ليسكو (بيير) Lescot (Pierre-) - Lescot (Pierre-)
ليسكو (بيير ـ)
(نحو 1510ـ 1571)
بيير ليسكو Pierre Lescot أحد أهم معماريي عصر النهضة الفرنسيين، وُلَد في باريس وتوفي فيها. يتحدر من عائلة أليسي Alessi الإيطالية.
كان بيير ليسكو معمارياً ومصوراً، ودرس الرياضيات أيضاً. وكان مقرباً من البلاط الملكي، حيث حظي بتكريم كبير من الملك فرنسيس الأول Francis I وخلفائه؛ بإعطائه منصباً كنسياً، وكان قبيل وفاته رئيساً فخرياً لأحد الأديرة، وسيداً على كلانيي .Clagny
يُعدّ بيير ليسكو أحد مؤسسي تقاليد الكلاسية الفرنسية، إذ تميزت أعماله بالاستخدام الدقيق للتفصيلات الكلاسية Classique المستمدة من الآثار، وقد أرضت تصاميمه الذوق الفرنسي على نحو كبير. لم يلجأ ليسكو إلى تقليد الأوابد والصروح الإيطالية كما فعل عدد من معماريي عصر النهضة الأوربيين والفرنسيين، بل استوحى من التقاليد الإغريقية التي كانت سائدة في الفنون القديمة ولاسيما في ميادين النحت والتصوير والعمارة، تلك التقاليد التي عملت عمارة عصر النهضة على إحيائها.
اختاره الملك فرنسيس الأول في عام 1546 لتصميم قصر ملكي جديد في باريس، سُمِّي بقصر اللوڤر [ر] Le Louvre، فقد صمَّم وأشرف على تنفيذ الجزء الأول من القصر الذي أُضيفت إليه أجزاء عدة فيما بعد؛ بحيث أصبح قصر اللوڤر الكبير في باريس، والذي قامت الثورة الفرنسية بتحويله إلى متحف يُعد حالياً من أشهر متاحف العالم وأغناها من حيث المجموعات الأثرية والمنحوتات واللوحات التي يحويها، والتي تعود إلى مختلف العصور التاريخية.
ارتبطت شهرة بيير ليسكو بقصر اللوڤر، كما نُسِبَ إليه التصميم الأول لفندق كرنڤاليه L’Hôtel Carnavalet في باريس، والذي قام بتعديله لاحقاً فرانسوا مانسار François Mansart.
وفيما يتعلق بتزيين أعماله فقد قام المعمار والنحات جان غوجون Jean Goujon بتنفيذ المنحوتات التزيينية، أما فيما يتعلق بزخرفة أبنيته فقد ارتبط بالنحات تريباتي Trebatti تلميذ ميكلانجلو Michelangelo، وكذلك مع الفنان التشكيلي جان غوجون الذي تميزت أعماله بنقاء الأسلوب.
تميزت الأعمال التي أنجزها كل من بيير ليسكو وجان غوجون بالروعة والإتقان، وذلك نتيجة لتضافر الجهود المشتركة الذي بذلها كل منهما في إنجاح هذه الأعمال، وللانسجام المتبادل بينهما، إذ اعتمد المعمار بيير ليسكو اعتماداً كبيراً على صديقه جان غوجون في مجال النحت وفي الأمور المعمارية.
واجهة بيير ليسكو في واحة اللوڤرالمربعة
أما بناء اللوڤر، الذي يُعد أحد أشهر أعمال ليسكو، فقد بُني فوق حصن أو معقل، وقد صُمّم البناء بحيث يشغل قسم معيشة البلاط الملكي الجهات الثلاث للباحة المربعة، أما الجهة الرابعة، وهي الشرقية، فقد لُحِظت في التصميم كرواق ذي أقواس. وتميزت أجنحة الإقامة الملكية الواقعة في زوايا البناء بارتفاعها، وبروعة الأعمدة والتماثيل التي تزينها، والتي حلّت محل الأبراج العائدة إلى العصور الوسطى.
كان البناء بارتفاع طابقين وسقيفة اغتنت بالزخارف، وكانت نوافذ الطابق الأرضي دائرية الشكل، ونوافذ الطابق الثاني مربعة ومنتهية بزخرفة مثلية. وقد أضفت الألواح الرخامية على البناء إيقاعاً متميزاً. وقد تميز البناء بتأثير خاص، بحيث لم تطغ منحوتات غوجون الرفيعة والزخارف المعمارية الدقيقة على كتلته، بل على النقيض من ذلك، ظهرت تابعة للمبنى وأسهمت في إبرازه، كما أنّ الاستخدام المدروس وغير المسرف للكتل الحجرية الخام غير المصقولة في زوايا الزخارف أضفت عليها نوعاً من الفخامة.
يعدّ أقدم أجزاء هذا القصر من الروائع المعمارية العظيمة في فرنسا، وذلك من حيث النوعية العالية التي هي غاية طراز عصر النهضة، حيث النسبة المثالية للعناصر المعمارية والتفصيلات، وقد أُكمِل بناء اللوڤر في عهد نابليون الأول Napoléon I، وكانت باحة ليسكو في اللوڤر ومازالت محط أنظار الزائرين. أما باقي أعمال ليسكو فهي قليلة من حيث العدد، إذ يبدو أنه لم يحصل على الفرص الكافية للبناء، إضافة إلى انشغاله في الرسم، استناداً إلى أشعار رونسار Ronsard، وبدت التزاماته في مجالي العمارة والرياضيات، بعد انهماكه بهما نحو عشرين عاماً، وكأنها تتعارض مع نشاطاته الفنية.
أما إنجازه الأول في باريس (1540- 1545)، فهو منبر كنيسة القديس جرمان لوسيروا St. Germain l’Auxerrois وفندق لينيري Hôtel de Ligneris، واسمه الحالي كارنَڤَاليه. كما أنه صمَّم سبيل البريئين Fontaine des Innocent (1547- 1549)، وهو في كل أعماله مدين بجزء كبير من نجاحه لمساعدة جان غوجون Jean Goujon الخالصة له.
بيير ليسكو: "فندق كارنَڤَاليه"
لم تحظ أعماله التي تميزت بالبساطة الكلاسية بالتقييم الذي تستحقه في مرحلتي الباروك Baroque والروكوكو Rococo، ولكنها حصلت على التقدير والمكانة التي تستحقها في عصر متأخر.
رضوان طحلاوي
ليسكو (بيير ـ)
(نحو 1510ـ 1571)
بيير ليسكو Pierre Lescot أحد أهم معماريي عصر النهضة الفرنسيين، وُلَد في باريس وتوفي فيها. يتحدر من عائلة أليسي Alessi الإيطالية.
كان بيير ليسكو معمارياً ومصوراً، ودرس الرياضيات أيضاً. وكان مقرباً من البلاط الملكي، حيث حظي بتكريم كبير من الملك فرنسيس الأول Francis I وخلفائه؛ بإعطائه منصباً كنسياً، وكان قبيل وفاته رئيساً فخرياً لأحد الأديرة، وسيداً على كلانيي .Clagny
يُعدّ بيير ليسكو أحد مؤسسي تقاليد الكلاسية الفرنسية، إذ تميزت أعماله بالاستخدام الدقيق للتفصيلات الكلاسية Classique المستمدة من الآثار، وقد أرضت تصاميمه الذوق الفرنسي على نحو كبير. لم يلجأ ليسكو إلى تقليد الأوابد والصروح الإيطالية كما فعل عدد من معماريي عصر النهضة الأوربيين والفرنسيين، بل استوحى من التقاليد الإغريقية التي كانت سائدة في الفنون القديمة ولاسيما في ميادين النحت والتصوير والعمارة، تلك التقاليد التي عملت عمارة عصر النهضة على إحيائها.
اختاره الملك فرنسيس الأول في عام 1546 لتصميم قصر ملكي جديد في باريس، سُمِّي بقصر اللوڤر [ر] Le Louvre، فقد صمَّم وأشرف على تنفيذ الجزء الأول من القصر الذي أُضيفت إليه أجزاء عدة فيما بعد؛ بحيث أصبح قصر اللوڤر الكبير في باريس، والذي قامت الثورة الفرنسية بتحويله إلى متحف يُعد حالياً من أشهر متاحف العالم وأغناها من حيث المجموعات الأثرية والمنحوتات واللوحات التي يحويها، والتي تعود إلى مختلف العصور التاريخية.
ارتبطت شهرة بيير ليسكو بقصر اللوڤر، كما نُسِبَ إليه التصميم الأول لفندق كرنڤاليه L’Hôtel Carnavalet في باريس، والذي قام بتعديله لاحقاً فرانسوا مانسار François Mansart.
وفيما يتعلق بتزيين أعماله فقد قام المعمار والنحات جان غوجون Jean Goujon بتنفيذ المنحوتات التزيينية، أما فيما يتعلق بزخرفة أبنيته فقد ارتبط بالنحات تريباتي Trebatti تلميذ ميكلانجلو Michelangelo، وكذلك مع الفنان التشكيلي جان غوجون الذي تميزت أعماله بنقاء الأسلوب.
تميزت الأعمال التي أنجزها كل من بيير ليسكو وجان غوجون بالروعة والإتقان، وذلك نتيجة لتضافر الجهود المشتركة الذي بذلها كل منهما في إنجاح هذه الأعمال، وللانسجام المتبادل بينهما، إذ اعتمد المعمار بيير ليسكو اعتماداً كبيراً على صديقه جان غوجون في مجال النحت وفي الأمور المعمارية.
واجهة بيير ليسكو في واحة اللوڤرالمربعة
أما بناء اللوڤر، الذي يُعد أحد أشهر أعمال ليسكو، فقد بُني فوق حصن أو معقل، وقد صُمّم البناء بحيث يشغل قسم معيشة البلاط الملكي الجهات الثلاث للباحة المربعة، أما الجهة الرابعة، وهي الشرقية، فقد لُحِظت في التصميم كرواق ذي أقواس. وتميزت أجنحة الإقامة الملكية الواقعة في زوايا البناء بارتفاعها، وبروعة الأعمدة والتماثيل التي تزينها، والتي حلّت محل الأبراج العائدة إلى العصور الوسطى.
كان البناء بارتفاع طابقين وسقيفة اغتنت بالزخارف، وكانت نوافذ الطابق الأرضي دائرية الشكل، ونوافذ الطابق الثاني مربعة ومنتهية بزخرفة مثلية. وقد أضفت الألواح الرخامية على البناء إيقاعاً متميزاً. وقد تميز البناء بتأثير خاص، بحيث لم تطغ منحوتات غوجون الرفيعة والزخارف المعمارية الدقيقة على كتلته، بل على النقيض من ذلك، ظهرت تابعة للمبنى وأسهمت في إبرازه، كما أنّ الاستخدام المدروس وغير المسرف للكتل الحجرية الخام غير المصقولة في زوايا الزخارف أضفت عليها نوعاً من الفخامة.
يعدّ أقدم أجزاء هذا القصر من الروائع المعمارية العظيمة في فرنسا، وذلك من حيث النوعية العالية التي هي غاية طراز عصر النهضة، حيث النسبة المثالية للعناصر المعمارية والتفصيلات، وقد أُكمِل بناء اللوڤر في عهد نابليون الأول Napoléon I، وكانت باحة ليسكو في اللوڤر ومازالت محط أنظار الزائرين. أما باقي أعمال ليسكو فهي قليلة من حيث العدد، إذ يبدو أنه لم يحصل على الفرص الكافية للبناء، إضافة إلى انشغاله في الرسم، استناداً إلى أشعار رونسار Ronsard، وبدت التزاماته في مجالي العمارة والرياضيات، بعد انهماكه بهما نحو عشرين عاماً، وكأنها تتعارض مع نشاطاته الفنية.
أما إنجازه الأول في باريس (1540- 1545)، فهو منبر كنيسة القديس جرمان لوسيروا St. Germain l’Auxerrois وفندق لينيري Hôtel de Ligneris، واسمه الحالي كارنَڤَاليه. كما أنه صمَّم سبيل البريئين Fontaine des Innocent (1547- 1549)، وهو في كل أعماله مدين بجزء كبير من نجاحه لمساعدة جان غوجون Jean Goujon الخالصة له.
بيير ليسكو: "فندق كارنَڤَاليه"
لم تحظ أعماله التي تميزت بالبساطة الكلاسية بالتقييم الذي تستحقه في مرحلتي الباروك Baroque والروكوكو Rococo، ولكنها حصلت على التقدير والمكانة التي تستحقها في عصر متأخر.
رضوان طحلاوي