المجال الجغرافي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المجال الجغرافي

    مجال جغرافي

    Geographic space - Espace géographique

    المجال الجغرافي

    المجال الجغرافي Geographic space هو الحيّز الجغرافي الذي يقوم - بمفهومه الواسع - على فكرة الاحتواء، أي إنه محتوى الأشخاص والأشياء. والحيّز هو المكان، والمكان هو «الوعاء الفكري للمحتوى المكاني» container view of space، وهذا الإطار الفكري يمكن من وصف الأشياء وتوزعها في المكان.
    وعلى الرغم من أن المكان مفهوم مجرد لاوجود له في الحقيقة، فإننا لانستطيع أن ندرك الأشياء إلا متحيزة في المكان ومتعاقبة في الزمان؛ لأن كل ظاهرة تحدث في المكان تحدث أيضاً في الزمان.
    والمكان، في ذاته، يرتبط بالظاهرات التي يشتمل عليها، ولكن ارتباطه بها هو فقط من حيث إنه يحتويها ويحدد مواقعها. ولفظ المكان يعني الامتداد الذي يأخذ الشيء فيه مداه. وكل ألفاظ المكان والتمكّن تتجه إلى امتداد الشيء وأخذه مداه.
    وإذا كان ليبنتز Leibniz يؤكد أن المكان هو «مجرد نظام للعلاقات» system of relations فإن المكان الجغرافي أيضاً هو كَنَفٌ وإطار لنظام العلاقات، تعد البيئة والإنسان لحمته وسداه، والحضارة نسيجه الذي حاكه التاريخ جيلاً بعد جيل على مر العصور والأزمان. وهذا المفهوم يتفق مع مفهوم كانْت Kant وجامّر Jammer عن المكان، في أنه يتكون من «نظام للعلاقات بين الطاقة والمواد». وتجدر الإشارة هنا إلى أن آينشتاين Einstein في نظريته النسبية يرى أن خصائص المكان تعتمد على طبيعة المادة الموجودة فيه، أي إنه يتفق مع نظرية كَانْت النقدية في المكان، والتي اكتشف فيها وجود العلاقة بين خصائص المادة وطبيعة المكان، وإذا عرفنا أن كل ما في الوجود يتألف من مادة وطاقة فإنه يمكن القول إن المجال الجغرافي يتحدد بخصائص المادة والطاقة وعلاقاتهما المتبادلة. ويمكن القول إن النسبية بدلّت بمفهوم المحتوى مفهوم المجال field الذي يتحدد بخصائص المادة والطاقة وعلاقاتهما القابلة للقياس.
    يتضح مما سبق أن المجال الجغرافي أو المكان الجغرافي يشمل خصائص الموضع وعلاقات الموقع، وإذا أردنا أن نختزل هذا التعريف، ونعبّر عن مضمونه باختصار شديد نعرّفه: بهندسة المكان، ونقصد بذلك «الهندسة المعمارية للبنية المكانية». والهندسة تعني هنا خصائص المكان والعلاقات بين الأشكال التي تشغله، ولايخفى أن المكان يشمل هندسة الطبيعة وماصنعته يد الإنسان على حد سواء. وهندسة المكان تعني الوصول إلى النمط الأمثل لتوزيع الظاهرات في المكان، وهذا النمط الأمثل لايتسنى إلا بالوصول إلى أفضل العلاقات بين الطبيعة والإنسان، وهناك مدرسة مورفولوجية تُعرف بمدرسة اللاندسكيب Landscape الإنكليزية، ترى أن الجزء المنظور من المكان يعرف بالمظهر الطبيعي العام (اللاندسكيب) وهو ما يمكن إدراكه (بالحواس) من المكان بصورة مباشرة، والذي يتمثل في نمط خاص من تنظيم المكان، وهو وليد العلاقات بين الطبيعة والإنسان.
    وكلمة اللاندسكيب يقابلها اللاندشافت Landschaft في اللغة الألمانية، «وتعني المنظر الطبيعي المنظور من أرض أو سماء، في مجال رؤية الإنسان الواقف في نقطة ما على سطح الأرض». ويمثل الامتداد المكاني أحد الضوابط المهمة في تمييز الظاهرة الجغرافية، مادام كان المكان هو الناظم الفكري لكل مقياس.
    يمكن استخدام طريقتين في تحديد المجال الجغرافي، أو قياس المدى الذي يصل إليه نفوذ آهلة أو مستوطنة بشرية معينة:
    الطريقة الأولى: تختص بدراسة قوى الجاذبية بين المراكز المختلفة، فقد برهن ريلي Reilly وستيورات Stewart على أن قوة الجاذبية بين مركزين تتناسب طرداً مع حاصل ضرب الكتلتين وعكساً مع المسافة الفاصلة بينهما. وتكمن أهمية هذه النظرية في صورتها المعدّلة المعروفة بـ«نظرية نقطة الانقطاع» the breaking point theory.
    الطريقة الثانية: تختص بتحديد مدى نفوذ المدينة عن طريق تحليل الاتجاه وكثافة الحركة، وهذا النوع من التحليل يقوم على فكرة أن العلاقات المتبادلة تجد صداها ينعكس في اتجاه النقل والمواصلات وحركتها وكثافتها.
    ومما تقدم، يتبين أن الأسس الضرورية لاستقراء المجال الجغرافي تهتم بمبدأ الترابط أو التجانس الوظيفي، ومدى حدة التفاعل والتبادل الاقتصادي في الحيّز الجغرافي، أي الحركة mobility في المكان الجغرافي.
    صفوح خير
يعمل...
X