوتوغرافي للمناظر الطبيعية من الجو .
وحين سئل عن مقارنته لأسلوبه مع أسلوب ويليام غارنيت - الطيار والمصور الفوتوغرافي ذائع الصيت - توقف هارتمان لحظة قبل أن يقول :
- وضعت نفسي أمام مبـدأ يدفعني لعدم النظر كثيراً إلى أعماله ، فلا زلت اذكر قول رسام قديم من معارفي جاء فيه و لا تستطيع السير بمحاذاة شاطيء البحـر دون أن تتنشق الهواء المالح من هنا فانا لا أريد العمل دون وعي على التمثـل بشيء ما ثم نبذه .
وفي عمليـة مقـارنـة قـال هارتمان :
ـ من الاشيـاء التـي حـاولت إظهـارهـا في فني هي نسبة من الغموض . والسبيل الأفضل لعمل ذلك هو أخذ نتف صغيرة غيري يأخذ نتقا أكبر ، وأنا أكره حصر الأشياء بمعنى واحد ولا أظن أن ثلاثين سنة من التطلع والرسم هي تأهب سيء لإنتاج الصور الفوتوغرافية .
موقف هارتمان الدفاعي هذا نشأ نتيجة سماعه الدائم بان صورة الفوتوغرافية تبالغ في ظهورها شبيهة بلوحات زيتية وما زال غاضباً من ذلك حيث قال كمن يرد التهمة عن نفسه .. هذا لا علاقة له بالأمر ولا يتفق مع المـنـطق مـن هـو ذلك الذي يستطيع عدم التمييز بين اللوحة الزيتية و الصـورة الفوتوغرافية ... . . ثم اتجه نحو المعايير الفلسفية متابعة القول :
- ما يلفت النظر هو أن التعليق المماثل ، وقفاً على الجهة التي يصدر عنها ، يستطيع ان يكون إما مديحا كبيرا أو إهانة فاحشة .
وفي مجال آخر يقول روبرت :
- اظن ان ما نكتشفه غالباً ما يكون أهم كثيراً مما نستطيع إختراعه . قد يبدو هذا القول مستغربا مني كـرشـام ، ولكن الاختراع هو نوع من الرغبة بالوجود . أنا مغرم بما قاله الرسام الاميريكي فيليب غاستون إن الرغبة بشكـل مـا هي ابتـداع تـحـريفي من الأشياء التي تزعجني في كثير من التصوير الفوتوغرافي الذي أشاهده هذه الأيام هي انه يبالغ في كونه مفروضاً ، متوتراً اعتباطياً وهستيريا . أما عني ، فما أسعى وراءه في كل من الرسم والتصوير الفوتوغرافي هو احساس بالصدق والأصالة دون ما يشير إلى تلفيق ، نوع من الابداع الطبيعي لشيء عجائبي .
التضاريس المثلثة واللاممتعة حول استديو هارتمان هي مثال يوضح كيف أن المتغيرات التي لا يستطيع هارتمان ضبطها والتحكم بها - تحولات فصلية أو ضوئية عمليات حراثة الأرض أو ربها - تستطيع تغيير المنظر الطبيعي فعندما حقق هبوطا على هذا التخطيط منذ بضع سنوات صدم بما بدا أشبه بصفوف من مـلاقـط الورق - اتـاش - الـتـي تومض و هي مرصوفة بانحراف .
قال معلقا :
- لم تكن هذه آثـارا خلفهـا تراکتور , بل أقنية لتوجيه مياه الري كذلك لم يسبق لي أن شاهدتها في مكان ما أبدأ فيما مضى ولا منذ ذلك الحين وليست لدي فكرة عن كيفية شقها كما أنها لیست بادية ابدأ اليوم .
على انه لا يبدو منزعجاً من اختفائها ، وهو يقول في هذا الصدد :
ـ من الممكن لأثـار وجـود الإنسان أن تكون مؤذية للأعصاب شادة ومبهمة أو تكون جميلة الى حد يفـوق كـل تصور على الأرض تجد نفسك في دهشة لا تستطيع إدراك مقوماتها . أما هنا ، فالدهشة تكشف عن اسرارها وباستطاعتي إختيار الأجـزاء الصغيرة والحيـويـة والحاسمة التي تشبع تشوقي الى الوضوح والغموض .
قال هارتمان عن استاذه ؛
ـ أوضح لنا أنه على الرسم الزيتي أن يكون إمتدادا لحياة صاحب الأمر وانه مع هذا النوع من الإلحاح المندمج مع تنظيم صارم ، يكون لدى هذا الشخص شيء له أهميته .
ثم بعد حصوله على درجـة ماجستير في الفنون الجميلة من جامعة أريزونا . . راح هارتمان يرسم ويحلق ، الا أن فكرة مزج الاثنين معـاً لم يخطر له على الاطلاق .
لم يكتشف هارتمان صحة كلام معلمه الا مع تلك السنوات الأولى العقيمة في بيركلي . وقد قال كنت في السابعة والثلاثين من العمر ، وحتى ذلك الحين ، كنت ما ازال قلقا من كيفية جمع مقومات لوحة ما معاً . هذا وقد بدأت لوحاتي المستوحاة من خلال التحليق بالطائرة عام ١٩٦٣ ، ثم إستمرت حتى العام ١٩٦٧ لم اكن قادرا على الطيران ، وما كان مهما بالنسبة لمنقذات الحياة هذه هو انني ، وللمرة الأولى ، لم أفكر يصنع لوحة لم يخطر ذلك على بالي ابدأ . كان شغلي الشاغل أن اصنع شيئاً ما يأتي واقعياً جداً كذكريات عن التحليق .
بدا على اللوحات التي تراوحت بين ٣٠ و ٤٠ وحققها حينذاك انها تعطي احساسا بالألم والتشوق لا وجود لهما في صوره الفوتوغرافية . ومع ذلك فهي بالنسبة اليه تبعث بشيء ما هو شخصي أكثـر فـي التصـويـر الفوتوغرافي ، قال : - عادة ما يدفعني الرسم لأركز على الحاضر فهو هنا الآن وملموس ، ولكن التـصـويـر الفوتوغرافي يبعدني عن الحاضر والشيء الذي يؤثر علي الى حـد هـائـل في التصوير الفوتوغرافي هو ما بغشاه من كابة فلدي مجموعة من الصور الأغـريـة ، وهذه حـزينـة ومحيرة الى حد هائل .
مارس هارتمان التعليم بمزيد من الجهد صيف عام ١٩٦٩ . مقتصداً ما يكفي لشراء طائرته المستعملة في السنة اللاحقة وعلى الفور تقـريبـاً أصبـح منجذباً إلى المناظر الطبيعية الملهمة والتلوث الهوائي الهائل في اجواء المناطق التي يعمـل بها وقد مكنه التصـويـر الفوتوغرافي بسرعة من الجمع بين شغفه بالطيران والرسم ذلك إن صورة الفوتوغرافية الأولى أخذت كمخططات للوحـاتـه ولكنها ما لبثت تدريجيا ان تحولت الى اهتمـام مـقصـود لذاتـه خصوصاً عندما راح يطبعها بنفسه وقد قال معلقا إنها الآن أقوى وافضل صور استطيع انتاجها .
مع الاقتراب من تلال دانيغان وهي موقع إكتشفه هارتمان عام ۱۹٦۹ وصوره عدة مرات منذ ذلك الحين ، فسح الطيار المجـال لهارتمان أن يتسلم الزمـام ليدور ٣٦٠ درجة على إرتفاع ۲۸۰۰ قدم فإذ بقطعان الاشكال الأرضية تبرز بحيوية مثيرة للأحاسيس وان بالنتوءات والمنخفضات والحروف الأرضية تبعث بتحولات مثيرة من عمق وتدرج لوني شبيهة بمـا نشـهـده على بطاقات بريدية عليها صور بثلاثة ابعاد هنا قال هارتمان :
ـ عادة ما أعلق كاميرتي حول عنقي . فإذا كان النور براقا الى الحد الكافي ، النقط بما لا يقل عن سرعة ١/٥٠٠ من الثانية الا انني استطيع الالتقاط بسرعة ١/٢٥٠ كذلك . أما مع ما هو أبطأ من ذلك ، فستحتاج إلى هـواء ساكن تماماً ، وإلا فإن النتوءات ستجعل الصور ضبابية كذلك أبدي العناية لابقاء ذراعي بعيدين عن الطائرة لا يلامسانها وهنالك كاميرا على المقعد إلى جانبي فإذا كان اللون غليظة يحتمل أن انتقل الى . الماميا . ٤٥ × ٦ سم سعيا وراء الانحلال عندما أطبع وإذا كان اللون أكثر لطافة ما أفعله في كثير من الأحيـان هـو استخدام مرشح استقطاب على النيكورمات ، ٣٥ ملم لأنها تقوي صفاء اللون ولكنها لا تغير التدرجات اللونية . هذه لها تأثير أكبر مع ال ٣٥ ملم بالمقارنة مع الماميا .
حتى في فترة الظهر منصـولة اللون الضوئي هذه نجد نتوءات ومنخفضات تلال دانيغان متلوية منوترة وسرعان ما تتسطح خلال الدوران .
يقول هارتمان :
ـ في الدورة الاضيق ، لن تكون فوق ما نقصده تماماً مما يعني أن العلاقة مع الشمس لها دورها الحـاسـم لهذا السبب أحب الالتقاط في الصباح أو في وقت متاخر من بعد الظهر أما عن اختياري للعدسة فمسألة تتعلق بمدى ما يكون الالتقاط منحرفاً او عموديا فإذا كنت التقـط بانحراف إستعمل عدسة ۲۰۰ حلم على كاميرا ال ٣٥ ملم لأنها تحافظ على تقارب الأبعاد من إمتصاص الصورة واذا كنت عمودياً تقريباً , اعمل بعدسة ٥٠ ملم معيارية ، والتبرير هو ذاته مع كاميرتي - الماميا ٦٤ ، استعملت عدسة آل ۲۱۰ ملم او ال ٨٠ ملم هذا ومع كاميرا ٣٥ ملم أجد ان ٦٤ آزا تعطيني مـا يكفي بالقدر الكبير أشير كذلك الى انني التقط بفيلم إكتاكروم ۲۰۰ إحترافي عندما أستعمل الماميا . . رغم ان الإكتاكروم لا يعطيني التشبـع اللوني الذي يعطيه الكوداكروم .
بينما الرحلة في استديو هارتمان - الذي يغطي مساحـة ۲۰۰ میل - موشكة على الانتهاء وفوق الجمال الرهيب لمنطقة ريتشمويد الصناعية سئل هارتمان عما يجذبه إلى هذا كله فأجاب :
- السموم من صنع الإنسان وانـا تجذبني الآثار التي يخلفها الناس أكثر من الناس بحد ذاتهم ولأسباب كثيرة ، أظن ان الجنس البشري هو اتعس ما تواجد فوق هذا الكوكب على الاطلاق من هنا أجدني سعيداً أكثر عندما أتحول للاهتمام بالطيور بدلا من البشر .
ثـم كـبـح جـمـاع تشاؤمـه واضاف :
- إنه الجنس البشري ككل ، من التجمعات الصغيرة حتى الكبيرة هو الذي يجعلني عصبياً وسلبياً . ولدى الاقتراب من مدرج مطار بـانـشـانـان ، قـال هـارتـمـان في السيارة إلى المطار ، عن الفترة التي كان فيها محلقا بالطائرة مع والده وهما على وشك الهبوط في غيليين ، أريزونا منذ أربعين سنة قال :
- كان الهواء ساكنـا تمـامـاً حينذاك ، لا وجود حتى لرعشة . عندما أصبحنا فوق تلك الأسلاك ورفعنا أنف الطائرة ، أصبحت هذه بزاوية مع الشمس وإذ بـالـدعـائـم تصـنـع تلك الظلال المترجرجة .
تجدر الاشارة هنا إلى أن للطائرة ، ماصات ، معدنية للصـدمـات عـلى الـعـجـلات فإستطعت سماع تكتكة الأعشاب عليهـا ونحن لم نهبط بعد . ما اقصده هنا هو أن أكثر ما أتذكره بحيوية هـو تفاصيل صغيرة عوضاً عن اشياء كبيرة شاملة وهذا صحيح بالنسبة لتصويري الفوتوغرافي أيضاً⏹
تعليق