ماشيه (تربيه)
Animal breeding - Elevage
الماشية (تربية ـ)
الاصطفاء هو الخطوة الأولى في تحسين الماشية وغيرها من الحيوانات والدواجن [ر: الاصطفاء الحيواني]، والحيوانات التي تنتقى بصفة آباء وأمهات للجيل القادم تُزاوج معاً باستخدام إحدى طرائق التربية breeding التي تشمل أساساً التربية الداخلية inbreeding والتربية الخارجية outbreeding. ويُحدِّد المربِّي مسبقاً أهدافاً مهمة في أثناء إعداده برنامج الاصطفاء والتربية، هي الأهداف التربوية breeding goals، التي تتضمن أساساً ما يأتي (الشكل 1):
1ـ تحديد ما يَرغب في تحسينه في قطيعه من صفات، ومن ثم تحديد الاستراتيجية التربوية المناسبة (تربية أصيلة أو غير أصيلة)، ويكون ذلك قبل المباشرة في تنفيذ أعمال الاصطفاء المعتمدة على مخططات ومعايير معينة.
2ـ يجب توافر تباين variation مناسب في القطيع لتكون أعمال الاصطفاء ضمنه جيدة، وبديهي أنه لن يتحقق تقدم وراثي ملحوظ مالم تتوافر قاعدة واسعة للتباين في القطيع، وإذا لم يكن جزء مناسب من هذا التباين وراثياً.
3ـ رسم البرنامج التربوي breeding program بما يتضمنه من مكونات، مثل أعداد الذكور والإناث التي سوف تُنتقى سنوياً، وأعمارها عند التزاوج، والمعايير التي سوف تُقاس في كل من الآباء والأمهات وأنسالها وطرائق قياسها، وغيرها.
4ـ تنفيذ البرنامج الاصطفائي بدقة كبيرة، والامتناع عن إجراء تغييرات فيه إلا في حال الضرورة القصوى لتحسين تنفيذه.
هنالك عدد من العوامل المؤثرة في نجاح برامج التربية، ومن ثم في مقدار التحسين الوراثي الناجم عنها، وينطلق معظمها من كون الصفات الإنتاجية والاقتصادية في الماشية، وفي غيرها من الحيوانات والدواجن، خاضعة لفعل عدد كبير من المورثات (الجينات) genes، ومن تأثرها - في الوقت ذاته - بالعوامل البيئية المتغيرة. ويمكن القول إن معدلات التحسين الوراثي الممكن تحقيقها من تنفيذ برامج التربية يعتمد على عدد من العوامل من أهمها ما يأتي:
- شدة الاصطفاء selection intensity: وهذه تتوقف على نسبة الحيوانات المنتقاة لتكون آباء وأمهات للجيل التالي. وكلما نقصت هذه النسبة ازدادت شدة الاصطفاء، وكانت الحيوانات المنتقاة أفضل وراثياً.
- دقة accuracy تقييم الصفة المرغوبة: وترتبط بمقدار تأثر الصفة بالمورثات أو بالبيئة، ومما يعوق التقدم الوراثي أن معظم الصفات الإنتاجية والتناسلية يتأثر بالعوامل البيئية التي تسبب أخطاء في الحكم على الجودة الوراثية للحيوان. كما ترتبط دقة التقييم بمقدار البيانات المتوافرة عن مظهر الصفات المعنية في الحيوانات المدروسة وفي أقربائها؛ فتزداد الدقة بازدياد هذه البيانات وازدياد دقتها وتنقص بنقصانها. ورغبة في اتباع طرائق موحَّدة في تسجيل البيانات الإنتاجية والتناسلية وغيرها، فإن كثيراً من الهيئات العاملة في تنفيذ برامج التربية في كثير من البلدان اعتمد المعايير الدولية التي وضعتها اللجنة الدولية للتسـجيل الحيواني International Committee for Animal Recording (ICAR) في أعمال تسجيل البيانات.
- التباين الوراثي المُضيف (التراكمي أو التجمعي) للصفة المعنيةadditive genetic variation : وهذه من خصائص الصفة الوراثية ذاتها، فمثلاً تمتلك صفة معدل النمو مقداراً أكبر من هذا التباين بالمقارنة مع صفة اللحم في ذبيحة ماشية اللحم. كما أن هنالك تبايناً وراثياً مُضيفاً أكثر في صفة كمية الحليب في ماشية الحليب بالمقارنة مع نسبة البروتين في الحليب.
- طول فترة الجيل generation interval: وهذه تعتمد على متوسط عمر الآباء والأمهات حينما يُولد أبناؤهم، وتراوح عادة بين 4 - 5 سنوات. ويؤثر طول فترة الجيل في سرعة إيصال مورثات الآباء والأمهات المنتقاة إلى القطيع عبر أنسالها.
- إدراج عدة صفات في آن واحد في برنامج التربية: إذ يؤدي ذلك إلى إنقاص القدرة على اصطفاء حيوانات تمتلك عدة صفات جيدة في آن واحد، ويُنقص ذلك من فعالية البرنامج التربوي ومن التقدم الوراثي الممكن الحصول عليه، ومن ثم فإن البرنامج التربوي يجب أن يتضمن عدداً قليلا من الصفات، حيث يقتصر على الصفات الأكثر أهمية والمحتاجة للتحسين الوراثي.
- قدرة المربي على اصطفاء الحيوانات الجيدة: ويتوقف ذلك على عوامل عدة من أهمها الخبرة التي يمتلكها والخطط التربوية التي وضعها، وثباته في تنفيذها من دون إحداث تغييرات لا داعي لها، إلى جانب قدرته على إزالة آثار العوامل البيئية بطرائق علمية مناسبة كيلا ينخدع بآثارها المضلِّلة، فقد يفضل بقرة على أخرى لأن إنتاج الأولى كان أفضل بسبب تعرضها لبيئة جيدة (كالتغذية)، في حين لم يتوافر مثل ذلك للبقرة الثانية فانخفض إنتاجها، على الرغم من امتلاكها مورثات أفضل.
التقانات الحديثة للتحسين
يعمل الباحثون في مجالات التقانات الحيوية على استنباط تقانات حديثة لاستخدامها في تحسين الحيوانات الزراعية [ر. التحسين الوراثي]. ويمكن عموماً تصنيف التقانات المذكورة في فئتين رئيسيتين (مع وجود بعض التداخل بينهما). تُعنى الأولى منهما بالتقانات التناسلية مثل التلقيح الاصطناعي [ر] ونقل الأجنة وشطرها والاستنساخ [ر] والتحكم في الجنس. أما الفئة الثانية فتضم التقانات الحيوية الجزيئية التي تستخدم في تحديد المورثات والتعامل معها، مثل بصمة الدنا [ر]، والانتخاب المدعوم بالمؤشر الوراثي، ونقل المورثات (الهندسة الوراثية[ر]) وغيرها.
تتطور التقانات المذكورة باستمرار مع تزايد المعارف الحيوية، وستؤثر هذه التغيرات كثيراً في الطرائق التي تُستخدم في أعمال التحسين الوراثي لمختلف الحيوانات الزراعية. وبديهي أن يتوقف مدى تأثيرها على كفاءاتها وواقعية استخداماتها وتكاليفها. وإن الصناعة التي ستحقق التحسين الوراثي للحيوانات الزراعية وتستفيد منه على المدى البعيد ، والماشية في مقدمتها، هي التي تحقق توازناً جيداً وتنسيقاً دقيقاً بين التقدم الوراثي في قطاع التربية وحركة المورثات الجيدة نحو القطعان التجارية والسيولة النقدية لدعم البنية التحتية التي تشمل، بالمفهوم الواسع، المنتجين والمربين وبنوك المعلومات والتقانات الإحصائية لتقويم الحيوانات، إضافة إلى البحث العلمي والإرشاد الزراعي.
أسامة عارف العوا
Animal breeding - Elevage
الماشية (تربية ـ)
الاصطفاء هو الخطوة الأولى في تحسين الماشية وغيرها من الحيوانات والدواجن [ر: الاصطفاء الحيواني]، والحيوانات التي تنتقى بصفة آباء وأمهات للجيل القادم تُزاوج معاً باستخدام إحدى طرائق التربية breeding التي تشمل أساساً التربية الداخلية inbreeding والتربية الخارجية outbreeding. ويُحدِّد المربِّي مسبقاً أهدافاً مهمة في أثناء إعداده برنامج الاصطفاء والتربية، هي الأهداف التربوية breeding goals، التي تتضمن أساساً ما يأتي (الشكل 1):
الشكل (1) |
2ـ يجب توافر تباين variation مناسب في القطيع لتكون أعمال الاصطفاء ضمنه جيدة، وبديهي أنه لن يتحقق تقدم وراثي ملحوظ مالم تتوافر قاعدة واسعة للتباين في القطيع، وإذا لم يكن جزء مناسب من هذا التباين وراثياً.
3ـ رسم البرنامج التربوي breeding program بما يتضمنه من مكونات، مثل أعداد الذكور والإناث التي سوف تُنتقى سنوياً، وأعمارها عند التزاوج، والمعايير التي سوف تُقاس في كل من الآباء والأمهات وأنسالها وطرائق قياسها، وغيرها.
4ـ تنفيذ البرنامج الاصطفائي بدقة كبيرة، والامتناع عن إجراء تغييرات فيه إلا في حال الضرورة القصوى لتحسين تنفيذه.
هنالك عدد من العوامل المؤثرة في نجاح برامج التربية، ومن ثم في مقدار التحسين الوراثي الناجم عنها، وينطلق معظمها من كون الصفات الإنتاجية والاقتصادية في الماشية، وفي غيرها من الحيوانات والدواجن، خاضعة لفعل عدد كبير من المورثات (الجينات) genes، ومن تأثرها - في الوقت ذاته - بالعوامل البيئية المتغيرة. ويمكن القول إن معدلات التحسين الوراثي الممكن تحقيقها من تنفيذ برامج التربية يعتمد على عدد من العوامل من أهمها ما يأتي:
- شدة الاصطفاء selection intensity: وهذه تتوقف على نسبة الحيوانات المنتقاة لتكون آباء وأمهات للجيل التالي. وكلما نقصت هذه النسبة ازدادت شدة الاصطفاء، وكانت الحيوانات المنتقاة أفضل وراثياً.
- دقة accuracy تقييم الصفة المرغوبة: وترتبط بمقدار تأثر الصفة بالمورثات أو بالبيئة، ومما يعوق التقدم الوراثي أن معظم الصفات الإنتاجية والتناسلية يتأثر بالعوامل البيئية التي تسبب أخطاء في الحكم على الجودة الوراثية للحيوان. كما ترتبط دقة التقييم بمقدار البيانات المتوافرة عن مظهر الصفات المعنية في الحيوانات المدروسة وفي أقربائها؛ فتزداد الدقة بازدياد هذه البيانات وازدياد دقتها وتنقص بنقصانها. ورغبة في اتباع طرائق موحَّدة في تسجيل البيانات الإنتاجية والتناسلية وغيرها، فإن كثيراً من الهيئات العاملة في تنفيذ برامج التربية في كثير من البلدان اعتمد المعايير الدولية التي وضعتها اللجنة الدولية للتسـجيل الحيواني International Committee for Animal Recording (ICAR) في أعمال تسجيل البيانات.
- التباين الوراثي المُضيف (التراكمي أو التجمعي) للصفة المعنيةadditive genetic variation : وهذه من خصائص الصفة الوراثية ذاتها، فمثلاً تمتلك صفة معدل النمو مقداراً أكبر من هذا التباين بالمقارنة مع صفة اللحم في ذبيحة ماشية اللحم. كما أن هنالك تبايناً وراثياً مُضيفاً أكثر في صفة كمية الحليب في ماشية الحليب بالمقارنة مع نسبة البروتين في الحليب.
- طول فترة الجيل generation interval: وهذه تعتمد على متوسط عمر الآباء والأمهات حينما يُولد أبناؤهم، وتراوح عادة بين 4 - 5 سنوات. ويؤثر طول فترة الجيل في سرعة إيصال مورثات الآباء والأمهات المنتقاة إلى القطيع عبر أنسالها.
- إدراج عدة صفات في آن واحد في برنامج التربية: إذ يؤدي ذلك إلى إنقاص القدرة على اصطفاء حيوانات تمتلك عدة صفات جيدة في آن واحد، ويُنقص ذلك من فعالية البرنامج التربوي ومن التقدم الوراثي الممكن الحصول عليه، ومن ثم فإن البرنامج التربوي يجب أن يتضمن عدداً قليلا من الصفات، حيث يقتصر على الصفات الأكثر أهمية والمحتاجة للتحسين الوراثي.
- قدرة المربي على اصطفاء الحيوانات الجيدة: ويتوقف ذلك على عوامل عدة من أهمها الخبرة التي يمتلكها والخطط التربوية التي وضعها، وثباته في تنفيذها من دون إحداث تغييرات لا داعي لها، إلى جانب قدرته على إزالة آثار العوامل البيئية بطرائق علمية مناسبة كيلا ينخدع بآثارها المضلِّلة، فقد يفضل بقرة على أخرى لأن إنتاج الأولى كان أفضل بسبب تعرضها لبيئة جيدة (كالتغذية)، في حين لم يتوافر مثل ذلك للبقرة الثانية فانخفض إنتاجها، على الرغم من امتلاكها مورثات أفضل.
التقانات الحديثة للتحسين
يعمل الباحثون في مجالات التقانات الحيوية على استنباط تقانات حديثة لاستخدامها في تحسين الحيوانات الزراعية [ر. التحسين الوراثي]. ويمكن عموماً تصنيف التقانات المذكورة في فئتين رئيسيتين (مع وجود بعض التداخل بينهما). تُعنى الأولى منهما بالتقانات التناسلية مثل التلقيح الاصطناعي [ر] ونقل الأجنة وشطرها والاستنساخ [ر] والتحكم في الجنس. أما الفئة الثانية فتضم التقانات الحيوية الجزيئية التي تستخدم في تحديد المورثات والتعامل معها، مثل بصمة الدنا [ر]، والانتخاب المدعوم بالمؤشر الوراثي، ونقل المورثات (الهندسة الوراثية[ر]) وغيرها.
تتطور التقانات المذكورة باستمرار مع تزايد المعارف الحيوية، وستؤثر هذه التغيرات كثيراً في الطرائق التي تُستخدم في أعمال التحسين الوراثي لمختلف الحيوانات الزراعية. وبديهي أن يتوقف مدى تأثيرها على كفاءاتها وواقعية استخداماتها وتكاليفها. وإن الصناعة التي ستحقق التحسين الوراثي للحيوانات الزراعية وتستفيد منه على المدى البعيد ، والماشية في مقدمتها، هي التي تحقق توازناً جيداً وتنسيقاً دقيقاً بين التقدم الوراثي في قطاع التربية وحركة المورثات الجيدة نحو القطعان التجارية والسيولة النقدية لدعم البنية التحتية التي تشمل، بالمفهوم الواسع، المنتجين والمربين وبنوك المعلومات والتقانات الإحصائية لتقويم الحيوانات، إضافة إلى البحث العلمي والإرشاد الزراعي.
أسامة عارف العوا