ابراهيم مهدي
Ibrahim ibn Al-Mahdi - Ibrahim ibn Al-Mahdi
إبراهيم بن المهدي
(162 - 224هـ/779 - 839م)
أبو إسحق إبراهيم بن الخليفة العباسي المهدي، وأخو هارون الرشيد ينتهي نسبه إلى العباس بن عبد المطلب الهاشمي، وأمه جارية سوداء ديلمية اسمها شَكْلة، فكان أسود عظيم الجثة، يسمى «التنين» ويقال له ابن شكلة.
ولد في بغداد ونشأ فيها، ولاّه الرشيد إمرة دمشق ثم عزله عنها بعد سنتين، ثم أعاده إليها وأقام فيها أربع سنين. استطاع إبراهيم بن المهدي في أول حكمه في دمشق أن يحقق العدل بين الفئات المتصارعة فيها من قيسيين ويمانيين، وكان قادراً على اتباع سياسة يُرضي بها الطرفين إذ عاملهم معاملة واحدة من دون أي تحيز، كما عمل على استتباب الأمن فيها. بيد أن هذه السياسة لم تكن متبعة في جميع الأحوال، إذ سرعان ما نفر الناس منه بدمشق بعد أن قرب إليه أحد اليمانيين، واتبع سياسة العنف والإرهاب، فتداعوا إلى العصبية ونشبت الحرب ورجعوا إلى ما كانوا عليه من القتل والنهب. بايعه أهل بغداد بالخلافة بعد مقتل الأمين سنة 202هـ/818م وذلك لبقاء المأمون في مرو واختياره علي الرضا بن موسى الكاظم ولياً لعهده ولأمره جنده بخلع السواد ولبس الخضرة، وقد أثار هذا التصرف غضب بني العباس في بغداد فخلعوا طاعة المأمون وبايعوا عمه إبراهيم بن المهدي ولقبوه «المبارك».
لم يستقر الأمر لإبراهيم طويلاً لانتشار التمرد وسط جيشه، وانهزام قائديه سعيد بن ساجور، وعيسى بن محمد بالقرب من واسط في 26 رجب عام 202هـ/818، أمام جيش المأمون بقيادة الحسن بن سهل. وبعد هذه الهزيمة انضم عيسى بن محمد إلى المأمون علناً، في حين والاه بقية القواد سراً. ومع مسيرة المأمون إلى بغداد، ووفاة علي الرضا في أثنائها، وتخلي أهل بغداد عن إبراهيم بن المهدي، آلت الحال إلى اختفاء إبراهيم في آخر سنة 203هـ/819م. وظل مختبئاً عدة سنوات إلى أن ظفر به المأمون وسجنه ستة أشهر ثم عفا عنه.
وهكذا كانت مدة حكمه في بغداد نحو سنتين 202 - 204هـ. ولم يعده المؤرخون من الخلفاء وكانت وفاته في سامراء في 7 رمضان، وصلى عليه ابن أخيه المعتصم.
لم يكن لإبراهيم مواهب الحاكم، وقد صرف جلّ اهتمامه إلى الموسيقى والغناء والعزف على الطنبور وقول الشعر. وقد أخذ بعض غنائه عن أخته عُلَيَّة، وقيل: «ما اجتمع في جاهلية ولا إسلام أخ وأخت أحسن غناء من إبراهيم بن المهدي وأخته عُلَيَّة»، فقد كان من أعلم الناس بالنغم والوتر والإيقاع وأطبعهم في الغناء وأحسنهم صوتاً. وكان مع علمه وطبعه ومعرفته يقصّر عن الغناء القديم. ويحققه على قدر ما يصلح له ويفي بأدائه، فإذا عيب ذلك عليه قال «أنا ملك وابن ملك وإنما أغني على ما أشتهي وكما ألتذ» فكان أول من أفسد الغناء القديم.
وكان يقول «لولا أني أرفع نفسي عن هذه الصناعة لأظهرت فيها ما يعلم الناس معه أنهم لم يروا قبلي مثلي».
ومن فنون شعره الغزل والنسيب والمديح والهجاء، وله رثاء وخمريات وشيء من النثر في رسائل إخوانية.
وبقي من سنة 210هـ/825م - حتى وفاته، مغنياً في كنف المأمون، وكان يؤدي عند الاقتضاء دور المادح الرسمي في قصر الخليفة.
ج.ت