سجن معيتيقة.. «غوانتانامو» ليبيا
المصدر:
على بعد نحو ثمانية كيلومترات شرقي مركز مدينة طرابلس، وبقاعدة معيتيقة الجوية، يقع سجن يطلق عليه «غوانتانامو الليبي»، وهو سجن قالت عنه المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، إنه «أكبر مراكز الاحتجاز في غرب ليبيا»، ويشتهر بممارسة التعذيب وغيره من الانتهاكات والتجاوزات لحقوق الإنسان.
عدد المحتجزين في هذا المعتقل يقدّر بـ 2600 نزيل، فيما ذكرت أحدث التقارير الأممية أن العدد ارتفع إلى 3600. وأبرزت المفوضية تعرّض النساء للضرب والجلد والجذب من الشعر والإهانات والتهديدات ذات الطابع الجنسي. مفوضية حقوق الإنسان وثّقت وقوع انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان داخل المعتقل المذكور، كالاحتجاز التعسفي لفترات طويلة بمعزل عن العالم الخارجي، والتعذيب والحبس الانفرادي لفترات مطوّلة، وظروف الاحتجاز غير الإنسانية، والوفاة أثناء الاحتجاز، إضافة إلى إعدامات بإجراءات موجزة. ووفقاً للأمم المتحدة، هناك 12 ألف محتجز في سجون ليبيا، لكن سجن معيتيقة أكثرها رعباً.
«اقترب مني وأرغمني على أن أجثو على ركبتيّ.. ثم ثبَّتَ رأسي.. حينها رأيته ممسكاً بملعقة يقرّبها من وجهي.. شعرت بألم حاد ثم فقدت الوعي».. تلك الواقعة جزء من رواية معتقل ليبي شاب، قدّم شهادته حول تعرضه للتعذيب وفقء عينيه عام 2019 داخل «سجن معيتيقة»، ضمن عريضة دعوى قدّمها إلى المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في تنزانيا، اختصم فيها آنذاك حكومة الوفاق. وأبرزت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، تعرّض النساء للضرب والجلد والجذب من الشعر والإهانات والتهديدات ذات الطابع الجنسي.
قوة الردع
تسيطر على السجن وتديره ميليشيا يطلق عليها «قوة الردع» بقيادة عبدالرؤوف كارة، ويدير القسم النسائي خالد الهيشري الملقب بـ «البوتي». ونقلت تقارير إعلامية أن القيادي بميليشيا الردع محمد الكيب، يتولى إدارة السجن والعمليات التي تُجرى به. وينقسم السجن إلى عدد من القطاعات، من غير المعروف عددها على وجه التحديد، فبينما ذكر تقرير حقوقي سابق أنه ينقسم إلى تسع زنازين رئيسية، نقل المحلل العسكري محمد الترهوني - في تصريحات إعلامية له أخيراً- أن السجن يتكون من 12 قطاعاً، يحتوي كل منها على مجموعة غرف لا تتجاوز مساحتها الـ 12 متراً مربعاً.
مطار مؤقت
تُستخدم القاعدة الجوية في معيتيقة حالياً كمطار مؤقت لطرابلس، منذ إغلاق مطار طرابلس الدولي في يوليو 2014، وذلك بعد تدمير مطار طرابلس الدولي ضمن عمليات «انقلاب فجر ليبيا». ويُظهر تحليل لصور الأقمار الصناعية، أن السجن على شكله الحالي لم يكن موجوداً قبل 2011 حتى مايو 2012، إذ كان مقر السجن الحالي الواقع في المنطقة الجنوبية الغربية للقاعدة الجوية مكوناً من ثلاثة مستودعات قديمة، وفي نهايات يونيو من 2012 بدأت «قوة الردع» في تجديد وإضافة المباني، وبناء سور مرتفع حول الموقع، قبل أن يتم تحويل المستودعات الثلاثة إلى سجن على مساحة 8 آلاف م2، كما تم استئناف أعمال التوسعة وتسارع وتيرة البناء في فبراير 2015 مع تسارع وتيرة البناء هناك.
بعد عام - وطبقاً لتحليل نشرته منظمة التضامن لحقوق الإنسان- فإنه في فبراير 2016 تم الانتهاء من توسعة تسع زنازين، وأضيف أيضاً مبنيان في الركن الشمالي الشرقي للسجن كمنطقة احتجاز للنزلاء لفترة الذين سيفرج عنهم للتعافي قبل إطلاق سراحهم. وفي نوفمبر 2016 بدأ العمل في المنطقة الواقعة شمال مجمع السجون، حيث تم تخصيص منطقة يتجول فيها المحتجزون (المنطقة الترفيهية، حيث يسمح لبعض المحتجزين بساعة واحدة في تلك المنطقة مرة واحدة كل ثلاثة أيام)، وتم الانتهاء منها في سبتمبر 2017، بحسب المسح الذي أجرته المنظمة.
صعوبات بالغة
وفي 2018 أقرت مفوضية حقوق الإنسان بصعوبات بالغة في التعرف إلى مزيد من المعلومات بشأن السجن سيئ السمعة، حيث لم يُسمح لفرقها إلا بزيارة واحدة فقط، حصلت خلالها من مسؤولي السجن عن معلومات حول عدد النزلاء فقط، الذين ذكروا حينها أن عدد الرجال المحتجزين 1500 معتقل، إضافة إلى 200 من الإناث والأطفال، لكنّ المفوضية حصلت على معلومات تشير إلى أن العدد الحقيقي آنذاك 2600 شخص. وبحسب المعلومات التي كشفت عنها، فإن النزلاء في سجن معيتيقة ينقسمون إلى ثلاث فئات أساسية، الأولى تشمل المتهمين في جرائم مثل السرقة والمخدرات والدعارة، والثانية تشمل المشتبه في ضلوعهم بجرائم ذات صلة بالإرهاب، أما الفئة الثالثة فهي من الشباب الذين سلمهم ذووهم لأسباب تأديبية، بينما يزعم عبدالرؤوف كارة أن الموجودين في السجن هم متهمون في قضايا إرهاب.
ووثقت مفوضية حقوق الإنسان وقوع انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان داخل «غوانتانامو الليبي» كالاحتجاز التعسفي لفترات طويلة بمعزل عن العالم الخارجي، والتعذيب والحبس الانفرادي لفترات مطوّلة، وظروف احتجاز لا إنسانية، والوفاة أثناء الاحتجاز، إضافة إلى إعدامات بإجراءات موجزة.
وأخيراً، في يناير 2022 أطلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، تحذيرات خاصة بشأن آلاف المحتجزين بشكل غير قانوني (12 ألفاً) في سجون ليبيا، وخص بالذكر سجن معيتيقة الذي وصفه بـ «الأكثر رعباً».
وكانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان الليبية، ذكرت في وقت سابق أن السجن غير الخاضع لمعايير السجون، تنتشر فيه الأمراض بين المحتجزين بسبب الظروف غير الإنسانية، كما أن هناك العديد من قرارات الإفراج الصادرة بحق العديد من المتهمين لكنها لم تنفّذ، كما ذكرت تقارير حقوقية أن عدداً من النزلاء ظلوا محتجزين حتى ما بعد انتهاء مدة سجنهم.
اعتداءات بالجملة
ونُقلت شهادات عن معتقلين سابقين بالسجن، ذكروا فيها أهوالاً تحدث داخله، من بينها قول أحد المعتقلين إن «مدير السجن يتلذذ بتعذيب النزلاء، ويعتدي على النساء، إضافة إلى إطلاق الرصاص عشوائياً»، ضمن جملة من شهادات الناجين من جحيم «غوانتانامو الليبي» ممن أدلوا بشهادات أكدتها التقارير الأممية التي حذّرت من الأوضاع داخل السجن سيئ السمعة.
ويعتبر سجن معيتيقة واحداً من مراكز الاحتجاز الأكثر خطورة في ليبيا، حيث هناك أكثر من 12 ألف معتقل رسمياً في 27 سجناً ومنشأة داخل البلاد، طبقاً للأمم المتحدة في تقرير إلى مجلس الأمن، تم خلاله الإشارة إلى ظروف الاحتجاز غير الإنسانية التي يعاني منها البعض.
المصدر:
- القاهرة - محمد خالد
على بعد نحو ثمانية كيلومترات شرقي مركز مدينة طرابلس، وبقاعدة معيتيقة الجوية، يقع سجن يطلق عليه «غوانتانامو الليبي»، وهو سجن قالت عنه المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، إنه «أكبر مراكز الاحتجاز في غرب ليبيا»، ويشتهر بممارسة التعذيب وغيره من الانتهاكات والتجاوزات لحقوق الإنسان.
عدد المحتجزين في هذا المعتقل يقدّر بـ 2600 نزيل، فيما ذكرت أحدث التقارير الأممية أن العدد ارتفع إلى 3600. وأبرزت المفوضية تعرّض النساء للضرب والجلد والجذب من الشعر والإهانات والتهديدات ذات الطابع الجنسي. مفوضية حقوق الإنسان وثّقت وقوع انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان داخل المعتقل المذكور، كالاحتجاز التعسفي لفترات طويلة بمعزل عن العالم الخارجي، والتعذيب والحبس الانفرادي لفترات مطوّلة، وظروف الاحتجاز غير الإنسانية، والوفاة أثناء الاحتجاز، إضافة إلى إعدامات بإجراءات موجزة. ووفقاً للأمم المتحدة، هناك 12 ألف محتجز في سجون ليبيا، لكن سجن معيتيقة أكثرها رعباً.
«اقترب مني وأرغمني على أن أجثو على ركبتيّ.. ثم ثبَّتَ رأسي.. حينها رأيته ممسكاً بملعقة يقرّبها من وجهي.. شعرت بألم حاد ثم فقدت الوعي».. تلك الواقعة جزء من رواية معتقل ليبي شاب، قدّم شهادته حول تعرضه للتعذيب وفقء عينيه عام 2019 داخل «سجن معيتيقة»، ضمن عريضة دعوى قدّمها إلى المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في تنزانيا، اختصم فيها آنذاك حكومة الوفاق. وأبرزت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، تعرّض النساء للضرب والجلد والجذب من الشعر والإهانات والتهديدات ذات الطابع الجنسي.
قوة الردع
تسيطر على السجن وتديره ميليشيا يطلق عليها «قوة الردع» بقيادة عبدالرؤوف كارة، ويدير القسم النسائي خالد الهيشري الملقب بـ «البوتي». ونقلت تقارير إعلامية أن القيادي بميليشيا الردع محمد الكيب، يتولى إدارة السجن والعمليات التي تُجرى به. وينقسم السجن إلى عدد من القطاعات، من غير المعروف عددها على وجه التحديد، فبينما ذكر تقرير حقوقي سابق أنه ينقسم إلى تسع زنازين رئيسية، نقل المحلل العسكري محمد الترهوني - في تصريحات إعلامية له أخيراً- أن السجن يتكون من 12 قطاعاً، يحتوي كل منها على مجموعة غرف لا تتجاوز مساحتها الـ 12 متراً مربعاً.
مطار مؤقت
تُستخدم القاعدة الجوية في معيتيقة حالياً كمطار مؤقت لطرابلس، منذ إغلاق مطار طرابلس الدولي في يوليو 2014، وذلك بعد تدمير مطار طرابلس الدولي ضمن عمليات «انقلاب فجر ليبيا». ويُظهر تحليل لصور الأقمار الصناعية، أن السجن على شكله الحالي لم يكن موجوداً قبل 2011 حتى مايو 2012، إذ كان مقر السجن الحالي الواقع في المنطقة الجنوبية الغربية للقاعدة الجوية مكوناً من ثلاثة مستودعات قديمة، وفي نهايات يونيو من 2012 بدأت «قوة الردع» في تجديد وإضافة المباني، وبناء سور مرتفع حول الموقع، قبل أن يتم تحويل المستودعات الثلاثة إلى سجن على مساحة 8 آلاف م2، كما تم استئناف أعمال التوسعة وتسارع وتيرة البناء في فبراير 2015 مع تسارع وتيرة البناء هناك.
بعد عام - وطبقاً لتحليل نشرته منظمة التضامن لحقوق الإنسان- فإنه في فبراير 2016 تم الانتهاء من توسعة تسع زنازين، وأضيف أيضاً مبنيان في الركن الشمالي الشرقي للسجن كمنطقة احتجاز للنزلاء لفترة الذين سيفرج عنهم للتعافي قبل إطلاق سراحهم. وفي نوفمبر 2016 بدأ العمل في المنطقة الواقعة شمال مجمع السجون، حيث تم تخصيص منطقة يتجول فيها المحتجزون (المنطقة الترفيهية، حيث يسمح لبعض المحتجزين بساعة واحدة في تلك المنطقة مرة واحدة كل ثلاثة أيام)، وتم الانتهاء منها في سبتمبر 2017، بحسب المسح الذي أجرته المنظمة.
صعوبات بالغة
وفي 2018 أقرت مفوضية حقوق الإنسان بصعوبات بالغة في التعرف إلى مزيد من المعلومات بشأن السجن سيئ السمعة، حيث لم يُسمح لفرقها إلا بزيارة واحدة فقط، حصلت خلالها من مسؤولي السجن عن معلومات حول عدد النزلاء فقط، الذين ذكروا حينها أن عدد الرجال المحتجزين 1500 معتقل، إضافة إلى 200 من الإناث والأطفال، لكنّ المفوضية حصلت على معلومات تشير إلى أن العدد الحقيقي آنذاك 2600 شخص. وبحسب المعلومات التي كشفت عنها، فإن النزلاء في سجن معيتيقة ينقسمون إلى ثلاث فئات أساسية، الأولى تشمل المتهمين في جرائم مثل السرقة والمخدرات والدعارة، والثانية تشمل المشتبه في ضلوعهم بجرائم ذات صلة بالإرهاب، أما الفئة الثالثة فهي من الشباب الذين سلمهم ذووهم لأسباب تأديبية، بينما يزعم عبدالرؤوف كارة أن الموجودين في السجن هم متهمون في قضايا إرهاب.
ووثقت مفوضية حقوق الإنسان وقوع انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان داخل «غوانتانامو الليبي» كالاحتجاز التعسفي لفترات طويلة بمعزل عن العالم الخارجي، والتعذيب والحبس الانفرادي لفترات مطوّلة، وظروف احتجاز لا إنسانية، والوفاة أثناء الاحتجاز، إضافة إلى إعدامات بإجراءات موجزة.
وأخيراً، في يناير 2022 أطلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، تحذيرات خاصة بشأن آلاف المحتجزين بشكل غير قانوني (12 ألفاً) في سجون ليبيا، وخص بالذكر سجن معيتيقة الذي وصفه بـ «الأكثر رعباً».
وكانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان الليبية، ذكرت في وقت سابق أن السجن غير الخاضع لمعايير السجون، تنتشر فيه الأمراض بين المحتجزين بسبب الظروف غير الإنسانية، كما أن هناك العديد من قرارات الإفراج الصادرة بحق العديد من المتهمين لكنها لم تنفّذ، كما ذكرت تقارير حقوقية أن عدداً من النزلاء ظلوا محتجزين حتى ما بعد انتهاء مدة سجنهم.
اعتداءات بالجملة
ونُقلت شهادات عن معتقلين سابقين بالسجن، ذكروا فيها أهوالاً تحدث داخله، من بينها قول أحد المعتقلين إن «مدير السجن يتلذذ بتعذيب النزلاء، ويعتدي على النساء، إضافة إلى إطلاق الرصاص عشوائياً»، ضمن جملة من شهادات الناجين من جحيم «غوانتانامو الليبي» ممن أدلوا بشهادات أكدتها التقارير الأممية التي حذّرت من الأوضاع داخل السجن سيئ السمعة.
ويعتبر سجن معيتيقة واحداً من مراكز الاحتجاز الأكثر خطورة في ليبيا، حيث هناك أكثر من 12 ألف معتقل رسمياً في 27 سجناً ومنشأة داخل البلاد، طبقاً للأمم المتحدة في تقرير إلى مجلس الأمن، تم خلاله الإشارة إلى ظروف الاحتجاز غير الإنسانية التي يعاني منها البعض.