لنكك Ibn Likek - Ibn Likek
ابن لنكك
(… ـ 360هـ/… ـ 970م)
أبو الحسن محمد بن محمد بن جعفر البصري الأديب النحوي الشاعر، نشأ في البصرة وقدم إلى بغداد؛ فحصل ثقافة جيدة، وألمّ بمعارف عصره وحفظ لطائف الأدب وظرائفه، وبرع في الشعر. روى الأخبار والأشعار، وأخذ عنه أهل اللغة والأدب عند إقامته في بغداد، وكان عالي القدر عند معاصريه، فوصفوه بالفضل والظرف، وتطلعت نفسه إلى المزيد، فقصّر به جهده عن بلوغ الغاية التي كانت تسمو إليها نفسه إذ كان التقدم في أيامه لأبي الطيب المتنبي ولأبي رياش اليمامي، فكسدت بضاعته وانحط نجمه، فأمضى وقته في هجائهما وذمهما وشكوى الزمان وأهله إلى أن توفي.
وعلى الرغم من أن معظم شعره في الشكوى والهجاء كان ابن لنكك أديباً ظريفاً صاحب نوادر يحسن معاملة الناس ويحرص على أصدقائه من الأدباء والشعراء، فيتهافتون على مجلسه، ويبادلونه الشعر والمُلح. وكان يتردد إلى دكان نصر الخبز أرزي الشاعر العامي ويطارحه الشعر ويمازحه.
استولى على ابن لنكك شعور بالغبن وأنه لم يصل إلى المكانة التي يستحقها؛ لذلك كان أكثر شعره في شكوى الزمان وأهله، وفي هجاء شعراء عصره، وكان هجاؤه لاذعاً، يفحش فيه ويسف، وكان لومه للزمان وأهله عنيفاً يشتد فيه ويجاوز الحد، وله شعر في الرثاء والغزل والوصف والخمر لا يخلو من إبداع.
وأسلوبه في شعره متفاوت، فتراه يتبع أسلوباً مباشراً واضحاً في الشكوى والهجاء، لا يلتفت إلى تجويده وتصنيعه. ولكنه يميل إلى شيء من الصنعة والتأنق في أغراض الشعر الأخرى. ومعظم شعره مقطوعات قصيرة يجيد سبكها وبناءها، فإذا أطال لم يُحسن وانخفض مستوى نظمه. ومع ذلك فإن مصنفي كتب الأدب حرصوا على إيراد أمثلة كثيرة من شعره؛ لأنها متفردة في باب الشكوى وذم الزمان وأهله، ولأن خصوم المتنبي أفادوا من هجاء ابن لنكك له فنشروه وأذاعوه، وقد اتبع في مقطوعاته نهج السخرية التي تميل إليها النفوس، فكان شاعر العامة ومجالس الأُنس، في حين كان المتنبي شاعر الحكام ومجالس العلم، وقد عبر شعره عن أحوال كثير من الناس الذين يظنون أنهم ظلموا ولم يصلوا إلى حقهم من الاعتراف بفضلهم؛ لذلك كثر التمثل بشعره عند الحديث عن الشكوى من الزمان ومعاندة الدهر للأفاضل وقد أفاد شعراء العصور المتأخرة من شعر ابن لنكك، فعارضوه وأفادوا من معانيه وصوره.
ذكر لابن لنكك إضافة إلى ديوان شعره وجمعه لديوان الخبز أزري رسالة في فضل الورد على النسرين، وهذا يدل على أنه كان ناثراً مترسلاً أيضاً.
من شعره في حقيقة الزمان وأهله:
يعيبُ الناسُ كلُّهمُ الزَّمانَا
وما لِزماننَا عَيبٌ سِوَانَا
نَعِيْبُ زمانَنا والعيب فِيْنَا
وَلَوْ نَطَقَ الزَّمانُ إِذَنْ هجَانَا
ذِئَابٌ كلُّنا في زيّ نَاسٍ
فَسُبْحَانَ الذي فيه بَرَانَا
يَعَافُ الذئبُ يأكلُ لَحْمَ ذِئْبٍ
ويَأْكلُ بَعْضُنَا بَعْضَاً عِيَانَا
وقال أيضاً:
زَمَانٌ قَدْ تَفَرّغَ لِلْفُضُولِ
فَسَوَّدَ كُلَّ ذِي حُمْقٍ جَهُولِ
إِذَا أَحْبَبْتُمُ فِيْهِ ارْتِفَاعَا
فَكُوْنُوْا جاهٍليْنَ بِلا عُقُوْلِ
محمود سالم محمد
ابن لنكك
(… ـ 360هـ/… ـ 970م)
أبو الحسن محمد بن محمد بن جعفر البصري الأديب النحوي الشاعر، نشأ في البصرة وقدم إلى بغداد؛ فحصل ثقافة جيدة، وألمّ بمعارف عصره وحفظ لطائف الأدب وظرائفه، وبرع في الشعر. روى الأخبار والأشعار، وأخذ عنه أهل اللغة والأدب عند إقامته في بغداد، وكان عالي القدر عند معاصريه، فوصفوه بالفضل والظرف، وتطلعت نفسه إلى المزيد، فقصّر به جهده عن بلوغ الغاية التي كانت تسمو إليها نفسه إذ كان التقدم في أيامه لأبي الطيب المتنبي ولأبي رياش اليمامي، فكسدت بضاعته وانحط نجمه، فأمضى وقته في هجائهما وذمهما وشكوى الزمان وأهله إلى أن توفي.
وعلى الرغم من أن معظم شعره في الشكوى والهجاء كان ابن لنكك أديباً ظريفاً صاحب نوادر يحسن معاملة الناس ويحرص على أصدقائه من الأدباء والشعراء، فيتهافتون على مجلسه، ويبادلونه الشعر والمُلح. وكان يتردد إلى دكان نصر الخبز أرزي الشاعر العامي ويطارحه الشعر ويمازحه.
استولى على ابن لنكك شعور بالغبن وأنه لم يصل إلى المكانة التي يستحقها؛ لذلك كان أكثر شعره في شكوى الزمان وأهله، وفي هجاء شعراء عصره، وكان هجاؤه لاذعاً، يفحش فيه ويسف، وكان لومه للزمان وأهله عنيفاً يشتد فيه ويجاوز الحد، وله شعر في الرثاء والغزل والوصف والخمر لا يخلو من إبداع.
وأسلوبه في شعره متفاوت، فتراه يتبع أسلوباً مباشراً واضحاً في الشكوى والهجاء، لا يلتفت إلى تجويده وتصنيعه. ولكنه يميل إلى شيء من الصنعة والتأنق في أغراض الشعر الأخرى. ومعظم شعره مقطوعات قصيرة يجيد سبكها وبناءها، فإذا أطال لم يُحسن وانخفض مستوى نظمه. ومع ذلك فإن مصنفي كتب الأدب حرصوا على إيراد أمثلة كثيرة من شعره؛ لأنها متفردة في باب الشكوى وذم الزمان وأهله، ولأن خصوم المتنبي أفادوا من هجاء ابن لنكك له فنشروه وأذاعوه، وقد اتبع في مقطوعاته نهج السخرية التي تميل إليها النفوس، فكان شاعر العامة ومجالس الأُنس، في حين كان المتنبي شاعر الحكام ومجالس العلم، وقد عبر شعره عن أحوال كثير من الناس الذين يظنون أنهم ظلموا ولم يصلوا إلى حقهم من الاعتراف بفضلهم؛ لذلك كثر التمثل بشعره عند الحديث عن الشكوى من الزمان ومعاندة الدهر للأفاضل وقد أفاد شعراء العصور المتأخرة من شعر ابن لنكك، فعارضوه وأفادوا من معانيه وصوره.
ذكر لابن لنكك إضافة إلى ديوان شعره وجمعه لديوان الخبز أزري رسالة في فضل الورد على النسرين، وهذا يدل على أنه كان ناثراً مترسلاً أيضاً.
من شعره في حقيقة الزمان وأهله:
يعيبُ الناسُ كلُّهمُ الزَّمانَا
وما لِزماننَا عَيبٌ سِوَانَا
نَعِيْبُ زمانَنا والعيب فِيْنَا
وَلَوْ نَطَقَ الزَّمانُ إِذَنْ هجَانَا
ذِئَابٌ كلُّنا في زيّ نَاسٍ
فَسُبْحَانَ الذي فيه بَرَانَا
يَعَافُ الذئبُ يأكلُ لَحْمَ ذِئْبٍ
ويَأْكلُ بَعْضُنَا بَعْضَاً عِيَانَا
وقال أيضاً:
زَمَانٌ قَدْ تَفَرّغَ لِلْفُضُولِ
فَسَوَّدَ كُلَّ ذِي حُمْقٍ جَهُولِ
إِذَا أَحْبَبْتُمُ فِيْهِ ارْتِفَاعَا
فَكُوْنُوْا جاهٍليْنَ بِلا عُقُوْلِ
محمود سالم محمد