التشكيلي السوداني طلال عثمان ينزاح تجريديا بالمسلك التعبيري
محمد البندوري
تشكل الأعمال الإبداعية للتشكيلي طلال عثمان مادة خصبة، تملأ فضاء لوحاته. فهو يركز على كل مقومات العمل الفني، المدجج بالرموز والعلامات التراثية في نطاق تجريدي معاصر، بإيحاءات قوية واستعمالات تقنية عالية، دالة على معانٍ وقيم معينة، تحكمها مجموعة من العوالم الفنية المعاصرة.
وهو بمنجزه هذا يؤصل لثقافة تجريدية تعبيرية حضارية سودانية، فيسلك في ذلك مسلكا فنيا سلسا، يرتبط بالقضايا المضمرة في المضامين التي يشتغل عليها، الشيء الذي يفضي إلى مجموعة من التفاعلات الفنية، التي تدحض البناءات الفراغية في أعماله، وذلك بنوع من التوظيفات المتنوعة التي تروم جمال تموضع الأشكال، حيث يسد بها المنافذ أحيانا ويفتحها أحيانا أخرى، ليجعل التعبير يسائل الأشكال والرموز، وفق ما تقتضيه المادة التشكيلية التي انبثقت في بؤرة خاصيات التعدد العلاماتي، والرمزي والبناء الشكلي والإيحائي والإشاراتي، في نسيج تشكيلي متكامل، وهو ما يبين حدوث حركات متتالية قادرة على تغيير المنحى التعبيري العادي والانزياح به نحو تعددية القراءة، فالمبدع يبلور العملية الإبداعية، وفق خاصيات تجريدية جديدة، يقرأ بها بعض عناصر الفن المعاصر قراءة معاصرة جديدة، يختزلها في تعبيره التجريدي، ما يجعل القارئ يغوص في عمق هذه الصورة التعبيرية التي تستحوذ على عينيه بصيغها الإشكالية الجمالية المتعددة.
فصناعة الجمال في أعمال الفنان طلال عثمان تبتدئ من الواقع الغامض، وتمر بالمجال التعبيري المعاصر، لينسج علاقات فنية بين مختلف الألوان والرموز والعلامات، تصل درجة عالية من التوازن، ما يجعلها أكثر جاذبية وتفاعلية. لأن الوجود العلائقي بين مختلف الرموز والعلامات، وبعض العناصر المكونة لأعماله، يشكل نسيجا من العلاقات الجدلية، والأساليب التحاورية، والأدوات التحولية، التي تفصح عن تعبيره التجريدي. كما أن التداخلات الرمزية والعلاماتية تصنع في منجزه التشكيلي أفقا تعبيريا وتصوريا. فهو يقدم المادة التشكيلية في نسيج تجريدي ينطق بالعديد من المعاني المحسوسة المرتبطة بمعالم فنية وجمالية. لأنه يستند في عملية البناء إلى عمق المادة التجريدية، كمادة متصلة بعدد من العلامات والرموز، ومتصلة بمضامين محجبة في كنه عملية الشكل، يثبتها في الفضاء، وفق جماليات تشكيلية رائقة، يراعي المقاسات، ويضيف أفكارا تشكيلية؛ وكل ذلك يجعل من المبدع طلال عثمان فنانا تشكيليا راقيا في التعامل مع الريشة، إذ يبث شعوره من خلال أعماله بطرق فنية مغايرة، وبانزياحات تجريدية متعددة الرؤى والدلالات، وأشكال تعبيرية ذات غموض قابل للقراءات والتأويلات المتعددة.
إن نظام الفضاء التعبيري لديه يتشكل في أنساق دلالية متلائمة ومنسجمة في ما بينها، يخضعه لكل تصوراته التي يحملها اللون والشكل وطريقة توظيفهما، وهو ما تفسره التعددية المتناسقة وفق تلاحمات وتدرجات لونية تعبيرية، وتقنية عالية، وتفصح عنه كذلك طرائقه في التعامل مع مختلف الخامات، الشيء الذي يبرز قدرته التحكمية في الفضاء، وينم عن مجاله التوظيفي القويم في الإنجاز. كما أن الربط بين العناصر المكونة لأعماله، والربط بين مجموعة من العناصر المتباينة، والاستخدامات التحولية، وبسط نوع من الانسجام بين الكتل والأشكال والرموز والعلامات، يعتبر تمردا على المألوف، ومسلكا فنيا في التعامل مع الأسلوب التجريدي المعاصر.
إنه أسلوب يقود إلى عوالم جديدة توجه الطريقة التعبيرية الرائقة للمبدع، بل وهو ما يؤشر على نوع من الانزياح عن المألوف في عملية ربط المجال التعبيري بالمادة التجريدية المعاصرة. وهذا ناتج عن التفاعل الجدلي بين المكونات الفنية، وعملية التوظيف الإبداعي المتحرك، الذي يعتمد تدفق اللون والكثافة في الفضاء التجريدي المعاصر.
٭ كاتب مغربي
محمد البندوري
تشكل الأعمال الإبداعية للتشكيلي طلال عثمان مادة خصبة، تملأ فضاء لوحاته. فهو يركز على كل مقومات العمل الفني، المدجج بالرموز والعلامات التراثية في نطاق تجريدي معاصر، بإيحاءات قوية واستعمالات تقنية عالية، دالة على معانٍ وقيم معينة، تحكمها مجموعة من العوالم الفنية المعاصرة.
وهو بمنجزه هذا يؤصل لثقافة تجريدية تعبيرية حضارية سودانية، فيسلك في ذلك مسلكا فنيا سلسا، يرتبط بالقضايا المضمرة في المضامين التي يشتغل عليها، الشيء الذي يفضي إلى مجموعة من التفاعلات الفنية، التي تدحض البناءات الفراغية في أعماله، وذلك بنوع من التوظيفات المتنوعة التي تروم جمال تموضع الأشكال، حيث يسد بها المنافذ أحيانا ويفتحها أحيانا أخرى، ليجعل التعبير يسائل الأشكال والرموز، وفق ما تقتضيه المادة التشكيلية التي انبثقت في بؤرة خاصيات التعدد العلاماتي، والرمزي والبناء الشكلي والإيحائي والإشاراتي، في نسيج تشكيلي متكامل، وهو ما يبين حدوث حركات متتالية قادرة على تغيير المنحى التعبيري العادي والانزياح به نحو تعددية القراءة، فالمبدع يبلور العملية الإبداعية، وفق خاصيات تجريدية جديدة، يقرأ بها بعض عناصر الفن المعاصر قراءة معاصرة جديدة، يختزلها في تعبيره التجريدي، ما يجعل القارئ يغوص في عمق هذه الصورة التعبيرية التي تستحوذ على عينيه بصيغها الإشكالية الجمالية المتعددة.
فصناعة الجمال في أعمال الفنان طلال عثمان تبتدئ من الواقع الغامض، وتمر بالمجال التعبيري المعاصر، لينسج علاقات فنية بين مختلف الألوان والرموز والعلامات، تصل درجة عالية من التوازن، ما يجعلها أكثر جاذبية وتفاعلية. لأن الوجود العلائقي بين مختلف الرموز والعلامات، وبعض العناصر المكونة لأعماله، يشكل نسيجا من العلاقات الجدلية، والأساليب التحاورية، والأدوات التحولية، التي تفصح عن تعبيره التجريدي. كما أن التداخلات الرمزية والعلاماتية تصنع في منجزه التشكيلي أفقا تعبيريا وتصوريا. فهو يقدم المادة التشكيلية في نسيج تجريدي ينطق بالعديد من المعاني المحسوسة المرتبطة بمعالم فنية وجمالية. لأنه يستند في عملية البناء إلى عمق المادة التجريدية، كمادة متصلة بعدد من العلامات والرموز، ومتصلة بمضامين محجبة في كنه عملية الشكل، يثبتها في الفضاء، وفق جماليات تشكيلية رائقة، يراعي المقاسات، ويضيف أفكارا تشكيلية؛ وكل ذلك يجعل من المبدع طلال عثمان فنانا تشكيليا راقيا في التعامل مع الريشة، إذ يبث شعوره من خلال أعماله بطرق فنية مغايرة، وبانزياحات تجريدية متعددة الرؤى والدلالات، وأشكال تعبيرية ذات غموض قابل للقراءات والتأويلات المتعددة.
إن نظام الفضاء التعبيري لديه يتشكل في أنساق دلالية متلائمة ومنسجمة في ما بينها، يخضعه لكل تصوراته التي يحملها اللون والشكل وطريقة توظيفهما، وهو ما تفسره التعددية المتناسقة وفق تلاحمات وتدرجات لونية تعبيرية، وتقنية عالية، وتفصح عنه كذلك طرائقه في التعامل مع مختلف الخامات، الشيء الذي يبرز قدرته التحكمية في الفضاء، وينم عن مجاله التوظيفي القويم في الإنجاز. كما أن الربط بين العناصر المكونة لأعماله، والربط بين مجموعة من العناصر المتباينة، والاستخدامات التحولية، وبسط نوع من الانسجام بين الكتل والأشكال والرموز والعلامات، يعتبر تمردا على المألوف، ومسلكا فنيا في التعامل مع الأسلوب التجريدي المعاصر.
إنه أسلوب يقود إلى عوالم جديدة توجه الطريقة التعبيرية الرائقة للمبدع، بل وهو ما يؤشر على نوع من الانزياح عن المألوف في عملية ربط المجال التعبيري بالمادة التجريدية المعاصرة. وهذا ناتج عن التفاعل الجدلي بين المكونات الفنية، وعملية التوظيف الإبداعي المتحرك، الذي يعتمد تدفق اللون والكثافة في الفضاء التجريدي المعاصر.
٭ كاتب مغربي