لهبي (فضل عباس) Al-Lahbi (Al-Fadel ibn al-Abbas-) - Al-Lahbi (Al-Fadel ibn al-Abbas-)
اللَّهَبيّ (الفَضْل بن العباس ـ)
(…ـ بعد 95هـ/… ـ بعد 714 م)
الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.
شاعر هاشميّ قرشيّ، من ولد أبي لهب، كان أحد شعراء بني هاشم المذكورين وفصحائهم، وكان شديد الأَدَمة، فكان يلقّب بـ«الأخضر»، ومن معاني الخُضرة: السّواد؛ وجاءه ذلك من قبل جدّته أمّ أمّه، إذ كانت أَمَةً حبشيّة، وأمّه من بني هاشم، وهي - بحسب ما جاء في (تاريخ دمشق)- أميّة بنت العباس بن عبد المطلب؛ ولعلّ في الاسم تحريفًا صوابه «أميمة» وحُرّف أيضاً في «الأغاني» إلى أَمّة. وكان انتسابه من جهة أبيه وجدّته أمّ لهب مَغْمَزاً عيّره به الشعراء ولَمَزوه به.
أمويّ العصر، وفد على معاوية بن أبي سفيان مع خاله عبد الله بن العباس، وعلى عبد الملك بن مروان مع ابن خاله علي بن عبد الله بن العباس، ومدح الوليد بن عبد الملك، ولقي سليمان بن عبد الملك؛ وكان الوليد بارّاً به، فرض له فريضةً يُعْطاها كلَّ عام، وله فيه مدح ورثاء.
له أخبار مع شعراء العصر الأمويّ، تدلّ على سرعة البديهة وحضور الذّهن، وهم: الأحوص الأنصاري، والحَزين الدِّيْلي الكِناني، وكان الحزين مُغرًى به وبهجائه، والحارث بن خالد المخزوميّ، وكان الحارث يحسده على شعره، وعمر بن أبي ربيعة المخزومي، والفرزدق.
وجاء في «تاريخ دمشق» أنّه شاعر مكّيّ، غير أنّ شعره وأخباره يدلان على أنّه كان يقيم في المدينة المنورة في وادي العقيق، فهو يقول:
عُوجا على ربْعِ سُعْدى كي نُسائلَهُ
عُوجا، فما بِكما غِيٌّ ولا بَعَدُ
إنّي إذا حلَّ أهلي في ديارِهِمُ
(بطنِ العقيقِ) وأمستْ دارَها (بَرَدُ)
تجمَعُنا نِيّةٌ، لا الخِلَّ واصلةٌ
سُعدى، ولا دارُنا من دارهم صَدَدُ
وذكر أعراض المدينة - وهي قراها التي في أوديتها حيث الزرع والنّخل- وأنّهم يحلّونها، فقال:
ونَحْلُلُ من تِهامةَ كلَّ سَهْبٍ
نقيِّ التُّرْبِ أوديةً رِحابا
من (الأعراض)، لا صَدْعٌ ذبابٌ
ولا كانت قوائمُها شِعابا
ولعلّه كان يراوح في الإقامة بين المدينة المنورة ومكّة المكرّمة، وهي أرض قومه قريش، وفيها ديارهم قبل الإسلام وبعده.
وفيما بقي من شعره فخر بآبائه وقومه بني هاشم بن عبد مناف - وحُقّ له - وبني عبد شمس بن عبد مناف، ومنهم جدّته أمّ لهب، وبنفسه وشعره مدحٌ، وهجاء وعتاب وتعريض، ورثاء، وغزل، ويُكثر فيه من ذكر الديار؛ ومعظمه على البحور المشهورة، وفيه قليل من الرَّجَز.
فمن فخره قوله:
كلُّ حيٍّ صيغةٌ من تِبْرِهِمْ
و(بنو عبد مَنافٍ) مِنْ ذَهَبْ
إنّما (عبدُ مَنافٍ) جوهرٌ
زيّنَ الجوهرَ (عبدُ المطّلبْ)
فأنا (الأخضر) مَنْ يعرفُنِي
أخضرُ الجِلْدةِ مِنْ (بيتِ العَرَبْ)
مَنْ يُساجِلْني يُساجلْ ماجداً
يَمْلأُ الدّلوَ إلى عَقْدِ الكَرَبْ
ورسولُ اللهِ: جدِّي جدُّهُ
وعلينا كان تنزيلُ الكتبْ
قَصَدُوا قومي، وساروا سيرةً
كَلَّفوا مَنْ سارَها جُهْدَ التَّعبْ
والمساجلة، مأخوذة من السَّجْل، وهي الدّلو العظيمة المملوءة. والكَرَب: الحبل يشدّ على الدّلو.
ومن شعره في عتاب بني أميّة بن عبد شمس بن عبد مَناف، وقد أثارت السياسة الإِحَنَ بينهم وبين بني هاشم:
مَهْلاً (بني عمِّنا) عن نَحْتِ أثلتنا
سيروا قليلاً كما كنتم تسيرونا
لا تطمعوا أن تُهينونا ونُكْرِمَكمْ
وأنْ نَكُفَّ الأذى عنكم وتُؤْذونا
مهلاً (بني عمّنا) مهلاًَ (موالينا)
لا تنشروا بيننا ما كان مدفونا
اللهُ يعلم إنّا لا نحبُّكمُ
ولا نلومُكُمُ أنْ لم تحبّونا
كلٌّ يُداجي على البَغْضاء صاحبَهُ
بنعمةِ اللهِ نَقْليْكمْ وتَقْلونا
الأثلة: أصل كلّ شيء؛ ونحت أثلته إذا قال فيه قبيحاً. والموالي: العصبة من بني العمّ ونحوهم. وقلاه: أبغضه.
ومن غزله قوله:
وإنَّكَ والحنينَ إلى سُليمى
حنينَ العَود في الشَّوْل النِّزاعِ
تَحنُّ، ويزدهيها الشّوق حتّى
حناجرُهنَّ كالقَصَب اليَراعِ
لياليَ إذْ تُخالفُ مَنْ نَحاها
إذِ الواشي بنا غيرُ المطاعِ
والعَود: الجمل المُسنّ. والشّول: الإبل التي شال (ارتفع) لبنها، ومضى على حملها سبعة أشهر. والنِّزاع: التي تحنّ إلى أوطانها وتشتاق. وأراد بالقَصَب اليَراع مِزمار الراعي.
تؤكّد أخباره بقاءه حتى خلافة سليمان بن عبد الملك (96- 99) للهجرة، على أنّ بعضهم قدّر وفاته سنة 95 للهجرة.
محمد شفيق البيطار
اللَّهَبيّ (الفَضْل بن العباس ـ)
(…ـ بعد 95هـ/… ـ بعد 714 م)
الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.
شاعر هاشميّ قرشيّ، من ولد أبي لهب، كان أحد شعراء بني هاشم المذكورين وفصحائهم، وكان شديد الأَدَمة، فكان يلقّب بـ«الأخضر»، ومن معاني الخُضرة: السّواد؛ وجاءه ذلك من قبل جدّته أمّ أمّه، إذ كانت أَمَةً حبشيّة، وأمّه من بني هاشم، وهي - بحسب ما جاء في (تاريخ دمشق)- أميّة بنت العباس بن عبد المطلب؛ ولعلّ في الاسم تحريفًا صوابه «أميمة» وحُرّف أيضاً في «الأغاني» إلى أَمّة. وكان انتسابه من جهة أبيه وجدّته أمّ لهب مَغْمَزاً عيّره به الشعراء ولَمَزوه به.
أمويّ العصر، وفد على معاوية بن أبي سفيان مع خاله عبد الله بن العباس، وعلى عبد الملك بن مروان مع ابن خاله علي بن عبد الله بن العباس، ومدح الوليد بن عبد الملك، ولقي سليمان بن عبد الملك؛ وكان الوليد بارّاً به، فرض له فريضةً يُعْطاها كلَّ عام، وله فيه مدح ورثاء.
له أخبار مع شعراء العصر الأمويّ، تدلّ على سرعة البديهة وحضور الذّهن، وهم: الأحوص الأنصاري، والحَزين الدِّيْلي الكِناني، وكان الحزين مُغرًى به وبهجائه، والحارث بن خالد المخزوميّ، وكان الحارث يحسده على شعره، وعمر بن أبي ربيعة المخزومي، والفرزدق.
وجاء في «تاريخ دمشق» أنّه شاعر مكّيّ، غير أنّ شعره وأخباره يدلان على أنّه كان يقيم في المدينة المنورة في وادي العقيق، فهو يقول:
عُوجا على ربْعِ سُعْدى كي نُسائلَهُ
عُوجا، فما بِكما غِيٌّ ولا بَعَدُ
إنّي إذا حلَّ أهلي في ديارِهِمُ
(بطنِ العقيقِ) وأمستْ دارَها (بَرَدُ)
تجمَعُنا نِيّةٌ، لا الخِلَّ واصلةٌ
سُعدى، ولا دارُنا من دارهم صَدَدُ
وذكر أعراض المدينة - وهي قراها التي في أوديتها حيث الزرع والنّخل- وأنّهم يحلّونها، فقال:
ونَحْلُلُ من تِهامةَ كلَّ سَهْبٍ
نقيِّ التُّرْبِ أوديةً رِحابا
من (الأعراض)، لا صَدْعٌ ذبابٌ
ولا كانت قوائمُها شِعابا
ولعلّه كان يراوح في الإقامة بين المدينة المنورة ومكّة المكرّمة، وهي أرض قومه قريش، وفيها ديارهم قبل الإسلام وبعده.
وفيما بقي من شعره فخر بآبائه وقومه بني هاشم بن عبد مناف - وحُقّ له - وبني عبد شمس بن عبد مناف، ومنهم جدّته أمّ لهب، وبنفسه وشعره مدحٌ، وهجاء وعتاب وتعريض، ورثاء، وغزل، ويُكثر فيه من ذكر الديار؛ ومعظمه على البحور المشهورة، وفيه قليل من الرَّجَز.
فمن فخره قوله:
كلُّ حيٍّ صيغةٌ من تِبْرِهِمْ
و(بنو عبد مَنافٍ) مِنْ ذَهَبْ
إنّما (عبدُ مَنافٍ) جوهرٌ
زيّنَ الجوهرَ (عبدُ المطّلبْ)
فأنا (الأخضر) مَنْ يعرفُنِي
أخضرُ الجِلْدةِ مِنْ (بيتِ العَرَبْ)
مَنْ يُساجِلْني يُساجلْ ماجداً
يَمْلأُ الدّلوَ إلى عَقْدِ الكَرَبْ
ورسولُ اللهِ: جدِّي جدُّهُ
وعلينا كان تنزيلُ الكتبْ
قَصَدُوا قومي، وساروا سيرةً
كَلَّفوا مَنْ سارَها جُهْدَ التَّعبْ
والمساجلة، مأخوذة من السَّجْل، وهي الدّلو العظيمة المملوءة. والكَرَب: الحبل يشدّ على الدّلو.
ومن شعره في عتاب بني أميّة بن عبد شمس بن عبد مَناف، وقد أثارت السياسة الإِحَنَ بينهم وبين بني هاشم:
مَهْلاً (بني عمِّنا) عن نَحْتِ أثلتنا
سيروا قليلاً كما كنتم تسيرونا
لا تطمعوا أن تُهينونا ونُكْرِمَكمْ
وأنْ نَكُفَّ الأذى عنكم وتُؤْذونا
مهلاً (بني عمّنا) مهلاًَ (موالينا)
لا تنشروا بيننا ما كان مدفونا
اللهُ يعلم إنّا لا نحبُّكمُ
ولا نلومُكُمُ أنْ لم تحبّونا
كلٌّ يُداجي على البَغْضاء صاحبَهُ
بنعمةِ اللهِ نَقْليْكمْ وتَقْلونا
الأثلة: أصل كلّ شيء؛ ونحت أثلته إذا قال فيه قبيحاً. والموالي: العصبة من بني العمّ ونحوهم. وقلاه: أبغضه.
ومن غزله قوله:
وإنَّكَ والحنينَ إلى سُليمى
حنينَ العَود في الشَّوْل النِّزاعِ
تَحنُّ، ويزدهيها الشّوق حتّى
حناجرُهنَّ كالقَصَب اليَراعِ
لياليَ إذْ تُخالفُ مَنْ نَحاها
إذِ الواشي بنا غيرُ المطاعِ
والعَود: الجمل المُسنّ. والشّول: الإبل التي شال (ارتفع) لبنها، ومضى على حملها سبعة أشهر. والنِّزاع: التي تحنّ إلى أوطانها وتشتاق. وأراد بالقَصَب اليَراع مِزمار الراعي.
تؤكّد أخباره بقاءه حتى خلافة سليمان بن عبد الملك (96- 99) للهجرة، على أنّ بعضهم قدّر وفاته سنة 95 للهجرة.
محمد شفيق البيطار