مايول (اريستيد)
Maillol (Aristide-) - Maillol (Aristide-)
مايول (أريستيد ـ)
(1861ـ 1944)
أريستيد مايول Aristide Maillol نحات ومصوّر فرنسي. ولد في مدينة بانيولس- سور - مير Banyuls- sur- Mer وتوفي فيها. درس التصوير والنحت في مدرسة الفنون الجميلة بباريس، وفي مرسم جيروم Gérôme وكابانيل Cabanel (1882- 1886). انضم إلى الرواد الطليعيين، وتأثر كثيراً بالنحات ريمون دوشان فيلّون Raymond Duchamp Villon؛ وبالفنانين غوغان Gauguin وموريس دوني Denis.
لازم مايول متحف كلوني Cluny فتشبعت ذاكرته البصريّة بفنون النحت، كما قام بزيارة اليونان، ودرس من كثب نحتها وعمارتها. انضم إلى جماعة الأنبياء les nabis وتأثر بأساليب أعضائها وتوجهاتهم. بدأ مايول مسيرته الفنيّة في محترف لصناعة السجاد، فعمل مصوراً ومصمماً للأقمشة المستخدمة في التنجيد، مساهماً بذلك، في إحياء هذا الفن شبه المندثر. ترك مجموعة مهمة من اللوحات متنوعة التقانات اللونيّة، والرسوم الخطيّة، والمحفورات المنفذة بوساطة الخشب، وقد أخذت غالبية رسومه ومحفوراته طريقها إلى بطون كتب الشعر اللاتيني في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، ما جعله أحد أبرز الفنانين المساهمين بإحياء فنون الكتاب إبان هذه المرحلة.
في عام 1901 ترك مايول التصوير واتجه إلى فن النحت الذي ارتبط اسمه به، وعُرف من خلاله، بسبب مرض أصاب عينيه، وكان يومها في الأربعين من العمر. حاول التوفيق في نحته بين اتجاهات وأساليب وصيغ مختلفة ومتنوعة، فجمع بين حركية رودان Rodin ونزعةٍ سكونيّةٍ هادئة ومعبرة، تحمل تأثيرات النحت الكلاسي، ولاسيما اليوناني والروماني. يقول مايول: «الطبيعة خادعة، إذا قللتُ النظر فيها فلن أنتج ما هو واقعي، بل ما هو حقيقي»، قلت لرودان: «الفن معقد، فابتسم لأنه شعر أنني كنت أصارع الطبيعة. كنت أحاول أن أبسط، في الوقت الذي كان هو يلحظ كل الجوانب، وكل التفاصيل، فالمسألة مسألة ضمير».
اعتمد مايول المرأة العارية موضوعاً رئيساً لنحته الذي رسَّخ من خلاله، تقاليد فنية جديدة، عُدَّت منطلقاً أساساً لنحت القرن العشرين، لتركيزه على البنية القوية الصارمة للكتلة في الفراغ، وتحليل السطوح وتبسيطها ولفها حيث يرتد جميعها إلى الداخل، على شكل أقواس، ما منح منحوتته استدارات جميلة على الرغم من بساطتها واختزالها، وسطوح مربوطة بقوة، تستقبل برحابة، انزلاقات الضوء فوقها، مؤكّدة بذلك متانة معمار المنحوتة وحضورها في الفراغ. والمرأة لديه تعيش خارج الزمن بقدر ارتباطها بالأرض.
نبذ مايول رومنسية معاصره رودان، وتحلل قليلاً من صرامة الكلاسية، واستفاد من توجهات جماعة الأنبياء التي ضمت غوغان، ودوني، وإدوار فويّار Vuillard، التي تمحورت حول البحث عن الشكل النقي، وإيثار العادي على الأسطوري، مبتعدة بذلك عن الترميز.
وفي الوقت الذي كانت فيه المرأة تكلل جسمها بالثياب من رأسها حتى أخمص قدميها، ويُمارس عليها شتى أنواع الاضطهاد المهني والاجتماعي، جسَّدها مايول عارية في رسومه ومحفوراته وتماثيله، وقد لازمه هذا الموضوع طوال حياته.
من أشهر أعماله تمثال «المتوسط»، المنفذ بين عامي 1900 و1905 والحاضن لتأثيرات كلاسيّة أخضعها مايول لحالة متقنة من التبسيط، لكن من دون التفريط بالنسب التشريحيّة السليمة. يمثّل العمل امرأة شابة جالسة تضع يدها على ركبتها، واليد الأخرى تستند إليها. تتبدى في هذا العمل، عبقرية مايول في التوازن والاستقرار والتناسق الكبير في معمار الكتلة، والجمال، والصفاء، وأمامها لا بد أن يشعر المتلقي أنه ضمْن فراغها وليست هي ضمن فراغه.
وعلى نقيضها تأتي منحوتته «الليل» المنفذة عام 1902، والتي تمثّل امرأة عارية جالسة، تضع يديها فوق ركبتيها، بينما رأسها غارق بين راحتيها، وكأنها في لحظة شرود وتأمل داخلي. يعبر هذا العمل عن حالة عاطفيّة رفيعة، وتكوين متماسك راسخ الكتلة، قوي ومترابط السطوح نقيها. تطل من هذا العمل، تأثيرات الكلاسية اليونانية القديمة متماهية بالنزعة الانطباعيّة، والتلخيص والتجريد الذي يذكرنا بأعمال النحات قسطنطين برانكوزي Brancusi وهنري مور Henry Moore وبرومنسية رودان في آنٍ معاً.
ومن أعماله النصبية الميدانية المهمة «بول سيزان» Paul Cézanne، المنفذ بين عامي 1907 و1925ويمثّل امرأة عارية مستلقية فوق قطعة قماش، تحمل في يدها وردة، وتعقف شعرها على طريقة فينوس Vénus. هذا العمل تحديداً، رفع من مكانة مايول، وأكّد شهرته. ومن أعماله المعروفة «النهر» المنفذ ما بين عامي 1939 و1943، و«راكب الدراجة» المنفذ ما بين عامي 1907 و1908، وغير ذلك من الأعمال التي جعلته واحداً من أهم وأبرز النحاتين المعاصرين الذين مهدوا الطريق للنزعة التعبيريّة والرمزيّة والتجريدية في النحت الحديث، وقد ملأت هذه الأعمال فراغاً كبيراً في حركة هذا النحت، سيمضي وقت طويل قبل أن يأتي ما يماثله أهميةً وقيمةً.
محمود شاهين
Maillol (Aristide-) - Maillol (Aristide-)
مايول (أريستيد ـ)
(1861ـ 1944)
أريستيد مايول Aristide Maillol نحات ومصوّر فرنسي. ولد في مدينة بانيولس- سور - مير Banyuls- sur- Mer وتوفي فيها. درس التصوير والنحت في مدرسة الفنون الجميلة بباريس، وفي مرسم جيروم Gérôme وكابانيل Cabanel (1882- 1886). انضم إلى الرواد الطليعيين، وتأثر كثيراً بالنحات ريمون دوشان فيلّون Raymond Duchamp Villon؛ وبالفنانين غوغان Gauguin وموريس دوني Denis.
أريستيد مايول: "منزل في روزيلون" |
في عام 1901 ترك مايول التصوير واتجه إلى فن النحت الذي ارتبط اسمه به، وعُرف من خلاله، بسبب مرض أصاب عينيه، وكان يومها في الأربعين من العمر. حاول التوفيق في نحته بين اتجاهات وأساليب وصيغ مختلفة ومتنوعة، فجمع بين حركية رودان Rodin ونزعةٍ سكونيّةٍ هادئة ومعبرة، تحمل تأثيرات النحت الكلاسي، ولاسيما اليوناني والروماني. يقول مايول: «الطبيعة خادعة، إذا قللتُ النظر فيها فلن أنتج ما هو واقعي، بل ما هو حقيقي»، قلت لرودان: «الفن معقد، فابتسم لأنه شعر أنني كنت أصارع الطبيعة. كنت أحاول أن أبسط، في الوقت الذي كان هو يلحظ كل الجوانب، وكل التفاصيل، فالمسألة مسألة ضمير».
اعتمد مايول المرأة العارية موضوعاً رئيساً لنحته الذي رسَّخ من خلاله، تقاليد فنية جديدة، عُدَّت منطلقاً أساساً لنحت القرن العشرين، لتركيزه على البنية القوية الصارمة للكتلة في الفراغ، وتحليل السطوح وتبسيطها ولفها حيث يرتد جميعها إلى الداخل، على شكل أقواس، ما منح منحوتته استدارات جميلة على الرغم من بساطتها واختزالها، وسطوح مربوطة بقوة، تستقبل برحابة، انزلاقات الضوء فوقها، مؤكّدة بذلك متانة معمار المنحوتة وحضورها في الفراغ. والمرأة لديه تعيش خارج الزمن بقدر ارتباطها بالأرض.
أريستيد مايول: "فتاة مع مظلة" |
وفي الوقت الذي كانت فيه المرأة تكلل جسمها بالثياب من رأسها حتى أخمص قدميها، ويُمارس عليها شتى أنواع الاضطهاد المهني والاجتماعي، جسَّدها مايول عارية في رسومه ومحفوراته وتماثيله، وقد لازمه هذا الموضوع طوال حياته.
من أشهر أعماله تمثال «المتوسط»، المنفذ بين عامي 1900 و1905 والحاضن لتأثيرات كلاسيّة أخضعها مايول لحالة متقنة من التبسيط، لكن من دون التفريط بالنسب التشريحيّة السليمة. يمثّل العمل امرأة شابة جالسة تضع يدها على ركبتها، واليد الأخرى تستند إليها. تتبدى في هذا العمل، عبقرية مايول في التوازن والاستقرار والتناسق الكبير في معمار الكتلة، والجمال، والصفاء، وأمامها لا بد أن يشعر المتلقي أنه ضمْن فراغها وليست هي ضمن فراغه.
وعلى نقيضها تأتي منحوتته «الليل» المنفذة عام 1902، والتي تمثّل امرأة عارية جالسة، تضع يديها فوق ركبتيها، بينما رأسها غارق بين راحتيها، وكأنها في لحظة شرود وتأمل داخلي. يعبر هذا العمل عن حالة عاطفيّة رفيعة، وتكوين متماسك راسخ الكتلة، قوي ومترابط السطوح نقيها. تطل من هذا العمل، تأثيرات الكلاسية اليونانية القديمة متماهية بالنزعة الانطباعيّة، والتلخيص والتجريد الذي يذكرنا بأعمال النحات قسطنطين برانكوزي Brancusi وهنري مور Henry Moore وبرومنسية رودان في آنٍ معاً.
ومن أعماله النصبية الميدانية المهمة «بول سيزان» Paul Cézanne، المنفذ بين عامي 1907 و1925ويمثّل امرأة عارية مستلقية فوق قطعة قماش، تحمل في يدها وردة، وتعقف شعرها على طريقة فينوس Vénus. هذا العمل تحديداً، رفع من مكانة مايول، وأكّد شهرته. ومن أعماله المعروفة «النهر» المنفذ ما بين عامي 1939 و1943، و«راكب الدراجة» المنفذ ما بين عامي 1907 و1908، وغير ذلك من الأعمال التي جعلته واحداً من أهم وأبرز النحاتين المعاصرين الذين مهدوا الطريق للنزعة التعبيريّة والرمزيّة والتجريدية في النحت الحديث، وقد ملأت هذه الأعمال فراغاً كبيراً في حركة هذا النحت، سيمضي وقت طويل قبل أن يأتي ما يماثله أهميةً وقيمةً.
محمود شاهين