مازني (بكر محمد)
Al-Mazini (Bakr ibn Mohammad-) - Al-Mazini (Bakr ibn Mohammad-)
المازني (بكر بن محمد ـ)
( … ـ 249هـ/… ـ 863م)
أبو عثمان بكر بن محمد بن عثمان المازني، من بني مازن بن شيبان، النحوي البصري، عدَّ إمام وقته في الآداب والنحو، ونظر إليه على أنه بعد سيبويه في العربية، واشتدَّ حبه لكتاب سيبويه، وقرأه على أبي الحسن الأخفش وكان يقول: «من أراد أن يصنف كتاباً كبيراًًً في النحو بعد كتاب سيبويه فليستحِ»، وكان من نحاة البصرة المنظور إليهم، الذين ينهجون منهج المذهب البصري في النحو، وإلى جانب علمه بالنحو اتسع في الرواية وقبلت روايته لصدقه وعدله وثقته، نزل بغداد في أيام أمير المؤمنين المعتصم، وأخذ عنه أهلها.
والمازني من النحويين الذين يشبَّهون بالفقهاء، وكان يرى أن العلم كلَّه هو الفقه، قرأ القرآن على يدّ يعقوب بن إسحاق الحضرمي وأثنى عليه، عرف بحذقه وجودة ذهنه، اشتهر بقوته في المناظرة وقدرته على الكلام، ولم يناظر أحداً إلا غلبه، ومن الذين ناقشهم وناظرهم الأخفش وكان ماهراً بعلم الكلام ومتمكناً في النحو، وناظر العلماء في هذين العلمين، فإذا ناقش أصحاب الكلام تفوق، وإذا ناظر النحويين تغلب عليهم، وكان يفصل بين علمي الكلام والنحو في مناظراته، فلا يتكلم على النحو إذا تحدث في علم الكلام، ولا يتعاطى النحو إذا تكلم على علم الكلام.
وعدَّه الجاحظ أحد النحويين الثلاثة الذين ليس لهم مثيل في وقتهم، وهم المازني والعباس بن فرج الرياشي، وأبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن الزيادي.
وامتاز المازني بقوة الاعتلال والبراعة في الاحتجاج والحذق في تقريب المسائل إلى الآخرين.
دخل على الأمراء وناقش النحويين بحضرتهم وتفوق عليهم ونال الجوائز، فقد حضر مجلس أمير المؤمنين الواثق وتناظر هو والتَّوزيّ، وكانت الغلبة له، وحضر مجلس أمير المؤمنين المتوكل وتفاتش هو وابن السكيت في وزن الفعل «نكتلْ» من قوله تعالى: ﴿فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ﴾ (يوسف: 63) وفاز عليه، وأثنى عليه الأميران وحظي بمنزلة عالية عند الواثق، فقد كلفه أن يختار معلمين علماء ليعلموا أولاده، وجمع الذين يختلفون إلى مجلسه من أهل العلم، فامتحنهم المازني، ورأى أنهم يصلحون ويحتاج إليهم، فأعجب الواثق بجوابه، وأمر له بجائزة وراتب شهري.
أخذ الأدب عن أبي عبيدة والأصمعي وأبي زيد الأنصاري وروى عنهم.
وتلقَّى عنه أبو العباس المبرد وانتفع بعلمه، والفضل بن محمد اليزيدي، وعبد الله ابن أبي سعد الورَّاق وموسى ابن سهل الجَوْنيّ.
عرف المازني بلين عريكته وترفقه بتلاميذه، وحرصه على أن يظهر بالمظهر الحسن وتعهَّد نفسه لذلك.
له كتب كثيرة منها كتاب «ما تلحن فيه العامة» وكتاب «الألف واللام»، وكتاب «التصريف»، وكتاب «العروض» وكتاب «القوافي»، وكتاب «علل النحو».
ومن أشهر كتبه كتاب «التصريف»، ويكتسب هذا الكتاب أهميته من أنه أول كتاب يقصره صاحبه على علم الصرف، وذلك فيما انتهى إلينا من المؤلفات الصرفية إذ كان النحو قبل هذا الكتاب ممزوجاً بالصرف، ولا يفصل عنه بكتاب مستقل، فكتاب التصريف مظهر واضح للفصل بين علمي النحو والصرف، ولم يخرج المازني في مصنفه هذا عما ذكره سيبويه من أبواب الصرف، وترسَّم خطاه.
تكلم في هذا الكتاب على أبنية الصحيح، من مثل أبنية الأسماء والأفعال الثلاثية التي لا زيادة فيها، وأبنية الأسماء والأفعال الرباعية التي لا زيادة فيها والأسماء الخمسة التي على خمسة أحرف ولا زيادة فيها، وتحدث عن أحرف الزيادة وعن المعتل، وعما قيس من المعتل ولم يأت مثاله إلا من الصحيح، وعن المواضع التي تقلب فيها تاء «افتعل» عن أصلها ولا يُتكلم بها على الأصل البتة، وهو في مجمل كتابه لم يزد عما جاء في كتاب سيبويه ولم يحد عن منهجه.
وقد شرح هذا الكتاب أبو الفتح عثمان بن جني في كتاب سماه «المنصف»، ولهذا الشرح منزلة عالية في علم الصرف وأهمية كبرى إذ يعد مصدراً لا مندوحة عنه في هذا العلم، وعول عليه علماء الصرف والباحثون والدارسون فيما بعد، وهو مطبوع.
إبراهيم عبد الله
Al-Mazini (Bakr ibn Mohammad-) - Al-Mazini (Bakr ibn Mohammad-)
المازني (بكر بن محمد ـ)
( … ـ 249هـ/… ـ 863م)
أبو عثمان بكر بن محمد بن عثمان المازني، من بني مازن بن شيبان، النحوي البصري، عدَّ إمام وقته في الآداب والنحو، ونظر إليه على أنه بعد سيبويه في العربية، واشتدَّ حبه لكتاب سيبويه، وقرأه على أبي الحسن الأخفش وكان يقول: «من أراد أن يصنف كتاباً كبيراًًً في النحو بعد كتاب سيبويه فليستحِ»، وكان من نحاة البصرة المنظور إليهم، الذين ينهجون منهج المذهب البصري في النحو، وإلى جانب علمه بالنحو اتسع في الرواية وقبلت روايته لصدقه وعدله وثقته، نزل بغداد في أيام أمير المؤمنين المعتصم، وأخذ عنه أهلها.
والمازني من النحويين الذين يشبَّهون بالفقهاء، وكان يرى أن العلم كلَّه هو الفقه، قرأ القرآن على يدّ يعقوب بن إسحاق الحضرمي وأثنى عليه، عرف بحذقه وجودة ذهنه، اشتهر بقوته في المناظرة وقدرته على الكلام، ولم يناظر أحداً إلا غلبه، ومن الذين ناقشهم وناظرهم الأخفش وكان ماهراً بعلم الكلام ومتمكناً في النحو، وناظر العلماء في هذين العلمين، فإذا ناقش أصحاب الكلام تفوق، وإذا ناظر النحويين تغلب عليهم، وكان يفصل بين علمي الكلام والنحو في مناظراته، فلا يتكلم على النحو إذا تحدث في علم الكلام، ولا يتعاطى النحو إذا تكلم على علم الكلام.
وعدَّه الجاحظ أحد النحويين الثلاثة الذين ليس لهم مثيل في وقتهم، وهم المازني والعباس بن فرج الرياشي، وأبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن الزيادي.
وامتاز المازني بقوة الاعتلال والبراعة في الاحتجاج والحذق في تقريب المسائل إلى الآخرين.
دخل على الأمراء وناقش النحويين بحضرتهم وتفوق عليهم ونال الجوائز، فقد حضر مجلس أمير المؤمنين الواثق وتناظر هو والتَّوزيّ، وكانت الغلبة له، وحضر مجلس أمير المؤمنين المتوكل وتفاتش هو وابن السكيت في وزن الفعل «نكتلْ» من قوله تعالى: ﴿فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ﴾ (يوسف: 63) وفاز عليه، وأثنى عليه الأميران وحظي بمنزلة عالية عند الواثق، فقد كلفه أن يختار معلمين علماء ليعلموا أولاده، وجمع الذين يختلفون إلى مجلسه من أهل العلم، فامتحنهم المازني، ورأى أنهم يصلحون ويحتاج إليهم، فأعجب الواثق بجوابه، وأمر له بجائزة وراتب شهري.
أخذ الأدب عن أبي عبيدة والأصمعي وأبي زيد الأنصاري وروى عنهم.
وتلقَّى عنه أبو العباس المبرد وانتفع بعلمه، والفضل بن محمد اليزيدي، وعبد الله ابن أبي سعد الورَّاق وموسى ابن سهل الجَوْنيّ.
عرف المازني بلين عريكته وترفقه بتلاميذه، وحرصه على أن يظهر بالمظهر الحسن وتعهَّد نفسه لذلك.
له كتب كثيرة منها كتاب «ما تلحن فيه العامة» وكتاب «الألف واللام»، وكتاب «التصريف»، وكتاب «العروض» وكتاب «القوافي»، وكتاب «علل النحو».
ومن أشهر كتبه كتاب «التصريف»، ويكتسب هذا الكتاب أهميته من أنه أول كتاب يقصره صاحبه على علم الصرف، وذلك فيما انتهى إلينا من المؤلفات الصرفية إذ كان النحو قبل هذا الكتاب ممزوجاً بالصرف، ولا يفصل عنه بكتاب مستقل، فكتاب التصريف مظهر واضح للفصل بين علمي النحو والصرف، ولم يخرج المازني في مصنفه هذا عما ذكره سيبويه من أبواب الصرف، وترسَّم خطاه.
تكلم في هذا الكتاب على أبنية الصحيح، من مثل أبنية الأسماء والأفعال الثلاثية التي لا زيادة فيها، وأبنية الأسماء والأفعال الرباعية التي لا زيادة فيها والأسماء الخمسة التي على خمسة أحرف ولا زيادة فيها، وتحدث عن أحرف الزيادة وعن المعتل، وعما قيس من المعتل ولم يأت مثاله إلا من الصحيح، وعن المواضع التي تقلب فيها تاء «افتعل» عن أصلها ولا يُتكلم بها على الأصل البتة، وهو في مجمل كتابه لم يزد عما جاء في كتاب سيبويه ولم يحد عن منهجه.
وقد شرح هذا الكتاب أبو الفتح عثمان بن جني في كتاب سماه «المنصف»، ولهذا الشرح منزلة عالية في علم الصرف وأهمية كبرى إذ يعد مصدراً لا مندوحة عنه في هذا العلم، وعول عليه علماء الصرف والباحثون والدارسون فيما بعد، وهو مطبوع.
إبراهيم عبد الله